العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: العفاف فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الرد على مقال هل سورة يوسف من القرآن؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: التسنيم فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الخزى فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: اللعب فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: فرسة و خيّال (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: الصرف في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الرد على مقولات الباحث عن الحقيقة المنسية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الفروج في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الكرم في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 06-03-2009, 04:06 PM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الولاء للولاء

(1)

يستهل المؤلف قصة يعترف أنه يكررها أمام مستمعيه وطلابه في محاضراته، تدلل على موضوع الولاء للولاء. ويذكر أن تلك القصة لم تأخذ نصيبها في الدراسات الأخلاقية عبر التاريخ.

تقول القصة: أن الملك الإنجليزي شارل الأول أراد أن يعتقل بعض قيادات الأحزاب ـ الأعضاء في البرلمان الإنجليزي ـ عام 1642، فأرسل رئيس الحرس الخاص ليبلغ رئيس البرلمان بتلك الرغبة وطلب منه تنفيذها، كونه دستوريا هو المسئول عن هؤلاء الأعضاء. رفض رئيس البرلمان تنفيذ أوامر الملك كونه منتخبا ومفوضا من قبل البرلمان نفسه.

في اليوم الثاني حضر الملك مع حراسه الى مجلس البرلمان، ودخل وحده بعد أن أمرهم المكوث في الخارج، وخاطب رئيس البرلمان: السيد رئيس البرلمان، هل تلمح فلانا وفلانا (وعدد أسماءهم) لماذا لم تنفذ الأمر وتعتقلهم؟

أحس رئيس المجلس بالحرج الشديد فركع أمام الملك وقال: جلالة الملك أنا رئيس هذا المجلس ولذلك لا أرى ولا أتحدث إلا بما يأمر به المجلس، وأرجو وألتمس العفو من جلالتكم فتلك هي الإجابة الوحيدة المتاحة أمامي.

لقد شعر الملك بالانزعاج، ولكنه بنفس شعر أنه أمام حالة من تقاليد الشرف والنبل تفوق انزعاجه على هيبة جلالته.

تعليق:

أرى أن هذه الصورة من الولاء للولاء والمتعلقة بما يسمى (الشرف)، موجودة في مجتمعاتنا، فقبل أكثر من نصف قرن، دخل قاتل على شيخ أخذ صفته المعنوية ممن حوله من الأهالي واعترف الحكم (في ظل الاحتلال الفرنسي) بتلك الرئاسة الاجتماعية لذلك الشيخ، كما بارك الحاكم بعد زوال الاحتلال رئاسة ذلك الشيخ على منطقته. ورغم اعتراف القاتل بجريمته التي اقترفها بحق أحد الأهالي، فلم يسلم الشيخ القاتل للسلطات الحكومية، ولكنه احتفظ به.

دخل رجل من أهل المقتول خلسة الى منزل الشيخ فقتل القاتل، فما كان من الشيخ إلا أن قتل ذلك الرجل، وأتى الى قوم ليدخل في حمايتهم، وعندما ذكر لهم القصة، فقالوا له: يا شيخ قاتل وتم قتله على يد أقارب المقتول، فلماذا تعقد الأمور وتقتل من قتله؟ هنا صاح الشيخ قائلا عبارة لا زال أهل المنطقة يرددونها : (هنيئا لك يا من لا شرف لك!) .. إنه رجح الولاء للولاء، رغم اعتراف القاتل بجرمه، ولكنها الأعراف التي احتكم لها الشيخ.

(2)

تتعدد ولاءات الفرد في كل مكان، فهو يكن الولاء لأسرته وعشيرته ومهنته وأصحابه ووطنه ودينه وطائفته ومصلحته الاقتصادية الخ، وأسوأ ما يمر بالفرد عندما تتنازع أطراف ولاءه، فإن كان شريكه من طائفة دينية مختلفة، ويدب الصراع بين طائفتين، ستتمزق مشاعر الفرد في تحقيق الخير بولائه لكل من شريكه وأهل طائفته، وعندما تتساوى درجتا الولاء لدى الفرد، فلا يهتم بحجم الألم الذي يتعرض له أو الخسارة التي قد يتعرض لها نتيجة الصراع بين محوري الولاء، بقدر ما يتعرض له الولاء نفسه من خطر.

لنقرب ذلك بمثال قريب، في العدوان على غزة وحصارها كانت المعاناة شديدة في تأمين المواد الغذائية أو الماء أو فقدان أحد أفراد الأسرة، أو فقدان أحد أعضاء الجسم (باكتساب عاهة دائمة)، لكن تلك المعاناة لا تساوي شيئا أمام معاناة العيش في تهمة الخيانة. [ صراع بين الولاء لتأمين الراحة الفردية والأسرية مع الولاء لفكرة شرف الانتماء للوطن والرغبة القوية في الاستشهاد].

(3)

لا يقتصر الولاء على النبلاء والفرسان وأصحاب المبادئ والمفكرين والعقائديين، وإنما قد نصدفه عند أشخاص لا يفكرون بشهرة ولا يفكرون بجمع المال ولكنهم يفتخرون أنهم يتحركون لتحقيق الخير للآخرين، فقد نرى أمثالهم بين جامعي القمامة، أو الخبازين الذين لا يترددون في صنع الخبز حتى في العطلات الرسمية لعموم المواطنين، أو نجده عن سعاة البريد الذين يبذلون قصارى جهدهم لإيصال ما يحملون لأصحابه، أو نراه عند فتيان في مقتبل أعمارهم يتطوعون للاستشهاد في سبيل ما يؤمنون به من عقيدة.

لقد حسم كل هؤلاء أمورهم، عندما قدموا ولاءهم لما يؤمنون به على أنه خير للآخرين على كل شيء.

(4)

قد يعجز المصلحون الاجتماعيون، الذين يبشرون بالفضيلة على نشرها وتدعيمها بصورة عامة ظاهرة للناس، وذلك لأمرين: الأول قدرتهم المحدودة في الوصول لكل الناس، وضعف تأثيرهم، والثاني صعوبة وتعقيد الطبيعة الإنسانية، التي يحاولون إصلاحها أو تربيتها.

في حين يستطيع الإنسان الفرد، بالرغم من قدراته المحدودة، أن يخدم قضية الولاء بتركيز وتوجيه كل أفعاله الى الأفراد المحيطين به أو الدائرة الشخصية الخاصة به، وذلك من خلال وحي نفسه الذي هو بالحقيقة غير منفصل عن الفضاء المحيط به.

يقول الكاتب في هذا الخصوص: إذن لكي أحيا حياة الولاء للولاء، لا بد أن أختار أولاً، أنماط سلوك الولاء التي تتفق مع طبيعتي وتنبعث منها. ويعني ذلك أني في جانب من جوانب حياتي، سوف أحذو حذو الجاهل بالولاء. فأخدم القضايا التي يميل إليها مزاجي الطبيعي، وأختار الأصدقاء الذين أميل إليهم، وأخدم أسرتي ومجتمعي ودولتي، لأن ولائي لهم يشبع اهتمامي ومصلحتي.

وخدمة للولاء نفسه، قد يستغني عن ولاء عرضي اكتشف أنه يضر مصلحة الولاء الرئيسي، فيقول لقضية: " عزيزتي لا أستطيع حبك حباً شديدً فحبك لن يزيدني شرفاً*1

يذكر المؤلف أنماطا من مثل تقديم الولاء للولاء على غيره من المصالح، فيذكر قصة أحدهم كان يعمل مع شريك أكبر فطلب منه الشريك أن ينفذ خطة تدر عليهما ربحا كبيرا من المال، لكن فيها غش للناس، فبلغ عنه الدوائر الحكومية مفضلا عيشه بشرف الولاء للولاء على الاغتناء بطرق غير فاضلة.

يخلص الكاتب الى أن الولاء للولاء هو أساس كل قوانين الدول، ولكنه بالوقت نفسه هو أساس لكل أنواع الفضيلة بين الناس ليتعاملوا بإحسان فيما بينهم.

*1ـ اقتبسها المؤلف من قصيدة للشاعر (ريتشارد لوفلاس 1618ـ1658)
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 07-03-2009, 03:33 AM   #2
ياسر الهلالي
عضو نشيط
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2008
المشاركات: 186
إفتراضي

1ـ طبيعة الولاء والحاجة إليه.

(6)

ما الذي نحيا من أجله؟ ما هو واجبنا؟ ما هو المثل الأعلى الحق للحياة؟ ما هو الفرق الحقيقي بين الصواب والخطأ؟ وما هو الخير الحق الذي نسعى إليه جميعا؟


سلسلة من الأسئلة طرحها الكاتب، وانتهى الى القول في إجاباتها التفصيلية أن تلك الإجابات تحددها قوى خارجة عن إرادة ذات الفرد، فتأتي من الأب والأم والمدرسة ومن دور العبادة، وستكون إجابة الفرد متأثرة بما أرادته القوى الخارجية، وينتهي الى القول بأن الله عز وجل هو مصدر الحقيقة المطلقة، وبقدر ما ينصاع الفرد لإرادة الله بقدر ما تكون نظرته حول الإجابة على تلك التساؤلات، وهنا يكون دور فهم المدرس لما فهمه أصلا من تلك الإجابات وفهم الأم والأب وكل سلطة خارجية لتلك الحقائق والقيم.

2ـ المذهب الفردي.

يقول المؤلف: لقد صرحت بأن الولاء، أمرٌ خيرٌ للفرد، سواء كانت القضية جديرة أو غير جديرة بولائه، تماما مثل الحب، يظل المحب وفيا لمن يحب، بصرف النظر عن استحقاق محبوبه لهذا الحب أم لا.


ويضيف المؤلف: أن لكل فلسفة معترضين، وعلى الفيلسوف الانتباه لتلك الاعتراضات ولا يهملها، لأنه في الانتباه لها تكتمل وجهة نظره الفلسفية تجاه قضية ما.


يختم المؤلف محاضرته
لا يعني دفاعي عن الولاء بمعنى التفاني من قِبل ذات معينة لقضية معينة، أن أطالبك أو أفرض عليك الوفاء لقضية ما، فأنت إنسان مستقل في حكمك وقرارك الأخلاقي. وتستطيع أن ترفض الولاء كلية، إن كان ذلك مرادك. ولكن ما أود قوله، إنك إذا كان هذا موقفك، وإذا رفضت كلية تكريس حياتك لأي قضية، فإن قرارك بالاستقلال الخلقي، يظل قرارا فارغا.


يظل قرارا فارغا ... يظل غرار فارغا
كثير من الامة في هذا الوقت تستظل بمظلة الغرارات الفارغة
وان كُرست الحياة والجهود من اجل قضية بعينها فأن هناك ما زال شبح الانانية والولاء للمادة وحب الذات

الاخ الكريم ابن حوران تقديم عملي وكتابات موفقة
بارك الله في عملك ونفع بك

اشكرك وتقبل مروري
__________________
اذا شئت ان تحيا سليما من الاذى
ودينك موفور وعرضك صيّن
لسانك لا تذكر به عورة امرئ
فكلك عورات و للناس السن
و عينك ان ابدت لك معايبا
فصنها و قل:يا عين للناس اعين
و عاشر بمعروف وسامح من اعتدى
ودافع ولكن بالتي هي احسن
ياسر الهلالي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 21-03-2009, 06:52 PM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

المحاضرة الرابعة

الضمير

يحاول المؤلف في بداية محاضرته هذه، التذكير بأن الهدف الرئيسي من تلك المحاضرات، هو تبسيط مفهومي الخير والواجب. يضع هذا الفيلسوف (ثنائيات) نواجهها يوميا في حياتنا الوجدانية، تكون ثنائياتها محيرة، وقد تكون متناقضة في نفس الوقت.

(1)

مصادر الأخلاق التقليدية عند البشر، مصادرها متعددة، منها: ما هو آتٍ من الديانات، ومنها ما هو آت من تراكم تراث أمة، من خلال قيمها وأعرافها وأمثالها وحِكَمِها. وليس بالضرورة أن تكون تلك المصادر متوافقة عند كل الأمم بقومياتها ودياناتها ومذاهبها، بل قد نجد أن أخلاق شعب يدين بديانة معينة تفرض عليه السلوك غير الودود وغير الأخلاقي تجاه شعب معين.

وقد نجد في تراث شعب وقيمه ما هو متناقض فيما بين عناصر ذلك التراث. (كن عادلا، ورحيما في نفس الوقت!) و (كن كريما، ولكن لا تنس حقوقك!) و (عِش من أجل الآخرين، ولكن حافظ على كرامتك وابحث عن حقوقك!) و (كن محبا للإنسانية ولكن لا تقبل الإهانة، ومستعدا لمحاربة أعداء وطنك!) و (لا تفكر في الغد كثيرا، ولكن عليك بالادخار للمستقبل!) و (اعتنِ بمصلحتك لأقصى درجة، ولكن كن مستعدا للتضحية بها!) و (أنكر ذاتك، ولكن لا تصل الى المرحلة التي يذكرك الآخرون بأنك نسيت نفسك!) و (كن معتدلا في كل شيء، ولكن لا اعتدال في الدفاع عن الحق!).

يحاول المؤلف تقديم تفسير (تصالحي) لتلك التناقضات، فيعيدها الى تقدير الفرد وفهمه لموضوع (الولاء للولاء). ويضرب بعض الأمثلة: فيقول في حالة توجيه شخص مهموم أو مخطئ، فإن الموجه قد يقدم نصائح أخلاقية (لا يلتزم بها هو شخصيا)، ولكن بمجرد أن تقفز تلك النصائح الأخلاقية فإنه يعني أن سيادتها على توجيه دفة الأخلاق لا يزال يعمل بشكل جيد.

ثم يضرب مثلا آخرا: أنه في حالة تقديم المساعدة لشخص ما لتحقيق السعادة له، فهي في شكلها المجرد تصنف مع الأعمال الخيرية الموجهة لخدمة الآخرين، لكنها من زاوية أخرى فهي تشجع هؤلاء على الكسل والكف عن البحث والاجتهاد في الخلاص مما هم فيه بجهودهم الذاتية. لكن، في حالة الامتناع عن تقديم مثل تلك المساعدة فإن الآخرين سيبحثون عنها عند طرف ثالث، بعد أن يكون الطرف الممتنع عن تقديم المساعدة قد تم تصنيفه مع البخلاء أو الأنانيين.

يدعو هنا، على تقديم المساعدة مع الارتقاء بالطرف الذي قُدمت له المساعدة لينهض بذاته قارنا تلك المساعدة بالقدر الذي يتقدم فيه نحو الولاء للمثل العليا.

هو هنا يخاطب فاعل الخير والملتزم بالولاء للولاء، فيقول: إذا كنت تحت إمرة قائد يفترض أنه نذر نفسه لخدمة الوطن (الولاء للوطن) واكتشفت أن هذا القائد خائنا للوطن، فعليك أن تمتنع أن تكون مواليا لذلك القائد، ولكن لا تمتنع عن إعلان ولائك للوطن وتمسكك بذلك الولاء.

(2)

يعود الكاتب لتفكيك التناقضات. مثلا: عندما يقال (كن عادلا وكن رحيما) بنفس الوقت، فهو خضوع لمبدأين خيرين العدل والرحمة. وعندما يُطالب الفرد بالاعتناء بذاته وفي نفس الوقت يُطالب في التضحية بنفسه فداء للآخرين، فعليه أن يعتني بنفسه جيدا، ولكن لتتوقف تلك العناية بالنفس عندما يتم تهديد الوطن وتكرس الجهود لحماية الوطن الذي يتفوق على النفس بمسألة الولاء. وهكذا تنبع معالم الضمير الذي ينشده الفيلسوف (جوزايا رويس).

(3)

يجتهد الفيلسوف في إيجاد علاقة عضوية بين (الولاء للولاء) وما يسمى ب(الضمير)، حيث يعتبر مسألة الضمير من المسائل المعقدة والصعبة والتي لم يهتد علماء الاجتماع والفلاسفة على تعريف واحد يتفقون عليه للضمير.

ما هو الضمير؟ قد نتفق جميعا على أن الكلمة تعني ملكة عقلية لدينا، تمكننا من إصدار أحكام صحيحة أو خاطئة، تجاه المسائل الأخلاقية التي تواجهنا. إذن فإن ضميري ينتمي الى عقلي، ويرشدني عن الصواب والخطأ في السلوك، كذلك قد يوافق على سلوكي بالرضا أو بالتأنيب [ضميري مرتاح، ضميري يؤنبني].

(4)

من الواضح أننا نتفق جميعا بالنسبة للطبيعة العامة للضمير ووظائفه، ولكن الاختلافات تبدأ بيننا، إذا طرحنا الأسئلة التالية: هل الضمير فطري؟ هل يُكتسب من التدريب؟ هل أوامره واحدة لكل الناس؟ أَيُعَدُ هِبة إلهية؟ أهو معصوم من الخطأ؟ أَيُعَدُ قوةُ منفصلة عن العقل؟ أم أنه ببساطة عبارة عن مجموعة من الأحكام الأخلاقية التي اكتسبناها من التدريب الاجتماعي، ومن التفكير، ومن الخبرة الشخصية بنتائج السلوك؟

قبل أن يجيب الفرد على تساؤله عن (ما هو الضمير؟) يتساءل عن من هو؟ وإن أراد الإجابة بشكل مفصل سيقول: أنا فلان الذي يعمل بالمجال الفلاني ويدعو لتحقيق الأهداف الفلانية، والذي يعارض الذين يعملون كذا الخ. أي أن يحدد في إجابته الأهداف التي يعيش من أجلها. فإن لم يكن له أهداف سيكون (نفساً) (كائنا) يعيش بدون شخصية ولن يكون بحاجة الى ولاء أو بحاجة الى ضمير.

(5)

إذن، سيكون بين الذات والضمير علاقة قوية، ولن تكتمل تلك العلاقة إلا بوجود الولاء للولاء. يضرب الكاتب مثلا: أنه إذا كانت وظيفة الفرد (قاضيا) وكان أمام قضية، ووجد نفسه أمام حالة انحياز لأحد طرفي القضية، فإنه سيستحضر مثله الأعلى الذي يطالبه بالتزام الحيادية المؤدية للعدل.

وهنا، يكون المثل الأعلى حاضرا، في التراث والآداب والقصص الشعبية، وسيقوم بدور المرشد لتوجيه الضمير.

(6)

من الحالات التي تعتبر معقدة في امتحان الضمير، هي تداخل الولاءات، مثلا تكون هناك امرأة شابة ناجحة في عملها التمريضي، وتقدم خدمات هائلة للمجتمع ويدر عليها العمل ربحا طيبا، وإن استمرت به تطور وضعها المالي والوظيفي. ولكن تحدث وفاة لأحد معيلي أسرتها، ولا بد من وجودها قرب الأطفال الصغار، فستكون أمام خيارات صعبة يمتحن فيها ضميرها.

هذه المسألة لا يُشترط فيها أن يكون صاحب الضمير الآمر، متعلما، أو مثقفا أو اطلع أصلا على موضوع الضمير وعلوم الاجتماع، فقد يتطوع فتى رأى والده يقترب من العجز لأن يترك الدراسة مبكرا ليؤمن تدريس أخوته الآخرين الذين يصغرونه في العمر. فولاءه لأسرته ولرسالة استشعرها خلق عنده ضميرا لم يوجهه عليه أحد. ( سيناقش المؤلف مسألة الضمير والدين في محاضرة أخرى).

يتبع
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 08-04-2009, 01:52 PM   #4
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

المحاضرة الخامسة

بعض المشكلات الأمريكية وعلاقتها بالولاء

يقول المؤلف: عند عرض فلسفة الولاء في المحاضرات السابقة، حاولت التوفيق بين مفهوم الولاء، والفردية الأخلاقية العاقلة. لقد قلت لكل فيلسوف من أنصار النزعة الفردية في الأخلاق، إن الولاء هو الشيء الوحيد، الذي يحقق كل الأهداف والغايات العاقلة لمذهبك الفردي. فإن كنت تبغي وتسعى للحرية الحقة، ابحث عنها في الولاء. وإن كنت تسعى للتعبير الذاتي والروحانية، والاستقلال في الحكم الخلقي، فالولاء وحده القادر على تحقيق هذه الأشياء الخيرة.

(1)

افتتح المؤلف محاضرته بذلك الكلام، كونه قد واجه انتقادات شديدة حول مفهوم الولاء وأثره في تقييد حرية الفرد.

وقد جاء في تأكيده على أن الولاء للولاء هو ليس مقيدا للحرية إذا تذكرنا أن قانون الولاء الخلقي، كما يلي: (1) يجب عليك الولاء. (2) ولكي تحقق ذلك، عليك اختيار قضية معينة، أو نسق من القضايا، تجعل منها موضوعا خاصا لولائك، ويحدد مهمتك في الحياة. (3) ابدأ اختيار قضيتك الخاصة، بطريقة حاسمة، ثم عليك أن تظل محافظا عليها، ومخلصا لها. (4) والمبدأ العام للولاء، الذي تخضع له كل الاختيارات الخاصة للقضايا، يقول: " عليك أن تكون على ولاء للولاء".

ويقول (بما معناه) يستطيع الناس المهتمون بمعرفة ولاء شخص لقضية ما، عندما يستعرضون سلوكه في القول والعمل ومدى تطابق ذلك السلوك على ما نذر نفسه له.

(2)

يتطرق المؤلف لمسألة تواجه الأمريكيين، وهي كيف يمكن المحافظة على الولاء في ظل التعقيدات المحيطة بالوضع الأمريكي، هجرات واسعة من شعوب مختلفة يتوزع ولاء القادمين فيها الى ولاء لدولهم الأصلية بمعتقداتها وأحلامها وذكرياتها وبين ولائهم لأمريكا بتوسعها وتغير نظامها الاجتماعي المستمر.

ويذكر جانبين من المخاطر التي تتعلق بالولاء في أمريكا: الأول: أن الولاء ليس منتشرا بصورة كافية وواضحة بين المثل العليا الاجتماعية في أمريكا. فدائما ما يُترك لضمائر الناس، وسرائرهم الغامضة. فلا يتم توضيحه أو التأكيد عليه بصورة كافية. ويتجاهله الأدب الشعبي، أو في أفضل الحالات يُساء عرضه.

والثاني: يكمن في واقعة أنه، عندما يتم مدح الولاء والتأكيد على قيمته وأهميته، نادرا ما يتم فهم الولاء بمعنى الولاء للولاء الكلي، بل يُفهم على أنه أفضل من اللا ولاء! فالولاء الحقيقي هو الذي لا ينظر الى الآخر بكراهية بل بنظرة متساوية. ولا يهتم الولاء المستنير بالجيوش والأساطيل الكبرى، إلا إذا كانت تعزز مفهوم الولاء، وليس لإلحاق الأذى بالآخرين، فإن حدث ذلك فهذه قمة المصائب، فالولاء بنهاية المطاف هو لخدمة القضايا الإنسانية لا لتدميرها، هكذا يجب أن نتعلم مفهوم الولاء (الكلام للمؤلف).

(3)

إذا عزمتم على تعليم الولاء، طبقا لوجهة نظرنا، لمجموعة كبيرة من الناس، مثل أفراد المجتمع الأمريكي، وليس لفرد واحد أو لمجموعة ضيقة، فعليك القيام بثلاثة أمور (1) يجب أن تساعدهم على المحافظة على قدراتهم الجسدية والمادية والعقلية التي تُعد أشياء ضرورية لممارسة الولاء. (2) يجب توفير الفرص لولائهم، وذلك بالمشروعات الفكرية التي إذا ما تم الولاء لها، يستطيعون فيها تجنب الصراعات، وتربط ولائهم بالقيم الأخلاقية. (3) يجب أن تبين لهم بوضوح، أن الولاء للولاء أفضل الخيرات الإنسانية، وهو التاج الحقيقي لكل الولاءات.

نحن في أمريكا، وإن كنا نعتز بحضارتنا، علينا أن لا نتجاهل الحضارات الأخرى وولاء أبنائها لها.

(4)

يؤكد المؤلف هنا، أن الولاء للأسرة هو الأس الحقيقي لكل ولاء، ويأسف لما حل في المجتمع الأمريكي (هذا الكلام قبل الحرب العالمية الأولى) من تفكك للأسرة، وما تلاه من عدم القيام بواجب الأبناء تجاه والديهم، وإن ما أُطلق عليه تحرر الأسرة الحديثة، في ترك المجال للأبناء أن يختاروا زوجاتهم، جعل الزواج ليس بتلك الرابطة المقدسة التي تدوم، إن كل ذلك مهد لفقدان الأساس للولاء الحقيقي للمجتمع. وهو أصبح وكأنه الدافع القوي للانتحار الأخلاقي للفرد.

(5)

تحول السواد الأعظم من الشعب الأمريكي الى ولاء لمؤسسات اجتماعية وسياسية مختلفة، وأصبحت قوانين الولاء مختلفة عما كانت عليه في حال اعتبار الأسرة هي الوحدة الأساسية والطبيعية للولاء، فأصبحت تلك المؤسسات لا تعني بالجانب الأخلاقي بقدر ما تعني فيما تحقق من انتصارات مادية للمؤسسة وحتى لو كان على حساب المجتمع.

(6)

يعترف المؤلف في نهاية محاضرته، أنه من الصعوبة ترميم حالة الولاء في الولايات المتحدة، لأنها لم يحكمها ملك له رمزية وطنية، وإن الحروب التي خاضها الشعب الأمريكي، تختلف عن تلك الحروب التي خاضتها أممٌ مختلفة، فأمريكا ليس لها دين واحد أو مذهب ديني واحد تلتف حوله، وليس لها قضية واضحة تلتف حولها، وإن كل قضاياها قد تم اختراعها من قبل من يتحكمون بالرأي العام.

ومن هنا يعد الكاتب بتناول فكرة التدرب على الولاء بمحاضرة أخرى

__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .