العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: التسنيم فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الخزى فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: اللعب فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: فرسة و خيّال (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: الصرف في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الرد على مقولات الباحث عن الحقيقة المنسية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الفروج في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الكرم في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: أشراط الساعة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الشلل في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 21-02-2008, 01:00 AM   #1
هيثم العمري
شاعر الحبّ
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2007
المشاركات: 1,366
إفتراضي

قرأت وتمتعت واستفدت من هذا العلم تحاياي
هيثم العمري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 24-02-2008, 10:02 PM   #2
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل الثاني: مفهوم ومواريث (العدو) في ضوء عملية التوحيد والسياسات الأوروبية ..
قدمه: فيلهو هارلي من دائرة العلوم السياسية ـ جامعة جيفسكيلا ـ فنلندا .

يبدأ الكاتب مشاركته التي خصصها للحالة الأوروبية بشكل خاص، بترجيح الجانب الاقتصادي حيث يقول: ( إن مبدأ التكامل يتحدى العناصر الأساسية للمنطق الواقعي القائل بالحفاظ على نظام الدول ذات السيادة ...) ثم يضع عدة محاور لمشاركته، سنتجاوز بقدر الإمكان ما يتشابه فيها مع من سبقه

أولا: مفهوم العدو

يذكر الكاتب نماذج فيما قيل بالآخر الذي يتطور الى (عدو) في آخر المطاف، فيذكر ما قاله أرسطو عن الآخر عندما قال : (الآخر المستبعد هو الغريب، الذي لم يتمكن من استخدام وفهم اللغة المشتركة (اليونانية)، ونتيجة لذلك أصبح (البربري) هدفا للمطاردة، أي أصبح عبدا أو يجب استعباده ..

ويذكر (في العصر الحديث) ما قاله (ميشال فوكو) إلى إدراك "الآخر" باعتبار أنه شخص غير طبيعي، ومجنون ومعوق .. بينما يذكر ما ذهب إليه (جيمس آهو) بأن ما يميز الأنا عن الآخر هو أن أفراد الأنا ينادون بعضهم بأسمائهم الأولى دون ألقاب أو دون ذكر اسم العائلة .. وهي حميمية غير موجودة في سلوك الآخر ..

إن العدو هو صورة للآخر متطورة في خشونتها وأذاها في حين أن الآخر هو في حالة استبعاد عن النحن أو الأنا ..

ويميز الكاتب بين صنفين من العدو .. العدو الجدير والعدو الشرير.. فالعدو الجدير هو شريك (آخر) يلتزم بطقوس كما يلتزم فريقان من كرة القدم .. في حين العدو الشرير ليس عنده أي شيء مشترك معنا .. وهنا أطلق (ريغان) اسم إمبراطورية الشر على الاتحاد السوفييتي (سابقا) .. كما أطلق (بوش) محور الشر على دول قد لا يجمعها جامع إلا صفتها الشريرة (في نظر بوش!) .

ثانيا: دور "العدو" في الميراث الثقافي الأوروبي

ترتبط العبرية والإسلام والبروتستانتية الى الساحة الثقافية للعالم (الأوروبي) وأحيانا يطلق على الفرقاء في هذا التصنيف اسم (العدو المحبوب).. لكن هناك عدو ديني شرير تركز عليه الثقافة الغربية ..[ كلام الكاتب] ..

1ـ الجذور الدينية ل (العدو)

نشأت الفكرة الدينية عن "العدو" أي الكفاح الثنائي بين الخير والشر، في إيران القديمة، حيث خلع Zarathustra على مازدا Ahur Mazda (إله النور والإله الحكيم) صفة الإله الواحد الحق، ومع ذلك هنالك مناوأة الروح الشريرة (انغرا ماينيو Angra Mainyu) .. والواقع أن الصراع بين الخير والشر انتقل من مستواه الإلهي الى مستوى الناس .. ليصبح الصراع تاريخيا بين قوى الخير وقوى الشر ..

لم يكن هناك تأثير بين (الزرادشتية الإيرانية) واليهودية، إلا بعد السبي لليهود ونقلهم الى العراق، حيث اختلط الفكر الزرادشتي بالفكر اليهودي .. في حين اعتنقت الإمبراطورية الرومانية المسيحية (الممثلة للخير) وتساهلت مع من اعتنقها حتى لو لم يكونوا من الرومان، فقبلت بالبرابرة المعتنقين للمسيحية واصطفوا معها في صراع ضد الشر المتمثل بالفكر اليهودي .. وهنا تطور مفهوم الآخر و العدو ..

لم يكتف الرومان بمحاربة أعداء المسيحية الخارجيين بل عمموا عدائهم ليطال الأعداء الداخليين .. وهذا ظهر في القرنين السادس عشر والسابع عشر ..

2ـ الجذور السياسية ل (العدو)

في صراعات الأثينيون القدماء على السلطة بين المدن، كان الزعم يدور أن (أيديولوجية) الصراع كانت بين الأثينيون الديمقراطيون المدافعون عن حقوق الفقراء والضعفاء ضد الديكتاتوريين والأغنياء الأقوياء (تبرير إمبريالي لا يزال قائما حتى اليوم) ..

ظهرت تلك المزاعم مجددا في العصر الحديث بعد ظهور الاتحاد السوفييتي، واعتماد مقولات العالم الحر وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب ..

3ـ عدو أوروبا

تعززت الأنماط الدينية والسياسية كمنهج للتفكير في العدو الذي حاربت أوروبا نشاطه، وقد تمثل في عدة أشكال وسأركز على شكل واحد وهو المشرق (الكاتب) ..

لقد ذكر (شيراز دوسا Shiraz Dossa) أن الخط الفاصل بين اليونانيين المتمدنين والشرق (البربري) قد تشكل على يد (هيرودوتس ) مؤرخ الكفاح البطولي ضد الإمبراطورية الفارسية .. وقد كرس المؤرخون والفلاسفة تلك الفواصل فيما بعد .. حيث كانت عبقرية الغرب تواجه شرور العبيد الشرقيين.

ونواجه مرة أخرى العدو نفسه على صورة تهديد إسلامي بطابع ديني وعسكري للمسيحية الغربية في حوالي القرن الحادي عشر لتتوسع الحروب بين الطرفين وتعبأ كل أوروبا ضد الشرق المسلم (الحروب الصليبية) ..

ثالثا: "العدو" منذ الحرب العالمية الثانية

إن مؤيدي فكرة ترجيح التكامل على ما سواه، يفترضون انقطاعا بين الماضي والحاضر والبدائي والحديث، ويعبرون عن اعتقادهم بأفكار سرعان ما تلوذ بالهزيمة أمام استعادة الأساطير واللغة البدائية لسيطرتها على عقلية القائمين في مختلف البلدان، فتذوب (فزلكة العلمانية) التي حاولت وضع نظريات تتحكم في العلاقات الدولية بنزاهة، أمام نهوض التقاليد البدائية..

1ـ الحرب الباردة

لقد كانت فلسفة الحرب الباردة ( ظاهريا) هي وجوب نصرة المسيحية على الشيوعية الملحدة، وطبعا ظهرت الولايات المتحدة كنصير لأوروبا ضد الشيوعية كما كانت نصيرة لها ضد النازية .. وبالمقابل فإن الروس (المكون الأكبر للاتحاد السوفييتي) والذين كانوا سدا منيعا أمام هجمات الآسيويين ضد المسيحية الأرثوذكسية سابقا، هم حماة البشرية من الشرور الإمبريالية في الحرب الباردة.

2ـ القومية العربية والإسلام

لقد حطمت الحرب العالمية الأولى اعتقاد الحضارة الأوروبية في تقدمها دون حدود، واستمرت موجات التحطيم بشكل ثورة درامية في استقلال الدولة تلو الدولة عن الغرب المستعمر..ومع ذلك برز في الستينات من القرن الماضي شر جديد هو القومية العربية وأحلامها في توحيد شعوب منطقة واسعة تتوسط العالم وتؤثر في التحركات بين أوصاله، فكان لا بد من تشويهها ومهاجمتها وحشد الخصوم ضدها من خارجها وداخلها، وكان تسلسل الأعداء يبدأ بجمال عبد الناصر ومنظمة أوبك وصدام حسين ثم بروز إيران وربطت كل المعتقدات الدينية والقومية بالنفط، فكان العداء لكل الأطراف مجتمعة وردات الفعل من مختلف الأطراف الغربية متناغم .. (الموقف من سلمان رشدي وكتابه آيات شيطانية) ( الموقف من انضمام تركيا للجسم الغربي) .. وتتوالى الأحداث المشابهة ..

رابعا: الاختلافات الدينية والقومية داخل أوروبا المعاصرة

عندما يتم ذكر أوروبا، فيعني ذلك بلغة السياسيين الغربيين (أوروبا الغربية) وعندما يتم ذكر المسيحية فإن ذلك يعني ديانة أوروبا الغربية (الكاثوليك والبروتستانت) .. وبعبارة أخرى ستسقط روسيا وصربيا وبلدان أخرى من هذين التصنيفين .. وهذا يجعل العرق (السلافي)( أي سكان أوروبا الشرقية) وكأنهم ليسوا بأوروبيين ..

إن انتهاء الحرب الباردة لم يجعل أوروبا خالية من الأعداء، بل بالعكس كثر الأعداء داخل أوروبا، ورأينا الحروب في منطقة البلقان، وتفكك دول مثل يوغسلافيا وتشيكوسلوفاكيا، وما وراء ذلك من انبعاث لعداوات كانت سابتة ..

باختصار هناك ثلاث أعداء للأوروبيين : أعداء من خارج أوروبا (المسلمون) وأعداء أوروبيين (باختلافات عرقية وطائفية) .. وأعداء تغلغلوا في أوروبا .. وهم المهاجرون (ومعظمهم مسلمون) ..

خامسا: الطبيعية السياسية للاندماج الأوروبي

بعكس الذين يراهنون على سلاسة نشوء اتحاد أوروبي، وبالذات من ينظرون إليه من الخارج، باعتبار أن التطور فيه آخذ الى تحول أوروبا الى دولة (كتلة) قوية تنافس أمريكا واليابان ودول العالم الثالث .. يصنف الكاتب نفسه على أنه من المتشائمين، فالإجراءات التي تمت حتى الآن لم تكن أكثر من إجراءات اقتصادية أملتها قوانين السوق، لكن التحول السياسي والإرادة السياسية لن تمر بتلك السلاسة .. فهو يميز بين التعاون الأطلسي المدعوم من النرويج وإنكلترا وبين الاندماج القاري المدعوم من ألمانيا وفرنسا .. حيث يرى أنه في الحالة الأولى أن من يحدد العدو والصديق هو الولايات المتحدة الأمريكية، وفي الحالة الثانية تتراجع دول كثيرة من أوروبا عن المضي قدما (الاستفتاءات على الاندماج ونتائجها العكسية) .. ويشترط الكاتب أنه حتى يكون هناك أوروبا قوية لا بد من اندماج روسيا معها وهو يستبعد حدوث ذلك ..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 06-03-2008, 12:36 PM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل الثالث: الاستشراق والاستغراب : اختراع الآخر في الخطاب الأنثروبولوجي .. قدمه: منذر الكيلاني : أستاذ في جامعة لوزان ـ سويسرا

أولا: بلاغة الخطاب الأنثروبولوجي: الكونية والمقارنة والتراتب

من المحقق أن "اكتشاف" أمريكا افتتح عهد الحداثة في الغرب، وأنه وفر أيضا شروط انبثاق الخطاب حول الآخر، الآخر الذي دائما ما يكون الفكر الأوروبي محتاجا إليه. لكن ما الذي حدث؟ كانت الأشياء التي شاهدها المكتشفون لأمريكا ينظرون لها بأدوات قديمة وقياسا لأشياء "معلومة" فاستنفرت الأدوات المعلومة والمتحصلة من تراكم معرفة العالم القديم، منذ عهد التوراة والإغريق والرومان ومصر القديمة وبلاد ما بين النهرين والحضارة الإسلامية لتساعد في وصف وفهم ما شاهده المكتشفون في البلاد المكتشفة حديثا. فقورنت الصروح المهيبة التي شيدها (الأنكا) و (المايا) من حيث العظمة والمهارة بأهرام مصر أو بالهندسة الرومانية، وقورنت معابد (الأزتيك) بالمساجد، وقورنت اللاما بالجمل والخروف، فصارت (اللاما) جمل وحمار وخروف أمريكا!


يتوجب إذن على البصر، كي يتخطى حدوده ويحصِل المعنى، أن يتحمل جزءا من ذاته كان قد ابتناه مسبقا ليصاحبه في رحلته. لقد كان لكولومبس ولمعاصريه فكرة مكونة سلفا عما سيشاهدون. لقد كان تحت تأثير الهدف الذي ترمي إليه سفرته [ لقد سمي الشعب بالهنود الحمر، كون الرحلة بالأصل كانت تبحث عن طريق آخر للهند المعروفة قبل الرحلة]

لا مناص للأنثروبولوجي الحديث من أن يؤدي دور (الصانع) الذي يرى بأم عينيه أمورا لم يرها شخص قط حتى ذلك الحين. إن المونوغرافيا الميدانية لها قدرة حقيقية على تغيير وجه الآخر، وعلى اختراع هيئة له تكون إما "نبيلة" أو "شرسة"، إما "مسالمة" أو معادية" إما "ودية" أو"منفرة". إن الأنثروبولوجيا تصنع وتبث صورا عن الثقافات والشعوب، فتصير مع الزمن جزءا من مكونات ثقافة الشخص العادي في الغرب وموضوعا مكررا ومشتركا عند الحديث عن أي آخر.

هكذا تكون الطيبة عند الأقزام، كما صورها المستكشفون، وتكون اللون الأزرق عند الطوارق، أو الفلاحين الماكرين في الحيازات (النورماندية) ..

البلاغة في الآخرية، وهي اختزالية على الغالب، وتتضمن دائما تهديدا لمن تجعله موضوعا لخطابها، والبلاغة هنا، فن مبني في العمق على عدم التناظر. ليس هناك تناظر بين وضع تكون فيه ناظرا أو "رائيًا" وبين أن تكون منظورا إليه "مرئيا"، هكذا صور الغرب المستكشف لأمريكا الشعب هناك، وقاموا بتسويغ قتله وإبادته، وهكذا فعلوا في الحديث عن المسلمين، قبل الحملات الصليبية.

في الأعمال الأنثروبولوجية الحديثة، تكون الأدوات غربية بحتة، فالآخر في كل الحالات هو من لا ينتمي للحضارة الغربية .. ( كتاب رحلة الى الشرق وهو اختراع يقوم فيه المؤلف برحلة دائرية تعود فيه باستمرار الى الغرب بعد أن يمر على كل ما هو مغاير ومخالف ومتخلف عن الغربي) ..

لكن لماذا نفترض وجود تعادل للأصوات والثقافات، بعيدا عن موازين القوى التي تربط الثقافات على ضوء القوة الراهنة (في وقتها) ..

من الجائز مثلا لمهاجر مغربي في فرنسا أن يتذكر عبثا الحظوة التي كانت لثقافته في الماضي أو التي يمكن أن تكون لها في بعض المناسبات الحاضرة، لكن ذلك لن يغير شيئا في آلام الواقع اليوم، أي في التراتب الاجتماعي الذي يرفع الثقافة الفرنسية والأوروبية الى أعلى السلم ويضع الثقافات المغربية والعربية والإسلامية والعالمثالثية في أسفل السلم، أو حتى خارجه نهائيا..

ثانيا: الاستشراق والاستغراب .. أو أوهام التمامية القائمة على الهوية.

كان خصوم الاستشراق ـ ولا زالوا ـ يركزون على واقعهم الأنثروبولوجي الذاتي دون الالتفات للآخر، لتعديل موقعهم التراتبي، بحيث يصبحون هم من ينظر للآخر نظرة فوقية! وفصلهم الذاتي عن الموضوعي* أوقعهم بحالة غبية وأوجد عندهم ما يعرف بجمود الهوية ..

لنأخذ حالة نقد الاستشراق عند (إدوارد سعيد) الذي يحمل في نهاية المطاف الغرب للقولبة التي وجد بها الشرق، وهو هنا يفصل بين الذاتي والموضوعي، ويزيل العلاقة الجدلية بين الذات والموضوع التي تسري داخل كل بناء اجتماعي وداخل كل مشروع فكري. ليس هناك دواعي للتدليل على أهمية العلاقة بين الذات والموضوعي وإعادة مثال السيد بالخادم، التي توجب وجود السيد حتى يكون للخادم هوية .. بمعنى آخر، ليس الأوروبي بالمسئول وحده عن قولبة الشرقي في قالب "آخرية" لا معنى لها إلا في حدود ذاتها، بل كان للشرقي المتواطئ مع الأوروبي حتى يجعل نفسه في هذا الموضع "الآخري"

حرصت بعض النزعات السوسيولوجية العربية المعاصرة على تنظيم البناء بحسب مقتضيات الهوية، أي أنها تربط الاستشراق بتفهم نظرة الآخر، بعدما كانت تتفرغ لتهاجم الاستشراق وتشنع به. في حين لا زال هناك من يساهم في (تكليس) الهوية وتجميدها وتصنيع مسلمات جديدة لتحديد الهوية كالطائفية أو العرقية، وهذه المساهمات تعمل ما تعمله المرآة في تسليط أضواء الآخرين على تلك الهويات المحلية العربية كآخر (دوني) ..

أن نرفض أن الآخر حاضر في ذاتنا، وأن الهوية تنبني على التفاعل بين الاثنين يؤول بنا الى تعتيم البعد الأبيستيمولوجي الذي تقوم عليه مقاربة العلوم الاجتماعية: وتتمثل هذه المقاربة في الأخذ بالمرجعية الكونية ..

ويختتم الكاتب دعوته بالحث على الكيفية التي نحقق فيه ذاتنا ومعرفة موقعنا بين مفصليات العلاقات التراتبية العالمية من خلال استنفار الجهود في وضع تلك المسألة بين المسائل المهمة التي على الجميع الانتباه لها ..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 27-03-2008, 08:08 PM   #4
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل الرابع: العنصرية: منطق الإقصاء العام ..

قدمه: جاك ماهو : باحث بالمركز الوطني للبحث العلمي CNRC باريس .

(1)

كيف نسمي الناس؟ إن المرء الذي ما يزال يعير انتباها ولو قليلا لأسلوب تحرير الأحداث المتفرقة في الصحف، سيجد أنه من المفيد أن يقرأ الأسلوب الذي به يُنعت أولئك الناس الذين يحف بهم أمرٌ ما: (رجل شمال إفريقي يطعن واحدا من أهل ديانته)؛ (امرأة في العقد الخامس من عمرها تنتحر في الميترو) ؛ (عصابة من الشبان قامت بسرقة سيارات) .. الخ . إن الألفاظ المستعملة ليست بريئة. فنحن لم نعرف عن المرأة سوى عمرها، ولم نعرف عن الشمال إفريقي كم عمره، وهكذا فإن الخبر يدخل طي النسيان ولن يبقى منه سوى المحور الذي أراده المورد للخبر..

فإن أراد المخبر أن يركز على العرق فيذكر (جريمة شنعاء) ويلصقها بالعرق أو المذهب، وأن هناك علاقة بين الألفاظ المستعملة وبين الفعل المنطوق به، فلكل فعل محدد يتم اختيار ألفاظ محددة. فالقول بأن عصابة من الشبان تسرق الدراجات النارية يعني القول بأن الشباب (متضمن) داخل السرقة، أو أن السرقة تعلل بوجود الشباب في أقصى الحالات. ولن تجد يوما (عصابة من الكهول تسرق بنكا) . هذا يسمى المنطق المضمر في التسمية.

(2)

يوجد لدى علماء النفس وعلماء الاجتماع تمرين على القراءة يسمى بتحليل المضمون. وشغلهم في هذا المضمار هو الاستعاضة من الكلام العادي الذي يعبر الناس بواسطته بخطاب متفقه (من الفقه) في العلم، مفاده التوجه بنبرة جادة الى جمهور من المختارين بتفسير ما يريد الغير قوله؛ إنه تفسير ينعت خطاب عامة الناس بالخطاب المبهم وينعت خطاب شارح الطلاسم بالخطاب الواضح.

لقد تجلت هذه الخاصية التأويلية في نشاط من يريدون تأويل ما يقال ويكتب الى ما لا نهاية من التأويلات، وحاولوا وضع نظريات تفسر ما يكمن وراء نسق تلك التأويلات . ولنقل بأنه لا يوجد تحليل للمضمون يكون ساذجا وبريئا، بقدر ما لا يوجد أيضا منهج لكل المجالات يمنحنا مفتاحا سحريا لتفكيك رموز كل نص.

إن ما يُطلب منا هو أن نمنح ثقتنا عندما يُعرض علينا تأويل من التأويلات. وربما تكون غالبية تلك التأويلات مقنعة شريطة أن نسلم بسيكولوجيا الأعماق أين نجد أن المسكوت عنه يفيد ب (ما كان يراد قوله) في حين يكون (ما قيل) واضحا بذاته بالطبع.

مختصر القول في هذا الشأن، أن تسليمنا بما يقوم بتأويله من يعرضون الشأن علينا، يشترط التصديق بقدرتهم على رؤية ما لم نستطع رؤيته نحن.

(3)

في الحقيقة ولكن من منظور منطقي فقط، عندما يظهر في قضية ما موضوع نقرر أنه محل المعالجة ويكون مقترنا بفعل فاعل تنبسط أمامنا ثلاث إمكانات:
أ/أ : أي المقابلة بين حدين متماثلين بصدد عبارات منطوقة. ومثال ذلك : يهود فرنسا (لهم هذه الخاصية المعينة)/ يهود روسيا (ليس لهم هذه الخاصية).

أ/ب : حدان ليس بينهما علاقات: اليهود وأطباء الأسنان.

أ/ج أو أ/أ : ثمة اليهود الذين يتصفون بمميزات ما، وثمة الآخرون الذين لا يكتسبون هذه المميزات ولكنهم يكتسبون مميزات أخرى تجيز احتمالا تمييزهم بسمات أخرى. من هنا يتأتى النفي البسيط الذي بمقتضاه نثبت أن الآخرين هم فقط الذين تنعدم فيهم طبائع اليهود، من دون أن يكون في مقدورنا أن نقول شيئا في خصوصيتهم كمجموعة.

يقول الكاتب: إن هذا المشكل لعلى قدر من الأهمية .. فبيان كيف يعمل الفكر العنصري يعني أيضا كيف يعمل الفكر غير العنصري، إن الفكر غير العنصري لا يتضح في التحليل الأخير إلا بتبيان ما يلي :

1ـ أنه توجد وجودا شائعا تقابلات من نوع أ/ج أو أ/أ يكون فيها المسمى هو الأغلبية . (ليلاحظ القارئ الكريم أن تلك التقابلات تسود في الوقت الحاضر خطاب من يهيئون للفتن في منطقتنا (شيعة/سنة/ كرد الخ) محاولين تعميم صفة ينتقونها ليقدموا الآخر بها لتأجيج الفتنة).

2ـ أنه توجد تقابلات من نوع أ/ب

3ـ إن نظام التسمية هذا يعمل إن قليلا أو كثيرا بالطريقة نفسها التي يعمل بها النظام العنصري. أن يتحكم المرء في الحجة يعني أنه يقدم حجة على انعدام أية حجة مضادة.

(4)

تبدو العنصرية في آخر الأمر بما هي نمط من أنماط التصنيف الشعبي ذات قرابة متينة بعلم التصنيف الذي للعلماء، وهو الشهير لدى علماء الاجتماع والمنعوت بالتيمولوجيا (علم الأصناف البشرية). وأعني بالعنصري كل فكر يستخدم، بدلا من المنطق التوسعي، منطق المعاني الشاملة الذي يعمل بحسب تضمين المعاني. فمن بين الصفات الكثيرة التي يمكن أن تُلحق بالفرد، ومن بين طبائعه المتنوعة تنوعا لا متناهيا، ينتقي العنصري البعض منها ليلصقها بمن يريد أن يتحدث عنه.

وبالمقابل فإن لهذه المشاركة بالنمط فضل ترسيخ السمات في الفرد وفضل تثبيت وجودها فيه وجودا مطلقا لا يقبل غيره من السمات. إنها تجعل من الإنسان المتكاثر والمتنوع يهوديا أو عاملا أو امرأة. إن الفكرة (الأصلية) (الصورة بالمعنى الفلسفي) هي التي تنتقي هذه السمات وهي بدورها تعتمد على وجود السمات.

خلاصة القول: أنه عندما ننتقي فئة أو فردا ونريد أن نعالجه بالدرس أو الوصف، فإننا سنكون أسرى لصورة مسبقة كوناها عن هذه الفئة أو الفرد.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 19-04-2008, 08:30 AM   #5
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل الخامس: الآخر أو الجانب الملعون

قدمته: أسماء العريف بياتريكس : باحثة تونسية ـ باريس



بعض الصور النمطية الأصلية:

معلوم أن الصور والرموز سابقة عند الكائن البشري على كل تشريط تاريخي، وعلى كل ملكة عاقلة، ولكن هل نحتاج الى أعلام التحليل النفسي والأنثروبولوجيا*1 لنكتسب هذه المعرفة؟

ما انفكت الفرضية التي صاغها (يونغ) حول وجود ( لا وعي) جمعي تلقى مزيد التقصي والتوكيد لدى علماء النفس الذين يعالجون الأعماق البشرية ولدى مؤرخي الأديان. وهذه الفرضية لها الفضل في تبيان خلود (الأصول القديمة) التي لا تعني شيئا آخر سوى الجوهر المقوم للإنسانية الأم، رغم تنوع المسارات التاريخية والتناقضات الأيديولوجية المؤثرة في منابع الثقافة.

الكوسموغونيا*2 الدينية وصورة الآخر

صحيح أن صورة الآخر تُشَيَد دائما على ميدان التاريخ، ولكنها تشيد انطلاقا من أنماط أصلية عابرة للتاريخ هي التي تؤسس مخيالنا الإنساني.

ينزع الإنسان حيثما وُجِد الى إدراك العالم وتصوره انطلاقا من خطي بداية، الأول يعني بتصوره عن بدء خلق البشرية (الكوسموس) والتوق الى التقرب من الله والصعود الى السماء والابتعاد عن الظلام والسديم. والثاني، الشعور بالتعالي والإحساس بتفوق نوعه أو قبيلته أو عرقه.

وإن كل المجتمعات تنتهي طوعا أو كرها الى قبول الغزاة الأجانب أو الى استيعابهم داخلها. وسيرى المجتمع المغلوب تفسيرا يرجع فيه انقطاعه المأساوي في صلب النظام الاجتماعي، وسقوطه في الظلام من جديد، وأن هذا الغازي الدخيل قد بعثته السماء رسولا ليعيد المجتمع المغلوب الى رشده.

إن الإنسانية لم تعش فقط تجربة الخوف من الكوارث الكونية أو نبذ البربري المعكر للنظام، وإنما عاشت أيضا الحلم باستعادة الفردوس المفقود. وهذه الثنائية تحددها النمطية التي يتصور بها الشعب الشكل الأولي للخلق (الكوسموغونية)، فهي عند الهنود تختلف عند أصحاب الديانات السماوية.

الكوسموغونية السياسية وإدراك الآخر

لقد طغت التطورات الصناعية والرأسمالية على مشاعر الناس، فتحول الآخر الديني الى آخر سياسي، وكان الانزياح من المجال الديني الى المجال السياسي مصحوبا بترسيخ بعض الصور ودحر صور أخرى. وأن انتقاء صور دون أخرى يبدو أحيانا أنه اعتباطي، لكن التوفيق بين الحالتين المقبولة والمنبوذة هو الكفيل بتأمين توازن النفس البشرية. فعندما نجبر أنفسنا على قبول صورة كنا قد كرهناها عند الآخر فإننا نقرر التنازل عن جزء من ذاتنا.

وفي هذا المجال تشير مقدمة البحث (أسماء العريف) الى رؤية (جيلبار دوران) أنه بإمكاننا أن نتبين عبر مجموعة الصور المتجاورة التي تنظم مخيالنا نظامين اثنين من الصور: نظام نهاري يجمع كل الصور الرامزة الى القوة والسلطان مثل الصولجان والسيف ويطمح للتفوق والانتصار على الموت والتمرد على القدر. ونظام ليلي يشمل الصور المعبرة عن الألفة الحميمة، بين أحضان الأم واستعادة الأنوثة لاعتبارها.

يلاحظ القارئ، أن النظام الليلي الذي اقترحه (جيلبار دوران) يريد أن يبين فيه أن الليل الذي هو عكس النهار، والظلام والذي هو عكس النور بالقدر الذي تكون فيه الصورة مكروهة، بالقدر الذي ممكن أن نستخلص منه الجزء الحميمي الذي لا غنى لنا عنه. وهي نفس الصورة التي تريد الكاتبة أن توصلنا بها لنظرتنا الى الآخر أو نظرته لنا، أنه لا يكون لكلينا مناصا من اعتبار جزء من الصورة مقبول بل وضروري.

الآخر في المخيال

تنتقل الكاتبة الى نقطة في غاية الأهمية، وقد تناولت فيها نظرة (تياري هانتش) في كتابه (الشرق الخيالي)، الذي يقول فيه أن الانشطار (شرق/غرب) هو من صنع الغرب أنفسهم في القرن الخامس عشر، حيث بدأ الغرب يحس بقوته، في حين أن بداخله أثر (روحي) كبير من الشرق الذي قدم له (ديانته المسيحية) وقدم له فلسفته ومعارفه القديمة بثوب شرقي شارح لها. فقد استكثر الغرب على الشرق تلك الخدمة فأراد أن ينسفها، ويخلعها عن الشرق، فقام بإسقاط وضعه الجديد (القوي السياسي) على الماضي فحاول في شرحه تقليل أهمية الشرق وهمجيته.

في حين لم يكن الشرق (الإسلامي) قد تعامل مع الغرب قبل القرن الخامس عشر إلا في شكل متوازن، يقرأ له (علومه القديمة) ويقدم له وجهة نظره حسب فهمه الإسلامي دون إبداء روح التعالي بل بحكم ووجوب التلاقح الفكري ، وتضرب الكاتبة مثال (عمر الخيام الشاعر والصوفي والفيلسوف والرياضي).

وعندما أراد الشرق أن ينهض في القرن التاسع عشر، لم يستنكف عن الاهتمام بالغرب (محمد عبده، محمد إقبال).

وبعد أن تكلست نظرة الغرب في عليائه وكبرياءه تجاه الشرق، برزت ضرورة استنهاض قوة مضادة له من بين مغالين من الشرق، ليقابلوا تلك النظرة النابذة للآخر الشرقي، فكان التسابق لاستنبات مفكرين ومنظمات متطرفة بين الفريقين الشرق والغرب.

نحو تواصل علماني وديني بين الأنماط الأصلية

رغم النزعة المغالية في التشبث بالهوية الذاتية، فإنه يوجد تواصل إنساني في كل المستويات، دينية أو سياسية علمانية أو رافضة للعلمانية. دعنا ننظر الى ما كتبه (مرسيا إلياد) : (إن حضور الصور والرموز هو الذي يحفظ بقاء الثقافات ((المنفتحة)) : ففي كل ثقافة سواء كانت ثقافة أسترالية أو أثينية، تكشف أوضاع الإنسان عن حدودها القصوى ... تمثل الصور انفتاحات على عالم عابر للتاريخ ... وبفضلها يمكن للتواصل بين المؤرخين أن يتحقق)

وهذا مثال آخر على ما كتبه (لويس ماسينيون) : (( تكفي إيماءة سريعة الى الحلاج، جاءت في حواشي رباعيات الخيام تمدها يد ملتبسة، وتكفي حكمة عربية بسيطة على لسانه تراءت عِبر فارسية العطار (الغابرة ذكراها)، ليرتد صوبي معنى الخطيئة، ثم الرغبة تنهشني ... إني أحيي من بعيد وعيناي صاغرتان هذا الوجه السامي [وجه الحلاج] المحتجب دوما عني حتى في عرائه في محنة صلبه وقد اجتثت هامته من الأرض ورفعت وأغرقت في الدماء برمتها تمزقها جراح الموت التي غرستها فيها أظفار الغيرة من حب يفوق كل وصف ممكن).

من هذا النص يظهر تكريس الصور الدينية بغض النظر ـ لأي دين تعود ـ فصورة صلب المسيح وناقة صالح ومحنة أي عابد تتجول في كل الثقافات برمزيتها وتتناقل قدسيتها أقلام متدينة وعلمانية. وكلها تدعو للخروج من الإقليمية الضيقة (حسب اقتراح جاك بارك في كتابه الشرق الثاني) .

هوامش
*1ـ ، الأنثروبولوجيا بشطريها، "Anthropos " "Logos"؛ تعني علم الإنسان؛ أي العلم الذي يدرس الإنسان في أبعاده المختلفة، البيوفيزيائية والاجتماعية والثقافية، فهي علم شامل يجمع بين ميادين ومجالات متباينة ومختلفة بعضها عن بعض، اختلاف علم التشريح عن تاريخ تطوّر الجنس البشري والجماعات العرقية، وعن دراسة النظم الاجتماعية من سياسيّة واقتصادية وقرابية ودينية وقانونية، وما إليها .. وكذلك عن الإبداع الإنساني في مجالات الثقافة المتنّوعة التي تشمل: التراث الفكري وأنماط القيم وأنساق الفكر والإبداع الأدبي والفني، بل والعادات والتقاليد ومظاهر السلوك في المجتمعات الإنسانية المختلفة. عن الملتقى الدولي الأول حول وضعية البحث الأنثروبولوجي في العالم العربي في 9/12/2007 الجزائر/تبسة
*2ـ الكوسمولوجيا" هي علم وصف الكون على ما هو عليه في حالته الحاضرة، ويبحث فيه عن القوانين التي تحكمه، بينما تعنى كونيات النشأة أو ببداية الخليقة
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 27-04-2008, 12:59 PM   #6
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل السادس: الآخر : المفارقة الضرورية ..

قدمته : دلال البزري .. أستاذة في الجامعة اللبنانية ـ صيدا

قد يكون لكل (آخر) تعريف خاص يوليه إليه من كان له به شأن. فما يعيشه الفرد أو يقرأه فهو (آخر) ذو معالم كثيفة، حادة، عدوانية ... يتحول غالبا الى مادة لقضية يَستغني العديدون عن حياتهم أو عن (موتهم) من أجلها: لاتقاء شره أو لتهدئة سطوته، أو للتصدي له ... بل أحيانا لإفنائه.

تبدأ الكاتبة ورقتها بهذه الفقرة وترى أن تقسمها الى قسمين:

أولا: ماهية نسبية واعتداد كوني

( ليحرقك الآخر، ذلك الذي لا يتوجب ذكر اسمه) : تلك هي لعنة رمتها (سالمبو) بوجه (ماثو)، غريمها ومنتهك حرمة إلهة قرطاجة) . بين الآخرين في هذه الدعوة بون شاسع، فالآخر السماوي، والآخر المدعو عليه!

هناك مستويات وأعداد لا حصر لها للآخر

الآخر : بصفته حاكما مستبدا لدى جورج أورويل في عام 1984: (الأخ الأكبر) وعينه الضابطة لتفاصيل حياة محكومية الدقيقة.

الآخر: المحكوم في كتاب الأمير لميكافيللي وهو يسدي النصائح للحكام عن الكيفية التي يجب التعامل بها مع الآخر (المحكوم).

الآخر : رب العمل عند (ماركس) في كتابه (رأس المال) ووسيطه في الاستغلال: فائض القيمة.

الآخر: في الدين وهو الدين الآخر أو المفارق في المذهب بالدين نفسه.

الآخر : في الجنس، المرأة آخر بالنسبة للرجل وهو آخر بالنسبة لها.

الآخر: قوة عظمى تسعى للسيطرة على العالم، ومن يكتوي بنارها يعتبرها آخر، وتعتبره هي آخرا بالنسبة لها.

الآخر : شرق وغرب

الآخر : عند الصوفي هو غير المفكر فيه، الواجب سبر أغواره حتى بلوغ (العين).

هكذا يكون الآخر، آخرا بالنسبة لموقع من يتعامل معه ويصنفه، وهي مسألة تلفت الانتباه لمن يريد اعتماد تلك التصنيفات بشكل أساسي لا يناقش ويسلم به. وأكثر تلك المسائل هي المعنية بالشرق والغرب، كيف نحدد الشرق؟ وبالتالي كيف نحدد الغرب؟ هل هي مسألة جهة جغرافية فحسب؟ لنتخيل أننا نعيش في اليابان ـ مثلا ـ فالشرق لنا هو الولايات المتحدة الأمريكية والغرب هو فلسطين مثلا!

إن الشرق هو اختراع أوروبي غربي سيزول مع الزمن أو يتطور بتطور أشكال القوة الفاعلة بالعالم. كما تطور مفهوم (الإفرنجة ) عند العرب المسلمين حتى القرن الرابع أو الخامس الهجري، ثم أصبح (صليبيين) .

من الأمثلة الأخرى التي لا ثبات ولا تسليم بديمومة الآخر فيها، هي ما حدث في لبنان (بالحرب الأهلية) فيكون الآخر للمسلم الساكن في بيروت الغربية، قد تحدد على ضوء وقائع الحرب، فهو من يقطن (بيروت الشرقية) أي حزب الكتائب وحلفاءه. وهذا المثال ممكن أن نشاهده في العراق، ولكن بصورة أكثر تعقيدا. فالآخر في البداية هو المحتل الأمريكي مع حلفاءه، والآخر هو الإيراني، والآخر هو المليشيات والآخر هو القاعدة والآخر هو الصحوة والآخر الحكومة المتعاونة مع المحتل، والآخر هو المقاومة، فأين يكون المتحدث يكون آخره حاضرا.

ثانيا: الوعي بالآخر وقلة الإلمام به

تقوم هذه المفارقة على معطيين بديهيين، هما بسرعة: الأول أنه لا يوجد (آخر) من دون الوعي بوجوده. يمكن لهذا (الآخر) أن يعيش طويلا في بقعة ما، في زمن ما، ولا نشك لحظة في أننا قد نلقاه يوما فيصير آخرا مختلفا، كما حدث للعرب المعاصرين عندما صدموا بالآخر الغربي بعد حملة نابليون 1798، فكان من بين زوايا النظر لهذا (الآخر) الزاوية العلمية، فأعجبوا بالآخر الغربي، واندفع أبناء العرب نحو الغرب لينهلوا من علومه. ومثال ثاني، هو بخصوص من تبقى من مخلفات (الهنود الحمر) في أمريكا وأنسبائهم عندما خرجوا في مظاهرات عام 1992 (بعد مرور 500 سنة على اكتشاف أمريكا) رافعين شعارا استنكاريا (لا تكتشفونا).

أما المعطى الثاني، فهو أنه لا توجد علاقة بالآخر إلا على قاعدة غالب ومغلوب، ومن دون هذه القاعدة، يضمحل الآخر ويصبح عدما .. مندمجا تمام الاندماج . كانت دول أوروبا الشرقية قبل عدة عقود تشكل (آخرا) بالنسبة لأوروبا الغربية، اليوم الكثير من تلك الدول تدخل في مؤسسات الغرب (حلف شمال الأطلسي، والوحدة الأوروبية).

فيما يخص اختراع الغرب للآخر، تذكر المؤلفة أنه بين عامي 1800 و 1950 صدر في الغرب كتبا وبحوث ودراسات عن الشرق تقدر ب 60 ألف مؤلَف، ليشرعن الغرب (عظمته) على الشرق (الآخر) [ أخذت الباحثة هذه المعلومات عن إدوارد سعيد].

سمات المعرفة بالآخر

1ـ الاختزال

أكثر الصفات السوسيولوجية إلصاقا بالشرق (العربي والإسلامي) هي الاستبداد. وهو استبداد يرمز له بالخيمة والقبيلة. وعندما يحاول الشرقي إنكار تلك الصفات عنه ويحاول تذكير الغرب بما نقله له من علوم قديمة أعاد الشرق صياغتها لتكون صالحة للاستعمال من قبل الغرب، وإن كان بعض مصادرها من الغرب نفسه (الإغريق). ينكر الغرب تلك الخاصية على الشرق ويعترف بأنه نقلها، لكن دون أن يلتقط الجوانب الإنسانية منها!

في حين يختزل الشرق صفات الغرب، ويصوره بأنه صليبي كافر وثني منحل الأخلاق.

2ـ الجنسنة Sexualisation

يصور الخطاب الاستشراقي، الشرق بذكورية ترمز الى العلاقة العادية بين رجل وامرأة : فالشرق عنده صامت، واهن، خائر، رخو، سلبي، والأهم .. ساحر. كل ما بوسعه هو تلقي المبادرة الآتية من الغرب وقبول الاختراق بالتواضع نفسه الذي تتمتع به العذارى. هذا من دون إغفال اهتمام الغرب اللافت، راهنا، بالمرأة المسلمة الشرقية: أجلى تعبيراته التركيز على خطر التيارات الإسلامية بصفتها تهدد المرأة القاطنة في بلدانه وكأنها أهم الأخطار (معارك منع الحجاب ).

من جانب آخر، يرى الشرقي في بنات الغرب وصورهن المتعرية في المجلات، أنهن مستباحات لكل باحث عن لذة عابرة، والصورة الغربية عند الشرقي صورة أنثوية، مقابل الصورة الذكورية عند الشرق بالجهاد والقوة والغزو والحرب. هذه الصور تتكرر في روايات الأدباء العرب (الحي اللاتيني: ليوسف إدريس، قصة حب مجوسية لعبد الرحمن منيف، موسم الهجرة الى الشمال للطيب صالح)

3ـ الزمن المفوَت

يعيش كل من الغالب والمغلوب زمنا يشتبك فيه الماضي والمستقبل، بحيث يصعب عليهما امتلاك الحاضر: فالأول لا يكتفي بمصادرة تاريخ المغلوب والتكلم باسمه، بل يذهب الى ما وراء التاريخ، فيما الثاني لا يجد ذودا عن نفسه سوى اللجوء الى ما قبل التاريخ.

يبقى المغلوب دائم الثبات على شفير الهاوية: على حدود التنازل عن أقرب حواضره، والغالب يقرر أنه لا وجود لمن يحتج على هيمنته بسبب فقدان الذاكرة

وما يواسي الشرق العربي أنه زمانه السالف صنع ما يشبه هذه الهيمنة، وإذا ما قِيس ببؤس الحاضر فسوف يجد فيه معلما من معالم جبروته المحتملة. لذلك فهو دائم الاعتصام به والمناجاة له. ( خيبر ، ذات الصواري ، صلاح الدين، قطز الخ).

خاتمة

تختتم الكاتبة ورقتها بتساؤل: هل من حالة يغيب فيها هذا الآخر؟ أو، إذا شئنا الاكتفاء بما تيسر، هل من سبيل الى إضفاء بعض التلوينات الدقيقة عليه، تقربنا من إنسانيته، وفي اللحظة نفسها تدخلنا الى الدوافع العميقة لصراعيته؟

العالم الجديد الذي نحن بصدده، لم يستقر بعد على المنظومة الفكرية التي تسمح له بتعيين الآخر تعيينا مقنعا. أما المرشح للاعتراض على ملامح هذا العالم فهي النواة العربية الإسلامية، بشرية كانت أم جغرافية، وقد أخذت ملامح اعتراضها بالتجلي، ليستكين الغرب عند تصنيفه للعرب والمسلمين بأنهم (الآخر) القابل لمواصلة مناهضته.

وعلى الشرق، لكي يربح نفسه كآخر غير متهم بل وفاعل ومنادد لغيره في العالم، أن ينتبه الى تقوية نسيجه الداخلي من حيث حقوق الإنسان وتناقل السلطة ومراقبة نمو في مختلف المجالات ليكون صورة لمرآة لأي آخر في العالم، وإلا بقي الشرق يحلق بأجنحة (استبداديته) المتكسرة.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 18-05-2008, 06:51 AM   #7
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل السابع: صورة الآخر المختلف فكريا: سوسيولوجية الاختلاف والتعصب

قدمه : حيدر ابراهيم علي : مدير مركز الدراسات السودانية في القاهرة وأمين عام الجمعية العربية لعلم الاجتماع ..

يأخذ الكاتب في ورقته منحى مختلف عمن سبقه، فهو يستخف بفكرة الآخر البعيد (الذي من قارة أخرى أو من قطر آخر أو من قومية أخرى)، ويركز على أن الآخر في منطقتنا العربية أصبح رمزه مزروعا بيننا.

لقد دخل أبناء الوطن العربي بعداءات فيما بينهم تفوق تلك التي مع أعداءهم، فأصبح من الملائم أن يُطلق عليهم (الأخوة ـ الأعداء). ويحاول الكاتب أن يمر بحيادية (عالم الاجتماع) على الظواهر المنتشرة في الوطن العربي، من عودة عنيفة متحمسة ومتعصبة للفكر الديني (الإسلاموي ـ أي الإسلامي المسيس)، ويذكر الكثير من الفئات التي تزعم أنها (الفئة الناجية) المنزهة من بين الفرق الإسلامية الكثيرة، وهي (أي كل فرقة تزعم ذلك) الوحيدة التي تملك الحق في إزالة وتطهير المجتمع العربي من كل ما دنسه من مظاهر ردة.

ويشبه الكاتب تلك الدعوات والتي لم تقتصر على المسلمين في العالم، بل توجد لدى اليهود( شعب الله المختار) و المسيحيين (ملح الأرض ونور العالم) كما هي عند المسلمين (خير أمة أخرجت للناس) يشبه ذلك بفكرة النازية بموضوع الاستعلاء والأحقية في محو الآخر وقهره وإخضاعه.

يقول الكاتب: يضعنا تأكيد الهوية الدينية أمام مجتمعين متناقضين: مجتمع الوحدة والإجماع أو النقاء والانسجام، مقابل مجتمع التعدد والاختلاف والتسامح. وفي هذه الحالة تحتل مسألة الهوية (Identity) أهمية محورية، إذ تعادل الأنا أو الذات، ولكنها تثير عدة أسئلة صعبة، منها على سبيل المثال: هل الهوية الدينية بالتحديد صراعية أم تواصلية، أي قادرة على قبول الآخر، أو هل هي إقصائية (Exclusive) تماما أم قد تتضمن الآخر (Includedness) ؟ قد تتحول الهوية في السياق الديني من مفهوم اجتماعي ـ ثقافي، أو حتى مصطلح سياسي، الى جوهر ثابت، وبالتالي قد يهدده التفاعل والتواصل مع المختلف الذي قد يخلط نقاءه أو يزحزح حدوده.

أولا: صناعة مجتمع العودة والنقاء

العودة بعد الاغتراب. نجد هذه الصفة واضحة في الحديث النبوي الشريف (بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا، فطوبى للغرباء) وعندما سُئل الرسول صلوات الله عليه قال: (هم الذين يحيون سنتي بعد موتها). وقد حاول الكثير من الفئات توظيف هذا الحديث لحصر أنفسهم بتلك المهمة.

وصفة التطهير التي تنادي بها الفئات التي تعتقد أنها المعنية بأن تنذر نفسها لتلك المهمة، تتحول الى أيديولوجيا نهمة (Greedy Ideology) أي التي لا تكتفي ولا تشبع أبدا، وتصور نفسها بحالة ضعف دائم، وعليها النهوض لتواجه قوى الشر الكثيرة المحيطة بها، فلا تكتفي بمن هم واضحين في عداءها بل تتعداهم الى صفات متدرجة في سوءها لكنها تستوجب الإزالة (الكفار، الجاهليون، الزناديق، الفاسقين، المارقين، المجذفين، أصحاب البدع الخ).

ينقسم الإسلاميون أو دعاة النقاء والعودة الى المجتمع (المثالي) الذي عرفه المسلمون في فجر الإسلام الى تيارين: أحدهما يدعو الى تربية الأفراد إسلاميا بقصد خلق المجتمع المسلم، ثم الدولة التي تحكم بشرع الله. أما الآخر فيرى ضرورة البدء بالاستيلاء على السلطة السياسية، ثم يستطيع بعد ذلك فرض التغيير على الفرد والمجتمع، وبالتالي لا بد من محاربة الدولة (الجاهلة) القائمة. وهذا الاتجاه الأخير هو الذي وجد قبولا وانتشارا بين الجماعات (الإسلاموية) النشطة. وقد شاع رأي يقول بفريضة القتال ضد كل أنظمة الكفر أو الجاهلية أو الطاغوت في البلاد التي تعتبر إسلامية. وانتشر مصطلح (الفريضة الغائبة) ويقصد بها (الجهاد)*1

لقد تطور هذا المفهوم في الثمانينات من القرن الماضي لتصبح تلك الثقافة شاملة لأهداف يجب تصفيتها ممتدة الى الجوانب الفكرية والصحافية والمسرحية فكان مثلا أفراد من تلك الأطياف يتعرض للذبح والتصفية في الجزائر وكأنهم جنود كفار.

هذا الآخر الداخلي، قد ظهر منذ القرن الأول الهجري، عند الخوارج وبقي مستمرا معتمدا على توكيل جماعة معينة لنفسها في تطهير الأجواء الإسلامية بحجة منع الفتنة ويستشهدون بالآية الكريمة (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) الأنفال 39.

ثانيا: الطريق الى التعصب والتكفير

تحاول الجماعات الإسلاموية المتشددة أن تركز على وجود أفراد ممتازين ومميزين داخل الحركة، فلا يكتفون بوجود أفراد متحمسين، بل بأفراد متفوقين وممتازين (المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف). وتتكرر في كتاباتهم فكرة (الاستعلاء) انطلاقا من الآية الكريمة: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) آل عمران 139.

يقدم هذا النمط الجديد من التفكير نموذجا للتعصب، وليس المتحمس فقط، ومن أهم تعريفات المتعصب: (هو من يريد تدمير المجتمع المدني ليقيم مكانه هنا والآن، ملكوت الله) والفرق بين المتحمس والمتعصب هو أن الأول يعتقد أنه ملهم من الله بينما المتعصب هو الذي ينتقل باسم هذا الإلهام الى الفعل*2

يستمر الكاتب في حديثه عن اختراعات الآخر الداخلي في المجتمع العربي الراهن وما ينذر به هذا الوضع من حمل السلاح في وجه البعض من قبل البعض الآخر، ويشير الى أن أسباب ذلك، هو ضعف أداء الدولة واستيعابها للنشاط الفكري وإقناعها للناس بأنها تمثلهم على أحسن وجه بما ينسجم مع عقيدتهم ويحفظ كرامتهم. هذا الوضع يساعد على تفريخ مثل تلك الجماعات التي تستغل حالة الترهل العامة لتبشر بدورها كمنقذ وحامي لحمى الدين والوطن.

هوامش
*1ـ الفريضة الغائبة/ محمد عبد السلام فرج/ ملحق في كتاب: نعمة الله جنينة، تنظيم الجهاد: هل هو البديل الإسلامي في مصر (القاهرة: دار الحرية1988) ص223 وما بعدها. [ تهميش الكاتب نفسه]

*2ـ التعصب سيرة كلمة/ دومينيك كولا /مواقف/ العدد65 خريف 1991/ صفحة 132و135 [ تهميش الكاتب نفسه]
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .