العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: العفاف فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الرد على مقال هل سورة يوسف من القرآن؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: التسنيم فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الخزى فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: اللعب فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: فرسة و خيّال (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: الصرف في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الرد على مقولات الباحث عن الحقيقة المنسية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الفروج في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الكرم في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 07-03-2011, 07:25 PM   #1
علي بعروب
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2007
المشاركات: 81
إفتراضي أسام كان وأخواتها

مجهود رائع ومفيد .. شكرا لك

واصل هذا البحث القيم

كثير من التلاميذ يستفيدون منه
علي بعروب غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-03-2011, 09:41 AM   #2
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

أَحكامُ اسم (كانَ) وخَبَرُها

كل ما تَقدَّمَ من أحكامِ الفاعلِ وأقسامه، يَعطى لاسم (كانَ) وأخواتها لأن لهُ حُكمَهُ.وكلُّ ما سبقَ لخبر المبتدأ من الأحكامِ والأقسامِ، يُعطى لخبر (كان) وأخواتها، لأنَّ لهُ حُكمَهُ، غيرَ أنه يجبُ نصبُهُ، لأنهُ شبيهٌ بالمفعول به.

وإذا وقع خبرُ (كانَ) وأخواتها جملةً فعليةً، فالأكثرُ أن يكونَ فعلُها مضارعاً، وقد يجيءُ ماضياً، بعد (كانَ وأمسى وأضحى وظلَّ وبات وصارَ). والأكثرُ فيه، إن كانَ ماضياً، أن يقترن بِقدْ، كقول الشاعر:


فأَصبَحُوا قَدْ أَعادَ اللهُ نِعْمَتَهُمْ

إذْ هُمْ قُرَيْشٌ، وإِذْ ما مِثْلُهُمْ أَحدُ

وقد وقعَ مجرَّداً منها، وكثر ذلكَ في الواقعِ خبراً عن فعلِ شرطٍ، ومنه قولهُ تعالى: {وإن كانَ كبُرَ عليكم مَقامي}، وقوله: "إن كانَ كبُرَ عليكَ إِعراضُهم" وقولهُ: {إن كنتُ قُلْتَهُ فَقدْ علِمتَهُ} وقلَّ في غيره، كقول الشاعر:


أَضْحَتْ خَلاءَ، وأَضْحَى أَهلُها احتَمَلوا

أَخنى عَلَيها الذي أَخنى على لُبَدِ

وقولِ الآخر:


وكانَ طَوَى كَشْحاً على مُسْتَكِنَّةٍ

فَلا هُوَ أَبداها، ولم يَتَقَدَّمِ

أَحكامُ اسمِها وخَبَرِها في التَّقديم والتأخير

الأصلُ في الاسمِ أن يَليَ الفعلَ الناقصَ، ثمَّ يجيء بعدَه الخبرُ. وقد يُعكَسُ الأمرُ، فيُقدَّمُ الخبرُ على الاسمِ، كقوله تعالى: {وكانَ حقاً علينا نَصرُ المؤْمنين}، وقولِ الشاعر::

لا طِيبَ لِلعَيشِ ما دامتْ مُنَغَّصَةً
لذَّاتُهُ بادِّكارِ الشَّيْبِ والهَرَم

وقول الآخر:


سَلي، إن جَهِلْتِ الناسَ عَنَّا وعنهُمُ

فَلَيْسَ سَواءَ عالمٌ وجَهولٌ.

ويجوزُ أن يتقدَّمَ الخبرُ عليها وعلى اسمها معاً، إلا (ليسَ) وما كان في أوَّلهِ (ما) النافيةُ أو (ما) المصدريَّةُ، فيجوزُ أن يُقالَ (مُصحِية، كانتِ السماءُ) و(غزيراً أمسى المطرُ)، ويَمتنعُ أن يُقالَ: (جاهلاً ليس سعيدٌ)، و (كسولاً ما زال سليمٌ) و (أقفُ، واقفاً ما دام خالدٌ). وأجازه بعضُ العلماءِ في غير (ما دام).


أمّا تقدُّمُ معمولِ خبرِها عليها فجائزٌ أيضاً، كما يجوزُ تقدُّمُ الخبر، قال تعالى: {وأنفسَهم كانوا يَظلمون}، وقال: "أهؤلاءِ إياكم كانوا يعبُدون}.

واعلَمْ أن أحكامَ اسمِ هذه الأفعال، وخبرها في التقديم والتأخير، كحكم المبتدأ وخبره، لأنهما في الاصل مبتدأٌ وخبرٌ.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 18-03-2011, 11:21 AM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

خَصائِصُ (كانَ)

تختصُّ (كان) من بينِ سائرِ أخواتها بستَّةِ أشياءَ:


1ـ أنها قد تُزادُ بشرطينِ: أحدهما أن تكونَ بلفظ الماضي، نحو: ((ما (كان) أصحَّ عِلمَ من تقدَّمَ؟)). وشذت زيادتها بلفظ المضارع في قول أُم عَقيل ابن أبي طالب:


أَنتَ (تَكُونُ) ماجِدٌ نَبِيلٌ

إذا تَهبُّ شَمْأَلٌ بَليلُ

والآخر أن تكون بينَ شيئينِ مَتلازمينِ، ليسا جاراً ومجروراً. وشذَّت زيادتُها بينهما في قول الشاعر:


جِيادُ بَني أَبي بَكْرٍ تَسَامَى

على (كانَ) المُسَوَّمَةِ العِرابِ

وأكثرُ ما تزادُ بينَ (ما) وفعلِ التَّعجُّبِ، نحو
((ما (كان) أعدلَ عُمرَ!)) . وقد تُزادُ بينَ غيرهما ومنه قولُ الشاعر: (وقد زادّها بينَ "نِعْمَ" وفاعلها).

ولَبِسْتُ سِرْبالَ الشبابِ أَزورُها

وَلَنِعْمَ (كانَ) شَبيبَةُ المُحتالِ

وقولُ بعضِ العرَبِ: (وقد زادّها بين الفعل ونائب الفاعل) وَلَدتْ فاطمةُ - بنتُ الخُرْشُبِ الكَمَلةَ من بني عَبْس، لم يُوجَدْ (كانَ) مِثلُهُم، وقول الشاعر: (وقد زادَها بينَ المعطوف عليه والمعطوف):


في لُجَّةٍ غَمَرَتْ أَباكَ بُحُورُها

في الجاهِلِيَّة (كانَ) والإِسلامِ
[فاطمة بنت الخُررشب: هي فاطمة الأنمارية، ولدت لزياد العبسي. والكَمَلَة: (جمع كامل) وهم ربيع الكامل، وقيس الحافظ، وعمارة الوهاب، وأنس الفوارس. وقد قيل لها أي بنيكِ أحب إليكِ؟ فقالت: ربيع، بل عمارة، بل قيس، بل أنس، ثكلتهم إن كنت أعلم أيهم أفضل، والله إنهم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها؟ والخُرشب: الغليظ الجافي، والطويل السمين].

وقول الآخر: (وقد زادَها بينَ الصفة والموصوف):


في غُرَفِ الجَنَّةِ العُلْيا التي وَجَبَتْ

لَهم هُناكَ بِسَعْيٍ (كان) مَشكور
(واعلم أن (كان) الزائدة معناها التأكيد، وهي تدل على الزمان الماضي. وليس المراد من تسميتها بالزائدة أنها لا تدل على معنى ولا زمان، بل المراد أنها لا تعمل شيئاً، ولا تكون حاملة للضمير، بل تكون بلفظ المفرد المذكر في جميع أَحوالها. ويرى سيبويه أنها قد يلحقها الضمير، مستدلاً بقول الفرزدق):

فكيف إذا مررت بدار قوم

وجيران لنا (كانوا) كرام

2ـ أنها تُحذَفُ هي واسمها ويبقى خبرُها، وكثرَ ذلك بعدَ (أنْ ولو) الشرطيَّتينِ. فمثالُ (إنْ) : (سِرْ مُسرعاً، إن راكباً، وإن ماشياً)، وقولهم (لناسُ مَجزِيُّونَ بأعمالهم، إنْ خيراً فخيرٌ، وإن شرّاً فَشرٌّ)، وقولُ الشاعر:


لا تَقْرَبَنَّ الدَّهرَ آلَ مُطَرِّفٍ

إنْ ظالماً أَبداً، وإِنْ مَظْلوما

وقولُ الآخر:


حَدَبَتْ عَلَيَّ بُطونُ ضَبَّةَ كُلُّها

إنْ ظالماً فيهم، وإنْ مَظلوماً
[ والتقدير: إن كنت ظالماً، وإن كنت مظلوماً]

وقول غيرهِ:


قَدْ قيلَ ما قِيلَ، إِنْ صِدْقاً، وإِنْ كَذِباً

فَما اعتِذارُكَ من قَولٍ إذا قيلا؟!


ومثالُ (لو) حديثُ: (التَمِسْ ولو خاتماً من حديد). وقولهم (الإطعامَ ولو تمراً)، وقول الشاعر:


لا يأْمَنِ الدَّهرَ ذو بغْيٍ، وَلَوْ مَلِكاً

جُنُودُهُ ضاقَ عنها السَّهْلُ والجَبَلُ

3ـ أنها قد تُحذفُ وحدَها، ويبقى اسمُها، وخبرُها، ويعوَّضُ منها "ما" الزائدةُ، وذلك بعدَ "أن" المصدريَّةِ، نحو: "أمّا أنتَ ذا مال تَفتخرُ!"، والأصلُ: (لأنْ كنتَ ذا مالٍ تَفتخرُ!).


(فحذفت لام التعليل، ثم حذفت (كان) وعوض منها (ما) الزائدة وبعد حذفها انفصل الضمير بعد اتصاله، فصارت (أن ما أنت)، فقلبت النون ميماً للإدغام، وأدغمت في ميم (ما) فصارت (أما).


ومن ذلك قول الشاعر:


أَبا خُراشةَ، أَمَّا أَنتَ ذا نَفَر!

فإنَّ قَوْمِيَ لَمْ تأْكُلْهُمُ الضَّبُعُ
[والتقدير: لأن كنت ذا نفر افتخرت علي أو هددتني، لا تفتخر علي، فإن قومي لم تأكلهم الضبع. وأراد بالضبع السنة المجدبة مجازاً، أو الضبع حقيقة، فيكون الكلام كناية عن عدم ضعف قومه، لأن القوم إذا ضعفوا عاثت فيهم الضباع]

4ـ أنها قد تُحذَف هي واسمها وخبرُها معاً، ويَعوَّضُ من الجميع (ما) الزائدةُ، وذلك بعد (إن) الشرطيةِ، في مثل قولهم: (افعل هذا إِما لا).

((والأصل (افعل هذا إن كنت لا تفعل غيره). فحذفت (كان) مع اسمها وخبرها وبقيت (لا) النافية الداخلة على الخبر، ثم زيدت (ما) بعد (أن) لتكون عوضاً، فصارت (إن ما)، فأدغمت النون في الميم، بعد قلبها ميماً، فصارت (إما) )).

5ـ أنها قد تُحذَفُ هي واسمها وخبرُها بلا عِوَضٍ، تقولُ: (لا تعاشر فلاناً، فانه فاسدُ الاخلاقِ)، فيقولُ الجاهلُ: (أني أُعاشرُهُ وإن)، أي: وإن كان فاسدَها، ومنه:


قالَتْ بَناتُ الْعَمِّ: يا سَلْمَى، وإنْ

كان فَقيراً مُعْدِماً؟! قالَتْ: وإنْ

تُريدُ: إني أَتزَوَّجهُ وإن كان فقيراً مُعدِماً.


6ـ أنها يجوزُ حذفُ نونِ المضارع منها بشرط أن يكون مجزوماً بالسكون، وأن لا يكونَ بعده ساكنٌ، ولا ضميرٌ متصلٌ. ومثال ما اجتمعت فيه الشروطُ قولهُ تعالى: {لم أكُ بَغِيّاً}، وقول الشاعر:


ألَمْ أَكُ جارَكُمْ ويَكونَ بَيْني

وبَيْنَكُمُ الْمَودَّةُ والإِخاءُ

والأصلُ: (ألمْ أكنْ). وأما قولُ الشاعر:


فإن لم تَكُ المِرآةُ أبدَت وسَامَةً

فَقَدْ أَبدَت المِرآة جَبْهَةَ ضَيغَم
[ الضيغم: الأسد، وأصله يعض، من ضغمه ضغماً، إذا عضه]

وقول الآخر:
إذا لَمْ تَكُ الحاجاتُ مِنْ هِمَّة الْفَتَى

فَلَيْسَ بِمُغْنٍ عَنْكَ عقْدُ الرَّتائِم
[الرتائم: جمع رتيمة، وهو خيط رفيع يعقد في الإصبع للتذكير]

فقالوا: انه ضرورة. وقال بعضُ العلماءِ: لا بأسَ بحذفها إن التقت بساكن بعدَها. وما قوله ببعيدٍ من الصواب. وقد قُريءَ شُذوذاً: {لم يَكُ الذينَ كفروا}.



خصوصيَّةُ (كانَ ولَيْسَ).

تختصُّ (ليسَ وكانَ) بجوازِ زيادةِ الباء في خبريهما، ومنهُ قولهُ تعالى: {أليسَ اللهُ بأحكمِ الحاكمين}. أما (كان) فلا تزادُ الباءُ في خبرها إلاّ إذا سبقها نفيٌ أو نهيٌ نحو: (ما كنتُ بحاضرٍ) و (لا تكنْ بغائب)، وكقول الشاعر:


وإن مُدَّتِ الأَيدي إلى الزَّادة، لَمَّ أَكُنُ

بأَعْجَلهمْ، إِذْ أَجْشَعُ الْقَوْمِ أَعجَلُ

على أنَّ زيادةَ الباء في خبرها قليلةٌ، بخلافِ (ليس)، فهي كثيرة شائعة.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-03-2011, 09:37 AM   #4
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

كاد وأخواتها

أو أفعالُ المقارَبةِ

(كادَ وأخواتُها) تعملُ عملَ (كان)، فترفعُ المبتدأ، ويُسمّى اسمها، وتنصبُ الخبرَ، ويُسمّى خبرها. وتُسمّى: أفعالُ المقاربة.

(وليست كلها تفيد المقاربة، وقد سمي مجموعها بذلك تغليباً لنوع من أنواع هذا الباب على غيره. لشهرته وكثرة استعماله).

وفي هذا المبحث ستةُ مباحثَ:

1ـ أقسامُ (كادَ) وأَخواتِها

(كادَ وأخواتها) على ثلاثة أقسام:

أ ـ أفعال المقارَبة، وهيَ ما تَدُل على قُرب وقوع الخبر. وهي ثلاثةٌ: (كادَ وأوشكَ وكرَبَ)، تقولُ: (كادَ المطرُ يَهطِلُ) و (أوشكَ الوقتُ أن ينتهي) و (كرَبَ الصبحُ أن يَنبلج).

ب ـ أفعال الرَّجاءِ، وهي ما تَدُل على رجاءِ وقُوع الخبر. وهي ثلاثةٌ أيضا: (عَسى وحرَى واخلولقَ)، نحو: (عسى الله أن يأتيَ بالفتح)، وقول الشاعر:

عَسَى الْكرْبُ الْذي أمسَيْتُ فيه
يَكونُ وَراءَهُ فَرَجٌ قريبُ

ونحو: (حَرَى المريضُ ان يشفى) و (اخلولقَ الكسلانُ أن يجتهدَ).
[خَلِقَ واخلولق: استوى واملاس، اخلولقت الغيمة أي املست واستوت وأصبحت جاهزة للمطر: من ابن منظور ـ لسان العرب]

ج ـ أفعال الشروع، وهي ما تدل على الشروعُ في العمل، وهي كثيرةٌ، منها: (أنشأ وعَلِقَ وطَفِقَ وأخذَ وهَبَّ وبَدأَ وابتدأ وجعلَ وقامَ وانبرى).

ومثلُها كلُّ فعلٍ يَدُلُّ على الابتداء بالعمل ولا يكتفي بمرفوعه، تقولُ: (أنشأ خليلٌ يكتُبُ، عَلِقوا ينصرفون، وأخذُوا يَقرءُونَ، وهَبَّ القومُ يتسابقونَ، وبَدَءُوا يَتبارَونَ، وابتدءُوا يتقدَّمونَ، وجعلوا يَستيقظونَ، وقاموا يتنبَّهونَ، وانبَروْا يسترشدونَ).

وكلُّ ما تقدَّمَ للفاعل ونائبهِ واسم (كانَ)، من الأحكام والأقسام، يُعطَى لاسمِ (كادَ) وأخواتها.

2ـ شُروطُ خَبَرِها

يُشترَطُ في خبر (كاد وأخواتها) ثلاثةُ شروطٍ:
أ ـ أن يكون فعلاً مضارعاً مُسنَداً الى ضميرٍ يعودُ الى اسمها، سواءٌ أكان مُقترناً بِـ (أنْ)، نحو: (أوشك النهارُ أن ينقضيَ)، أم مُجرَّداً منها، نحو: (كادَ الليلُ ينقضي)، ومن ذلك قولُه تعالى: {لا يكادونَ يفقهونَ حديثاً}، وقولهُ: {وطفِقا يخصِفانِ عليهما من وَرَقِ الجنَّةِ}.

ويجوزُ بعدَ (عسى) خاصَّة أن يُسنَدَ الى اسمٍ ظاهرٍ، مُشتملٍ على ضميرٍ يعودُ الى اسمها، نحو: (عسى العاملُ أن ينجحَ عملُه) ومنه قولُ الشاعر:
ومَاذا عَسى الحَجَّاجُ يَبْلُغُ جُهْدُهُ

إِذا نحنُ جاوَزْنا حَفِيرَ زِيادِ

ولا يجوزُ أن يقَعَ خبرُها جملةً ماضيةً، ولا اسميةً، كما لا يجوزُ أن يكون اسماً. وما وَرَدَ من ذلكَ، فشاذٌّ لا يُلتفتُ إليه. وأما قولهُ تعالى: {فطَفِقَ مَسحاً بالسوق والأعناقِ}، فمسحاً ليس هو الخبرَ، وإنما هو مفعولٌ مطلقٌ لفعلٍ محذوفٍ هو الخبرُ، والتقديرُ: (يمسح مسحاً).

ب ـ أن يكون متأخراً عنها. ويجوزُ أن يتوسَّطَ بينها وبينَ اسمها، نحو: (يكادُ ينقضي الوقتُ). ونحو (طَفِقَ ينصرفون الناسُ).

ويجوزُ حذفُ الخبرِ إذا عُلِمَ، ومنهُ قولهُ تعالى، الذي سبق ذكرهُ: {فطفقَ مسحاً بالسُّوقِ والأعناقِ}، ومنه الحديثُ: (من تأنّى أصاب أو كادَ، ومن عَجلَ اخطأ أو كادَ)، أي: كادَ يُصيبُ، وكادَ يخطئ، ومنه قولُ الشاعر:


ما كانَ ذَنْبيَ في جارٍ جَعَلْتُ لهُ
عَيْشاً، وقدْ ذاقَ طَعْمَ المَوْتِ أو كَرَبا
أي: كربَ يَذوقُهُ، وتقولُ: (ما فعلَ، ولكنهُ كادَ)، أي: كادَ يفعلُ.


ج ـ يُشترطُ في خبر(حَرَى واخلولقَ) أن يقترنَ بِـ (أن).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 01-04-2011, 10:15 AM   #5
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

3ـ الخَبرُ المُقْترنُ بأن

(كادَ وأخواتها) من حيثُ اقترانُ خبرِها بأنْ وعدَمُه على ثلاثة أقسام:

أ ـ ما يجب أن يقترنَ خبرُه بها، وهما: (حرَى واخلولقَ)، من أفعال الرّجاءِ.

ب ـ ما يجبُ أن يتجرَّدَ منها، وهي أفعال الشروع.

(وإنما لم يجز اقترانها بأن، لان المقصود من هذه الأفعال وقوع الخبر في الحال، و(أن) للاستقبال، فيحصل التناقض باقتران خبرها بها).

ج ـ ما يجوزُ فيه الوجهانِ: اقترانُ خبرهِ بأنْ، وتَجردُه منها، وهي أفعال المقارَبة، و (عسى) من أفعال الرَّجاءِ، غير أنَّ الأكثر في (عسى وأوشكَ) أن يقترنَ خبرُهما بها، قال تعالى: {عسى رَبُّكم أن يرحمَكم}، وقال الشاعر:


ولَوْ سُئِلَ النّاسُ التُّرابَ لأَوشَكوا

إِذا قِيلَ: هاتوا، أنْ يَمَلّوا ويمنعُوا
وتجريدُه منها قليلٌ، ومنه قول الشاعر:

عَسى الْكَرْبُ، الْذي أَمسَيْتُ فيهِ،

يَكُونُ وَراءَهُ فرجٌ قَريبُ

وقول الآخر:


ُيوشكُ مَنْ فَرَّ مِنْ مَنيَّتِهِ

في بَعْضِ غِرَّاتهِ يُوافقُها

والأكثرُ في (كادَ وكَرَبَ) أن يتجردَ خبرُهما منها، قال تعالى: {فذبحوها وما كادوا يفعلون}، وقال الشاعر:


كَرَبَ الْقَلْبُ مِنْ جَواهُ يَذوبُ

حينَ قالَ الْوُشاةُ: هِنْدٌ غَضُوبُ

واقترانُهُ بها قليلٌ، ومنه الحديثُ: (كادَ الفقرُ أن يكون كفراً) وقولُ الشاعر:


سَقاها ذَوُو الأَحلامِ سَجْلاً على الظَّما

وقَدْ كَرَبت أعناقُها أَنْ تَقَطَّعا
[السَجْل: الدلو العظيمة التي فيها ماء، قَلّ أو كَثُر، وهو مذكر. فإن كانت الدلو فارغة فلا يُقال لها سَجْل]

4ـ حكمُ الخَبَرِ المُقْتَرِن بأَنْ والمُجَرَّدِ منْها

إن كان الخبرُ مُقترِناً بأن، مثلُ: (أوشكتِ السماءُ أن تُمطِرَ. وعسى الصديقُ أن يحضُرَ)، فليس المضارعُ نفسهُ هو الخبرَ، وإنما الخبرُ مصدرُهُ المؤَوْلُ بأن، ويكونُ التقديرُ: (أوشكت السماءُ ذا مطرٍ. وعسى الصديقُ ذا حضور) غير انه لا يجوزُ التصريح بهذا الخبر المؤَوَّل، لأنَّ خبرَها لا يكونُ في اللفظ اسماً.

وإن كان غيرَ مُقترنٍ بها، نحو: (أوشكتِ السماءُ تمطِر)، فيكونُ الخبرُ نفسَ الجملة، وتكونُ منصوبةً محلاً على أنها خبرٌ.


5ـ المُتَصَرِّفُ من هذهِ الأَفعالِ وغيرُ المُتَصَرِّف منها
هذه الأفعالُ كلُّها مُلازمة صيغة الماضي، إلا (أَوشكَ وكادَ)، من أفعال المقاربة، فقد وردَ منهما المضارع.
والمضارع من (كادَ) كثيرٌ شائعٌ، ومن (أوشكَ) أكثرُ من الماضي، ومن ذلك قولهُ تعالى: {يكادُ زَيتُها يُضيءُ ولو لم تمسَسْه نارٌ}، والحديثُ: (يُوشِكُ أن يَنزِلَ فيكم عيسى بنُ مريمَ حَكَماً عدلاً).


6ـ خَصائِصُ عَسَى واخلَوْلَقَ وأَوْشَكَ

تختصُّ (عسى واخلولقَ وأوشك)، من بين أفعال هذا الباب، بأنهن قد يَكُنَّ تاماتٍ، فلا يَحتجنَ الى الخبر، وذلك إذا وَلِيَهنَّ (أن) والفعلُ، فيُسنَدْنَ الى مصدره المؤَوْل بأنْ، على أنه فاعلٌ لهنَّ، نحو: (عسى أن تقومَ. واخلولقَ أن تُسافروا. وأوشكَ أن نَرحلَ)، ومنه قوله تعالى: {عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم. وعسى أن تُحبُّوا شيئاً، وهو شرٌّ لكم} وقولهُ: {عسى أن يَهديَني ربي}، وقولهُ: {عسى أن يَبعثَكَ ربُّك مقاماً محموداً}.

هذا إذا لم يتقدّم عليهنَّ اسمٌ هو المُسنَدُ إِليه في المعنى (كما رأيت)، فان تقدّم عليهنَّ اسمٌ يَصحُّ إسنادُهنَّ الى ضميرهِ، فأنت بالخيار، إن شئتَ جعلتهنَّ تامّاتٍ (وهو الأفصح)، فيكونُ المصدرُ المؤوَّلُ فاعلاً لهنَّ، نحو: (علي عسى أن يذهب، وهندٌ عسى أن تذهب. والرجلانِ عسى أن يذهبا. والمرأتان عسى أن تذهبا. والمسافرون عسى أن يحضُروا. والمسافرات عسى أن يحضُرْن) بتجريد (عسى) من الضمير. وإن شئت جعلتهنَّ ناقصاتٍ، فيكونُ اسمُهنَّ ضميراً. وحينئذ يَتحملنَ ضميراً مستتراً، أو ضميراً بارزاً مطابقاً لِما قبلَهنَّ، إفراداً أو تثنية أو جمعاً، وتذكيراً أو تأنيثاً،

فتقول فيما تقدَّمَ من الأمثلة: (عليٌّ عسى أن يذهبَ. وهندٌ عسَتْ أن تذهبَ. والرجلان عَسَيا أن يذهبا، والمرأتانِ عَسَتا أن تذهبا. والمسافرونَ عَسَوْا أن يحضُروا. والمسافراتُ عسَيْنَ أن يَحضُرونَ).
والأولى أن يُجعلنَ في مثل ذلك تامّاتٍ، وأن يُجرَّدْنَ من الضمير، فيَبقَيْنَ بصيغة المفرد المذكر، وأن يُسنَدْنَ الى المصدر المؤوَّل من الفعل بأن على أنهُ فاعلٌ لهنَّ، وهذه لغة الحجاز، التي نزل بها القرآنُ الكريمُ، وهي الأفصحُ والأشهر، وقال تعالى: {لا يَسْخَرْ قومٌ من قومٍ عسى أن يكونوا خيراً منهم، ولا نساءٌ من نساءٍ، عسى أن يَكُنّ خيراً منهنَّ} ولو كانت ناقصةً لقال: (عَسَوْا وعَسَيْن)، بضمير جماعة الذكور العائد الى (قوم) وضميرِ جَماعةِ الإناث العائد الى (نساء). واللغةُ الأخرى لغةُ تميم.

وتختصُّ (عسى) وحدَها بأمرين:


أ ـ جوازُ كسر سينها وفتحها، إذا أُسندت الى تاءِ الضميرِ، أو نون النسوةِ، أو (نا)، والفتحُ أولى لأنه الأصل. وقد قرأ عاصمٌ: {فهلْ عَسيتُمْ إن تَولَّيتم}، بكسر السين، وقرأ الباقونَ: (عَسَيتم)، بفتحها.


ب ـ أنها قد تكونُ حرفاً، بمعنى (لعلَّ)، فتَعملُ عملها، فتنصبُ الاسمَ وترفعُ الخبرَ، وذلك إذا اتصلت بضمير النصب (وهو قليل)، كقول الشاعر:


فَقُلْتُ: عساها نارُ كأْسٍ، وعَلَّها

تَشَكَّى، فآتي نَحْوَها فَأَعُودُها

فَتَسْمَعُ قَوْلي قَبْلَ حَتفٍ يُصِيبُني

تُسَرُّ بهِ، أو قَبْلَ حَتْفٍ يَصيدُها
[كأس في صدر البيت الأول: اسم امرأة]
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 08-04-2011, 07:58 AM   #6
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

أحرف ليس

أَو الأَحرُفُ المُشَبْهَة بِلَيْسَ في العَمَل


أحرفُ (ليسَ) هي: أحرُفُ نفيٍ تعمل عملَها، وتُؤَدّي معناها وهي أربعةٌ (ما ولا ولاتَ وإنْ).


(ما) المشبهة بليس


تعملُ (ما) عملَ (ليسَ) بأربعة شروطٍ:

أ ـ أن لا يَتقدَّمَ خبرُها على اسمها، فان تقدَّمَ بَطل عملُها، كقولهم: (ما مسيءٌ من أعتَب).

ب ـ أن لا يتقدَّمَ معمولُ خبرِها على اسمها، فان تقدَّمَ بطلَ عملُُها، نحو: (ما أمرَ اللهِ أنا عاصٍ)، إلا أن يكون معمولُ الخبر ظرفاً أو مجروراً بحرف جرّ، فيجوز، نحو: (ما عندي أنت مُقيما) و (ما بكَ أنا مُنتصراً).

أما تقديمُ معمولِ الخبر على الخبر نفسهِ، دُونَ الاسمِ بحيث يتوَسَّطُ بينهما، فلا يُبطلَ عملها، وإن كان غيرَ ظرفٍ أو جار ومجرورٍ، نحو: (ما أنا أمرَكَ عاصياً).


ج ـ أن لا تُزادَ بعدها (إِنْ). فان زيدَت بعدَها بطلَ عملُها، كقول الشاعر:


بََني غُدانَةَ، ما إنْ أَنتُم ذَهَبٌ

ولا صَريفٌ، ولكنْ أَنتمُ الخَزَفُ
[الصريف: الفضة الخالصة. والخزف: الفخار.]

د ـ أن لا ينتقضَ نفيُها بـ (إلاّ). فإن انتقض بها بطلَ عملُها، كقوله تعالى:

ما أمرُنا إلاّ واحدةٌ}، وقوله: {وما محمدٌ إلاّ رسولٌ}، وذلك لأنها لا تعملُ في مُثبتٍ.

فان فُقدَ شرطٌ من الشروط بطلَ عملُها، وكان ما بعدَها مبتدأً وخبراً، كما رأيت.
ويجوز أن يكون اسمُها معرفةً كما تقدّمَ، وأن يكون نكرةً، نحو: (ما أحدٌ أفضلَ من المُخلصِ في عمله).


وإذْ كانت (ما) لا تعملُ في مُوجَبٍ، ولا تعملُ إلا في منفي، وجبَ رفعُ ما بعدَ (بلْ ولكنْ)، في نحو قولك: (ما سعيد كسولاً، بل مجتهدٌ وما خليلٌ مسافراً، ولكن مقيمٌ)، على أنه خبرٌ لمبتدأ محذوفٍ تقديرهُ: (هو)، أي: بل هو مجتهدٌ، ولكن هو مقيمٌ. وتكونُ (بلْ ولكنْ) حرفي ابتداء لا عاطفتينِ، إذْ لو عَطفَتا لاقتضى أن تعمل (ما) فيما بعدَ (بل ولكنْ)، وهو غيرُ منفيٍّ، بل هو مُثبتٌ، لأنهما تقتضيانِ الإيجاب بعد النفي. فاذا كان العاطفُ غيرَ مُقتضٍ، للإيجاب كالواو ونحوها، جاز نصبُ ما بعدَهُ بالعطف على الخبر (وهو الأجود) نحو: (ما سعيدٌ كسولاً ولا مُهملاً) وجازَ رفعُهُ على انهُ خبرٌ لمبتدأ محذوفٍ، نحو: (ما سعيدٌ كسولاً ولا مُهملٌ)، أي: ولا هوَ مُهمل.

وهكذا الشأن في (ليسَ)، فيجبُ رفعُ ما بعدَ (بلْ ولكنْ) في نحو: (ليس خالدٌ شاعراً، بل كاتبٌ). ويجوز النصبُ والرفعُ بعدَ الواوِ ونحوها مثلُ (ليسَ خالدٌ شاعراً ولا كاتباً) أو (ولا كاتبٌ). والنصبُ أولى.

واعلم أنَّ (ما) هذه لا تعملُ عملَ (ليس) إلا في لغة أهل الحجاز (الذين جاء القرآنُ الكريمُ بلغتهم)، وبلغةِ أهلِ تِهامةَ ونجدٍ. ولذلك تُسمى (ما النافية الحجازية).


وهي نافيةٌ مُهملةٌ في لغة تميمٍ على كل حال، فما بعدَها مبتدأ وخبر.


(لا) المشبهة بليس


(لا)، المشبهةُ بليس، مُهملة عندَ جميع العرب وقد يُعمِلُها الحجازيُّون إعمالَ (ليسَ)، بالشروط التي تقدّمت لِما، ويُزاد على ذلك أن يكونَ اسمُها وخبرُها نكرتينِ. وندَرَ أن يكون اسمُها معرفةً، كقول الشاعر:


وَحَلَّتْ سَوادَ الْقَلْبِ، لا أَنا باغياً

سِواها، ولا في حُبِّها مُتراخِيا

وقد جاء مثل ذلك للمتنبي في قوله:


إذا الجُودْ لم يُرْزَقْ خَلاصاً منَ الأذى

فلا الحَمْدُ مَكسُوباً، ولا المالُ باقِيا

وقد أجازَ ذلك بعضُ علماء العربية الفُضلاءُ.


والغالبُ على خبرِ (لا) هذه أن يكون محذوفاً كقوله:


مَنْ صَدَّ عَنْ نِيرانِها

فأنا ابنُ قَيْسٍ، لا بَراحُ

أي: لا بَراحٌ لي. ويجوزُ ذكرهُ، كقول الآخر:


تَعَزَّ، فلا شَيءٌ على الأرْضِ باقيا

ولا وَزَرٌ مِمَّا قَضى اللهُ واقِيا

واعلم أنَّ (لا) المذكورةَ، يجوزُ أن يُرادَ بها نفيُ الواحدِ، وأن يرادَ بها نفيُ الجميع. فهي محتملةٌ لنفي الوَحدة ولنفي الجنس، والقرينةُ تُعَيّنُ أحدَهما:

(فان قلت: (لا رجلٌ حاضرٌ). صح أن يكون المراد: ليس احدٌ من جنس الرجال حاضراً، وأن يكون المراد: (ليس رجل واحد حاضراً). فيحتمل أن يكون هناك رجلان أو أكثر. ولذلك صح أن تقول: (لا رجل حاضراً، بل رجلان)، أو رجال. أما (لا) العاملة عمل (أنَّ)، فلا معنى لها إلا نفي الجنس نفياً عاماً، فان قلت: (لا رجل حاضر) كان المعنى: (ليس أحد من جنس الرجال حاضراً)، لذا لا يجوز أن تقول بعد ذلك (بل رجلان، أو رجال)، لأنها لنفي الجميع.

واعلم أن الأولى في (لا) هذه أن تُهمَلَ ويُجعلَ ما بعدَها مبتدأً وخبراً. وإذا أُهملت، فالأحسنُ حينئذٍ أن تُكرَّرَ، كقوله تعالى: {لا خوفٌ عليهم، ولا هُم يَحزنونَ}.


(لات) المشبهة بليس



تَعملُ (لاتَ) عَملَ (ليسَ) بشرطين:


أ ـ أن يكون اسمُها وخبرها من أسماءِ الزمانِ، كالحينِ والساعةِ والأوانِ ونحوها.


ب ـ أن يكون أحدُهما محذوفاً. والغالبُ أن يكونَ المحذوفُ هو اسمَها، كقوله تعالى: {ولاتَ حينَ مَناصٍ}، ومنه قول الشاعر:


ندِمَ الْبُغاةُ، ولاتَ ساعةَ مَنْدَم

والْبَغْيُ مَرْتَعُ مُبْتَغِيهِ وخِيمُ

ويجوزُ أن ترفع المذكورَ على أنه اسمُها، فيكون المحذوفُ منصوباً على أنهُ خبرُها، غيرَ أنَّ هذا الوجهَ قليلٌ جداً في كلامهم.
واعلم أن (لات) إن دخلت على غير اسم زمانٍ كانت مهملةً، لا عملَ لها، كقوله:


لَهْفي عَلَيْكَ لِلَهْفَةٍ من خائفٍ

يَبغِي جِواركَ حينَ لاتَ مُجيرُ

واعلم أن من العرب من يجرُّ بلاتَ، والجرُّ بها شاذ، قال الشاعر:


طَلبوا صُلْحنا ولاتَ أَوانٍ

فأجبْنا: أَنْ ليْسَ حين بقاء

وعليه قولُ المتنبي:


لَقَدْ تَصبَّرْتُ، حَتَّى لاتَ مُصْطَبَرٍ

والآنَ أَقْحَمُ، حتَّى لاتَ مُقْتَحَمِ

(إِنْ) المشبهة بليس


قد تكونُ (إنْ) نافيةً بمعنى (ما) النافية، وهي مُهمَلةٌ غير عاملةٍ. وقد تعملُ عملَ (ليس) قليلاً، وذلك في لغة أهل العالية من العرَبِ،[ العالية: اسم لكل ما كان لجهة نجد،من القرى والعمائر الى تهامة] ومنه قولهم: (إنْ أحد خيراً من أحدٍ إلاّ بالعافية) وقولُ الشاعر:

إنْ هوَ مُسْتَوْلياً على أَحَدٍ

إلاّ على أَضعَفِ الْمجانِين

وقولُ الآخر:


إنِ الْمَرْءُ مَيْتاً بانْقِضاءِ حياتهِ

ولكنْ بأَنْ يُبْغَى عَلَيْهِ فَيُخذَلا

وإنما تعملُ عملَ (ليس) بشرطين:


أ ـ أن لا يَتقدَّمَ خبرُها على اسمها. فان تقدَّمَ بَطلَ عملُها.


ب ـ أن لا ينتقضَ نفيها بِـ (إِلا). فان انتقضَ بطلَ عملُها، نحو: (إنْ أنت إلاّ رجلٌ كريمٌ)، وانتقاضُ النفيِ المُوجبُ إبطالَ العملِ، إنما هو بالنسبة الى الخبر، كما رأيتَ، ولا يَضُرُّ انتقاضُهُ بالنسبة الى معمول الخبر، نحو: (إن أنت آخذاً إلاّ بيد البائسينَ)، ونحو البيت: (إنْ هو مستولياً على أحدٍ الخ).


واعلم أن الغالبَ في (إنْ) النافيةِ أن يقترنَ الخبرُ بعدها بِـ (إلاّ) كقوله تعالى:

{إنْ هذا إلاّ مَلَكٌ كريمٌ}. وقد يستعملُ الكلامُ معها بدون (إلاّ)، كالبيت: (إنِ المرءُ ميتاً بانقضاءِ حياته الخ). ومنهُ قولهم: (إن هذا نافعَكَ ولا ضارّكَ).

فائدة


سمعَ الكسائي أعرابيّاً يقولُ: (إنّا قائماً)، فأنكرها عليه، وظنَّ أنها (إنَّ) المشدَّدةُ الناصبةُ للاسم الرافعةُ للخبر. فحقُّها أن ترفعَ (قائماً)، فاستثبته.

فإذا هو يُريدُ (إنْ أنا قائماً) أي: ما أنا قائماً، فتركَالهمزةَ - همزة أنا - تخفيفاً وأدغم، على حد قوله تعالى: {لكنّا هو اللهُ ربي}، أي: (لكن أنا).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 15-04-2011, 08:09 AM   #7
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الأحرف المشبهة بالفعل

الأحرفُ المشبَّهةُ بالفعل ستَّة، هي: (إنَّ وأنَّ وكأنَّ ولكنَّ وليتَ ولعلَّ).
وحكمُها أنها تدخلُ على المبتدأ والخبرِ فتنصبُ الأولَ، ويُسمّى اسمَها، وترفعُ الآخرَ، ويُسمّى خبرَها، نحو: (إن اللهَ رحيمٌ. وكأنّ العلمَ نورٌ).
(وسميت مشبهة بالفعل لفتح أواخرها، كالماضي، ووجود معنى الفعل في كل واحدة منها. فان التأكيد والتشبيه والاستدراك والتمني والترجي، هي من معاني الأفعال).


ويجوزُ في (لعلَّ) أن يقالَ فيها (علَّ) كقوله:


فَقُلْتُ عساها نارُ كأْسٍ وعَلّها

تَشَكّى، فآتي نَحْوَها فأعُودُها

وفيها لُغاتٌ أُخَرُ قليلةُ الاستعمال.


وفي هذا الفصل ثمانيةَ عشرَ مبحثاً.


1ـ مَعاني الأَحرُفِ المُشَبَّهَةِ بالفعْلِ


معنى: (إنَّ وأنَّ) التوكيدُ، فهما لتوكيدِ اتصافِ المُسنَدِ إليه بالمُسند.


ومعنى: (كأنَّ) التشبيهُ المؤكدُ. لأنها في الأصل مُركبةٌ من (أنَّ) التوكيدية وكافِ التشبيه، فإذا قلتَ: (كأنّ العلمَ نورٌ) فالأصل: (إنَّ العلمَ كالنور) ثم إنهم لما أرادوا الاهتمامَ بالتشبيه، الذي عَقَدوا عليه الجملة، قدّموا الكافَ، وفتحوا همزةَ (إنّ)، مكان الكاف، التي هي حرفُ جرّ، وقد صارت وإيّاها حرفاً واحداً يُرادُ به التشبيهُ المؤكد.


ومعنى: (لكنَّ) الاستدراكُ، والتوكيد، فالاستدراكُ نحو: (زيدٌ شجاعٌ، ولكنه بخيل)، وذلك لانَّ من لوازم الشجاعةِ الجودَ، فإذا وصفنا زيداً بالشجاعة، فرُبما يُفهمُ أنهُ جوادٌ أيضاً، لذلك استدركنا بقولنا: (لكنه بخيل). والتوكيدُ نحو: (لو جاءني خليلٌ لأكرمتُهُ، لكنه لم يجيء)، فقولك: (لو جاءني خليلٌ لأكرمتُه) يفهم منه أنه لم يجيء، وقولك: (لكنه لم يجيء) تأكيدٌ لنفي مجيئه.


ومعنى (ليتَ) التمني، وهو طلبُ مالا مطمع فيه، أو ما فيه عُسرٌ، فالأول كقول الشاعر:


أَلا لَيْتَ الشَّبابَ يَعُودُ يَوماً

فأُخبرَهُ بما فَعَل المَشِيبُ

والثاني كقول المعسر: (ليتَ لي ألفَ دينارٍ).


وقد تُستعمل في الأمر الممكن، وذلك قليلٌ، نحو: (ليتك تذهب).

ومعنى (لعلَّ) الترجّي والإشفاق. فالترجي طلبُ الأمر المحبوب، نحو: (لعلَّ الصديقَ قادمٌ). والإشفاق هو الحذَرُ من وقوع المكروه، نحو: (لعلّ المريضَ هالكٌ). وهي لا تُستعملُ إلاّ في الممكن.

وقد تأتي بمعنى (كي)، التي للتعليل، كقولك: (ابعث إليّ بدابتك، لعلي أركبها)، أي: كي أركبها. وجعلوا منه قوله تعالى: {لعلكم تتَّقون. لعلّكم تعقلون. لعلّكم تَذكّرون}، أي: (كي تَتقوا، وكي تَعقلوا، وكي تَتذكّروا).


وقد تأتي أيضا بمعنى الظنَّ، كقولك (لعلي أزورُك اليوم). والمعنى: أظنَّني أزورك. وجعلوا منه قولَ امريء القيس:


وبُدِّلْتُ قَرْحاً دامِياً بَعْدَ صِحَّةٍ

لَعَلَّ مَنايانا تَحُولَنَّ أَبْؤُسا

وبمعنى: (عسى)، كقولك: (لعلَّكَ أن تجتهدَ). وجعلوا منه قولَ مُتَمّمٍ:


لَعَلَّكَ يَوْماً أَنْ تُلِمَّ مُلِمَّةٌ

عَلَيْكَ، منَ اللاَّتي يَدَعْنَكَ أَجدَعا

بدليل دخول (أنْ) في خبرها، كما تدخل في خبر (عسى).


2ـ الْخَبرُ المُفْرَدُ، والْجُمْلَةُ، والشبيهُ بالجملة


يقع خبر الأحرف المشبّهة بالفعل مفرداً (أي غيرَ جملةٍ ولا شبْهَها) نحو: (كأنَّ النّجمَ دينارٌ)، وجملةً فعليّةً، نحو: (لعلك اجتهدتَ. وإنَّ العلمَ يُعَزَّزُ صاحبهُ)، وجملة اسمية، نحو: (إنَّ العالمَ قدرُهُ مرتفعٌ) وشِبْهَ جُملةٍ (وهو أن يكون الخبر مُقدَّراً مدلولاً عليه بظرفٍ أو جارّ ومجرورٍ يتعلقانِ بهِ)، نحو: (إنّ العادلَ تحتَ لِواءِ الرَّحمن، وإن الظالمَ في زُمرة الشيطان).


(والخبر هنا يصح أن تقدره مفرداً: ككائن وموجود، وأن تقدره جملة ككان ووجد، أو يكون ويوجد. فهو مفرد. باعتبار تقديره مفرداً، وجملة، باعتبار تقديره جملة، فالحقيقة فيه أنه شبيه بالمفرد وبالجملة، وتسميته بشبه الجملة فيها اكتفاء واقتصار).


3ـ حَذْفُ خَبَرِ هذهِ الأَحرُف


يجوز حذف خبرِ هذه الاحرفِ. وذلك على ضربينِ: جائز وواجب:

فيُحذَفُ جوازاً، اذا كان كوناً خاصاً (أي: من الكلماتِ التي يُرادُ بها معنًى خاصّ)، بشرطِ أن يدُلَّ عليه دليلٌ، كقوله تعالى: {إنَّ الذينَ كفروا بالذّكر لمّا جاءهم. وإنهُ لكتابٌ عزيزٌ}.

(أي: إن الذين كذبوا بالذكر معاندون، أو هالكون، أو معذبون).


وقال الشاعر:


أَتَوْنِي، فَقالوا: يا جَميلُ، تَبَدَّلتْ

بُثَيْنَةُ أَبْدالاً، فَقُلْتُ: لَعَلَّها

(أي: لعلها تبدَّلت، أو لعلها فعلت ذلك).


ويحذفُ وجوباً، إذا كان كوناً عاماً (أي: من الكلمات التي تدُلُّ على وجودٍ أو كونٍ مُطلقَينِ، فلا يُفهَمُ منها حَدَثٌ خاصٌّ أو فعلٌ معيَّنٌ، ككائنٍ، أو موجود، أو حاصلٍ) وذلك في موضعينِ:


أ ـ الأول بعدَ (ليتَ شِعري)، إذا وَلِيَها استفهامٌ، نحو: (ليتَ شِعري هل تنهضُ الأمةُ؟ وليتَ شِعري متى تنهضُ؟)، قال الشاعر:


ألاَ لَيْتَ شِعْري كَيْفَ جادَتْ بِوَصْلِها؟

وكيفَ تُراعي وُصْلةَ المُتَغَيِّبِ

(أي: ليت شعري (أي: علمي) حاصل. والمعنى: ليتني أشعر بذلك، أي: أعلمه وأدريه. وجملة الاستفهام في موضع نصب على أنها مفعول به لشعري، لأنه مصدر شعر).


ب ـ أن يكونَ في الكلام ظرفٌ أو جار ومجرورٌ يتعلقانِ به، فيُستغنى بهما عنهُ، نحو: (إنَّ العلمَ في الصدور. وإنَّ الخيرَ أمامك).


(فالظرف والجار متعلقان بالخبر المحذوف المقدر بكائن أو موجود أو حاصل).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .