والخبر هو قول يحدثنا بشىء ما وهو بحسب الموضوع وقد بينت الموسوعة الفقهية الكويتية أن الفقهاء قسموه إلى أقسام كثيرة وهو ما يشير إليه التعريف التالى :
"التَّعْريفُ:
1 - الإْخْبَارُ في اللُّغَة مَصْدَرُ، أَخْبَرَهُ بكَذَا أَيْ نَبَّأَهُ وَالاسْمُ منْهُ الْخَبَرُ، وَهُوَ مَا يَحْتَمل الصّدْقَ وَالْكَذبَ لذَاته، مثْل: الْعلْمُ نُورٌ وَيُقَابلُهُ الإْنْشَاءُ، وَهُوَ الْكَلاَمُ الَّذي لاَ يَحْتَمل الصّدْقَ وَالْكَذبَ لذَاته، كَاتَّق اللَّهَ وَالإْخْبَارُ لَهُ أَسْمَاءٌ مُخْتَلفَةٌ باعْتبَارَاتٍ مُتَعَدّدَةٍ:
فَإنْ كَانَ إخْبَارًا عَنْ حَقٍّ للْمُخْبر عَلَى الْغَيْر أَمَامَ الْقَضَاء فَيُسَمَّى: " دَعْوَى "
وَإنْ كَانَ إخْبَارًا بحَقٍّ للْغَيْر عَلَى الْمُخْبر نَفْسه فَهُوَ " إقْرَارٌ "
وَإنْ كَانَ إخْبَارًا بحَقٍّ للْغَيْر عَلَى الْغَيْر أَمَامَ الْقَضَاء فَهُوَ " شَهَادَةٌ "
وَإنْ كَانَ إخْبَارًا بثُبُوت حَقٍّ للْغَيْر عَلَى الْغَيْر منَ الْقَاضي عَلَى سَبيل الإْلْزَام فَهُوَ " قَضَاءٌ "
وَإنْ كَانَ إخْبَارًا عَنْ قَوْلٍ أَوْ فعْلٍ أَوْ صفَةٍ أَوْ تَقْرير مَنْسُوبٍ إلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ فَهُوَ:
" روَايَةٌ " أَوْ " حَديثٌ " أَوْ " أَثَرٌ " أَوْ " سُنَّةٌ "
وَإنْ كَانَ إخْبَارًا عَنْ مَسَاوئ الشَّخْص فَهُوَ " غيبَةٌ "
وَإنْ كَانَ إخْبَارًا عَنْ كَلاَم الصَّديق لصَديقه الآْخَر عَلَى وَجْه الإْفْسَاد بَيْنَهُمَا فَهُوَ " نَميمَةٌ "
وَإنْ كَانَ إخْبَارًا عَنْ سرٍّ فَهُوَ " إفْشَاءٌ "
وَإنْ كَانَ إخْبَارًا عَمَّا يَضُرُّ بالْمُسْلمينَ فَهُوَ " خيَانَةٌ " وَهَكَذَا"
فى القرآن طالبنا بالقول بشىء واحد يشمل الكل وهو :
وجوب العدل فى القول وهو السداد وهو البلاغ
وفى هذا قال تعالى :
" وإذا قلتم فاعدلوا "
وهذا فى القائل وهو المخبر وأما من يخبرهم فقد طالبهم الله بالتالى :
التثبت وهو تبين صحة القول من عدمه حتى لا يندموا على رد فعلهم على القول فقال تعالى :
"يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا"
كما قال تعالى :
"يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ"
والمخبر وهو قائل الخبر إن ترتب على قوله شىء ولو كان الخبر صادق وفى الغالب عند النميمة يعاقب مع من ارتكبوا الجريمة فهو واحد منهم فإن قتلوا أحد قتل معهم وإن جرحوا جرح معهم وإن كان الخبر كاذب وترتب عليه ارتكاب جريمة فيعاقب أولا بعقوبة شهادة الزور ثم يعاقب بالعقوبة الثانية التى يعاقب بها النادمون
وقد تحدثت الموسوعة عن قبول الخبر من العدل الواحد ورفضه من الفاسق فقالت :
"الْحُكْمُ الإْجْمَاليُّ:
2 - إذَا أَخْبَرَ الْعَدْل بخَبَرٍ وَجَبَ قَبُول خَبَره وَقَدْ يُكْتَفَى بالْعَدْل الْوَاحد، كَمَا في الإْخْبَار بالنَّجَاسَة، وَقَدْ يُشْتَرَطُ التَّعَدُّدُ كَمَا في الشَّهَادَة أَمَّا الْفَاسقُ إذَا أَخْبَرَ بخَبَرٍ فَلاَ يُقْبَل خَبَرُهُ في الدّيَانَات، فَإنْ كَانَ إخْبَارُهُ في الطَّهَارَات وَالْمُعَامَلاَت وَنَحْوهَا لَمْ يُقْبَل خَبَرُهُ أَيْضًا إلاَّ إنْ وَقَعَ في الْقَلْب صدْقُهُ"
الخبر يقبل من العدل الواحد ومن الفاسق إذا تاب من ذنب شهادة الزور لأنه بالتوبة يعود عدلا كما قال تعالى :
"وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ"
وأما قبول الخبر من واحد أو أى عدد فهذا منوط بما نص الله عليه فى الشهادات ففى الرمى بالزنى لابد من اربعة ولا يقبل خبر الواحد والاثنين والثلاثة كما قال تعالى :
"وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً"
وفى الدين اثنين كما قال تعالى :
"وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى"
فالعملية ليست متروكة للناس يقبلون الخبر أو يرفضون من عدد معين طالما ارتبطت الأخبار بجرائم أو حقوق
وذكرت الموسوعة الأماكن التى تناول فيها الفقهاء وأهل الحديث الخبر فقالت :
"مَوَاطنُ الْبَحْث:
3 - يَفْصل الأْصُوليُّونَ أَحْكَامَ الإْخْبَار وَأَحْوَالَهُ في بَابٍ مُسْتَقلٍّ هُوَ بَابُ الإْخْبَار، أَوْ في بَحْث السُّنَّة وَيَتَعَرَّضُونَ لحُكْم روَايَة الْكَافر وَالْفَاسق وَخَبَر الآْحَاد إلَى غَيْر ذَلكَ أَمَّا الْفُقَهَاءُ فَيَتَعَرَّضُونَ لأحْكَام الإْخْبَار في الطَّهَارَات بمُنَاسَبَة مَا إذَا أَخْبَرَ الشَّخْصُ بنَجَاسَة الْمَاء أَو الإْنَاء وَفي اسْتقْبَال الْقبْلَة إذَا أَخْبَرَ بهَا، وَفي الشُّفْعَة حينَ الْكَلاَم عَلَى تَأْخير طَلَبهَا إذَا أَخْبَرَهُ بالْبَيْع فَاسقٌ، وَفي الذَّبَائح إذَا أَخْبَرَ الْفَاسقُ عَمَّنْ قَامَ بالذَّبْح، وَفي النّكَاح فيمَا إذَا أَخْبَرَ الْفَاسقُ برضَا الْمَرْأَة بالزَّوَاج، وَفي الْحَظْر وَالإْبَاحَة فيمَا إذَا أَخْبَرَ الصَّبيُّ عَن الْهَديَّة أَنَّهَا هَديَّةٌ، أَوْ أَخْبَرَ عَنْ إذْن صَاحب الْبَيْت وَبمَا أَنَّ الإْخْبَارَ تَتَنَوَّعُ أَحْكَامُهُ بحَسَب مَا يُضَافُ إلَيْه فَيُرْجَعُ في كُل بَحْثٍ إلَى مَوْضعه الْخَاصّ به "
وكما سبق القول الخبر مرتبط فى الجرائم بالعدد الذى حدده الله وكذلك فى الحقوق ومن ثم ما يقال عن خبر الواحد سواء فى الأحاديث المروية أو غيرها لا يتم قبوله فمن المصيبة حقا أن تقضى على حياة إنسان بخبر واحد كما هو الحال فى رجم الزناة من فئة الثيب فكلها أحاديث آحاد بينما الله أمر بأربعة شهود لاثبات الحكم فكيف يثبتون العقوبة بقول واحد فقط ؟
وكذلك الحال فى قطع السراق أو جرح الناس لا يمكن إثبات تلك العقوبات إلا بشهود متعددين وإلا كل من يكره واحد أو يريد أخذ مال منه يتهمه ويستشهد بنفسه أو بصديق له
|