العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الرد على مقال هل سورة يوسف من القرآن؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: التسنيم فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الخزى فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: اللعب فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: فرسة و خيّال (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: الصرف في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الرد على مقولات الباحث عن الحقيقة المنسية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الفروج في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الكرم في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: أشراط الساعة (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 28-03-2009, 03:14 PM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

(7)

لنبتعد قليلا عن أقوال الدارسين (في الإرساليات) ونتمعن بأقوال رجل ميدان عاشر الفلاحين المغاربة عن قرب، فإنه سيثبت لنا عكس ما قيل، (( إن ساكن البلاد الأصلي هو إنسان قابل للتحسن ومرن وراغب في التقدم الرغبة كلها، ويتكيف مع كل الاستحداثات ، فيستخدم المواد الصلبة في بناءه ويميل لاستخدام الآلات الزراعية ويتميز الفلاح المغربي بشجاعته وسعيه للرخاء))*6

هذا يثبت أن النظرة الغربية، والتي لا تزال تستخدم في تفسير كل ما يجري في غزة والعراق والسودان، على أن هؤلاء الناس متخلفون ويقعون في شر أعمالهم التي تمدهم بها عقائدهم، ما هي إلا ترهات أراد بها الغرب تبرير جشعهم الذي بات مكشوفا لدى كل شعوب العالم.




هوامش (من وضع الباحث) مع مراعاة عدم القدرة على وضع الحروف الفرنسية

*1ـ Charles Louis de Scondat Montesquieu, De l,esprit des lois (Paris Larousse, 1934. p 63

*2ـ شتيمة وقحة وعنصرية استعملها الفرنسيون لقذف العرب، وتعني الجدي [المترجم].
*3ـ A. Montagne La Revolution agaraire au Maroc CHEAM, p.29.

*Robert Montagne, Naissance du proletariat marocain (Paris: Peyronnet et Cie pp.219-220

*5 ـ Berque "Vers la modernization du Fellah marocain p.16

*6ـ A. Montagne La Revolution agaraire au Maroc CHEAM,
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 20-04-2009, 08:19 PM   #2
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل الرابع عشر: صورة العرب والإسلام في الكتب المدرسية الفرنسية..

قدمته: مارلين نصر.. باحثة من لبنان
( صفحات 463ـ 496)

تقديم:

هل التنظيم التعليمي الفرنسي التعددي والديمقراطي نسبيا بتعدد دور النشر فيه؟ وكيف يُصَوَر (العرب) و (المسلمون) في تاريخ علاقات الفرنسيين والغرب الأوروبي بهم عند الفتح الإسلامي والحملات الصليبية والتوسع الاستعماري (حالة الجزائر وشمال إفريقيا) وفي الصراعات المعاصرة كالحروب العربية ـ الإسرائيلية؟

هل تذكر كُتب الجغرافيا الفرنسية أن هناك منطقة عربية؟ هل هناك تناول للنصوص الأدبية العربية بطريقة تنصفهم فيها؟ كثيرة هي الأسئلة المطروحة في هذا الفصل. تحاول الكاتبة اللبنانية (مارلين نصر) التطرق لها.

أولا: العرب: الزمن، المكان، الحضارة.

1ـ العرب في الماضي.

السمتان السائدتان في مجموعة السمات التي تخص العرب هما (الماضوية) وتجنب العرب في الزمن الحاضر. فالحديث عن العرب يأخذ سمة دون مكان، أما الزمان فإنه يتحدث عن العصور الوسطى، ونادرا ما يوجد مصطلح حتى مثل (العالم العربي)، ولا ذكر للمدن العربية، فإن ذكرت إحداهن وصفت على أنها من المدن الإسلامية. أما الأدب فيتناول نصوصا دون تاريخ تنسب للماضي السحيق، وإن أرادت المناهج أن تتحدث عن أدب معاصر فتتناول أدب المهجر، وذلك النوع المتعلق بالعمال العرب المهاجرين، أو سكان أحياء الصفيح في المدن العربية.

2ـ العرب: من دون مكان ولا أراضٍ

في مناهج المدارس الابتدائية، يوصف العرب بأنهم يتنقلون كالغجر في صحراء لا حدود لها. وفي مناهج المدارس المتوسطة يذكر مؤلفو الكتب أن العرب استطاعوا احتلال أجزاء من ثلاث قارات وأقاموا عليها إمبراطوريتهم، وهي عندما تتكلم عن الغزو الصليبي واحتلال البلدان العربية، لا تتحدث عنها وكأنها بلاد لها أصحاب يقطنون فيها.

أما عن فلسطين، فهم يتكلمون عن ضم الأردن للضفة الغربية، وضم مصر لسيناء ولا يعتبرون احتلال الكيان الصهيوني لهما على أنه احتلال، بل هي أراض لا مالكي لها!

في كتب الجغرافيا، يتحاشى المؤلفون ذكر أقطارٍ، بل يذكرون الصحراء الإفريقية الكبرى الحارة، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وشرق المتوسط. وإن أرادوا التكلم عن مخيم للاجئين الفلسطينيين لا يحددون مكانه بل يذكرون أنه يبعد عن حدود إسرائيل بمسافة كذا. بالمقابل تمتلئ الكتب بلفظ مثل العالم الإسلامي.

تجيب الباحثة عن سؤال: لماذا يتجنب المؤلفون ذكر كلمة بلدان عربية أو ذكر وطن عربي، ويركزون على العالم الإسلامي (بشريا) والشرق الأوسط وشمال إفريقيا مكانا، بأن وراء ذلك ترسيخ فكرة أنه لا ملكية لتلك البلدان من العرب، وأن التوسع الاستعماري الصهيوني ومحاولة قضم أطراف البلدان العربية، ما هي إلا مسألة طبيعية، يتم فيها ما تم في أستراليا أو أمريكا.

3ـ حضارة إسلامية أو حضارة عربية؟

اتجهت كتب التاريخ في (الجمهورية الثالثة) الى اعتبار المسلمين لم يحققوا خَلْقاً أو إبداعا، بل نقلوا وحفظوا ما أنتجه غيرهم، ولم تكن إضافاتهم ذات قيمة. أما النظرة الى الإسلام فهي تتلخص ب:

الإسلام دين القواعد والخضوع
التوسع السريع للإسلام من دون اهتمام بشرح أسبابه الجغرافية السياسية وسياقه التاريخي.
التأكيد على أن تاريخ الحضارة الإسلامية هو تاريخ لانقسامات مستمرة.
أحادية ثقافية وعرقية للعالم الإسلامي مع تقليصه الى المكون العربي فيه من دون ذكره بالاسم.
المزج والترادف بين (العربي) و (الإسلامي)
المدنية والفنون غير متوافقة مع (العروبة)
المجتمع الإسلامي مجتمع عبودي

ثانيا: العلاقات بين (الفرنسيين) و (العرب) في الكتب المدرسية.

1ـ قصص مجابهة

تتحدث كل المناهج المدرسية، عن مجابهات بين العرب والفرنسيين، منذ معركة بلاط الشهداء حتى حرب أكتوبر 1973، وتتلخص كلها في أن العرب هم من يبدءون بالاعتداء ثم يهربوا خاسرين الى عالمهم السحري، ولا تستثني تلك المنهجية الحروب الصليبية أو احتلال مصر أو احتلال الجزائر، وحتى الحروب مع إسرائيل، فكلها بنظر المؤلفين بسبب عدوانية العرب، ويردهم الأبطال الفرنسيون!

2ـ العرب والفرنسيون ثنائي متعارض

أ ـ عدم تعادل في إثبات هوية الفاعلين في التاريخ
لا تذكر كتب التاريخ الفرنسي اسم أي شخصية عربية أو إسلامية سوى اسم الرسول محمد صلوات الله عليه. في حين يتردد اسم (شارل مارتل) القائد الفرنسي المنتصر في معركة بلاط الشهداء، وشارلمان وأسماء قادة الحملات الصليبية كلهم، في حين لا يذكر من القادة العرب أو المسلمين أحد، حتى صلاح الدين ذائع الشهرة. كما لم يُذكر من اشترك في الحروب ضدهم من شعوب إسلامية، لا أكراد، ولا أتراك ولا غيرها. في حين تتناول الكتب القادة الفرنسيين ومعاونيهم وعائلاتهم ومهنهم التي كانوا يزاولونها قبل غزواتهم.

ب ـ دونية (العرب) ولا فاعليتهم مقابل تفوق الفرنسيين وفاعليتهم.
تصور الكتب المدرسية العرب بأنهم يتسابقون لإرشاد الفرنسيين على كيفية الدخول لاحتلال أراضي بلدانهم، وتصور حتى شيوخهم وسادتهم كيف يتمتعون في خدمة الفرنسيين.

ج ـ العرب فاعل سلبي، الفرنسيون أو الإسرائيليون فاعل إيجابي.
يبرز الكتاب أن البربر أو العرب (هم لا يفرقون بينهما) متدنيين مستسلمين، في حين يكون الفرنسي أو الإسرائيلي فيما بعد، هو السيد الذي يبحث ويخطط ويبني ويدافع، أمام العربي/البربري الذي يهدم ويعتدي ولا يريد أن يتعلم. هم هنا يعتبرون أن كل الصراعات التي دارت بين العرب وغيرهم سببها العرب كمعتدين!

ثالثا: تضارب المواقف بين الناشرين

1ـ قوالب معادية للعرب اندثرت.
أخذت بعض القوالب في الاندثار مثل: (العرب متأخرون أو بدائيون) أو (العرب متعصبون) أو (العرب لصوص نهابون).

2ـ قوالب معادية للعرب محل خلاف
يختلف الناشرون الفرنسيون في الوقت الحاضر على عدة قوالب فمنهم من أبقاها ومنهم من نقضها، مثل: ( الإسلام يقوم على التعصب) أو (الإسلام متسامح). العرب يؤمنون بالخرافات وقدريون. العرب خوافون وجبناء. العرب متنقلون لا أراض لهم، وهم دخلاء على أراضي الغير ويطمعون في ثروات الآخرين. العربي بطيء وكسول وضعيف الإنتاج.

3ـ القوالب الراسخة المعادية للعرب
العربي سلبي وغير مبادر، يميل الى التمرد، لكنه لا ينتصر.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 07-05-2009, 02:26 PM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل الخامس والعشرون: اليهود والعرب: صورة الآخر وآثار المرآة ..

تقديم: ريجين عزرية : باحثة بالمركز الوطني للبحث العلمي cnrc باريس .

مقدمة:

تنبثق صورة الآخر عند كل من العربي واليهودي من تشابك علاقات معقدة تتداخل في طياتها الأسطورة والتاريخ مع الأحداث الراهنة النازلة بثقلها الآن، تداخلا لا فكاك منه وصل الى حد الإيحاء بأن اليهود والعرب في قبضة ضرب من ضروب القدر المحتوم، فقضي عليهما بملاقاة الآخر أبد الدهر.

ينتمي العرب واليهود الى ذرية منحدرة من ابراهيم الخليل، وأمين متضارتين (سارة وهاجر)، ويبدو النزاع فيما بينهما أحيانا وكأنه حول شرعية نسب الأبوة، أو تدخل طرف ثالث وهو الله في تعزيز تلك الشرعية فالله عز وجل خاطب بني إسرائيل أنه فضلهم على العالمين كما خاطب العرب الذين حملوا لواء الإسلام بأنهم خير أمة أخرجت للناس.

لننظر كيف صاغ الغرب صوره عن اليهودي وعن العربي:

أولا: لليهودي والعربي صور كثيرة

1ـ في التمثلات الغربية

يشترط لفظ (غرب) أن يفهم ههنا بمدلوله الديني، أي الغرب المسيحي، وفي مدلوله الشائع نسبةً الى مفهوم الحداثة.

الخصومة بين الغرب واليهود تعود الى عصر أثينا المزدهر، أما في أيامنا الراهنة، فإن ما حدث، وإن كانت اليهودية والمسيحية تعتبران فرعان لمنبت واحد هو العبرية، إلا أن اليهودية أصرت على ثالوث الانعزال ( الشعب ـ الأرض ـ الشريعة)، في حين تخلت المسيحية عن ذلك ونزلت الى العالم التحتاني لتحقيق رسالتها شعبيا بما يرضي الله.

أما فيما يتصل الأمر بصورة العربي في التمثلات الغربية، فإن فيه مشهدان: الأول عندما فرض العرب (المسلمون) سلطانهم على الغرب المسيحي، والمشهد الثاني عند ازدهار العصر الكولونيالي (الاستعماري) الغربي، عندما حاول الغرب طمس آثار المسلمين ومحو تأثيرهم في التراث العالمي، إلا فيما ندر من إبقاء بعض آثارهم الرائعة في غرناطة، أو الإشارة الخجولة لعظما علماء العرب المتبحرين الذي لا انفكاك من ذكر أثرهم في التطور الحضاري العالمي.

2ـ في التمثلات اليهودية والعربية

إذا كان احتكاك الغرب بالعرب هو احتكاك عدائي ومؤقت في نفس الوقت، وأن صورة الآخر عند الطرفين قد تم تكوينها على استعجال وعن بعد، فإن المسألة عند اليهود واختلاطهم بالعرب مختلفة. فاليهود أصلا من منشأ يعود للمنطقة العربية، فالحنين للماضي وألوانه وروائحه وموسيقاه ومذاق مأكولاته يلف كيان اليهود الذين عاشوا في مناطق تمتد من اليمن والبحرين لتصل الى المغرب، ولكنه حنين مخلوط بكراهية تاريخية. في حين أن اليهود الذين تنحدر أصولهم العميقة الى الغرب وبالذات روسيا وبولندا وهم الذين باشروا في إقامة المستوطنات في فلسطين عند بداية المشروع الصهيوني، لم تكن صورهم واقعية بل صور تم تشكيلها تثقيفيا ودعائيا.

ثانيا: العرب والإبادة الجماعية

1ـ قبل حرب حزيران/يونيو 1967: شبح الإبادة

نتيجة لما آل إليه وضع اليهود بعد الحرب العالمية الثانية من إبادة وعنف على يد الألمان، ونتيجة لما كان يحظى به (هتلر) من تأييد عربي علني وسري (رشيد عالي الكيلاني في العراق) وابتهاج الصفوة العربية بما كان يمارسه هتلر ضد اليهود، ونتيجة للخطاب العربي الذي سبق عام 1967 بالتهديد برمي اليهود بالبحر، نتيجة لكل ذلك قام الغرب بتأييد لليهود لتحقيق ما يلي:
أ ـ تبرئة نفسه تجاه اليهودي، مكتشفا فيه الإنسان ذا الأنفة الذي أصبح عليه.
ب ـ تنزيه نفسه عن خطيئة معاداة السامية وإلصاقها بالعرب.
ج ـ نعت العربي بالمحرض على العنف والاضطرابات وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

2 ـ بداية الحرب 1967: ازدواج الاستخدام المصطنع للإبادة العرقية.

منذ حرب 1967 ولغاية الآن تم تبادل الصور بطريقة أثرت على وقع الأحداث على المراقب العادي عالميا، فبعد خطابات عبد الناصر النارية المهددة لليهود وخطابات احمد الشقيري وأغاني أم كلثوم وعبد الوهاب وامتلاء الفضاء العربي بجو مفعم بالعدوان، استغل اليهود ذلك المشهد ليعيدوا صورة (داوود وجالوت) كم فئة قليلة غلبت فئة كثيرة. فصوروا للغرب أنهم أمام تهديد سيحدد مصيرهم في الحياة.

وبعد 1967، قلب الفلسطينيون تلك الصورة بالانتفاضة ليقولوا للعالم نحن أمام (جالوت الطاغية) ونحن داوود وفئته القليلة.

ثالثا: الشتات ورابطة الأرض والفضاء

في أوروبا الغربية يتشابه وضع اليهود والعرب، بكونهم مهاجرين حديثين في عدة أوجه، توحي تلك الأوجه لأول وهلة أن الطرفين سيكونان على تفاهم في تماثل أوضاعهما:

1ـ الأقلية

يشكل اليهود والعرب في أوروبا أقلية طائفية، أو أقلية عرقية دينية. لكن اليهود استطاعوا التواجد في كل شرائح المجتمع، باستثناء الريف، في حين يعيش العرب والمغاربة على وجه الخصوص ظروفا صعبة تتعلق باعتبارهم أيدي عاملة رخيصة ومهمشة في نفس الوقت.

2ـ الوسم

في نهاية القرن التاسع عشر، عندما تتابعت الهجرات اليهودية من روسيا وأوروبا الشرقية الى أوروبا الغربية، كانت الثقافة الأوروبية متهيأة لوسمهم بأسوأ العبارات، فنعتوهم بالبرابرة الغزاة والقذرون وأصبحوا مثار للسخرية بسبب ملابسهم ولغتهم القبيحة ومظهرهم المزري.

اليوم، يمارس الغرب الأوروبي نفس الطقوس التقييمية تجاه العرب والمسلمين، في حين خفت حدة نظرتهم تجاه اليهود، الذين استطاعوا تثبيت أقدامهم لاتقاء مثل تلك الممارسات.

3ـ التشتيت

تحاول الكاتبة هنا، أن تصل الى ما أسمته (نظريتها) وهي أن كل الأقوام المبعثرة والمشتتة لا بد أن تعود الى منشأها، وهي وإن حاولت في كل ذلك البحث أن تظهر بمظهر المحايد إلا أن استنتاجها هنا في الوصول لتلك النظرية التي نسبتها لنفسها أن تبين انحيازها لجانب اليهود. (حاولت أن أجد تعريفا لتلك الكاتبة غير المذكور في الكتاب لكني أخفقت)

فتقول: إذا كان يهود روسيا وبولندا لا يستطيعون العودة الى بلدانهم، فإن المنشأ الأصلي الذي يستوجب العودة إليه هو (فلسطين)!

ثم تذهب الى العرب والمسلمين في أوروبا، فتقول أن هؤلاء لا يمكن دمجهم بالمجتمعات الأوروبية وبنفس الوقت يستطيعون العودة الى بلدانهم الأصلية وهي موجودة (البلدان العربية) فلماذا لا يعودون؟؟؟






__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 19-05-2009, 12:08 PM   #4
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل السادس والعشرون: الكنيسة الكاثوليكية والإسلام ..

تقديم: آنزو باتشي .. أستاذ في جامعة بادوفا ـ إيطاليا


من الجائز أن يصبح تحليل الصورة التي تنحتها الكنيسة الكاثوليكية في أوروبا عن الإسلام المعاصر موضوعا (سوسيولوجياً) مفيدا شريطة أن ندرس هذه المسألة في سياق ما استحدثته هذه الكنيسة من استراتيجية على إثر سقوط جدار برلين.

ما هي استراتيجية الكنيسة الكاثوليكية؟

بادرت الكنيسة الكاثوليكية بعد انهيار الشيوعية، الى إعلانها أن ذلك يعود الى انتصار ملكوت الخير على ملكوت الشر، وذكرت العالم بنشاطها من أجل دحر الشيوعية.

ثم قامت الكنيسة الكاثوليكية لتعلن نفسها رائدة على صعيد العلاقات التواصلية، فإرادة الحوار التي يجب أن تسود العالم لا بد لها من أن يكون لها ممثلٌ عن الغرب المسيحي، وتقدم الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها الأكثر جدارة بهذا التمثيل عن كل المسيحيين بما فيهم الأرثوذكس والبروتستانت.

إن الكنيسة الكاثوليكية بذلك التوجه الاستراتيجي، تريد أن تفرض هيمنتها على الكنائس الأخرى، ولكنها تحاول تغطية ذلك الاستحواذ بغطاء أخلاقي، يظهر الرغبة في سيادة السلام والمحبة في العالم، ومن جانب آخر تريد إظهار الإسلام كعدو لا تستطيع أي كنيسة التعامل معه كما تتعامل الكنيسة الكاثوليكية.

وساطات الكنيسة الكاثوليكية وتدخلاتها

في سعي بعض الدول الإسلامية للاندماج مع الكتلة الأوروبية الغربية، أو أخذ حظوة استثنائية منها، كما حدث في مطالبات المغرب بذلك سابقا، أو ما يحدث مع تركيا اليوم، فيجب على تلك الدول القبول بوساطة الكنيسة الكاثوليكية، أي القبول بأرضية حوار تقلل من المزاعم التبشيرية للاسلام في أوروبا، كما ذُكر في كتابات (Bastenier) و (Dassetto).

نشاطات الكنيسة الكاثوليكية فيما يخص الإسلام

تعتبر نشاطات الكنيسة الكاثوليكية حديثة العهد بالنسبة للإسلام، وتعود بداياتها (الحديثة) الى اهتمام (مجمع الفاتيكان الثاني عام 1963) وتبعه طائفة من الأحداث لها مضمون رمزي هائل مثل:

1ـ خطابات البابا بولس السادس في آب/أغسطس 1969 في أوغندا.
2ـ العديد من المنتديات الإسلامية المسيحية التي صارت تغذي المعرفة المتبادلة على المستوى اللاهوتي وبين علماء مسلمين، ابتداء من منتدى طرابلس 1976.
3ـ لقاء البابا يوحنا بولس الثاني مع ملك المغرب الحسن الثاني 1985
4ـ الصلوات المسكونية التوحيدية المقامة عام 1986 و 1992 في آسيزي.
5ـ زيارة البابا يوحنا بولس الثاني للسودان 1993.

لنلقي نظرة على التطور الحاصل في إنشاء صورة الإسلام داخل الكنيسة المسيحية الأوروبية:

أولا: الصورة المشوهة

كانت الصورة القديمة عن الإسلام في أوروبا من قبل الحروب الصليبية ولغاية العصر الراهن تتمثل بما يلي:

1ـ الإسلام عبارة عن (هرطقة مسيحية) هذا ما قاله: يوحنا الدمشقي في الماضي. وهو ما قيل عن المسيحية من قبل اليهود على أن المسيحية عبارة عن هرطقة يهودية.

2ـ يلقب محمد صلوات الله عليه، بألقاب أطلقها المسيحيون على اليهود بالدجل والتضليل.

3ـ نعت المسيحيون الديانة الإسلامية بأنها ديانة المتعة الجسدية (مقابل المسيحية بأنها الديانة الروحانية).

4ـ وعليه فإن الديانة الإسلامية أدنى مرتبة من الديانة المسيحية حسب (لاغرانج)

ويصف (برنارد لويس) و (عبد الله العروي) أن بين الإسلام والمسيحية قامت (لعبة مرايا) تقليدية لا فكاك منها، إذ تصف كل ديانة الديانة الأخرى بالكفر والجهل.

ثانيا: الصورة المصححة

أعلن مجمع الفاتيكان الثاني وثيقة أسماها (إعلان القطيعة مع الماضي في 28/10/1964 سنلخص أهم ما جاء فيها:

1ـ تكن الكنيسة الكاثوليكية للمسلمين تقديرا ساميا لأنهم يعبدون الرب الأوحد الحي الذي تكلم الى الإنسانية. وهم يخضعون لله شأنهم شأن ابراهيم عليه السلام.

2ـ إنهم يكرمون عيسى المسيح عليه السلام باعتباره نبيا، كما يكرمون أمه مريم باعتبارها قديسة. على الرغم من أنهم ينكرون أن المسيح هو الله، حيث يصفونه أحيانا بالتقوى ومخافة الله.

3ـ إنهم ينتظرون يوم الحساب عندما يجازي الرب كل العائدين. ويقدرون الحياة الأخلاقية ويعبدون الله صلاةً وصدقةً وصياماً.

4ـ تنهي الوثيقة القول: لننس الفتن والأحقاد، ولننهض مدافعين معا عن العدل الاجتماعي والقيم الأخلاقية والسلم والحرية بين البشر.

خاتمة

يختتم المؤلف (الباحث الاجتماعي) ورقة عمله بالقول: إنه انقلاب هائل حدث من قبل الكنيسة الكاثوليكية (حسب اعتراف كافتارو: مفتي سوريا 1989).

وبهذا تم إدراك المسيحيين أن الدين الإسلامي هو دين سماوي له وزنه وتأثيره في المجال الاجتماعي والثقافي والسياسي. كما أقر الباحث أن المسلمين ينظرون للديانة المسيحية على أنها كديانتهم ديانة سماوية لها وزنها في كل المجالات.



__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 07-06-2009, 08:59 AM   #5
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل السابع والعشرون: المغرب العربي في رؤية بلدان الشمال..
(الصفحات من 519ـ 529)

تقديم: تيومو ميلازيو .. باحث في معهد العلوم حول السلم ـ فنلندا

مقدمة

ينتمي أغلبية العالم العربي والمغرب العربي الى مجموع البحر الأبيض المتوسط الذي كان دائما وبطرق مختلفة يستجلب اهتمام بلدان الشمال والبلدان الاسكندينافية.

ويعود اتصال الشعوب الاسكندينافية الى القرن الرابع قبل الميلاد، أي الى رحلة الجغرافي المارسيلي (بتيا Pitea) في القرن الرابع قبل الميلاد، كما عرفت بلاد المغرب العربي كخصم شرس للإمبراطورية الرومانية، وذلك في عصر الفينيقيين.

وبالمقابل فإن (الفيكينز Vikings) قد بلغت مغامراتهم شمال إفريقيا، مرورا بمضيق جبل طارق أو مرورا بالبحر الأسود سالكين الأنهر الروسية، وقد عرف سكان المتوسط (الفيكينز Vikings) كتجار ممتازين للعنبر. وقد وجدت قطع نقدية (شرق أوسطية) قديمة في البلدان الاسكندينافية.

ويذكر الكاتب (تيومو ميلازيو) الإدريسي وابن خلدون ويشهد بمعرفتهما بالشعوب والبلدان الاسكندينافية. ويذكر أيضا أنه بعد تنصير (الدول الاسكندينافية) في القرن التاسع، قد انخفضت وتيرة العلاقات بينهم وبين العرب.

أولا: الوسط الفني

استرعى المغرب العربي منذ القرن التاسع عشر اهتمام عدد من الفنانين الشماليين. وهم على وجه الخصوص من الرسامين والكتاب الذين يترددون على المغرب الكبير. فما هو مضمون صورة المغرب الكبير التي نقلوها الى جمهور الناس في الشمال وما هي دلالتها؟

فيما يتصل بالأدب، حاول (ميكا والتاري Mika Waltari) على سبيل المثال، أن يرسم في أثره الروائي صورة عن مدن كتونس والجزائر، عندما كانتا تتبعان الإمبراطورية العثمانية. كذلك فعلت الكاتبة (آينو كالاس Aino Kallas) التي أقامت أعواما كثيرة في المغرب في العشرينات من القرن العشرين، في صحبة زوجها الدبلوماسي، فتحدثت في كتابها مفاتن المغرب (Marokon Lumoissa) بشكل إيجابي عن المغرب، وكانت تكتب عن النساء المغربيات اللواتي التقت بها، فكانت تشبه المرأة المغربية ب (نبتة السحلب الجميلة [أوركيدا: Orchidee) التي تمكث متحفظة دون أن تبوح بخوالجها وحركات النفس داخلها.

كانت (آينو كالاس Aino Kallas) قريبة جدا من الحركة الفنلندية المسماة ب (حملة النار Tulenkantajatt) وهي حركة صوفية نحتت صورة عن الشرق وفتنت بها دون أن يكون كل أعضائها قد زاروا الشرق لكن اطلاعهم على العرب والبربر والموريين كونوا خيالا لدى أعضاء تلك الحركة.

بالمقابل فإن أعمالا أدبية لكتاب مثل: (الطاهر بن جلون أو محمد ديب) قد ترجمت أعمالهم الى اللغة السويدية والفنلندية.

وفيما يخص الرسم، فقد جاب الفنان الفنلندي (أكسيلي غالين كالالا) المنعوت بالرسام القومي لفنلندا البلاد التونسية بصحبة عالم الاجتماع (أدفارد واسترمارك). والرسام (باكمانسون) الذي قضى سنوات في المغرب وفي (فاس) بالذات حيث رسم (بورترييه) للسلطان (مولاي حافظ) عام 1909.

ثانيا: الوسط العلمي

تطرقت العلوم في البلدان الشمالية منذ القرن التاسع عشر الى ميادين علمية كثيرة تتعلق بالمغرب الكبير. وقام عالم الحيوان (ساهلبيرغ) بالسفر ودراسة الكائنات الحية وبالذات الحشرات في المغرب لحساب جامعة (توركو).

كما قام مجموعة من العلماء بدراسة الأوضاع الاقتصادية فيما يخص البربر والطوارق حتى أصبح هذا المجال وكأنه تخصص تقليدي لعلماء الشمال أمثال (غوستا موبارغ).

كما تشكلت جمعية لدراسات الشرق الأوسط في بلدان الشمال عام 1989، وقد عقدت مؤتمرها عام 1992 تحت عنوان (الشرق الأوسط: التنوع والوحدة)، تم مناقشة 120 بحثا فيه.

ثالثا: الوسط السياسي

تدلل الأعداد الوفيرة من (الفرمانات المغاربية) الموجودة في الأرشيفات الشمالية والتي تعود للحقبة العثمانية على العلاقات القائمة بين هذين الجزأين من العالم في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.

أما في الفترة الاستعمارية، فتدلل كثرة القنصليات الشمالية في البلدان العربية والمغاربية على كثافة الاهتمام الشمالي.

وقد ابتدأ (أولف بالم) رئيس وزراء السويد حياته السياسية بالنضالات الشعبية التي سببتها (حرب الجزائر) وكانت صحيفة (المجاهد) الجزائرية لسان حال جبهة التحرير الجزائرية، تترجم الى اللغة السويدية لمدة أربع سنوات.

كما أن الزيارات التي كانت تتم أثناء حروب التحرير المغاربية الى الدول الشمالية (الحبيب بو رقيبة) أو زيارة الرئيس الفنلندي (أورو كاكونين ) الى تونس تدلل على عمق التواصل والاهتمام.

كما علينا أن لا ننسى ارتياح العرب للإقامة بحرية في الدول الشمالية، والأوساط الحميمية التي يعيشون فيها. لم يذكر الباحث اتفاقية أوسلو ليدلل على ذلك، لكنها تدلل على ما ذهب إليه.

__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 27-06-2009, 07:30 AM   #6
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل الثامن والعشرون: في معضلة الباحث ووضع البحث في العلوم الاجتماعية حول العالم العربي في الجامعة الفرنسية..
صفحات (531ـ 544)

تقديم: اليزابيث لونغنس .. باحثة بالمركز الوطني للبحث العلمي cnrc باريس .

ال
(1)

كان العالم العربي في أعين الجيل الذي بلغ من العمر عقدين سنة 1968، يعني أولا وقبل كل شيء الجزائر و فلسطين. أما العربي فكان يعني عنده (فرانز فانون)*1 و (عبد القادر)، ذلك المكافح من أجل تحرير بلاده ضد الهيمنة الاستعمارية.

بعد تصفية الاستعمار ودخول العالم في الحرب الباردة، عاش الفرنسيون حياة ممزوجة بين عظمة الإمبراطورية وبين انحطاطها. فما من فرنسي إلا وكان له أخ أو عم أو خال كان ضمن المسيرين أو المبعوثين أو المبشرين في المستعمرات، وما أن جاء عام 1960 حتى دخل الفرنسيون في مرحلة تأمل في ماضيهم الاستعماري وخطابهم الإنساني.

تنامى عدد الطلاب الفرنسيين باطراد فقفز من 100 ألف طالب الى 600 ألف طالب، خلال 15 سنة، وكان هؤلاء الطلبة ليسوا من أبناء العائلات الأرستقراطية بل معظمهم من عموم الشعب، ومع تيسر الحصول على الأخبار من وسائل الإعلام الحديثة، اتخذت الدراسات الاجتماعية المهتمة بعلوم الاجتماع للشعوب طريقا مستقلا، وأصبح (سارتر) و (هنري لفيفر) و (ألتوسير) و (فوكو) و(ليفي شتراوس) منارات للحياة الفكرية والجامعية.

وبنفس الوقت كانت البلدان العربية تتغير هي الأخرى، فخرج منها أشخاص يهتمون بالطب والعمران والعلوم والسياسة وكان هناك من مصر وتونس وأقطار عربية أخرى أشخاص يكتبون عن الفكر المقارن، ويؤشرون على ثغرات في الفكر الغربي والفرنسي بالذات.

(2)

تقدم الباحثة الفرنسية نفسها، لتربط هذا التقديم ببحثها، فتذكر أنها تنتمي للفكر الشيوعي، وقد عاشت في منطقة سوريا ولبنان وصاهرت اللبنانيين، وعليه فإنها ستكون في موضع يسمح لها وكأنها تتكلم من الداخل العربي، بروح ماركسية، حتى وإن كان تمويل بحوثها من دولتها المنتمية للفكر الليبرالي الاستعماري.

وتعرج الباحثة على الماركسيين العرب، فتقول: أنهم أخطئوا إذ قدموا أنفسهم على أنهم يلتزمون بفكر مستورد، مما جعلهم لا يتقدمون في نضالهم، وكان أولى بهم أن يراعوا واقعهم العربي ويكيفوا أفكارهم التي من خصائصها وحدة النضال العالمي وتلاحم مشاكل المضطهدين في كل أنحاء العالم، ويجعلوا تلك الأفكار منسجمة مع واقع مجتمعاتهم وطبيعة تفكيرها، وأنهم لو فعلوا ذلك، لما كانت تلك الحركات الأصولية المتطرفة لتظهر في المنطقة العربية.

لذلك، عليهم مراجعة مسلكهم النضالي مراجعة دامية حتى يستطيعوا إعادة تقديم أنفسهم بشكل مقنع لشعوبهم.

وبعد عودتها لفرنسا، تقول الباحثة: أنها عاودت التفكير الى واقع المنطقة العربية بعيون فرنسية، وليس كما كانت تتناول ذلك الواقع وهي تعيش في لبنان.

(3)

في فرنسا، صارت المسألة المتعلقة بدراسة مجتمع ما، تنكب على معرفة الشروط التي بمقتضاها يمكن إنتاج نوع من المعرفة حول ذلك المجتمع. وصار السؤال هو: كيف يمكن للجامعة الفرنسية وللأشخاص الذين ينتمون الى حرمها أن ينتجوا، على وجه الحصر والتحديد، معرفة المجتمعات العربية؟ وما هي شروط هذه المعرفة وما هي أهدافها؟

سابقا، وعلى الأقل حتى نهاية السبعينات من القرن العشرين، كانت العلوم الاجتماعية متأثرة بالحوارات الأيديولوجية السياسية أكثر مما هي عليه اليوم، وكانت المواقف النظرية تنحو منحى شمولياً وإقصائياً. وكان الأمر يصدق على جميع الماركسيين صدقاً أشد. وكانت النزعة الفردية للباحث تظهر في المساجلات بين المتحاورين.

إن الخطاب الغربي حول المجتمعات العربية يتأثر بالضرورة بتطور المجتمعات العربية وبتطور المجتمعات الغربية على حد سواء. ويمكن القول بأن الاستشراق الكلاسيكي قد زال من الوجود، بزوال موضوعه، أي أن الاستشراق الذي يمكن لصقه بما يسمى (ثقافة العلماء) الذين يكونون مواقفهم من خلال مواقف وثقافة علماء آخرين. لقد تغير هذا النمط من المعرفة والثقافة تجاه (الآخر) بتغير وسائل ومصادر تلك المعرفة، وظهر جيل من العلماء أقل شهرة ممن قبلهم، لكن إنتاجهم ليس بالضرورة أن يكون أقل قيمة من إنتاج من سبقهم.

(4)

بعد التشظي الذي حصل في جهود المستشرقين، وبعد تشابك الجهود بين المفكرين في العالم الغربي والبلدان العربية، فإننا لا زلنا ننتظر إعادة صياغة الصور النهائية لتلك المعرفة الجديدة حول الآخر (العربي).

ثمة من الناس من يكتب، وثمة من يتكلم، وثمة من نتكلم عنهم، وثمة من نُقَوُلهم وثمة من يُعَلِم الآخرين، وثمة من نرسم لهم الكتب والمصادر والمراجع لنسوقهم لمعرفة نحن نحدد شكلها.

وكما أنه في فرنسا من هو مهتم باستمرار في مثل تلك البحوث أمثال (أوليفييه كاري) و (برونو إيتيان) و (جان لوكا) على سبيل المثال لا الحصر، فإن في الوطن العربي شخصيات معترف بها عالميا مثل (سمير أمين) و (غسان سلامة) و (جورج قرم) .. وهناك آلاف الطلبة العرب الذين يعدون لشهادات الدكتوراه في فرنسا، وهناك الكثير من المفكرين في الجاليات العربية في فرنسا، وهناك في البلدان العربية من العاملين كالنمل باجتهادهم وبتواضع أكبر وفي الخفاء يقومون بعملهم بعيدين عن الاستعراض المسرحي، كل ذلك يجعل الصورة الحالية متشابكة ومتفاعلة في انتظار توضيح معالمها.

(5)

للبحوث الاجتماعية، مطلبان: الأول يستدعيه الوضع السياسي الراهن ويعبر عنه رجال السياسة والمثقفون ويرتبط بالإعلام. والثاني، مطلب علمي يصدر عن الهيئة الجامعية والعلمية.

في المطلب الثاني، تعني البحوث في فنون العمارة والنقل والري والصحة ولكنها ليست بعيدة عن المطلب الأول، كذلك تعني البحوث المهتمة بالمرأة والأسرة وغيرها.

في الستينات من القرن الماضي، كانت المشاكل المطروحة تعني بالتحرر والتخلص من التبعية الاستعمارية وتستدعي حشد الجهود لتحقيق تلك الأهداف، ولم تكن تنتبه الى قضايا تفصيلية متعلقة بالمجتمع والبناء والموسيقى وغيرها.

(6)

تقول الباحثة: قادتني دراسة حول المهندسين العرب، الى التفكير في تعريف الوضع المهني، فنموذج المهندس في عقلية الغرب هو المهندس الذي يستكمل سياقات منهج التعليم الهندسي في البلدان المتقدمة.

في الحالة العربية، يعبر المهندس العربي عن مهنته تعبيرا قد يختلف عن التعبير عند الفرنسي، وعلينا أن نقبل بذلك كما نقبله عند المهندس الأمريكي والياباني والمهندس الإفريقي.

هذا الوضع يجعلنا نتروى في إعلان تشخيصنا لبعض المشكلات العربية، كما فهمناها من خلال مخزوننا المعرفي، وبالتالي فإن المدارس والجامعات التي تخرج مثل هؤلاء المهندسين في البلدان العربية ليست مطالبة بالالتزام بتدويل وعولمة المعرفة الهندسية.

(7)

تختتم الباحثة بحثها بالقول: المطلوب إذن هو أن نركز تفكيرنا من جديد في شروط إنتاج المعرفة وفي ما تفرضه الخطابات العلمية من رهانات على كل سياق قومي.

ويبدو لي (الكلام للباحثة) أن قراءتنا نحن الغربيين للمجتمعات العربية لن تكون أبدا سوى قراءة متأثرة بقراءتنا لمجتمعاتنا.

وتتساءل الباحثة: هل يجوز لنا أن نتجاهل كيف تخلط وسائل إعلامنا بين الإسلام والإسلاميين، وتتناسى غالب الأحيان أن وراء طاغية ما يوجد شعب هو أول ضحاياه. وعليه فإن المطلوب أن نطور بحوثنا هنا في فرنسا حول الوطن العربي، وأن لا نجاهر بالنتائج قبل التيقن أننا كنا غير متحيزين لصور قُدمت لنا مشوهة.





هوامش
*1ـ فرانز فانون، طبيب فرنسي وفيلسوف أسود من مواليد (المارتينيك)، عمل مع الجيش الفرنسي في الجزائر ولكنه انضم الى جبهة التحرير الوطني الجزائري، والتي عين سفيرا لحكومتها المؤقتة في غانا، ترأس صحيفة المجاهد الجزائرية، وتوفي بعد مرض عضال عام 1961 عن عمر 36 سنة.

__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 13-07-2009, 08:59 AM   #7
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل التاسع والعشرون: صورة الآخرين: المخاوف الحقيقية والكاذبة في العلاقات العربية ـ الأوروبية ..

تقديم: سيغوردن سكيرباك .. أستاذ في جامعة أوسلو النرويج
الصفحات (545ـ 558)

أولا: الحكم المسبق عن الآخرين

لم يأتِ الباحث هنا بجديد، فقد ذكره من قدمناه، فهو يؤكد وجود قوالب جامدة لدى الناس أو الأفراد، تجاه الآخرين، وهذا يشمل العلاقات العربية الأوروبية.

ثانيا: برنامج الأنوار

أن تفهم كل شيء هو أن تغفر كل شيء. هذا نمط من الإقرارات المتفائلة التي أطلقها أحد ألسنة الأنوار. إن مزيدا من الفهم الحاصل من خلال المعرفة والاتصال لا بد أن يؤدي الى مزيد من الصداقات أو على الأقل الى المزيد من التسامح بين الناس.

لا شك في أنه من البسيط جداً أن نقول إن الحكم المسبق ينبني أولا على الجهل. فقد كان تقييم الآخر بالماضي يرتكز على تجارب شخصية تم تعميمها وتوظيفها بروافع سياسية أو أيديولوجية. وقد مهد عصر الأنوار الى تصويب ما تم تشكيله في السابق، وبات الفرد في هذه الأيام أن يتنقل بين عواصم كثيرة ويطلع من خلال وسائل كثيرة على الآخر الذي كان قد زُوِد بصورة غير واضحة عنه.

ثالثا: ثقافات مختلفة ورؤى مختلفة

ليست الثقافة إلا جهاز رموز جماعياً وقع توارثه عبر الأجيال. وقد تكون الثقافات العديدة مختلفة، ولكنها لا تختلف كلياً. فالثقافة المحلية هي نوع من الثقافة القومية، التي هي بدورها نوع من دوائر ثقافية أكبر على مستوى حضارة ما. وحتى الحضارات المختلفة كالحضارة الأوروبية والحضارة العربية، فإن لديها عدة خاصيات مشتركة.

ويتمثل الخلاف بين الحضارات في جذور التاريخ الثقافي. فلقد كانت الحضارة الأوروبية مزج إرث فلسطين القديم (من خلال المسيحية) واليونان وروما. والحضارة العربية بأسسها الروحية الإسلامية، قد تكون أكثر توحدا في مسألة الروحانية من الحضارة الأوروبية.

رابعا: صور أوروبا عند العرب

يلتمس الباحث مقدما العذر في أن ما سيتكلم عنه في هذا الباب، سيكون (تخمينا) مبنيا على مشاهداته، وقد تختلف الصورة من بلد عربي الى آخر، وقد تختلف من جيل الى آخر.

أوروبا عند الشباب العربي (في نظره) من خلال مشاهداته التلفزيونية، قد تكون مكاناً شديد الجاذبية، وقد تبدو البلدان الأوروبية غنية وعاداتها الاجتماعية متحررة جداً، وإمكانيات تحقيق الذات فيها كبيرة.

هذه الصورة توازي بشكل ما الصورة التي كانت لدى العديد من الأوروبيين لأمريكا (التي كانوا يكونوها من خلال أعمال هوليود السينمائية)، ولعل تلك الصورة قد أصبحت قاتمة عند الأوروبيين عن أمريكا بعد أحداث (لوس أنجلوس)، كذلك هي الصورة عند العرب عن أوروبا بعد معاناة المهاجرين والتمييز فيما بينهم وبين الأوروبيين، ومع ذلك بقيت صورة أوروبا تشد الكثير من أبناء العرب.

لكن، هناك من العرب (خصوصا كبار السن) من ينظر الى أوروبا على أنها أنانية وعدائية ومادية، ومتدهورة أخلاقيا، وهؤلاء أنفسهم يعترفون بتفوق أوروبا تقنيا وعسكريا.

على أنني أخمن (يضيف الباحث) أن هناك من العرب من ينظر الى أوروبا وأمريكا نظرة بها منافسة غامضة، فهو يعترف بتفوقها ولكنه يراهن أن لديه الإمكانية للتفوق عليها، فتنشأ نظرة ممزوجة بين الرغبة في إقامة صلة مع الغرب لنقل تكنولوجيتهم وإبقاء حالة التوجس واعتبار الغرب مصدرا خطيرا يهدد العرب.

وهنا يسأل المؤلف: هل أن نظرة العرب عن أوروبا صحيحة؟ وهل كل الغرب غني؟ فيجيب: ليس صحيحا تلك النظرة، بالقدر الذي تحمل معه شيئا من الصحة. فالغرب وإن كان متفوقا على العرب بعلاقات الإنتاج وإدارته، لكنه يحسد العرب على عدم تفككهم اجتماعيا وبقاء قابليتهم على الإنجاب والتكاثر والحفاظ على العلاقات الأسرية.

خامسا: تصورات الأوروبيين للعالم العربي

يقول الباحث: أن الإلمام بمعرفة الصور التي يكونها الغرب عن العرب ليست بالسهولة بمكان، فالكاتب كنرويجي يؤكد أن احتكاك أهل شمال أوروبا بالعرب ليس كأهل أوروبا على سواحل المتوسط، فالصنف الثاني على صلة جغرافية وتعاملية تاريخية قديمة، في حين قد ينقضي عمر ابن الدول الاسكندينافية دون أن يقابل عربيا، هذا في الماضي القريب.

ويزعم الكاتب أن العالم العربي عند الإنسان الغربي له قيمة مزدوجة، فهو مغامر ومخاطر معا. ويمكننا أن نجد هذا النوع من الأحكام المزدوجة في الوثائق التاريخية والعبارات المعاصرة.

يشكك أبناء الغرب في أن العرب سيتقبلون الحداثة بما يعيشها الغرب، فالاقتصاد والعلوم وممارسة الديمقراطية تحتاج الخروج مما هم العرب فيه من سوء اختيارهم لمن يحتل المناصب القيادية، فالطريقة التي يعتمدونها بعيدة عن مقولة (الرجل المناسب في المكان المناسب)، فمن يحتل المواقع القيادية يأتي من خلال عائلة حاكمة أو من خلال الدائرة المحابية للحاكم حتى غدا شكل التراتب الاجتماعي الممارس عند العرب من أكبر العوامل المعيقة للحاقهم بركب الحداثة.

سادسا: المخاوف الحقيقية والكاذبة

ينتهي الكاتب الى القول أن الصور التي كونها الغرب عن العرب أو العرب عن الغرب، هي في مجملها صور كاذبة. وقد يكون واضعو تلك الصور من الأشخاص ضيقي الأفق في أفكارهم وتجاربهم، ولكنهم نادرا ما يقصدون مباشرة الى الشر. وقد تكون تلك الصور هي نتاج متراكم عن مقولات مبتورة.

ويلعب الإرث الديني والثقافي في تثبيت تلك الصور من لدن الطرفين، وإن الخوف من المستقبل آت بالدرجة الأولى من النظرة التي ينظرها الغرب الى العرب الذين يتضاعف سكانهم كل 25ـ 35 سنة، ولهم من الرغبة في الإنجاب والتكاثر، في حين يسود مجتمع الغرب كبار السن الذين يحتاجون تدفق المهاجرين من بلدان العالم الثالث ويخافون منه بنفس الوقت!

إن إزالة المخاوف من أذهان الجميع تحتاج الى تكييف بشري سريع في طرق التعامل والتفاهم مع الآخر، وهذا يتطلب مشاركة الجميع.

__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .