العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الرد على مقال طه ليس إسماً للرسول محمد(ص) (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الرد على مقال الفرقان في تعريف الزبر والزبور في القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الوزر في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الرد على مقال مفهوم الواحد والواحدة والمثنى والمثاني والاثنين في الوعي القرآني (آخر رد :رضا البطاوى)       :: العكف فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الفرط فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: النطفة فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: انطلاق ثورة كردية ضد الاحزاب الحاكمه شمال العراق (آخر رد :اقبـال)       :: الرد على مقال لماذا الاسم الحقيقي لأبو الهول هو مقام إبراهيم؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الخ (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 11-05-2012, 10:00 AM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

( البدل )


البَدَلُ: هو التّابعُ المقصودُ بالحُكمِ بلا واسطةٍ بينهُ وبينَ متبوعهِ نحو: (واضعُ النحوِ الإمامُ عليٌّ).

(فعليٌّ: تابع للإمام في إعرابه. وهو المقصود بحكم نسبة وضع النحو إليه.
والإمام انما ذكر توطئة وتمهيداً له، ليستفاد بمجموعهما فضلُ توكيد وبيان، لا يكون في ذكر أحدهما دون الآخر. فالإمام غير مقصود بالذات، لأنك لو حذفته لاستقلّ (عليٌّ) بالذكر منفرداً، فلو قلت: (واضع النحو عليٌّ)، كان كلاماً مستقلاً.

ولا واسطة بين التابع والمتبوع.

أما ان كان التابع مقصوداً بالحكم، بواسطة حرف من أحرف العطف، فلا يكون بدلاً بل هو معطوف، نحو: (جاء علي وخالد) وقد خرج عن هذا التعريف النعت والتوكيد أيضاً، لأنهما غير مقصودين بالذات وانما المقصود هو المنعوت والمؤكد).

وفي البدل مبحثهان:

1- أَقْسامُ الْبَدَل

البَدلُ أربعةُ أقسامٍ: البدلُ المطابِقُ (ويُسمّى أيضاً بَدَلَ الكُل من الكل)، وبَدلُ البعضِ من الكلِّ، وبدلُ الاشتمالِ، والبدلُ المُبايِنُ.

فالبدلُ المُطابقُ (أو بَدَلُ الكل من الكُلِّ): هو بَدَلُ الشيءِ مِمّا كان طَبقَ معناهُ، كقولهِ تعالى: {إهدنِا الصراطَ المستقيمَ، صِراطَ الذينَ أنعمت عليهم}. فالصراطُ المُستقيم وصِراطُ المُنعَمِ عليهم مُتطابقانِ معنًى، لأنهما، كلَيهما، بدلانِ على معنًى واحدٍ.

وبدلُ البعضِ من الكُل: هو بدل الجزء من كُلِّهِ، قليلاً كان ذلكَ الجزءُ، أو مُساوياً للنّصفِ، أو أكثرَ منهُ، نحو: (جاءتِ القبيلةُ رُبعُها. أو نصفُها، أو ثُلُثاها)، ونحو: (الكلمةُ ثلاثة أقسامٍ: اسمٌ وفعلٌ وحرف)، ونحو: (جاءَ التلاميذُ عشرونَ منهم).

وبدلُ الاشتمالِ: هو بدلُ الشيءِ مِمّا يشتملُ عليه، على شرط أن لا يكونَ جزءاً منه، نحو: (نفعني المُعلِّمُ عِلمُهُ. أحببتُ خالداً شجاعتَهُ. أُعجِبتُ بعليٍّ خُلقهِ الكريمِ). فالمعلِّمُ يشتملُ على العلم، وخالدٌ يشتملُ على الشجاعة، وعليٌّ يشتملُ على الخُلُق. وكلٌّ من العلم والشجاعة والخُلق، ليس جزءاً مِمّن يشتملُ عليه.

ولا بُدَّ لبدلِ البعضِ وبدلِ الاشتمالِ من ضميرٍ يربطُهما بالبدل، مذكوراً، كان، كقوله تعالى: {ثمَّ عَمُوا وصَمُّوا، كثيرٌ منهم}، وقولهِ: {يَسألونكَ عن الشّهرِ الحرامِ. قِتالٍ فيه}، أو مُقدَّراً، كقوله سبحانهُ: {وللهِ على النّاس حِجُّ البيت من استطاعَ إليه سبيلاً}، وقولهِ: {قُتِلَ أصحابُ الأخدودِ، النّارِ ذاتِ الوَقود}.

والبَدَلُ المباينُ: هو بدلُ الشيءِ مِمّا يُباينُهُ، بحيثُ لا يكون مطابقاً لهُ، ولا بعضاً منه، ولا يكونُ المُبدَلُ منه مُشتملاً عليه. وهو ثلاثةُ أنواعٍ: بدَلُ الغَلَطِ، وبَدلُ النسيان، وبدلُ الاضراب.

فبَدَلُ الغلطِ: ما ذكرَ ليكونَ بدلاً من اللفظ الذي سبقَ إليه اللسانُ، فذكرَ غلطاً، نحو: (جاءَ المعلِّمُ، التلميذُ)، أردتَ أن تذكرَ التلميذ، فسبقَ لسانُكَ، فذكرتَ المعلمَ غلطاً، فتَذكَّرتَ غَلَطَكَ، فأبدلتَ منه التلميذَ.

وبدلُ النسيان: ما ذُكرَ ليكونَ بدلاً من لفظٍ تَبيَّنَ لكَ بعدَ ذكرهِ فسادُ قصدهِ، نحو: (سافرَ عليٌّ إلى دِمَشقَ، بَعلبكَّ)، توهمتَ أنه سافرَ إلى دمشقَ، فأدرككَ فسادُ رأيك، فأبدلتَ بعلبكَّ من دمشقَ.

فبدلُ الغلطِ يتعلَّقُ باللسانِ، وبدلُ النسيانِ يَتعلَّق بالجَنان.
وبَدلُ الاضراب: ما كان في جملةٍ، قصدُ كلٍّ من البلد والمُبدَل منه فيها صحيحٌ، غيرَ أنَّ المتكلم عدلَ عن قصد المُبدَلِ منه إلى قصدِ البدل، نحو: (خُذِ القلمَ، الوَرَقةَ)، أمرتَهُ بأخذ القلم، ثم أضربتَ عن الأمر بأخذهِ إلى أمرهِ بأخذ الورقة، وجعلتَ الأوَّل في حكم المترُوك.

والبَدَلُ المُباينُ بأقسامهِ لا يقعُ في كلامِ البُلغَاءِ. والبليغُ إن وقع في شيءٍ منها، أتى بين البدل والمبدَل منه بكلمةِ: (بَلْ)، دلالةً على غلطهِ أو نسيانهِ أو إِضرابه.

2- أَحكامٌ تَتَعَلَّقُ بالْبَدَل

أ- ليسَ بمشروطٍ أن يتطابَقَ البدلُ والمُبدَل منه تعريفاً وتنكيراً. بل لكَ أن تُبدِلَ أيَّ النوعينِ شئتَ من الآخر، قال تعالى: {إلى صراط مُستقيم، صراطِ الله}، فأبدلَ (صراط الله)، وهو معرفةٌ، من (صراطٍ مُستقيم)، وهو نكرة، وقالَ: {لنفسعاً بالناصيةِ، ناصيةٍ كاذبةٍ خاطئةٍ}، فأبدلَ (ناصية)، وهي نكرةٌ، منَ (الناصية)، وهي معرفةٌ. غيرَ أنه لا يَحسُنُ إِبدالُ النكرة من المعرفة إلا إذا كانت موصوفةً كما رأيتَ في الآية الثانية.

ب- يُبدَلُ الظاهرُ من الظاهرِ، كما تقدَّمَ. ولا يُبدَلُ المُضمَر من المُضمَر. وأما مثلُ: (قُمتَ أنتَ. ومررتُ بكَ أنت)، فهو توكيد كما تقدَّم.
ولا يُبدلُ المضمرُ من الظاهر على الصحيح. قال ابنُ هشام: وأمّا قولهم: (رأيتُ زيداً أياهُ)، فمِنْ وضعِ النحويينَ، وليس بمسموع.

ويجوز إبدالُ الظاهر من ضميرِ الغائبِ كقولهِ تعالى: {وأسَرُّوا النّجوى، الذينَ ظلموا} فأبدلَ (الذينَ) من (الواو)، التي هي ضميرُ الفاعلِ. ومن ضمير المخاطبِ والمتكّلم، على شرط أن يكونَ بدلَ بعضٍ من كلٍّ، أو بدلَ اشتمالٍ، فالأول كقوله تعالى: {لَقد كانَ لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةٌ، لِمَنْ كان يَرجو اللهَ واليومَ الآخرَ} فأبدلَ الجارَّ والمجرورَ، وهما "لِمن" من الجارّ والمجرورِ المُضمر وهما "لكم" وهو بدلُ بعضٍ من كلٍّ، لأنَّ الأسوةَ الحسنةَ في رسولِ اللهِ ليست لكلِّ المخاطبين، بل هيَ لمن كان يرجو اللهَ واليومَ الآخرَ منهم. والثاني كقولك: (أعجبتني، علمُكَ)، فعلمُك بدلٌ من (التاءِ)، التي هي ضميرُ الفاعل، وهو بدلُ اشتمال، ومنه قول الشاعر:

بَلَغْنا السَّماءَ مَجْدُنا وسَناوُّنا
وإِنَّا لَنَرْجُو فَوْقَ ذلِكَ مَظْهرا

فأبدلَ (مجدنا) من (نا)، التي هي ضمير الفاعلِ، وهو بدلُ اشتمال أيضاً.

ج- يُبدَلُ كلٌّ من الاسمِ والفعلِ والجملة من مثله.

فإبدالُ الاسمِ من الاسمِ قد تقدَّم.

وإبدالُ الفعل من الفعل كقوله تعالى: {ومَنْ يفعلْ ذلكَ يَلق أثاماً، يُضاعفْ له العذابُ}، أبدل (يُضاعف) من (يلقَ).

وإبدالُ الجملة من الجملة كقوله تعالى: {أمَدَّكم بما تَعلمونَ، أمدَّكم بأنعامٍ وبنينَ}، فأبدل جملة (أمدَّكم بأنعامٍ وبَنينَ) من جملة (أمدَّكم بما تَعلمون).

وقد تُبدَلُ الجملةُ من المُفرَدِ، كقول الشاعر:

ِلى اللهِ أَشْكُو بِالْمَدينَةِ حاجةً
وبالشَّامِ أُخْرى، كَيْفَ يَلْتَقِيانِ؟!

أبدلَ (كيفَ يَلتقيانِ) من حاجةٍ وأخرى، والتقديرُ الإعرابيُّ: (أشكو هاتينِ الحاجتينِ، تَعذُّرَ التقائهما). والتقديرُ المعنويُّ: (أشكو إلى الله تَعَذُّرَ التقاءِ هاتينِ الحاجتينِ).

د- إذا أُبدِلَ اسمٌ من اسم استفهام، أو اسم شرط، وجب ذكرُ همزةِ الاستفهام، أو (إن) الشرطيّةِ معَ البدلِ، فالأولُ نحو: (كم مالُكَ؟ أعشرونَ أم ثلاثون؟. من جاءَك؟ أعليٌّ أم خالد؟. ما صنعتَ؟ أخيراً أم شرًّا؟).

[كم: اسم استفهام في محل رفع خبر مقدم. ومالك: مبتدأ مؤخر. وعشرون: بدل من كم][ من: اسم استفهام في محل رفع مبتدأ، وجملة (جاءك) خبره. وعلي: بدل من (مَن) الاستفهامية][ ما: اسم استفهام في محل نصب مفعول مقدم لصنعت، والهمزة في أخيراً: حرف استفهام، وخيراً بدل من (ما) الاستفهامية]

والثاني نحو: (مَنْ يَجتهدْ، إنْ عليٌّ، وإن خالدٌ، فأكرمهُ. ما تَصنعْ، إنْ خيراً، وإنْ شرًّا، تُجزَ بهِ. حيثما تنتظرني، إنْ في المدرسة، وإن في الدَّار أُوافِك).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 18-05-2012, 09:19 AM   #2
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

( عَطفُ البيانِ )


عطفُ البيانِ: هو تابعٌ جامدٌ، يُشبهُ النّعتَ في كونه يكشفُ عن المراد كما يكشفُ النّعتُ. ويُنزّلُ من المتبوع مَنزلةَ الكلمةِ الموضّحة لكلمةٍ غريبةٍ قبلها، كقول الراجز: (أقسمَ باللهِ أبو حَفصٍ عُمَر).


(فعمر: عطف بيان على (أبو حفص)، ذُكر لتوضيحه والكشف عن المراد به،

وهو تفسير له وبيان، وأراد به سيدنا عمر بن الخطاب، رضي الله عنه).

وفائدته إيضاحُ متبوعهِ، إن كان المتبوعُ معرفةً، كالمثال السابق، وتخصيصه إن كان نكرةً، نحو: (اشتريتُ حُلِيّاً: سِواراً). ومنه قولهُ تعالى: {أو كفّارةٌ: طَعامُ مَساكينَ}.


ويجبُ أن يُطابقَ متبوعَهُ في الإعرابِ والإفرادِ والتّثنيةِ والجمع والتّذكير والتأنيث والتعريفِ والتنكير.


ومن عطفِ البيان ما يقعُ بعد (أَيْ وأنْ) التّفسيريتينِ. غيرَ أنَّ (أَيْ) تُفسّرُ بها المُفرداتُ والجُمَلُ، و (أَنْ) لا يفسَّر بها إلا الجُمل المشتملةُ على معنى القول دونَ أحرفهِ. تقول: (رأيتُ ليثاً، أيأَسداً) و (أشرتُ إليهِ، أي: اذهبْ). وتقولُ: (كتبتُ إليهِ، أنْ: عَجَّلْ بالحضور).


وإذا تضمّنتْ (إذا) معنى (أي) التفسيريَّةِ، كانت حرفَ تفسيرٍ مثلها، نحو: (تقولُ: امتطيتُ الفرسَ: إذاركبتَه). وسيأتي لهذا البحث فضلُ بيانٍ في باب الحروف.


أَحكامٌ تَتَعَلَّقُ بِعَطْفِ البَيَان

أ ـ يجبُ أن يكون عطفُ البيان أوضح من متبوعهِ وأشهر، وإلا فهو بدلٌ نحو: (جاءَ هذا الرجل)، فالرجلُ. بدلٌ من اسم الإشارة، وليس عطفَ بيان، لأنَّ اسمَ الإشارةِ أوضح من المعرَّف بأل. وأجازَ بعضُ النّحويين أن يكونَ عطفَ بيان، لأنهم لا يشترطون فيه أن يكون أوضعَ من المتبوع. وما هو بالرأي السديد، لأنه إنما يُؤتى به للبيان والمبيِّنُ يجبُ أن يكونَ أوضحَ من المُبيَّن.

ب- الفرقُ بين البدلِ وعطف البيان أنَّ البدلَ يكونُ هو المقصودَ بالحكم دُون المُبدلِ منه. وأمّا عطفُ البيان فليس هو المقصودَ، بل إنَّ المقصود بالحُكم هو المتبوعُ، وإنما جيءَ بالتابع (أي عطف البيان) تَوضيحاً له وكشفاً عن المراد منه.


ج- كلُّ ما جازَ أن يكونَ عَطفَ بيانٍ جازَ أن يكونَ بدلَ الكلِّ من الكلِّ، إذا لم يُمكن الاستغناءُ عنه أو عن متبوعهِ، فيجبُ حينئذٍ أن يكون عطفَ بيان. فمثالُ عدمِ جواز الاستغناء عن التابع قولكَ: "فاطمةُ جاء حسينٌ أخوها"، لأنكَ لو حذفتَ "أخوها" من الكلام لفسد التركيبُ. ومثالُ عدَم جواز الاستغناءِ عن المتبوعِ قولُ الشاعر:


أَنا ابنُ التَّارِكِ الْبَكْرِيِّ بِشْرٍ

عَلَيْهِ الطَّيْرُ تَرْقُبُهُ وقُوعا

فبشر: عطفُ بيانٍ على (البكري)، لا بدلٌ منه، لأنكَ لو حذفت المتبوعَ، وهو (البكري) لوجب أن تضيفَ (التّارك) إلى (بشر)، وهو ممتنعٌ، لأنّ إضافةَ ما فيه (ألْ) إذا كان ليس مُثنى أو مجموعاً جمعَ مذكرٍ سالماً، إلى ما كان مُجرَّداً عنها غيرُ جائزة، كما علمتَ في مبحث الإضافة.


ومن ذلك قول الآخر:


أَيا أَخَوَيْنا، عَبْدَ شَمْسٍونَوْفَلاً

أُعِيذُ كُما بِاللهِ أَنْ تُحْدِثا حَربا

فعبدَ شمس: معطوفٌ على (أخوينا) عطفَ بيان، و (نوفلاً) : معطوف بالواو على (عبد شمس)، فهو مثله عطف بيان. ولا تجوزُ البدليَّةُ هنا، لأنه لا يُستغنى عن المتبوع، إذ لا يصحُّ أن يقال (أيا عبدَ شمسٍ ونوفلاً)، بل يجبُ أن يقال: (ونوفلُ) بالبناءِ على الضم، لأن المنادى إذا عُطف عليه اسمٌ مُجرَّد من (ألْ) والإضافة، وجبَ بناؤه، لأنك إن ناديتَهُ كان كذلك، نحو: (يا نوفلُ). كما عرفتَ ذلك في مبحث (أحكام توابع المنادى).

ومن ذلكَ أن تقول: (يا زيدُ الحارث). فالحارث: عطفُ بيان على (زيد). ولا يجوز أن يكون بدلاً منه، لأنك لو حذفتَ المتبوع، وأحللتَ التابعَ محلَّهُ، لقلتَ: (يا الحارثُ). وذلك لا يجوز، لأنَّ (يا) و (أل) لا يجتمعان إلا في لفظ الجلالة.


د- يكونُ عطفُ البيان جملةً، كقوله تعالى: {فَوَسوسَ إليه الشيطانُ قال يا آدمُ هل أدُلُّك على شجرةِ الخُلدِ ومُلكٍ لا يَبلَى}، فجملةُ: (قال يا آدمُ هل أدُلُّك): عطفُ بيان على جملة: (فوسوَس إليه الشيطان). وقد منعَ النُّحاة عطفَ البيانِ في الجُمل، وجعلوه من باب البدل. وأثبتهُ علماء المعاني، وهو الحقُّ. ومنه قولهُ تعالى أيضاً: {ونُودُوا أن تِلكُمُ الجنةُ}، فجملة: (أن تلكُمُ الجنةُ) : عطف بيانٍ على

جملة: (نُودوا).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-05-2012, 08:48 AM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

(المعطوفُ بالحرف )


المعطوفُ بالحرف: هو تابعٌ يتوسّط بينه وبينَ متبوعه حرفٌ من أحرف العطفِ، نحو: (جاءَ عليٌّ وخالدٌ. أكرمتُ سعيداً ثم سليماً). ويُسمّى العطفُ بالحرف (عَطفَ النَّسَقِ) أيضاً.

وفيه ثلاثةُ مباحث:

1- أَحْرُفُ العَطْفِ

احرفُ العَطفِ تسعةٌ. وهي: (الواو والفاءُ وثُمَّ وحتى وأَو وأَم وبَلْ ولا ولكنْ).

فالواوُ والفاءُ وثمَّ وحتَّى: تُفيدُ مشاركةَ المعطوفِ للمعطوف عليه في الحُكم والإعرابِ دائماً.وأَو، وأَمْ، إن كانتا لغير الإضراب على المعطوفِ عليه إلى المعطوف، فكذلك، نحو: (خُذ القلمَ أو الورقةَ)، ونحو: (أخالدٌ جاءَ أم سعيدٌ؟).
وإن كانتا للاضرابِ فلا تفيدانِ المشاركةَ بينهما في المعنى، وإنما هما التَّشريك في الإعراب فقطْ، نحو: (لا يَذهبْ سعيدٌ أو لا يَذهبْ خالدٌ)، ونحو: (أذهبَ سعيدٌ؟! أم أذهبَ خالدٌ؟).

وبَل: تُفيدُ الاضرابَ والعدولَ عن المعطوف عليه إلى المعطوف، نحو: (جاءَ خالدٌ، بَل عليٌّ).

ولكنْ: تُفيدُ الاستدراكَ، نحو: (ما جاءَ القومُ، لكنْ سعيدٌ).

ولا: تفيدُ معَ العطفِ نفيَ الحكم عمّا قبلها وإثباتَهُ لِمَا بعدَها نحو: (جاءَ عليٌّ لا خالدٌ).

2- مَعاني أَحرُفِ الْعَطْفِ

أ- الواو: تكونُ للجمع بين المعطوفِ والمعطوف عليه في الحُكم والاعرابِ جمعاً مطلقاً، فلا تُفيدُ ترتيباً ولا تعقيباً. فإذا قلتَ: (جاءَ عليٌّ وخالدٌ)، فالمعنى أنهما اشتركا في حكم المجيء، سواءٌ أكان عليٌّ قد جاءَ قبل خالد، أم بالعكس، أم جاءَا معاً، وسواءٌ أكان هناك مُهلةٌ بين مجيئهما أم لم يكن.

ب- الفاءُ: تكونُ للترتيب والتعقيب. فإذا قلتَ: (جاء عليّ فسعيدٌ). فالمعنى أنَّ عليّاً جاءَ أوَّلُ، وسعيداً جاءَ بعدَهُ بلا مُهلةٍ بينَ مجيئهما.

ج- ثمَّ: تكون للتَّرتيبِ والتَّراخي. فإذا قلتَ: (جاءَ عليٌّ ثمَّ سعيدٌ)، فالمعنى أن (عليّاً) جاءَ أولُ، وسعيداً جاءَ بعدهُ، وكان بينَ مجيئهما مُهلة.

د- حتى: العطفُ بها قليلٌ. وشرطُ العطفِ بها أن يكونَ المعطوفُ اسماً ظاهراً، وأن يكون جزءاً من المعطوف عليهِ أو كالجزء منه،وأن يكون أشرفَ من المعطوف عليه أو أخسَّ منه، وأن يكونَ مفرداً لا جملةً، نحو: (يموتُ الناسُ حتى الأنبياءُ. غلبكَ الناسُ حتى الصبيانُ. أعجبني عليٌّ حتى ثوبُهُ).

واعلم أنَّ (حتى) تكونُ أيضاً حرف جرّ، كما تقدم. وتكون حرف ابتداء، فما بعدها جملةٌ مُستأنفة، كقول الشاعر:
فَما زالَت الْقَتْلى تَمُجُّ دِماءَها
بِدِجْلَةَ، حَتَّى ماءُ دِجْلَةَ أَشْكَلُ

هـ- أو: إن وقعت بعدَ الطَّلب، فهي إمّا للتَّخيير، نحو: (تَزوَّجْ هنداً أو أختها)، وإما للاباحة، نحو: (جالس العلماءَ أو الزُهّادَ). وإما للاضراب، نحو: (إذهبْ إلى دِمَشقَ، أو دَع ذلكَ، فلا تَذهب اليومَ)، أي: بَلْ دَعْ ذلك، أُمرتَهُ بالذهاب، ثمَّ عدلتَ عن ذلك.

والفرق بينَ الإباحة والتَّخيير، أن الاباحةَ يجوز فيها الجمعُ بين الشيئين، فإذا قلتَ: (جالس العلماءَ أو الزُّهّادَ)، جاز لك الجمعُ بين مجالسةِ الفريقينِ، وجاز أن تُجالسَ فريقاً دُون فريق. وأما التّخييرُ فلا يجوزُ فيه الجمعُ بينهما، لأن الجمعَ بينَ الأختين في عقد النكاح غير جائز.

وإن وقعت (أو) بعد كلامٍ خبريٍّ، فهي إمّا للشّك، كقوله تعالى: {قالوا لبِثنا يوماً أو بعَض يومٍ}، وإمّا للابهام، كقوله عزَّ وجل: {وإنا وإياكم لَعلَى هُدًى أو في ضلالٍ مُبين}. ومنه قولُ الشاعر:

نَحْنُ أَوْ أَنْتُمُ الأُلى أَلِفُوا الحَقَّ
فُبُعْداً لِلمُبْطِلينَ وَسُحْقا

وإما للتقسيم، نحو: (الكلمةُ أسمٌ أَو فعلٌ أو حرفٌ)، وإِمّا للتّفصيل بعدَ الإجمال، نحو: (اختلفَ القومُ فيمن ذهب، فقالوا: ذهب سعيدٌ أَو خالدٌ أو عليٌّ). ومنه قولهُ تعالى: {قالوا ساحرٌ أو مجنونٌ} أي: بعضُهم قال: كذا، وبعضهم قال: كذا. وإمّا للاضراب بمعنى (بل)، كقوله تعالى: {وأرسلناهُ إلى مِئَة ألفٍ، أو يزيدونَ}. أي: بل يزيدون، ونحو: (ما جاءَ سعيد، أو ما جاء خالدٌ).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-05-2012, 08:49 AM   #4
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

ز- أم: على نوعين: مُتّصلةٍ ومنقطعة.

فالمتصلةُ: هي التي يكونُ ما بعدَها متّصلاً بما قبلَها، ومشاركاً له في الحكم وهي التي تقعُ بعدَ همزةِ الاستفهام أو همزةِ التسويةِ، فالأولُ كقولك: (أَعليٌّ في الدار أم خالدٌ؟)، والثاني كقوله تعالى: {سواءٌ عليهم أَأَنذَرتَهُم أَم لم تُنذِرهم}. وإنما سُميت متصلةً لأنَّ ما قبلَها وما بعدَها لا يستغنى بأحدهما عن الآخر.

و (أم) المنقطعةُ: هي التي تكونُ لقطعِ الكلام الأول واستئناف ما بعدَه. ومعناها الإضرابُ، كقوله تعالى: {هل يستوي الأعمى والبصيرُ؟ أم هل تستوي الظُّلماتُ والنُّورُ؟ أم جعلوا للهِ شُرَكاء}. والمعنى: (بل جعلوا لله شركاء)، قال الفرَّاءُ: (يقولون: هل لكَ قِبَلنا حقٌّ؟ أم أنتَ رجلٌ ظالمٌ) يريدون: (بل أنت رجلٌ ظالمٌ) وتارة تَتضمَّنُ معَ الإضراب استفهاماً إنكاريّاً، كقوله تعالى: {أَم لهُ البناتُ ولكمُ البَنون؟}. ولو قَدَّرت (أم) في هذه الآية للاضراب المحضِ، من غير تَضَمُّنِ معنى الانكار، لزمَ المُحال.

ح- بَل: تكونُ للاضراب والعُدول عن شيءٍ إلى آخرَ، إن وقعت بعدَ كلام مُثبَتٍ، خبراً أَو أَمراً، وللاستدراك بمنزلة (لكنْ)، إن وقعت بعدَ نفيٍ أو نهي.

ولا يُعطَفُ بها إلا بشرط أَن يكونَ معطوفُها مفرداً غيرَ جملةٍ.

وهي، إن وقعت بعدَ الإيجاب أو الأمرِ، كان معناها سَلبَ الحكم عما قبلَها، حتى كأنهُ مسكوتٌ عنه، وجعلَهُ لِمَا بعدَها، نحو: (قام سليمٌ، بل خالدٌ) ونحو: (لِيَقُمْ عليٌّ. بل سعيدٌ).

وإن وقعت بعد النفي أو النهي، كان معناها إثباتَ النفي أو النّهي لِمَا قبلها وجعلَ هذه لِمَا بعدَها، نحو: (ما قام سعيدٌ بل خليلٌ)، ونحو: (لا يَذهبْ سعيدٌ بل خليلٌ).

فإن تلاها جملةٌ لم تكن للعطفِ، بل تكونُ حرفَ ابتداءٍ مُفيداً للاضراب الإبطالي أو الإضراب الانتقالي. فالأولُ كقولهِ تعالى: {وقالوا اتَّخذَ الرحمنُ ولداً، سبحانَهُ، بَل عِبادٌ مُكرَمُون}، أي: بل هُم عبادٌ، وقولهِ: {أو يقولونَ بهِ جِنَّةٌ، بل جاءهم بالحق}. والثاني كقولهِ تعالى: {قد أَفلحَ من تَزكّى، وذكرَ اسمَ رَبهِ فَصَلَّى، بل تُؤثرونَ الحياةَ الدُّنيا}، وقولهِ: {وَلدَينا كتابٌ يَنطِقُ بالحق وهُم لا يُظلمونَ، بل قُلُوبهم في غَمرة}.

وقد تُزادُ قبلها (لا)، بعد إثباتٍ أَو نفيٍ، فالأولُ كقول الشاعر:

وَجْهُكِ الْبَدْرُ، لا، بل الشَّمْسُ، لوْ لَمْ
يُقْضَ لِلشَّمْسِ كَسْفَةٌ أو أُفولُ

والثاني كقول الآخر:

وَما هَجَرْتُكِ، لا، بَلْ زادَني شَغَفاً
هَجَرٌ وبُعْدُ تُراخٍ لا إِلى أجلِ

ط- لكن: تكونُ للاستدراكِ، بشرطِ أَن يكون معطوفُها مُفرداً، أي غيرَ جُملة، وأن تكونَ مسبوقةً بنفي أو نهي، وأن لا تقترنَ بالواو، نحو: (ما مررتُ برجلٍ طالحٍ، لكنْ صالحٍ)، ونحو: (لا يَقُمْ خليلُ، لكنْ سعيدٌ). فإن وقعت بعدَها جملةٌ، أو وقعت هي بعدَ الواو، فهي حرفُ ابتداءٍ، فالأول كقول الشاعر:

إنَّ ابنَ وَرْقاءَ لا تُخْشى بَوادِرُهُ
لكِنْ وَقائِعُهُ في الحَرْبِ تُنتَظَرُ

والثاني كقولهِ تعالى: {ما كانَ محمد أبا أحدٍ من رجالكم، ولكن رسولَ اللهِ وخاتمَ النّبيينَ}، أي: لكنْ كان رسولَ الله. فرسول: منصوبٌ لأنه خبر (كان) المحذوفة، وليس معطوفاً على (أبا). وكذلك إن وقعت بعد الإيجاب، فهيَ حرفُ ابتداءٍ أيضاً، مثلُ: (قامَ خليلٌ، لكنْ عليٌّ)، فعليٌّ مبتدأ محذوفُ الخبر، والتقديرُ (لكنْ عليٌّ لم يَقُم).

وهيَ بعدَ النفي والنهي مثلُ: (بَلْ): معناها إثباتُ النفي أَو النهي لِمَا قبلَها وجَعلُ ضِدّهِ لِما بعدَها.

ي- لا: تُفيدُ معَ النفي العطفَ. وهيَ تُفيدُ إثباتَ الحُكمِ لِما قبلَها ونَفيَهُ عمّا بعدَها. وشرطُ معطوفها أن يكون مفرداً، أي غيرَ جملة، وأَن يكون بعدَ الإِيجابِ أو الأمرِ، نحو: (جاءَ سعيدٌ لا خالدٌ)، ونحو: (خذِ الكتاب لا القلمَ).

وأثبتَ الكوفيُونَ العطفَ بليس، إن وقعت موقعَ (لا)، نحو: (خُذ الكتابَ ليس القلمَ). وعليه قولُ الشاعر:

أينَ المَقَرُّ؟ وَالإِلهُ الطَّالِبُ
وَالأَشْرَمُ الْمَغْلُوبُ لَيْسَ الْغالِبُ

(فليس هنا: حرف عطف. والغالب معطوف على المغلوب. ولو كانت هنا فعلاً ناقصاً لنصب الغالب على أنه خبرٌ لها).

3- أحكامٌ تَتَعَلَّقُ بِعَطْفِ النَّسَق

أ- يُعطَفُ الظاهرُ على الظاهر، نحو: (جاءَ زُهيرٌ وأُسامةُ) والمُضمَرُ على المُضمَر؛ نحو: (أنا وأنتَ صديقان)، ونحو: (أَكرمتُهم وإيّاكم)، والمَضمَرُ على الظاهر، نحو: (جاءَني علىٌّ وأَنتَ)، ونحو: (أكرمتُ سليماً وإيّاك)، والظاهرُ على المُضمر، نحو: (ما جاءَني إلا أنتَ وعلي) ونحو: (ما رأيتُ إلا إياك وعليّاً). غيرَ أنَّ الضميرَ المتّصِل المرفوعَ، والضميرَ المستترَ، لا يَحسُنُ أن يُعطَف عليهما إلا بعد توكيدهما بالمضير المنفصل، نحو: (جئتُ أنا وعليٌّ)، ومنه قوله تعالى:
{إذهب أنتَ ورَبُّكَ}. ويجوزُ العطفُ عليهما أيضاً إذا كان بينَهما فاصلٌ أيُّ فاصلٍ، كقوله تعالى: {يَدخلونها ومَنْ صَلَحَ}، وقولهِ: {ما أشركنا ولا آباؤنا}، فقد عطفَ (مَنْ)، في الآية الأولى، على الواو في (يدخلونها)، لوجود الفاصل، وهو (ها)، التي هيَ ضميرُ المفعول به، وعطفَ (آباء)، في الآية الثانية، على (نا) في (أشركنا)، لوجود الفاصل، وهو (لا)، وذلك جائز.

أمّا العطفُ على الضميرِ المجرور، فالحقُّ أنه جائزٌ، ومنه قوله تعالى: {وكفرٌ بهِ والمسجدِ الحرام}. وقُريءَ في بعض القراءَات السّبعِ: {واتَّقُوا الله الذي تساءَلونَ به والأرحامِ}، بالجرِّ عطفاً على الهاء. والكثيرُ إعادةُ الجارِّ كقوله تعالى: {فقال لها وللأرض ائتِيا طَوْعاً وكَرْهاً}، ونحو: (أحسنت إليكَ وإلى عليٍّ)، ونحو: (أكرمتُ غلامَكَ وغلامَ سعيدٍ).

ب- يُعطَفُ الفعلُ على الفعل، بشرطِ أن يَتّحدا زماناً، سواءٌ اتحدا نوعاً، كقوله تعالى: {وإن تُؤْمنوا وتتّقوا يُؤتِكُمُ أُجُورَكم}، أم اختلفا، نحو: (إن تَجيء أكرمتُك وأُعطِك ما تريد).

ج- يجوزُ حذفُ الواو والفاء مع معطوفهما إذا كان هناك دليلٌ، كقوله تعالى: {أن اضرِبْ بعصاكَ الحجَر، فانبجستْ}، أي: فضرَبَ فانبجست، وقولِ الشاعر:

فَما كانَ بَيْنَ الخَيْرِ، لَوْ جاءَ سالِماً
أبو حَجَرٍ، إِلاَّ لَيالٍ قَلائِلُ

أي: (بين الخير وبيني).

د- تختصُّ "(الواوُ) من بينِ سائر أخواتها بأنها تَعطفُ اسماً على اسم لا يكتفي به الكلامُ، نحو: (اختصمَ زيدٌ وعمرٌو. اشتركَ خالدٌ وبكرٌ. جلست بينَ سعيدٍ وسليمٍ)، فإنَّ الاختصامَ والاشتراكَ والبَينيّة من المعاني التي لا تقومُ إلا باثنينِ فصاعداً. ولا يجوزُ أن تقعَ الفاء ولا غيرُها من أحرف العطف في مثل هذا المَوقع، فلا يقال: (اختصمَ زيدٌ فعمرٌو. اشتركَ خالدٌ ثمَّ بكرٌ. جلستُ بينَ سعيدٍ أو سليمٍ).

هـ- كثيراً ما تقتضي الفاءُ معَ العطف معنى السّببيّة، إن كان المعطوف بها جملةً، كقوله تعالى: {فوَكزَهُ موسى، فقضَى عليهِ}.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 01-06-2012, 02:18 PM   #5
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

حروف المعاني

الحرفُ على ضربين: حرف مَبني، وحرفِ معنى.

فحرفُ المبنى: ما كان من بِنية الكلمة. ولا شأن لنا فيه.

وحرفُ المعنى: ما كان له معنىً لا يظهر إلا إذا انتظم في الجملة: كحروف الجر والاستفهام والعطف، وغيرها.

وهو قسمان: عامل وعاطل.

فالحرف العامل: ما يُحدث إعراباً (أي تغيراً) في آخر غيره من الكلمات.

والحروف العاملة هي: حروف الجر، ونواصب المضارع، والأحرف التي تجزم فعلاً واحداً، وإن وإذ ما (اللتان تجزمان فعلين)، والأحرف المُشبهة بالفعل التي (التي تنصب الإسم وترفع الخبر)، و لا النافية للجنس (التي تعمل عمل (إن)، فتنصب الاسم وترفع الخبر) وما ولا ولاتَ وإن (المُشبهات بليس في العمل، فترفع الاسم وتنصب الخبر). وقد سبق الكلام عنها.

والحرف العاطل (ويُسمى غير العامل أيضاً): ما لا يُحدث إعراباً في آخر غيره من الكلمات، كهل وهلاَّ ونَعَمْ ولولا، وغيرها.

( أنواع الحروف )

الحروفُ بحسب معناها، سواءٌ أكانت عاملةً أم عاطلةً، واحد وثلاثون نوعاً.

وهي:

1- أحرُفُ النَّفْي


وهي: (لم ولمَّا)، اللَّتانِ تجزمانِ فعلاً مضارعاً واحداً، و (لن)، التي تنصب الفعل المضارع، و (ما وإنْ ولا ولاتَ).

فما وإنْ: تنفيانِ الماضي، نحو: (ما جئتُ. إن جاءَ إلا أنا) والحالِ نحو: (ما أجلسُ. إن يجلس إلا أنا).


وتدخلانِ على الفعل، كما رأيتَ، وعلى الاسمِ، نحو: (ما هذا بشراً. إن أحدٌ خيراً من أحدٍ إلا بالعافية).


و (لا): تنفي الماضي، كقوله تعالى: {فلا صدَّقَ ولا صَلّى}، والمُستقبلَ كقوله: {قُلْ لا أسألُكم عليهِ أجراً}.


و (لاتَ). خاصّةٌ بالدُّخولِ على (حين) وما أشبهَهُ من ظُروف الزمانِ، نحو:

لاتَ حينَ مناصٍ}، وكقول الشاعر: (نَدِمَ البُغاةُ ولاتَ ساعةَ مَندَمٍ) وهي بمعنى (ليسَ).

2- أحرُفُ الجَواب


وهيَ: (نَعَمْ وبَلى وإي وأَجلْ وجَيرِ وإنَّ ولا وكلاَّ).


ويُؤتى بها للدلالةِ على جملة الجواب المحذوفة، قائمةً مَقامها. فإن قيلَ لكَ: (أَتذهبُ؟)، فقلتَ: (نَعَمْ)، فالمعنى: نَعَمْ أذهبُ. فنَعَمْ سادَّةٌ مَسَدَّ الجواب، وهو (أَذهبُ).


و (أَجلْ): بمعنى (نعَمْ) وهي مثلُها: تكونُ تصديقاً للمُخبر في أخبارهِ كأن يقولَ قائلٌ: حضرَ الاستاذُ، فتقولُ: نعَمْ، تُصدِّقُ كلامهُ. وتكونُ لإعلامِ المُستخبر، كأن يُقالَ: هلْ حضرَ الأستاذُ؟ فتقولُ: نَعَم. وتكونُ لِوَعدِ الطالبِ بما يَطلُبُ، كأن يقولَ لكَ الأستاذُ: (اجتهِدْ في دروسكَ) فتقول: (نَعَم)، تَعِدُهُ بما طلبَ منك.


و (أي): لا تُستعمَلُ إلا قبل القسمِ، كقوله تعالى: {قُلْ إي ورَبي إنَّهُ لَحَقٌّ}. (أي): توكيد للقسم، والمعنى نعم وربي.

وبينَ (بَلى ونَعمْ وأَجل) فرقٌ. فَبلى. تختصُّ بوقوعها بعدَ النّفي فتجعلُهُ إثباتاً، كقوله تعالى: {زَعَمَ الذينَ كفروا أَنْ لن يُبعَثوا، قُل بَلى ورَبي لَتُبعَثُنَّ}، وقولهِ: {أَلستُ بِرَبّكُم، قالوا: (بَلى)}، أي: بَلى أنتَ ربُّنا. بخلاف (نَعَمْ وأجلْ) فإنَّ الجوابَ بهما يَتبعُ ما قبلَهما في إثباتهِ ونفيهِ، فإن قلتَ لرجلٍ: (أَليسَ لي عليكَ الفُ دِرهَمٍ؟) فإن قالَ: (بَلَى) لزِمَهُ ذلكَ، لأنَّ المعنى (بَلى لَكَ عليَّ ذلكَ) وإن قال: (نَعَمْ) أَو (أَجلْ) لم يَلزمهُ، لأنَّ المعنى (نَعَم ليس لكَ عليَّ ذلك).

و (جَيْرِ): حرفُ جوابٍ، بمعنى: (نَعَمْ). وهو مبنيٌّ على الكسر. وقد يُبنى على الفتح. والأكثرُ أن يقعَ قبلَ القَسم، نحو: (جيرِ لأفعلنَّ)، أي: (نَعَم واللهِ لأفعلنَّ). ومنهم من يجعله اسماً، بمعنى: (حقاً) قال الجوهريُّ في صَحاحه: (قولهم: جيرِ لآتينَّك، بكسر الراءِ: يمينٌ للعرب) بمعنى: (حقاً).


و (إنَّ): حرفُ جوابٍ، بمعنى: (نَعَمْ)، يقال لك: (هل جاءَ زُهَيرٌ؟) فتقولُ: (إنَّهُ)، قال الشاعر:


بَكَرَ العَواذلُ، في الصَّبُو

حِ، يَلُمْنَني وَأَلومُهُنَّهْ

وَيَقُلْنَ: شَيْبٌ قَدْ عَلاَ

كَ، وَقَدْ كَبِرْتَ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ

والهاءُ، التي تلحقه، هي هاءُ السَّكت، التي تُزادُ في الوقف، لا هاءُ الضمير ولو كانت هاءَ الضمير لثبتت في الوصل، كما تثبتُ في الوقف. وليس الأمرُ كذلك، لأنك تحذفها إن وصلتَ، يقال لك: (هل رجعَ أُسامةُ؟) فتقولُ: (إنّ) يا هذا، أي: نعم، يا هذا قد رجع. وأيضاً قد يكون الكلام على الخطاب أو التكلم، والهاءُ هذه على حالها، نحو: (هل رجعتم؟)، فتقولُ: (إنَّهُ)، وتقولُ: (هل نمشي؟) فتقول: (إنَّهْ). ولو كانت هذه الهاءُ هاءَ الضمير، وهي للغيبة، لكان الكلامُ فاسداً.

و (إنَّ)، الجوابيّةُ هذه، منقولةٌ عن (إنَّ) المؤكدة، التي تنصبُ الاسمَ وترفع الخبر، لأن الجوابَ تصديقٌ وتحقيق، وهما والتأكيد من باب واحد.
و (لا وكَلاَّ): تكونانِ لنفي الجواب. وتُفيدُ (كَلاَّ)، مع النفي، رَدعَ المُخاطبِ وزجرَهُ. تقولُ لِمنْ يُزَيَّنُ لك السوء ويُغريكَ بإتيانهِ: (
كَلاَّ)، أي: لا أُجيبُكَ إلى ذلك، فارتدعْ عن طلبك.


وقد تكونُ (كَلاَّ) بمعنى: (حَقاً)، كقولهِ تعالى: {كلاَّ، إنَّ الإنسانَ لَيَطغى أنْ رآه استغنى}.



3- حرفا التفسير


وهُما: (أيْ وأن). وهُما موضوعانِ لتفسيرِ ما قبلهما، غيرَ أنَّ (أيْ) تُفسَّرُ بها المُفرداتُ، نحو: (رأيتُ ليثاً، أي: أسداً)، والجُمَلُ، كقول الشاعر:


وَتَرْمينَني بالطَّرْفِ، أَيْ، أَنتَ مُذْنِبٌ

وَتَقْلينني، لكِنَّ إِيَّاكِ لا أَقلي

وأمّا (أنْ) فتختصُّ بتفسير الجُمَلِ. وهي تقعُ بينَ جملتينِ، تتضمَّنُ الأولى منهما معنى القولِ دونَ أحرفهِ، كقوله تعالى: {فأوحينا إليه، أن اصنَعِ الفُلكَ}، ونحو: (كتبتُ إليه، أنِ تحضرْ).



__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 08-06-2012, 06:56 AM   #6
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

4- أحرُفُ الشَّرْطِ

وهي: (إنْ وإذْ ما) الجازمتانِ، و (لَوْ ولولا ولوما وأمّا ولمَّا). و (لَوْ) على نوعين:


الأول: أن تكونَ حرفَ شرطٍ لِمَا مضى، فتُفيدُ امتناعَ شيءٍ لامتناعِ غيرهِ: وتُسمّى حرفَ امتناع لامتناع، أو حرفاً لِما كانَ سيقعُ لوقوعِ غيره. فإن قلتَ: (لو جئتَ لأكرمتُكَ)، فالمعنى: قد امتنعَ إكرامي إياكَ لامتناع مجيئك، لأنَّ الإكرامَ مشروطٌ بالمجيءِ ومُعلَّقٌ عليه. ولا يَليها إلا الفعلُ الماضي صيغةً وزماناً، كقوله تعالى: {ولو شاءَ رَبُّكَ لجعلَ الناس أُمةً واحدةً}.

الثاني: أن تكونَ حرفَ شرطٍ للمستقبل، بمعنى (إنْ). وهي حينئذٍ لا تُفيدُ الامتناع، وإنما تكون لمجرَّد ربطِ الجوابِ بالشرط، كإنْ، إلاّ أنها غيرُ جازمةٍ مثلَها، فلا عملَ لها، والأكثرُ أن يَليها فعلٌ مُستقبلٌ معنًى لا صيغةً، كقوله تعالى: {وليَخشَ الذينَ لو تركوا من خلفهم ذُرِّيَّةً ضعافاً خافوا عليهم}، أي: (إنْ يَتركوا) وقد يَليها فعلٌ مستقبلٌ معنًى وصيغةً: (لو تزورُنا لسُرِرنا بِلقائكَ)، أي: (إن تَزُرْنا).

وتحتاجُ (لو) بنوعيها إلى جواب، كجميع أدواتِ الشرطِ. ويجوزُ في جوابها أن يقترنَ باللام، كقوله تعالى: {
لو كانَ فيهما آلهةٌ إلا اللهُ لفَسدَتا}، وأن يتجرَّدَ منها، كقوله تعالى: {ولو نشاءُ جعلناهُ أُجاجاً}، وقولهِ: {ولو شاءَ رَبُّكَ ما فعَلوهُ}. إلا أن يكون مضارعاً منفيّاً، فلا يجوزَ اقترانهُ بها، نحو: (لو اجتهدتَ لم تَندَم).


و (لولا ولوما)، حرفا شرطٍ بَدلانِ على امتناعِ شيءٍ لوُجودِ غيرهِ. فإن قلتَ: (لولا رحمةُ اللهِ لَهلَكَ الناسُ) و (لَوما الكتابةُ لَضاعَ أكثرُ العلمِ)، فالمعنى أنهُ امتنعَ هَلاكُ الناسِ لوجودِ رحمةِ اللهِ تعالى، وامتنعَ ضياعُ أكثرِ العلم لوجود الكتابةِ.


وهما تَلزَمانِ الدخولَ على المبتدأ والخبر، كما رأيتَ. غيرَ أَنَّ الخبرَ بعدهما يُحذَفُ وجوباً في أكثرِ التراكيبِ. والتقديرُ: (لولا رحمةُ اللهِ حاصلةٌ أو موجودةٌ) و (لولا الكتابة حاصلة أو موجودة).


وتحتاجانِ إلى جوابٍ، كما تحتاجُ إليه (لو). وحكمُ جوابهما كحكم جوابها، فيقترنُ باللام، كما رأيتَ، أو يُجرَّدُ منها، نحو: (لولا كرمُ أخلاقِكَ ما عَلَوَتَ)، ويمتنعُ من اللام في نحو:


(لولا حُبُّ العلمِ لم أغتربْ) لأنهُ مضارع منفيٌّ.

و (أمّا) بالفتح والتشديدَ، حرفُ شرطٍ يكونُ للتّفصيل أو التوكيد. وهي قائمةٌ مَقامَ أَداةِ الشرط وفعلِ الشرط. والمذكورُ بعدَها جوابُ الشرط، فلذلك تَلزَمُه فاءُ الجواب للرَّبط. فإن قلتَ: (أمّا أنا فلا أقولُ غيرَ الحقِّ) فالمعنى: (مهما يكنْ من شيءٍ فلا أقولُ غيرَ الحقِّ).

أمّا كونُها للتفصيلِ فهو الأصلُ فيها، كقوله تعالى: {فأمّا اليتيم فلا تقهَرْ، وأمّا السائل فَلا تَنهَرْ، وأمّا بنعمةِ رَبِّكَ فحدِّثْ}.


وأمّا كونُها للتأكيد، فنحوُ أن تقولَ: (خالدٌ شجاعٌ)، فإن أردتَ توكيدّ ذلكَ، وأنهُ لا محالةَ واقعٌ، قلتَ: (أمّا خالدٌ فشجاعٌ). والأصلُ: (مهما يكن من شيءٍ فخالدٌ شجاع).


و (لمّا): حرفُ شرطٍ، موضوعٌ للدلالةِ على وجودِ شيءٍ لوجودِ غيرهِ. ولذلك تُسمّى: حرفَ وُجودٍ لوجودٍ. وهي تختصُّ بالدخول على الفعل الماضي. وتقتضي جُملتينِ، وُجِدَتْ أُخراهما عند وجود أولاهما. والأولى هي الشرطُ، والأخرى هي الجوابُ، نحو: (لمَّا جاءَ أكرمتُهُ).


وتحتاج إلى جوابٍ، لأنها في معنى أدواتِ الشرط. ويكونُ جوابها فعلاً ماضياً، كما رأيتَ، أو جملةً اسميّةً مقرونةً بإذا الفجائيّة، كقوله تعالى: {فلمّا نجّاهم إلى البَرِّ إذا هم يشركونَ}، أو بالفاءِ، كقوله تعالى: {فلمّا نجاهم إلى البرِّ فمنهم مُقتصدٌ}.


ومن العلماءِ من يجعلها ظرفاً للزمان بمعنى (حين)، ويضيفها إلى جُملةِ الشرطِ وهو المشهورُ بينَ المُغرِبينَ، والمحقِّقُونَ على أنها حرفٌ للرَّبط.


5- أَحرُفُ التَّحضيضِ وَ التَّنْديمِ


وهي: (هَلاّ وأَلاّ ولوما ولولا وألا).

والفرقُ بينَ التحضيضِ والتّنديمِ، أنَّ هذه الأحرفَ، إن دخلت على المضارع فهيَ للحضِّ على العملِ وتركِ التهاوُنِ به، نحو: (هَلاّ يرتدعُ فلانٌ عن غيِّه. أَلاَّ تَتُوبُ من ذنبِك. لولا تستغفرونَ اللهَ. لوما تأتينا بالملائكة. {ألا تُحبُّون أن يغفرَ اللهُ لكم}). وإن دخلت على الماضي كانت لجعلِ الفاعلِ يندَمُ على فواتِ الأمر وعلى التّهاون به، نحو: (هلاّ اجتهدتَ)، تُقرِّعهُ على إهمالهِ، وتُوبِّخهُ على عدَم الاجتهاد، فتجعلُهُ يندَمُ على ما فَرَّطَ وضيَّع. ومنهُ قوله تعالى: {فلولا نَصَرَهمُ الذينَ اتخذوا من دُونِ اللهِ قُرَناءَ آلهةً}.
6ـ أحرُفُ العَرْضِ

العَرضُ: الطَّلبُ بلينٍ ورفقٍ، فهو عكسُ التّحضيض، لأنَّ هذا هو الطلبُ بشدَّةٍ وَحثٍّ وإزعاجٍ.


وأحرفهُ هيَ: (ألا وأمَا ولوْ)، نحو: (ألا تَزُورُنا فنَأنس بكَ. أما تَضِيفُنا فتلقى فينا أهلاً. لو تُقيم بيننا فتُصيبَ خيراً).


وقد تكونُ (أمَا) تحقيقاً للكلام الذي يَتلوها، فتكونُ بمعنى (حَقاً)، (أمَا إنَّهُ رجلٌ عاقلٌ) تعني أنهُ عاقلٌ حقاً.



__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 15-06-2012, 06:40 AM   #7
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

7- أحرُفُ التَّنبيهِ

وهيَ: (أَلا وأمَا وها ويا).


فـ (ألا وأمَا): يُستفتَحُ بهما الكلامُ، وتُفيدانِ تنبيهَ السامع إلى ما يُلقى إليه من الكلامِ. وتُفيدُ (ألا)، معَ التنبيه، تَحقُّقَ ما بعدَها، كقوله تعالى: {أَلا إِنَّ أَولياءَ اللهِ لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون}.


واعلم أنَّ (أَلا وأَمَا). معناهما التنبيهُ، ومكانُهما مُفتتَحُ الكلام.


و (ها): حرفٌ موضوعٌ لتنبيهِ المُخاطَب. وهو يدخلُ على أربعة أشياء:


أ- على أسماءِ الإشارةِ الدَّالةِ على القريب، نحو: (هذا وهذه وهذَين وهاتَينِ وهؤلاء)، أو على المتوسطِ، إن كان مُفرداً، نحو: (هذاكَ). أمّا على البعيدِ فلا.

ويجوزُ الفصلُ بينهما بكافِ التشبيهِ، كقوله تعالى: {فلمّا جاءَت قيل أهكذا عَرشُكِ؟}، وبالضميرِ المرفوعِ، كقولهِ: {ها أنتم أُولاءِ}، ونحو: (ها أنا ذا. ها أنتما ذانِ. ها أنتِ ذي).

ب- على ضميرِ الرفع، وإن لم يكن بعدَهُ اسمُ إشارةٍ، كقول الشاعر:


فَها أَنا تائِبٌ مِن حُبِّ لَيْلى

فَما لَكَ كُلَّما ذُكِرَتْ تَذوبُ؟!

غيرَ أنها، إن دخلت على ضمير الرفع، فالأكثرُ أن يَليَهُ اسمُ الاشارةِ، نحو: (ها أنا ذا. ها نحنُ أُولاءِ. ها أنتم أُولاءِ. ها هو ذا. ها هما ذانِ. ها هم أُولاءِ. ها أنتما تانِ يا امرأتانِ).


ج- على الماضي المقرون بِقد، نحو: (ها قد رجعتُ).


د- على ما بعدَ (أيٍّ) في النداءِ، كقوله تعالى: {يا أيُّها الإنسانُ ما غَرَّكَ بربكَ الكريم. يا أيّتُها النفسُ المُطمئنَةُ ارجعي إلى ربكِ راضيةً مرضيّةً} وهي تلزمُ في هذا الموضع وجوباً، للتبيهِ على أنَّ ما بعدَها هو المقصودُ بالنداءِ.

و "يا": أصلُها حرفُ نداءٍ. فإن لم يكن بعدَها مُنادىً، كانت حرفاً يُقصَدُ بهِ تنبيهُ السامع إلى ما بعدها. وقيلَ: إن جاءَ بعدها فعلُ أمرٍ فهي حرفُ نداءٍ، والمنادَى محذوفٌ، كقولهِ تعالى: {أَلا يا اسجُدوا}، والتقديرُ: (ألا يا قومُ اسجدوا).وإلا فهيَ حرفُ تنبيه، كقوله: {يا ليتَ قومي يعلمون}، وكحديث: (يا رُبَّ كاسيةٍ في الدنيا عاريةٌ يوم القيامَةِ). ومنه قول الشاعر:


يا لَعْنَةُ اللهِ وَالأَقْوامِ كُلِّهِمِ

وَالصَّالحِينَ عَلى سَمْعانَ مِنْ جارِ

[يا: حرف تنبيه. ولعنة: مبتدأ. خبره الجار والمجرور: (على سمعان).]

والحقُّ أنها حرفُ تنبيهٍ في كلِّ ذلك.


8- الأَحْرُفُ الْمَصْدَرِيَّةُ

وتسمّى: الموصولاتِ الحرفيّة أَيضاً وهي التي تجعلُ ما بعدَها في تأويل مصدر. وهي: (أَنْ وأَنًَّ وكي وما ولو وهمزةُ التّسوية)، نحو: (سرَّني أَن تُلازمَ الفضيلةَ. أُحِبُّ أنكَ تجتنبُ الرَّذيلةَ. إرحمْ لكي تُرحَمَ. أَوَدُّ لو تجتهدُ). {واللهُ خلقكُم وما تعملون}. {سواءٌ عليهم أَأَنذرتهم أم لم تُنذِرهم}.

والمصدر المؤولُ بعدها يكونُ مرفوعاً أَو منصوباً أَو مجروراً، بحسب العاملِ قبلَهُ.
[ يسمى الحرف المصدري: موصولاً حرفياً، لأنه يوصَل بما بعده فيجعله في تأويل مصدر]

(ففي المثال الأول مرفوع، لأنه فاعل. وفي المثال الثاني منصوب، لأنه مفعول به. وفي المثال الثالث مجرور باللام. وفي المثال الرابع منصوب أيضاً، لأنه مفعول به. وفي المثال الخامس منصوب أيضاً، لأنه معطوف على كاف الضمير في (خلقكم) المنصوبة محلاً، لأنها مفعول به. وفي المثال السادس مرفوع، لأنه مبتدأ خبره مقدَّم عليه، وهو سواء).


وتكونُ (ما) مصدريةً مجرَّدةً عن معنى الظرفيّةِ، نحو: (عَدِبتُ مما تقولُ غيرَ الحقِّ)، أَي: (من قولك غيرَ الحقِّ). وتكون مصدريةً ظرفيّةً، كقوله تعالى: {وأَوصاني بالصلاةِ والزَّكاةِ ما دُمتُ حيّا}، أَي: (مُدَّةَ دَوامي حَيّاً). فَحُذِفَ الظَّرفُ وخَلَفتهُ (ما) وصِلَتُها. ويكونُ المصدرُ المؤوَّلُ بعدها منصوباً على الظَّرفيّة، لقيامهِ مقامَ المُدَّةِ المحذوفةِ (وهوَ الأحسنُ)، أَو يكون في موضع جَرٍّ بالإضافة إلى الظّرف المحذوفِ.


وأَكثرُ ما تقعُ (لو) بعدَ (وَدَّ وَيوَدُّ)، كقوله تعالى {وَدُّوا لو تُدهِنُ فَيُدهنونَ}. {يَوَدُّ أحدُهم لو يُعمّرُ أَلفَ سنةٍ}.

[أدهن يُدهن وداهن يداهن: نافق وراءى وصانَع وخادَع]

وقد تقعُ بعد غيرهما كقول قُتَيلةَ:

ما كانَ ضَرَّكَ لَوْ مَنَنتَ، وَرُبَّما

مَنَّ الْفَتى وَهُوَ المَغِيظُ المُخْنَقُ

أَي: ما كان ضَرَّكَ مَنُّكَ عليه بالعفو.


9- أَحرُفُ الاستِقْبال

وهي: (السينُ، وسوفَ، ونواصبُ المضارعِ، ولامُ الأَمرِ، ولا الناهية وإنْ، وإِذْ ما الجازمتان).


فالسينُ وسوفَ: تختصّانِ بالمضارعِ وتَمحضانهِ الاستقبالَ، بعدَ أن كان يحتملُ الحالَ والاستقبالَ، كما أَنَّ لامَ التأكيدِ تُخلِصُهُ للحالِ، نحو: (إنَّ سعيداً لَيَكتبُ).

[تمحضانه: تجعلانه للاستقبال المحض وتخلصانه له]

والسينُ: تُسمّى حرفَ استقبال، وحرفَ تنفيسٍ (أَي: توسيعٍ)، لأنها تَنقُلُ المضارعَ من الزمان الضيّقِ، وهو الحالُ؛ إلى الزمانِ الواسعِ وهو الاستبقال. وكذلك (سوفَ)، إلا أَنها أَطولُ زماناً من السين، ولذلك يُسمُّونها (حرفَ تسويفٍ)، فتقولُ: (سَيَشِبُّ الغلامُ، وسوفَ يَشيخُ الفتى)، لِقُربِ زمان الشبابِ من الغلام وبُعدِ زمان الشيخوخةِ من الفتى.

ويجبُ التصاقُهما بالفعلِ، فلا يجوزُ أن يَفصلَ بَينَهما وبينه شيءٌ.
وإذا أردتَ نفيَ الاستبقالِ أَتيتَ بِلا، في مُقابلة (السين)، وبِلَنْ، في مقابلة (سوف)، نحو: (لا أفعلُ)، تَنفي المستقبل القريب، ونحو: (لن أَفعلَ)، تنفي المستقبلَ البعيد.


ولا يجوزُ أن يُؤتى بسوفَ و (لا) معاً، ولا بسوفَ و (لن) معاً، فلا يُقالُ: (سوفَ لا أفعلُ) ولا (سوف لن أفعلَ) كما يقولُ كثيرٌ من الناسِ، وبينهم جَمهَرةٌ من كتّابِ العصر.


__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .