عندما نرجع للأصل . . نجد أن الله تعالى خلق الناس ( مختلفين ) اختلافاًُ في أصل الخلقة ( ذكر وأنثى ) واختلافاً في الطبائع والأفكار والميول ، واختلافاً في الصنعة والمكانة ، واختلافاً في الدّين والعمل .
قال تعالى : " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين . إلاّ من رحم ربك ولذلك خلقهم "
ثم في آيات أخرى بيّن لنا حِكماً من حِكم هذا الإختلاف ، والتي منها :
- تجلية الصابرين عن غيرهم ، قال تعالى " وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيراً " .
- ليتخذ بعضهم بعضا سخريّاً : " ورفعنا بعضكم فوق بعض ليتخذ بعضكم بعضا سخريّاً "
- ولتتحقّق سنة المدافعة " ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدّمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا " . إلى غير ذلك من حكم هذا الاختلاف .
ثم بيّن لنا كيف نتعامل مع هذا الإختلاف بما يقتضيه نوع الاختلاف وحالته ، وهذا له مبحث مهمّ وتفاصيل دقيقة قد لا يكون مجالها في مثل هذه الكلمات البسيطة .. .
لكن يهمّنا أن نعرف أنه جل وتعالى علّمنا أصولاً ثابتة للتعامل مع كل من يختلف عنّا ومعنا . . .
هذه الأصول أستطيع أن اتلمّسها في بعض آيات القرآن على ما يلي - باختصار - :
الأولى : قول الله تعالى : " والعصر . إن الإنسان لفي خسر . إلاّ الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصّبر " .
وهذه سورة عظيمة ، قال عنها الشافعي - رحمه الله - ( لو ما أنزل الله على خلقه غير هذه السورة لكفتهم ) . .
ويهمّنا أن نتلمّس من آيات هذه السورة أهم قاعدتين وأصلين من اصول العلاقة والتعامل مع ( طبيعة الاختلاف ) بين الخَلق ، وهما :
القاعدة الأولى :
- التواصي بالحق .
( الدعوة وما يتبع ذلك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعليم والتوجيه والإرشاد ) .
القاعدة الثانية :
- التواصي بالصبر .
على الدعوة وتبعات ذلك .
وهاتين القاعدتين أصلين من أصول التعامل والعلاقة مع الخَلق ، وقد تظافرت نصوص الوحي بذكر معالم هذين الأصلين العظيمين ( الدعوة والصبر ) يهمّني هنا أن أذكّر بمعلمين مهمّين :
الأول : التعاون .
قال تعالى : " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعانوا على الإثم والعدوان " .
الثاني : التراحم .
قال تعالى : " وتواصوا بالصّبر وتواصوا بالمرحمة " .
فالمعْلم الأول : محفّز للإتقان .
والمعلم الثاني : محفّز للثبات والاستمرار .
وهنا نقف عند سياق الآيات التي تؤكّد على أهمية الجماعة والاجتماع .
فنجد أن الآية في سورة العصر " إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات " هكذا بصيغة الجماعة ، الأمر الذي يعطينا دلالة أن الناجين من الخُسر والخسران - من جنس الانسان - هم الجماعة المؤمنة .
وهكذا نجد القرآن يؤكّد على قضيّة ( التعاون الاجتماعي ) في الإصلاح والتغيير .
و ( الصبر ) على هذا التعاون " وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصّابرين "
فالآية تؤكّد ان هناك اختلاف ربما يقع معه تنازع ، وتجاذب في الجماعة المؤمنة ، ثم يعقّب الله تعالى بذكر الحل " واصبروا إن الله مع الله الصابرين " .. الحل المرتبط بالنتيجة التي هي ( معيّة الله ) . .
معيّة الله هي الخيريّة التي أفهمها في قوله صلى الله عليه وسلم : " المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على اذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على اذاهم " .
المقصود :
أن إدراك : أن الجماعة الواحدة أقرب إلى معيّة الله .
- وأن طبيعة البشر هي الاختلاف .
- وأن البشر كل البشر - إلاّ من عصم الله من أنبيائه - في قلوبهم نوازع ( سيئة ) كالحقد والغل ، فلا نتخيّل عندما نتعامل مع ( طائقة ) من الناس - ولو كانوا صفوة - أنهم مبرؤون من هذا ( الدّخن ) .. إننا نقرأ في منّة الله على أهل الجنة قوله : " ونزعنا ما في صدورهم من غلّ " !
إنه يحدّثنا عن أهل الجنة ، وأنه كان في قلوبهم مثل هذه النوازع . .
يقول شيخ الاسلام ابن تيمية في كلام معناه : الحسد لا يخلو منه قلب إنسان ، لكن الكريم يكتمه واللئيم يظهره .!
عندما ندرك هذه الأمور بإيمان وواقعيّة .. نستطيع حينها أن نمنح أنفسنا طاقة من الصّبر ودعماً للتعاون مع الآخرين ( على البر والتقوى ) .
______________________________________________
للأمانة ذلك كلام اعجبني فنقلت منه بتصرف
__________________
مأساتي معاك تزيد
واتم بعيد .. وتتم بعيد
وأتم مثل الحزن ..
أنطر سحابة عيد
أجي ملهوف ..
عطش تحت المطر ملهوف
وقتي يطوف .. لوني ضايع ومخطوف
|