العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: التسنيم فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الخزى فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: اللعب فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: فرسة و خيّال (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: الصرف في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الرد على مقولات الباحث عن الحقيقة المنسية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الفروج في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الكرم في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: أشراط الساعة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الشلل في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 24-01-2009, 02:35 PM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل التاسع عشر: الذات العربية المتضخمة:
إدراك الذات المركز والآخر الجواني

قدمه: سالم ساري/أستاذ في جامعة فيلادلفيا ـ الأردن

لقد تضخمت الذات العربية، شكليا، وكان التغزل بالمكان والتاريخ والأمجاد يتجلى في كتابات المثقفين والتربويين، وكان يصور الآخر (العدو) بأنه مهزوم لا محالة وأن المسألة هي مسألة وقت لن يطول. كان هذا قبل حرب الخليج الأولى (دخول الجيش العراقي للكويت).

لقد كان أولى بحركة الفكر العربي أن تتوقف عند تضخيمها لذاتها، وتتلمس إشكاليات الخلاف المسكوت عنه قبل أن تتفجر أي أزمة، ولكنها استمرأت التغني بالذات العربية دون الالتفات لبواطن الأزمات المرشحة للتفجير.

وبعد تتبع لجذور أزمة الكويت الأخيرة وتطوراتها، وتمحيص لدوافعها وأبعادها، ترسخت قناعة متزايدة لدى بعض علماء السياسة والاجتماع بأن ما شهدته بلاد العرب مؤخرا، ليس في حقيقة الأمر إلا حرب إدراك خاطئ مارسته بلذة عجيبة، الذات العربية الواحدة نحو ذاتها المجزأة*1

تراجع تجسيد الآخر من الخارج الى الداخل

بعد تلك الحرب، تضاءلت الإنجازات الحضارية وانحسرت القضايا المصيرية، وتراجعت الطموحات في الوحدة والتكامل والحرية والديمقراطية والأمن. وارتدت الذات العربية بإحباط مذهل لتنشغل بنفسها تفتيتا وتجزيئا مستبدلة آخرها الخارجي القديم العتيد (الغرب الثابت تاريخيا وثقافيا وسياسيا) بآخر داخلي جديد (العربي العائم ذهنيا ونفسيا ومجتمعيا).


مبررات الدراسة

بعد أن يؤكد الباحث ما سبقه من الباحثين أن الذات المركزية يتم التعرف عليها عادة من خلال تصور الآخر، يذكر مبررات تلك الدراسة التي أجراها بصبر على 200 عينة (أردنية وفلسطينية) بأعمار مختلفة ومهن مختلفة وجنس مختلف، لن نتوقف عند جانبها المهني وطريقة التحليل الإحصائي لها، رغم أهميته، لكننا سنحاول ربط موضوعه بمجموعة المواضيع المطروحة سابقا والتي ستطرح لاحقا، فيقول:

إن العالَم الاجتماعي الثقافي السياسي اليوم لا تحكمه الأفكار العقلانية فقط، وإنما الأفكار العاطفية والإدراكات الزائفة أيضا. ولا تتحكم في علاقات أفراد المجتمعات المختلفة التصورات والصور الواقعية الصائبة فحسب، وإنما، بالقدر نفسه، تلك المغلوطة المشوهة أيضا.

أولا: إدراك الذات العربية (المركز) لذاتها

نصنع الذات الثقافية صناعة، عبر عملية التنشئة الاجتماعية الثقافية، كعملية تراكمية تفاعلية مستمرة من التأثير والتأثر. ويكون المجتمع، في هذه العملية الدينامية المتطورة، إطارها وبناءها المحدد، وتكون الثقافة مادتها ومحتواها، كما تكون الشخصية أداتها وهدفها في آن معاً.

وعند اتخاذ المواقف من أي مسألة (خصوصا مسائل الخلاف بين العرب، والكاتب هنا يركز على أزمة حرب الخليج الأولى) فإن المواطنين العرب من المحيط الى الخليج سيفكرون من خلال ثقافتهم المتكونة وبواسطتها، وهو ما سمي بالمنظومة المرجعية (Reference System)، وبالتأكيد فإن شحن تلك المرجعيات سيتم قطريا (في كل بلد) وفق المتيسر من المعلومات والمواقف الشعبية والنخبوية السائدة.

1ـ الهوية الثقافية

في سؤاله عن الهوية والانتماء تلقى الباحث 53.5% من الإجابات بأنا (عربي) و 18% (أنا مسلم) و 16% (أنا أردني) و الباقي 12.5% أجاب عن مهنته كما فهم السؤال (أنا طالب، موظف، طبيب الخ).

2ـ القيم الراسخة

في سؤاله عن أنماط المبادئ الراسخة التي يتمسك بها من سألهم، جاءت إجابات 35.5% بأنهم متمسكون بمبادئ عربية، وجاءت إجابة 27.5% بأنهم متمسكون بالحفاظ على المبادئ الإسلامية، في حين من يتمسكون بالمبادئ الشخصية 21.5% ومن يتمسكون بمبادئ وطنية 15.5%.

3ـ صورة الإنسان والمجتمع العربي ـ كنمط مثالي

في سؤاله عن مواصفات العربي المثالي، جاءت الأجوبة 28.5% من يحافظ على القيم العربية الأصيلة، و 27.5% من ينتمي عربيا، و 20% من يلتزم دينيا، و 17.5% من يعتز ببلده والمحافظ وطنيا، و 6.5% من ينفتح على الثقافات الأخرى.

أما سؤاله عن صورة المجتمع العربي المثالي، كانت الأجوبة 33.5% المجتمع العربي الديمقراطي الوحدوي، و 33% المجتمع العربي الإسلامي حقا، و 15.5% المجتمع العربي الخالي من الشرور، و 10.5% المجتمع الراقي حضاريا، المحترم دوليا، و 7.5% المجتمع المحافظ على تاريخه وقيمه الأصيلة.

وعندما تم طرح سؤال ما هي التضحيات التي تفرضها العروبة؟ أجاب 47.5% من أجل المستقبل العربي، و 27% من أجل فلسطين، و 17.5% من أجل المبادئ الإسلامية، في حين أجاب 8% من أجل المبادئ العربية.

وعن سؤاله: ما هي هموم المواطن العربي اليوم؟ أجاب 52.5% الانحطاط السياسي، و 24% الرضوخ للأجنبي، و 11% الجهل والطبقية والإقليمية، و 6.5% الابتعاد عن الدين والقيم، و 6% الانهزام النفسي والخلقي.

4ـ صورة العربي ـ العربي

رغبت كل العينات أن يؤخذ الإنسان العربي الجديد أمام العالم الخارجي، مأخذا جديا باعتباره صاحب حضور وحضارة، وأن تُحترم خصوصياته وأن تُثمن إنجازاته الماضية مع احترام طموحاته المستقبلية.

وعند الإجابة على سؤال عن الصورة المفضلة للعربي أمام العالم الخارجي، أجاب 37.5% بأنه العربي العريق حضاريا، الواعي بتحديات المستقبل، وأجاب 26% بأنه القوي سياسيا، المستقل فعلا، وأجاب 15% بأنه القوي بدينه، الغني بقيمه، وأجاب 13% الوحدوي الديمقراطي، و 6% الأصيل ذو الصفات التقليدية و 2.5% ذو الهوية الوطنية المميزة.

ثانيا: مصادر تكوين صورة الآخر

تكونت صورة العربي كآخر أمام أخيه العربي، خلال حرب الخليج الأولى من خلال مصادر مختلفة تم الإجابة عنها من قبل العينات، بأن 23% من العينة أجابت بأن الصورة تكونت خلال حرب الخليج ومواقف الدول والشعوب، و20% حديث الأقرباء والأصدقاء المتعاملين معه، و 13% وسائل الإعلام المحلية، و 10.5% ممن أقاموا وعملوا في دول الخليج، و 10.5% من وسائل إعلام خليجية، و10% لكل ممن كونوا صورتهم من خلال لقاءات تمت في الخارج، ومثلها ممن اعتمدوا على وسائل إعلام أجنبية، في حين كان 3% ممن أجابوا بأن لديهم وسائلهم الخاصة.

يتبع
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 24-01-2009, 02:37 PM   #2
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

ثالثا: البحث عن مساحة لفهم الآخر

في الحديث مع العينات، والبحث عن نقاط الالتقاء بين أبناء الوطن العربي، وعن أوجه التشابه فيما بينهم، أجاب 32.5% بأنهم يلتقون في روابط العروبة، وأجاب 22.5% بأن اللقاء يتم في رباط الدين، وأجاب 22.5% أيضا، بأن اللقاء يتم في التاريخ والتراث واللغة، و12.5% أجابوا بأن اللقاء يتم في التشابه بالشكل الاجتماعي. في حين أجاب 10% بأنه لا لقاء في أي شيء.

أما عن الأحاديث التي تدور بين أبناء العرب عندما يتحادثون أجاب 25% بأنها متعلقة بالعروبة والإسلام، و 12.5% عن ضرورة الوحدة العربية وإشاعة الديمقراطية، و12% حول السياسة وفساد أنظمة الحكم والتبعية، و 11% عن حديث تقليدي غير محدد، و7.5% حول تمويل المشاريع والمال والأعمال، و 3% عن السلوكيات السيئة في الخارج، في حين رفض 29% فتح أي حديث.

وعن إمكانية التعايش فيما بين العرب، أجاب 15% بنعم لأنه عربي مثلي، و10% نعم لأنه فيه جوانب مشرقة، و10% نعم أثناء العمل فقط، و7.5% نعم بشرط الاحترام المتبادل، و 2.5% نعم ـ يمكن إصلاحه واحتواءه.

في حين أجاب 27.5% ب (لا) لعنصريته وغروره وظلمه للعرب، و 10% لا لأنه غادر خائن خداع، و10% لا لاختلافات اجتماعية وفروقات مادية، و 7.5% لا لجهله وضيق أفقه ولا مبالاته. *2





هوامش
*1ـ عبد الخالق عبد الله: (أزمة الخليج: خلفية الأزمة، دور الإدراك الخاطئ) ورقة قدمها للندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية في تشرين الثاني/نوفمبر 1991، نشر في مجلة المستقبل العربي بالعدد 153(ص 85ـ93).

*2ـ كانت هذه الحلقة مأخوذة من الصفحات 373ـ 395
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 04-02-2009, 11:02 PM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي


الفصل العشرون: تونس والعالم: موقف الشباب التونسي من البلدان الأخرى..

قدمه: ميخائيل سليمان .. أستاذ العلوم السياسية في جامعة ولاية كنساس

هذه الدراسة هي محاولة لاكتشاف نظرة الشباب التونسي الى ذاته، وهذا ما يدل ضمناً على أنهم يعتقدون أن هناك اختلافاً بينهم وبين الآخرين. وترتكز الدراسة على معلومات وبيانات تم جمعها في بحثين ميدانيين استقصائيين وقد أجري البحث الأول على 1618 طالب من الصف الرابع الابتدائي الى الصف التاسع، كان ذلك عام 1988.

أما البحث الثاني فقد كان على المعلمين وعلى موظفين في وزارة التربية والتعليم، من خلال مقابلات متعمقة أجريت عام 1994.
وقد تم اعتماد مقياس لايكرت (Likert-Scale) في تقييم الأجوبة بالنسبة للدراسة الأولى. حيث تم طرح سؤال عن ميولهم تجاه 22 بلدا مختلفا من بينها 8 بلدان عربية هي: السعودية، فلسطين، المغرب، مصر، الجزائر، سوريا، ليبيا والعراق. في حين تم سؤالهم عن 14 بلدا غير عربي هي: اليابان، فرنسا، جنوب أفريقيا، سويسرا، الصين، الولايات المتحدة الأمريكية، الهند، أسبانيا، باكستان، البرازيل، اليونان، كندا، (الاتحاد السوفييتي) و إسرائيل.

(1) موقف الشباب التونسي من البلدان الأخرى (نسبة مئوية)

في حساب النقاط، حصلت السعودية على المرتبة الأولى بين الدول ال 22، بنسبة قدرها 69.3% وهي الدولة العربية الأولى في نظر من تم توزيع الاستبيان عليهم، في حين كانت فلسطين ثانية(62%) والمغرب ثالثة(60.8%) ومصر رابعة(58.6%) والجزائر خامسة(58.3%) وسوريا سادسة(47.9%) وليبيا سابعة (46.7%) والعراق ثامنة والأخيرة بين الدول المفضلة عربيا(45.7%).

أما الدول غير العربية، فاحتلت اليابان المرتبة الأولى (38.1%) وليلاحظ القارئ الكريم كم هو الفارق بينها وبين آخر دولة عربية(العراق). واحتلت فرنسا ثانيا (30.6%) وهي دولة استعمرت تونس زهاء 75 سنة، أما الولايات المتحدة فكان ترتيبها 14 بين الدول كلها ونسبتها 28.1% ومن الدول الإسلامية (باكستان 25.4%) وترتيبها 17 من الدول ال 22، في حين جاءت إسرائيل في آخر مرتبة 22 و بنسبة 7.1%.

(2) العوامل المؤثرة في إجابات الشباب

هناك عوامل عديدة لها تأثير مهم في موقف الشباب التونسي من البلدان الأخرى، منها: السن، والمستوى التعليمي، والخلفية الاجتماعية ـ الاقتصادية للوالدين، والجنس (ذكر/أنثى) وغيرها.

فالموقف من السعودية وفلسطين لم يختلف من حيث الجنس والعمر والخلفية الاجتماعية والاقتصادية، فقد بقيت السعودية في المرتبة الأولى للدول المفضلة، إلا عند أولئك الذين كانوا في الصف التاسع حيث احتلت المرتبة الثانية، في حين احتلت فلسطين المرتبة الأولى. والسبب في ذلك (حسب رأي الباحث) أن السعودية وما لها من علاقة وطيدة بمبعث الرسالة ووجود الكعبة وأصل العرب وغير ذلك من العوامل جعلها في المرتبة الأولى، لكل الفئات العمرية، وفلسطين بما تحتله قضيتها في الوجدان الشعبي وكونها قضية حية، جعلها تحتل المرتبة الثانية باستمرار عند كل الفئات، عدا الحالة التي أشرنا إليها.

وعند كل الفئات جاء الكيان الصهيوني (إسرائيل) في المرتبة الدنيا عند كل الفئات مع ابتعاد واضح عمن سبقها باعتبارها أسوأ كيان. وتلاها بعد ذلك الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي.

(3) تأثير جنس الطلاب في الموقف من البلدان الأخرى

اتضح من الدراسة أن الإناث غالبا ما يفضلن الدول الغربية على سواها من البلدان، وقد لوحظ أن الطالبات اللواتي يعبرن عن موقف إيجابي إزاء كل من سويسرا وأسبانيا وكندا وفرنسا واليونان، يفوق عدد الأولاد، وربما يكون السبب (حسب الباحث) أن الشابات التونسيات يجذبهن غالبا سحر هذه البلدان وجمالها الطبيعي الرائع، وربما يكون لانتشار المساواة بين الجنسين.

لكن، اتفقت الإناث مع الذكور على اعتبار أن إسرائيل هي الأسوأ بين الدول المذكورة في الاستبيان، وإن كان بحدة أقل.

خلاصة

إن الترابط العربي، جعل الإجابات تجعل من الدول العربية المطروحة في الاستبيان في مقدمة الدول المفضلة، في حين رأينا كيف أن باكستان وإن كانت ترتبط دينيا مع العينات المشمولة بالاستبيان لم تحتل مكانة متقدمة، حتى على الدول الأجنبية.

احتلت اليابان والصين والبرازيل المراتب العليا بين الدول الأجنبية، كونها دول جادة اقتصاديا وأثرها السيئ على القضايا العربية، بعكس ما هي عليه دول أخرى مثل الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. كما أن الهند احتلت مرتبة أعلى من باكستان، لدوافع الإعجاب باستقرار الوضع السياسي وتناقل السلطة، والسرعة الهائلة في التقدم الاقتصادي ومعدلات الإنتاج.

ومن الملاحظ أن فرنسا وإن كانت قد أثرت لعقود طويلة في الحياة التونسية، لم تحتل مكانة استثنائية، بل كانت مثلها مثل أي دولة من تلك غير المميزات في ميزان التقييم المعتمد في الدراسة.

يتضح من الدراسة أن الشباب التونسي على قدر من الوعي الذي يعطي لشخصيته أبعادا تعرف حدود موقعها وتعلم امتدادها الحضاري والجغرافي وتعلم من هم أعداءها ومن هم غير ذلك.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 24-02-2009, 03:43 PM   #4
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل الحادي والعشرون: البعد الجغرافي وصورة الآخر: مقاربة أمبيرقية ..
قدمه: مصطفى عمر التير .. أستاذ في جامعة الفاتح ـ طرابلس ـ ليبيا

(الصفحات 419ـ 429) من الكتاب

فرضيات الدراسة

يحمل أي باحث تصورا يكون محورا لفرضياته التي كونها قبل إجراء دراسته. والأستاذ مصطفى عمر التير صاحب البحث، يذكر أنه اطلع على كتاب جمال حمدان الذي يحمل اسم (شخصية مصر: دراسة في عبقرية المكان) والصادر عن عالم الكتاب عام 1980 بأربعة أجزاء مقتبسا منه [ أن المصري يحب أن يسمع عن نفسه فقط عبارات الإطراء، ويكره أن يُذَكَر بعيوبه وأن يوصف بأوصاف سلبية حتى ولو كانت هذه حقيقة]*1 ويضيف اقتباسه عن جمال حمدان [ فنحن معجبون بأنفسنا أكثر مما ينبغي والى درجة تتجاوز الكبرياء الصحي الى الكِبر المرضي... فنحن نضخم من ذاتنا الى حد السخف]*2

كما يذكر الباحث اطلاعه على دراسة مماثلة لسعد الدين ابراهيم تصف حالة التمجيد لأبناء الأقطار العربية لأنفسهم وما أسماه (التمركز حول الذات) إذ يقتبس منه [ هناك اتجاه غلاب نحو تمجيد الشعب الذي ينتمي إليه المبحوث واعتباره أفضل الشعوب على الإطلاق]*3

من هنا، افترض الباحث أن الشعب الليبي يتماشى مع تلك القاعدة الواردة في البحثين الذي اقتبس منهما الباحث ما أشار إليه.

تقنيات الدراسة

اختار الباحث عينات من طلاب وطالبات وأساتذة جامعتي (طرابلس وبنغازي) مناصفة وكانت أعمار المبحوثين بين 20ـ45 سنة، واختار نصفهم من الشق الغربي لليبيا والشق الشرقي.

واختار الباحث خمسة دول أربعة من الدول العربية، هي (مصر: شرق ليبيا) و(تونس: غرب ليبيا) ولبنان: كونها من أكثر الدول العربية في الإنتاج الثقافي( حسب الباحث) وكونها عانت من حرب أهلية، وأخيرا الكويت: كونها بلدا بعيدا عن ليبيا وشغلت قضيتها مع الغزو العراقي اهتمام العرب أينما كانوا. ومن الدول غير العربية اختار سويسرا، كونها لم يُسجل عليها أذى للبلدان العربية قد يتأثر المبحوث منه.

طبيعة الأسئلة العشرة الموجهة للمبحوث

استخدم الباحث تطويرا على مقياس (لايكرت) في توجيه الأسئلة وأعطى خمس درجات لكل سؤال. والأسئلة تمثلت في صفات الذكاء والاجتهاد والأمانة والصدق في القول والكرم والشجاعة والنفاق والطموح والأنانية. وكان من بين الدرجات الخمس في التقييم (لا أعرف).

نتائج الدراسة باختصار شديد

احتلت صورة المواطن الليبي المرتبة الأولى بين العينات كلها، لكن بنسبة 8/20 لكل العينات، و 11.8/20 بالنسبة للذكور. كما احتلت صورة المواطن السويسري المرتبة الثانية 7.2/20 من كل العينات، و 10.5/20 من الذكور.

أما صورة المواطن المصري فاحتلت المرتبة الخامسة بين الدول الست، وتونس المرتبة الأخيرة السادسة بين الدول، في حين احتلت لبنان المرتبة الثالثة والكويت الرابعة.

(لا أعرف) بين الإجابات

يُفترض أن تكون مجموع عدد الأسئلة لكل صورة ألف سؤال، فكانت نسبة لا أعرف عن صورة السويسري 42.3% تلتها صورة اللبناني 29.1% صورة الكويتي 25.3% ثم التونسي 15.9% والمصري 13.3% وأخيرا الليبي 10.6%.

تفسير الاندهاش في الإجابات

كان في تصور الباحث أن تكون إجابات الليبيين عن صورة الليبي تفوق ما جاءت عليه، فهي لم تبلغ حتى 50% من كل العينات، لكنه لم يوضح تفسيره لتلك النتيجة المتواضعة.

كان في تصور الباحث، والذي شرح في الدراسة الانفتاح الليبي على العرب واستقبالهم للوافدين العرب العاملين والمقيمين، أن تكون صورة المصري والتونسي أكثر مما جاءت عليه، فكانت صورة السويسري تتفوق على كل العرب وكانت دولتا الجوار (مصر وتونس) في المرتبتين الأخيرتين.

يقف الباحث عند تفسير رداءة صورة التونسي والمصري عند الليبي، فيعود لدراسة وضعها (نادر فرجاني) تظهر أن كثرة الاختلاط بين أبناء دول الجوار لا يؤدي بالضرورة الى تحسن صورة كل منهما لدى الآخر، وهي بنظر الفرجاني ترتبط ببعض ما يكون قد علق بالذاكرة من ذكريات قد لا تكون سارة*4


هوامش:
*1ـ جمال حمدان، شخصية مصر: دراسة في عبقرية المكان ص 26/ج1
*2ـ المصدر السابق صفحة 27
*3ـ سعد الدين ابراهيم، اتجاهات الرأي العام العربي نحو مسألة الوحدة: دراسة ميدانية/بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية 1980 صفحة275.
*4ـ نادر فرجاني، سعيا وراء الرزق: دراسة ميدانية عن هجرة المصريين للعمل في الأقطار العربية. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية 1988 صفحة255.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-03-2009, 09:36 AM   #5
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

القسم الثالث: ما وراء الحدود: نظرة الآخر الى العرب..

الفصل الثاني والعشرون: العلوم الاجتماعية والاستشراق : صورة المجتمع العربي الإسلامي..

قدمه: محمد نجيب بوطالب أستاذ علم الاجتماع بجامعة تونس

تنطلق هذه الدراسة من فرضية: أن الصورة التي ترتسم الآن في الرأي العام الأوروبي حول العربي المسلم، والتفاعلات مع تلك الصورة بتشوهاتها وحقائقها، ما هي سوى استمرارية وشبه استجابة للصورة التي تكونت عبر التاريخ الوسيط والحديث حول الشرق عموما، والعرب خصوصا.

الصورة أو الصور المشوهة عن العرب (الشرق)، تبرز كلما بدا للعيان ترهل الأداء الحضاري العربي، فتكثر الدراسات لتنتهي بأن هذا النمط من الناس يحمل مواصفات (أنثروبولوجية) تجعل من الطبيعي أن يكون أداء الناس الحضاري بهذا المستوى المتدني والهزيل.

لقد ساهم المستشرقون في تهيئة الأجواء أمام المثقفين الغربيين ليثبتوا تلك الصور عن الشرق، خصوصا أولئك المستشرقون الذين ظهروا في القرن 19 وقد كانت دراساتهم مغلفة بمصداقية مصنعة حسب نظريات علم الاجتماع فكانت شهاداتهم كشهادات الأطباء الذين يحذرون من نوع من الطعام أو يمتدحون صنفا من معجون الأسنان.

المركزية الأوروبية

لقد أقام الأوروبيون منذ القدم (ثنوية) تعارضية بين الشرق والغرب، وضمنوها نزعة مركزية أوروبية تمجد الغرب وتحط من شأن الشرق. وقد اصطبغت تلك النزعة بألوان متباينة، فكانت في البداية شعور بالنقص تجاه الإسلام والعرب الذين كانا متفوقين على الغرب، وأحيانا شعور بالخوف من هذا الشرقي أن يبسط نفوذه على الغرب (أوروبا).

وأحيانا يكون الشرق مصدرا للإلهام لبعض الشعراء (غوته، لامارتين) وبعض المفكرين والأدباء (ديوالد، فولتير ...)، بل كان الإعجاب بالشرق يصل حتى حركات الإصلاح الديني الأوروبي، الذين كانوا يتطلعون الى النموذج في الإمبراطورية العثمانية على أنه رمز للعدالة، وهو أفضل من الاضطهاد البابوي.

أما بعد التقدم الاقتصادي والسياسي والعلمي عند الأوروبيين، فتراجعت الصورة عن الشرقي ليصبح رمزا للتخلف والكسل، ويصبح موضوعا جديرا بالدراسة، شأنه شأن أي ظاهرة بيولوجية عند النباتات أو الحيوانات!

الرسالة التمدنية

أشار (فورييه) مساعد (نابليون بونابرت) في الحملة الفرنسية على مصر، أن غزو مصر هدفه " إنقاذ مصر من بربريتها وإعادتها الى عظمتها الكلاسيكية " و " تلقين الشرق طرائق الغرب الحديث " .

إن فكرة الرسالة التمدينية ( Mission Civilisatrice) انطلقت كمبرر أيديولوجي لبدايات أزمة الرأسمالية التقليدية. ولذلك ظهرت بشكلٍ مُرَكَز في العشرينات من القرن التاسع عشر. وقد شارك في حملها كل التيارات (بيسارها ويمينها)، كما تجسدت لدى مُنظري الحقبة الاستعمارية، وارتبطت بشكل جلي بالاعتبارات الدينية (نشر المسيحية ومقاومة انتشار الإسلام). وقد وصف (كليرمون توتيز) استعمار فرنسا للجزائر بأنه (( عملٌ عظيم أنعمت به العناية على فرنسا لتمدين العرب وجعلهم مسيحيين)).

المؤثرات الاستشراقية في سوسيولوجية فيبر
حول الإسلام (1863ـ 1920)

سنأخذ نموذجا من المستشرقين الذين تركوا أثرا في توجيه السياسات الاستعمارية لدى الغرب، كما أثروا على علماء الاجتماع والسياسة في تشكيل صورة العربي والمسلم لديهم. إنه عالم الاجتماع الألماني ذائع الصيت (ماكس فيبر)، وسنختصر ما دونه وما لاقى من اعتراض فيما يلي:

الصور والأفكار والتبريرات التي خرج فيبر متأثرا بفرضيات المستشرقين:

1ـ انحطاط العالم الإسلامي وبناه الاجتماعية ونظمه السياسية المتصفة بالاستبداد. ويقول: (( الديانتان اليهودية والمسيحية كانتا ديانتين بورجوازيتين، بينما ليس للديانة الإسلامية سوى دلالة سياسية)) [ يقصد النزعة العسكرية التوسعية]

2ـ غياب الطبقات الاجتماعية المحققة للتحولات (الطبقة الوسطى)، وكذلك غياب الصراعات التاريخية، الطبقية، وأيضا غياب المدينة المستقلة ذاتيا.

3ـ ارتباط الدولة الدينية الوشيج بالأفراد وتحكمها فيهم، وفي سن القوانين، فهو يقول: ليس الإسلام كعقيدة للأفراد هو الذي أعاق التصنيع، ولكن بنية الدولة الإسلامية وتركيبة موظفيها وقوانينها وأجهزتها التي كانت مشروطة دينيا هي العائق. ويفسر الأسباب التي تقف وراء هذا الركود هي:

أ ـ تَحَكُم الإقطاعية الشرقية عبر شرائح عسكرية تتميز علاقتها بالسلطة المركزية بالتضارب والصراع على الجباية.

ب ـ اعتبر (فيبر) أن هذه التطورات داخل الدولة الإسلامية كانت السبب الرئيسي في فشل التحول التجاري والتطور الرأسمالي.

ج ـ لقد أدى العجز في التوسع (الغزو) الى العجز عن دفع رواتب الجيوش وموظفي الدولة الشرقية، وهذا العجز يعني توقف الولاء للمركز. فالأزمة المالية متأتية من الإقطاع العسكري والتزام الضرائب*1

نقد وتقييم لنظرية فيبر

من أهم الذين ردوا على فيبر المستشرق الفرنسي (مكسيم رودنسون) الذي أشار الى مبالغة فيبر عندما اعتمد على الأخلاق الدينية كمحرك للاقتصاد. وقال: أن الإسلام نفسه عرف قيم التقشف والعمل والربح، وبالتالي ازدهرت التجارة في العهود الأولى من الإسلام وتطور الاقتصاد معتمدا ليس فقط على الضرائب، بل كذلك على الإنتاج وتطور المبادلات، فضلا أن الإسلام حث على العلم والمعرفة وقد أشار المستشرق الفرنسي الى القرآن الكريم الحاث على إعمال العقل { أفلا تعقلون} وطلب العلم الخ.

ويرى (هشام جعيط) في كتابه (أوروبا والإسلام) أن الغزو الاستعماري للمنطقة العربية استمد حركته من وعي موروث من القرون الوسطى، وعي يقوم على أسس انفعالية لتمثل الإسلام. وأن اطلاع (فيبر) على الإسلام قليل وقاصر ولم يكن اطلاع الباحث المجتهد.*2

هوامش
*1ـ هذه الفكرة الأخيرة صائبة الى حد كبير، وهي لا تزال متداولة عند الأوساط العلمية العربية التي تبحث في أسباب سقوط الدولة العباسية. أنظر: محمد نجيب بو طالب/ الصراع الاجتماعي في الدولة العباسية/ سوسة: تونس: دار المعارف للطباعة 1990 [ تهميش المؤلف الباحث].

*2ـ جعيط: أوروبا والإسلام: صدام الثقافة والحداثة، الفصل1. كما يمكن الرجوع الى إدوارد سعيد: الاستشراق: المعرفة، السلطة، الإنشاء، ص 290. [تهميش الباحث].


__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-03-2009, 03:13 PM   #6
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل الثالث والعشرون: الفلاحون المغاربة في الإثنولوجيا الكولونيالية: بين الجمود وقابلية التحسن ..

قدمه عبد الجليل حليم.. أستاذ بجامعة مكناس/المغرب
(الصفحات 449ـ 462 من الكتاب الذي بين أيدينا)

(1)

((لما كانت الشعوب الأوروبية قد أبادت شعوب أمريكا، فلقد كان عليها أن تستعبد شعوب إفريقيا لاستخدامها في استصلاح الأراضي.
فلو لم يُجبر العبيد على الاشتغال بغراسة النبتة التي تنتج السكر لكان ثمنه باهظا جداً.
وهؤلاء العبيد سود من أخمص القدمين الى أعلى الرأس، وأنف الواحد منهم أفطس، وبلغ في ذلك حداً يعود من المحال علينا تقريبا أن نشفق عليهم.
ليس من الممكن أن نُسلم بأن الله، وهو الموجود ذو الحكمة المنيعة، قد أسكن نفساً، ونفساً خيرة على وجه الخصوص، في جسد أسود برمته (...)
ومُحال أن نظن هؤلاء القوم بشراً، فإن نظنهم بشراً نعتقد أننا لسنا بأنفسنا مسيحيين*1))

هذا الكلام ليس صادرا عن شخص من العامة، بل من مفكر هام من واضعي أسس الثورة الفرنسية، (مونتسيكيو) والذي من أقواله: لا يجوز قتل الغير بدون قانون، ولا يجوز تملك أرض الغير بدون قانون، ولا يجوز سن قانون دون اشتراك ممثلي الشعب بوضع القانون. ويبدو أن الفيلسوف الكبير لم يعتبر المغاربة حتى من الغير أو من البشر. وهو نفس التفسير الذي لجأ إليه الفرنسيون عندما غزوا مصر (حملة نابليون) عندما قيل لهم أن أرض مصر هي أرض غير ونفوس شعبها المعرض للقتل هم من الغير. أجاب المدافعون عن الغزو أن هؤلاء ليس ممن تعنيهم مبادئ الثورة الفرنسية.

هذا الرأي عن الآخر الإفريقي، مثله (دوتي) صاحب كتاب (روح الشرائع) يترجم رؤية المتفوق والأقوى نحو من هم أضعف منه.

(2)

الآخر الإفريقي في وجهة نظر الفرنسيين، لا بد إلا أن يكون متوحشا، ومن البرابرة وبدائيا، وكافرا في أحسن الأحوال. وليس له الحق في أن يصبح مثقفا ومتحضرا، أو حتى ينتمي للإنسانية.

أن يُحرم الإفريقي من ثقافته، وأن يُسلب من ملكيته، تلك أفضل الطرق لبتر جذوره وتشييئه (تحويله لمجرد شيء). فيسهل بعد ذلك احتواءه ودمجه في النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي الجديد الذي يُراد أن يُفرض عليه.

وفعلا كانت المغرب، كما هي الجزائر والبلدان المغاربية، منذ منتصف القرن التاسع عشر موضع أطماع القوى الأوروبية ويستلزم وضع الدراسات عنها من خلال الإرساليات، فماذا قدمت تلك الإرساليات من صور؟؟

(3)

أشغل سكان الريف المغربي ببسالتهم وشجاعتهم في القتال كل المهتمين بالقضايا المغربية ممن كانوا يرسلوا لوضع تقاريرهم. سنعاين في البداية الصورة التي كونها الفرنسيون عن المغاربة. ونقرأ هذا التعبير:

(( لا يمكن إزالة القاذورات اليابسة عن (البيكو) *2[...] إنهم متعنتون تعنت العميان في التشبث بطرق تفكيرهم وأفعالهم وعيشهم، فكل أفكارنا وكل أعمالنا تبدو لهم مقيتة، والحال أن ديانتهم هي التي تغرس فيهم هذه الآراء. من أجل تغيير طريقة عيشهم لا بد من القوة، فما أن نكف عن استعمالها يتهافتون مجددا في تقاليدهم المزمنة ليقبعوا داخلها ويزدرونا. إنهم قذرون وكذابون ولؤماء، وهم متشبثون بالمكوث على هذه الحال. أما الابتسامات التي يجودون بها علينا والآداب الحسنة التي يعاملوننا بها فليست إلا مسخرة وبهتانا. وبدلا أن يعترفوا لفرنسا بفضلها عليهم لا يكفون عن الرد في كل مناسبة بتظاهرات ينغرس فيها الحقد، علاوة على أن المتظاهرين هم أولئك الأكثر تعلما وتدينا من بينهم))*3

وفي دراسة ل (دوتي) أشار فيها عن الطبع المتوحش لدى المغاربة من خلال ما استقاه من عادات الزواج، التي رأى فيها (طبعا بدائيا مقدسا) يراد منه (حسب تفسير دوتي) درء المخاطر الوهمية التي يمثلها الزواج في نظر المغربي المتوحش. ويسهب الباحث في النظر لتلك المسألة ويستهجن عدم وجود علاقات غير شرعية بين الرجل والمرأة. ويستخلص نتيجة أنه إذا حضر الرجل مع زوجته فإن استقبال الآخرين له سيكون أكثر ودا واطمئنانا من حضوره وحده، وعليه فهو يوصي البعثات أن يرافق فيها الرجل امرأة فهذا يسهل مهمته.

(4)

إن السحر والبدائية متزاوجان مع الإسلام، ويولدان العصبية!. هذه العبارة ل (دوتي) ويقول أن طابع مقاومة الاستعمار بهذه الروح الهمجية التي تنظر الى قتال المسيحي على أنها عمل مقدس، صنع من هؤلاء (يقصد الشاوية والشلوح وسكان الأرياف) أبطالا، لا يهابون الموت بل يطلبونه.

لئن اجتمع كل الكتاب في تلك الحقبة على اعتبار سكان الريف المغربي متوحشين وبرابرة، فلأن القبائل كانت تشكل في وجه التغلغل الاستعماري (العدو الأكثر شجاعة وإصرارا) على تعطيل ذلك التغلغل ومن ثم دحره.

ثم يذهب دوتي، الى السخرية من الإنتاج الزراعي، ويصفها بأنها بدائية تعتمد على إشارة من شيخ (مولى التسهيل) لأن يبدأ الفلاحون بزراعة أراضيهم، وبعد ذلك يتركون الباقي (على الله). إنهم (في نظره) لا يفهمون معنى الدورات الزراعية، ولا يعلمون عن التسميد، ولا يعلمون عن أي فن من فنون الزراعة، فتنجرف تربتهم وتتدهور خصوبتها ويقل إنتاجها.

(5)

لقد تحدث (مونتانيو) عن الفلاحين المغاربة، فيذكر (الغرائز الفلاحية لدى الشلوح) فيقول: (لهذا القطيع الشاسع طبع تجميعي يجعل من ناحية أولى، ظهور موقف من الانفعال السلبي التام ممكنا ما دامت تبرره وتسانده قيمة الاستسلام والاستقالة التي جاء بها الإسلام، وهي من القيم الأخلاقية الموروثة عن التراث الديني لأهل الريف في شمال إفريقيا، والتي بقيت على صفائها الأول)*4

وفي الإجابة عن التساؤل حول الأسباب التي تقف وراء ذلك يقول (بارك): ( غالب الأمر في ذلك هو بكامل البساطة أن الجهاز العصبي للعربي والبربري ليس نفس الجهاز العصبي الذي يتمتع به العامل الصناعي [الأوروبي]، بسبب انعدام التكيف عنده وبسبب قصور تكوينه معا)*5

(6)

ينتقد (جاك بارك) بروز الترحال الرعوي وما ينجر عليه من هشاشة في مجال الزراعة المستقرة ذاتها، وتناسي تقنيات كانت مزدهرة في وقت سابق، وظهور موجات الجوائح والاسترقاق التي تفرض على المرأة البدوية، وإنهاك التربة وتلاشي الغابات وعدم انتظام الأمطار وبالتالي ركود الجماعات الريفية، والتي تتشبث بالأراضي البور وتفضيلها الفقر ضد التحديث والعصرنة.

تعليق: لو تمعن أحدنا بهذا النص، لوجده مليء بالمغالطات، فتفضيل الصمود المقترن بالفقر ليس رذيلة تُحسب على شعب المغرب، بل هي فضيلة كبرى، أما تدني مستويات الإنتاج الزراعي، فهي مقترنة بالاضطراب السياسي الذي سببه التدخل الغربي، فعندما يقول: تناسي تقنيات كانت مزدهرة في وقت سابق، فأي وقت سابق يقصد (جاك بارك)؟ إنه الوقت التي كانت فيه المغرب مستقرة بحكمها وإداراتها، وكانت تصدر العلوم الزراعية لأوروبا التي لم تنكر ذلك أصلا!
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-03-2009, 03:14 PM   #7
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

(7)

لنبتعد قليلا عن أقوال الدارسين (في الإرساليات) ونتمعن بأقوال رجل ميدان عاشر الفلاحين المغاربة عن قرب، فإنه سيثبت لنا عكس ما قيل، (( إن ساكن البلاد الأصلي هو إنسان قابل للتحسن ومرن وراغب في التقدم الرغبة كلها، ويتكيف مع كل الاستحداثات ، فيستخدم المواد الصلبة في بناءه ويميل لاستخدام الآلات الزراعية ويتميز الفلاح المغربي بشجاعته وسعيه للرخاء))*6

هذا يثبت أن النظرة الغربية، والتي لا تزال تستخدم في تفسير كل ما يجري في غزة والعراق والسودان، على أن هؤلاء الناس متخلفون ويقعون في شر أعمالهم التي تمدهم بها عقائدهم، ما هي إلا ترهات أراد بها الغرب تبرير جشعهم الذي بات مكشوفا لدى كل شعوب العالم.




هوامش (من وضع الباحث) مع مراعاة عدم القدرة على وضع الحروف الفرنسية

*1ـ Charles Louis de Scondat Montesquieu, De l,esprit des lois (Paris Larousse, 1934. p 63

*2ـ شتيمة وقحة وعنصرية استعملها الفرنسيون لقذف العرب، وتعني الجدي [المترجم].
*3ـ A. Montagne La Revolution agaraire au Maroc CHEAM, p.29.

*Robert Montagne, Naissance du proletariat marocain (Paris: Peyronnet et Cie pp.219-220

*5 ـ Berque "Vers la modernization du Fellah marocain p.16

*6ـ A. Montagne La Revolution agaraire au Maroc CHEAM,
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .