الأخت الفاضلة
بإمكاننا إعادة التساؤل بصيغة أخرى، هل هناك شيء يسمى تصدير ثورة؟
الثورة في أحد أشكالها هي حراك داخلي لمجتمع ما تتراكم فيه تجاوزات الحكم، وينتشر فيه الفساد وتنحط فيه القيم وتهدر فيه الطاقات الشعبية والمادية على صعيد الوطن. فهو إذن حالة تتعلق ببلد، قد لا تتوافق فيه الشروط والأجواء مع أي بلد آخر في العالم، فثورة الصين هي غيرها عن ثورة الجزائر وغيرها في الولايات المتحدة قبل قرنين ونيف.
الثورة ليست قمحا أو حديدا ليتم تصديرها، والمادة التي تصدر يفترض أن تكون مادة ملموسة معروفة الثمن ومعروف من سيشتريها في السوق المحلي ومعروف الميناء أو المطار أو المعبر الحدودي الذي ستشحن من خلاله، وكلها كنايات أعتقد أنها مفهومة!
لكن، إذا كان الموضوع هو من باب التهويل والتخويف من إيران والتي تطمع ولا تخفي طمعها في تحسين وضعها الإقليمي، فالمسألة هنا لا تتعلق بالطائفية التي يحب البعض أن يجعلها شماعة لتعليق الإخفاقات السياسية العربية عليها، فقد باتت تلك الشماعة الهشة لا تقوى لتعليق ثوبا خفيفا عليها.
إذا كان التخويف موجه للعرب، فمن الذي يخوفهم؟ ومن الذي يصوغ تلك الخطابات؟
فإن كان العرب جماعة معنية في تلقي ذلك الخطاب، عليهم الالتفات لإمكاناتهم التي تجعلهم ليس أقوى من إيران فحسب، بل أقوى من إيران وتركيا والكيان الصهيوني مجتمعين.
لكن، هل هم يرغبون في استنهاض هممهم لمواجهة هذه الأخطار؟ من يطلع على سير الأحداث لعقدين من الزمان، لا يلحظ مثل تلك الإرادة، بل يلحظ أن هناك من الحكومات الكسولة وحولها هالات من المواطنين الذين ينعمون بهدوء ورغد العيش ويخافون أن يهددهم عامل خارجي أو داخلي لينهي حالة الهنأة والدعة التي يعيشون بها.
وفي هذه الحالة، فإن قوة خطابهم ستكون ضعيفة، وعليهم الالتفات مرات ومرات لاستثمار ما لديهم من عوامل أكثر قوة وأكثر ديمومة!
فهل هم فاعلون؟
احترامي و تقديري
__________________
ابن حوران
|