وما قاله العايد ليس فيه أى دروس فالبلاء بالضرر أوله وأخره للمسلم هو أن يتحمل الضرر مطيعا أحكام الله فى وقت الضرر وإنما العبر تتخذ من الغير وما حدث له وأما النفس فلا عبرة منها
وحكى العايد حكايات عن الصبر على البلاء بالضرر فقال:
قصص وعبر:
"* لما فهم السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين الحكمة الشرعية للبلاء، كانوا أفضل منا حالا معه، وضربوا لنا أروع المثل في الصبر والعزاء والاحتساب، وإليك أمثلة على ذلك:
1 - يروى عن عمر الفاروق - رضي الله عنه - أنه كان يكثر من حمد الله على البلاء، فلما سئل عن ذلك قال: ما أصبت ببلاء إلا كان لله علي فيه أربع نعم: أنه لم يكن في ديني، وأنه لم يكن أكبر منه، وأني لم أحرم الرضا والصبر، وأني أرجو ثواب الله تعالى عليه.
2 - أصيب عروة بن الزبير في قدمه، فقرر الأطباء قطعها، فقطعت، فما زاد على أن قال: اللهم لك الحمد، فإن أخذت فقد أبقيت، وإن ابتليت فقد عافيت. فلما كان من الغد ركلت بغلة ابنه محمدا - وهو أحب أبنائه إليه، وكان شابا يافعا - فمات من حينه، فجاءه الخبر بموته، فما زاد على أن قال مثل ما قال في الأولى، فلما سئل عن ذلك قال: كان لي أربعة أطراف فأخذ الله مني طرفا وأبقى لي ثلاثة، وكان لي سبعة من الولد فأخذ الله واحدا وأبقى لي ستة، وعافاني فيما مضى من حياتي ثم ابتلاني اليوم بما ترون؛ أفلا أحمده على ذلك؟!هكذا كانوا رضي الله عنهم أجمعين، وألحقنا بهم في فسيح جناته، فهلا تشبهنا بهم؟!
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ... إن التشبه بالكرام فلاح"
وفى النهاية نصح العايد كل مسلم فقال :
"وختاما أخي الحبيب: لا تنس:
* لا تنس أن تبحث في البلاء عن الأجر، ولا سبيل إليه إلا بالصبر، ولا سبيل إلى الصبر إلا بعزيمة إيمانية وإرادة قوية.
* ولا تنس ذكر الله تعالى شكرا على العطاء، وصبرا على البلاء، وليكن ذلك إخلاصا وخفية بينك وبين ربك.
* ولا تنس أن الله تعالى يراك، ويعلم ما بك، وأنه أرحم بك من نفسك ومن الناس أجمعين، فلا تشكون إلا إليه، واعلم بأنك:
وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما
تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم"
هناك لبس فى حكاية الشكوى إلى الله فاشتكاء المرض مثلا للطبيب أو للغير مباح وهو من ضمن الشكوى إلى الله لأمر الله لنا بالتداوى وأن يواسى بعضنا بعضا فهو من ضمن قوله تعالى:
"وتعانوا على البر والتقوى" ثم قال:
" ولا تنس إذا أصبت بأمر عارض أن تحمد الله أنك لم تصب بعرض أشد منه، وأنه وإن ابتلاك فقد عافاك، وإن أخذ منك فقد أعطاك.
* ولا تنس أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن عظم الجزاء من عظم البلاء، وأن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فاصبر واحتسب، ودع الجزع فإنه لن يفيدك شيئا، وإنما سيضاعف مصيبتك، ويفوت عليك الأجر، ويعرضك للإثم.
* ولا تنس أنه مهما بلغ مصابك فلن يبلغ مصاب الأمة جمعاء بفقد حبيبها (ص)، فتعز بذلك، فقد قال (ص): «إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصيبته بي، فإنها من أعظم المصائب» [رواه البيهقي وصححه الألباني].
* ولا تنس إذا أصابتك أي مصيبة أن تقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرا منها. فإنك إن قلت ذلك أجارك الله في مصيبتك، وخلفها عليك بخير.
* ولا تنس أن لا تيأس من روح الله مهما بلغ بك البلاء، فإن الله سبحانه يقول: {فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا} ولن يغلب عسر يسرين كما قال عمر الفاروق ، ثم حذار أن تنسى فضل الله عليك إذا عادت إليك العافية، فتكون ممن قال الله عنه: {وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل}
* ثم لا تنس أن البلاء يذكرك بساعة آتية لا مفر منها، وأجل قريب لا ريب فيه، وأن الحياة الدنيا ليست دار مقر، فاعمل لآخرتك؛ لتجد الحياة التي لا منغص لها.
وقبل الوداع أذكرك وأبشرك بما بدأت به، وهو قول الحق جل وعلا: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} "
|