العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة > دواوين الشعر

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الرد على مقال محمد اسم لرسالة وليس اسمًا لشخص بيولوجي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الذرية فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الطرف في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الثالوث فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الطبع في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الصفق فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الولدان المخلدون (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الخمار فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الحجاب في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: رقص و قذارة سفيرة (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 08-12-2006, 01:53 AM   #1
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

ولا يؤثر فى توحيد المسلم زيارته لقبر النبى أو مدحه بعد الآذان ، وليس فى التوسل برسول الله حياً وميتاً أدنى غضاضة أو توهم شرك أو إبهام نقص فى حقه تعالى ، فإن المتوسل بهم معتقد وقائل : إنه لا فاعل ولا خالق إلا الله تعالى ، وانما التوسل بالولى والنبى سبب من الأسباب العادية التى يخلق الله الشىء عندها أو بها .

ان فتنة التكفير على أساس تشريك المخالف فى الرأى نبتت وذاعت مع دعوة ابن تيمية ثم ابن عبد الوهاب ، وهى تخالف ما اعتقدت الأمة بصوابه ، فقد قال ابن كثير (رغم أنه من تلامذة ابن تيمية) : ان مكة أفضل من المدينة إلا موضع القبر الشريف ، وليس ذلك إلا لوجود جثمان النبى (ص) فيها .

وخلاصة القول إن أمة محمد (ص) نجت من الشرك الايمانى باعتقادها أن الله ليس كمثله شىء ..

3 – اختصاص رسول الله (ص) بما لا يحصى من العلوم الغيبية :

من القضايا التى أثارها الفكر التكفيرى ما قاله ابن عبد الوهاب : " وما يتفوه به عقلاء مشركى زماننا (يقصد المسلمين واتهمهم بالشرك والكفر) بأن المراد هو نفى العلم والدراية التفصيلية المستقلة ، ولا ندعيه ولا تنفى العلم بإعلام الله الذى ندعيه أو أنه كان فى أول الأمر ثم ألقى الله عليه علم الأولين والآخرين وجعله مطلعاً على ما يكون إلى قيام القيامة وأمثال تلك الهفوات فهو ابتداع فى الدين " .

وقد رد علماء مكة المعاصرين لابن عبد الوهاب بقولهم : التسليم الحق عبر عنه بهفوة عقلاء مشركى زمانه ، ويسمى ما صح عن رسول الله (ص) هفوة وابتداعاً فى الدين .

لقد جاء فى البخارى أنه صلى الله عليه وسلم (كما أخبر ابن أخطب وابن حذيفة) أخبر بما هو كائن إلى يوم القيامة .

وفى الشفا " وبحسب عقله كانت معارفه (ص) ما علمه الله وأطلعه عليه من علم ما يكون وما كان ومن عجائب قدرته وعظيم ملكوته ، قال الله تعالى (وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً) سورة النساء / 113 " .

وفى القرآن الكريم آيات كثيرة تدل على علمه (ص) مآله ومآل أصحابه وأهل بيته وعامة أمته جزما لا يحومه شبهة بإعلام الله تعالى ووعده الصادق غير المكذوب (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً) البقرة / 143 ، وقال (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد ، وجئنا بك على هؤلاء شهيداً) النساء / 41 .

ان قضية اختصاص النبى (ص) بعلوم الأولين والآخرين من القضايا التى اعتقد المسلمون بصحتها والآية القرآنية تقول (ما فرطنا فى الكتاب من شىء) ، وهذا معناه كل العلوم .

وحتى لو لم يختص النبى الأعظم بهذه العلوم ، فليس من شأن جماعات التكفير تكفير من يقول بهذه الخصوصية ، لأن ذلك مناطه القلب والإيمان ، ولا يحب تكفير الغير بسبب قولها، مع التأكيد على أن التشهير بمن قال بها من القضايا الحديثة التى لم تثر من قبل على نطاق العامة ، وظلت حبيسة الكتب ، ولكن التكفيريين أذاعوها وأحدثوا البلبلة من حولها معتقدين أنهم يصححون توحيد الأمة ، فهل من تصحيح التوحيد نفى إحاطة النبى بالعلم الذى أعطاه الله إياه .

4 – حقيقة شفاعة رسول الله (ص) لأمته :

قال ابن عبد الوهاب فى رسالته : وقد نص الله على هذا بقوله (ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقاً من السموات والأرض شيئاً ولا يستطيعون) سورة النحل / 73 ، وقال الله تعالى : (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك شيئاً ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين) يونس / 106 ، وقال : (قل إنى لا أملك لكم ضراً ولا رشداً ، قل إنى لن يجيرنى من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا) الجن / 21-22 ، انظروا انه أمر الله تعالى محمداً بإظهار عدم ملكه لأمته ضراً ولا رشداً ، ثم قال : فمن قال يا محمد ، فقد خالف الله ورسوله وكفر فإنه جعل أنه يملك له ضراً ورشداً .

كما قال ابن عبد الوهاب : قال الله تعالى (قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض وما لهم فيهما من شرك وماله منهم من ظهير ، ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له) سبأ / 22-23 ، بهذه الآية قد قطع الله عروق الشرك بشعبها.

فإن من تُسأل عنده الحاجات وينادى فى الشدائد إما أن يكون مالكاً ، وإما أن يكون شريكاً، وإما أن يكون ظهيراً ومعاوناً ، وإما أن يكون شفيعاً عنده ، وكلّ منها منفى .

فتم إلزام الله على المشركين الذين يسألون المخلوقين وينادونهم مع زعم أنهم أدون من الله أما السابقون فاللات والعزى والسواع ، وأما اللاحقون فمحمد وعلى وعبد القادر ، والكل سواء فإن الله تعالى لا يقبل الحذر فى الشرك ولو كان مع نبى .

ومن غاية ضلالة المشركة اللاحقين اعتزازهم بالشفاعة وكان هذا مرض المشركين السابقين كما قال تعالى (ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله) يونس / 18 ، ولا يفقهون أن الله شنع عليهم بهذا الاعتقاد وصيرة شركاً وكفراً . أ.هـ كلام ابن عبد الوهاب .

لقد قرن ابن عبد الوهاب بين اللات ومحمد .. هكذا ، فأساء الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

لقد أنكر شفاعة محمد (ص) ونسى أو تناسى إلا لمن أذن له فى آية سورة سبأ عند ذكره اختصاص الشفاعة لله ، والإذن من الله لا يكون إلا للمقربين منه خصوصاً سيد الخلق محمد (ص) ، والآية الآخرى تقول صراحة (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً) النساء / 64 ، كذلك الآية الكريمة تقول (جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم) الرعد / 23 ، أى صلح دخول الجنة.

والحقيقة أن قضية الشفاعة لم تكن من القضايا التى تثير خلافاً عاماً من حولها ، لقد أحب المسلمون النبى ورجوا أن يشفع لهم عند الله تعالى .

ولكن فكر التكفير صاغ القضية فى قالب تكفيرى يعتقد بشرك من يقول بها ، وصوتهم العالى وهياجهم المستمر جعلهم يخوفون الناس خاصة أنهم اعتنقوا فكر الخوارج القدامى الذى كفر كل من عاداهم ، وقتلوا أمير المؤمنين على بن أبى طالب بذريعة أنه لا يحكم بما أنزل الله.

5 – حرمة دم الإنسان فى القرآن الكريم والسيرة النبوية :

يقول الله فى كتابه الكريم " يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم فى سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً ، تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة ، كذلك كنتم من قبل فمنَّ الله عليكم فتبينوا ان الله كان بما تعملون خبيراً " النساء / 94 .

الآية الكريمة لا تعطى لأحد من الناس نزع صفة الإسلام عن المخالف فى الرأى طالما أنه ينطق بالشهادة ، ومن الطبيعى أنها لا تجعل لأحد من البشر التفتيش فى الصدور والتنقيب عن خائنة الأعين وما تخفى الصدور ، فهذا أمر اختص الله به نفسه .

وجاء فى صحيح البخارى هذا الحديث : عن أبى سعيد الخدرى قال : بعث على ابن أبى طالب (رضى) إلى رسول الله (ص) من اليمن بذهبيه فى أديم مقروظ فقسمها بين أربعة نفر، بين عينية بن حصن وأقرع بن حابس وزيد الخيل والرابع إما علقمة وإما عامر بن الطفيل، فقال رجل من أصحابه : كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء ، قال فبلغ ذلك النبى (ص) فقال : ألا تأمنونى وأنا أمين من فى السماء يأتينى الخبر من السماء صباحاً ومساء ، قال فقام رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناشز الجبهة كث اللحية محلوق الرأس مشمر الإزار ، فقال يا رسول الله : اتق الله ، قال : ويلك أولست أحق أهل الأرض أن يتقى الله ، قال : ثم ولى الرجل ، قال خالد بن الوليد : يا رسول الله ألا أضرب عنقه ، قال : لا لعله أن يكون يصلى ، فقال خالد : وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس فى قلبه ، قال رسول الله (ص) : إنى لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم) .

هذا رسول الله لم يعنف ولم يلم من خاطبه بلهجة قاسية ، ولم يهدر دمه ، ولم يقل له قولاً عنيفاً ، وقال لعله يصلى ، وأنه لم يؤمر بأن ينقب عن قلوب الناس ، هذا فضلاً عن تكفير الناس وإخراجهم من المـلة كلها بكلمة ومن ثم استباحة دمائهم دون محاكمة ودون اعلان ودون استتابة.

ولكن الدعوة التكفيرية انطلقت دون الاعتماد على القرآن الكريم أو السنة النبوية أو السيرة الشريفة ، فأخذوا من القرآن ما جاء بحق المشركين والكافرين وطبقوه على المسلمين ، فقالوا ان دعاء الأموات وخاصة الأولياء والأنبياء والصالحين شرك مخرج من الملة ، وأنهم كفرة يجب قتالهم وسبى ذراريهم ونسائهم وبناء على هذه الآراء التكفيرية قاموا بقتل المسلمين فى الطائف ومكة المكرمة ، والمدينة المنورة وفى عسير والاحساء وكل منطقة تقع تحت سيطرتهم ، مما كتبناه فى بحث عن أسلمة الحجاز بين التأويل والتنزيل الدينى .

فرق دعاة التكفير بين المسلمين وجعلوهم شيعا بعد أن انتشر الفكر وأباح دم المسلم ، وكذلك غير المسلم فرغم أن القرآن الكريم (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه) ، الأمر إذن واضح أن الإنسان فى القرآن الكريم له حرمة مهما كان دينه وعقيدته ، بل إن القرآن الكريم اعتبر الكفر ديناً ، فخاطب الكافرين " لكم دينكم ولى دين " ، ولم يحدث أن مارس النبى (ص) القتل العقائدى تحت أى مسمى ، ولم يشن أى حرب هجومية فكل غزواته وسراياه التى بعثها كانت لصد الهجوم ، أو لمنع اعتداء ، ليس ذلك فقط كان يطلق الأسرى بعد أن يحسن إليهم .

أما دعاة التكفير فانطلقوا يشيعون الخراب الفكرى لذاكرة الأمة وقالوا بحرب المسالمين من المسلمين بحجة كفرهم ، وقتل غير المسلمين المسالمين بحجة أنهم كفرة أيضاً ، وورث شباب الجماعات الإسلامية هذه المفاهيم وقاموا بحرب الجميع مواطنين من مسلمين ومسيحيين ، وقاموا باستعداء الغير على الإسلام عموماً ، ثم شنوا الرعب فى الديار الإسلامية ومنها الدار التى نشأ فيها فكر التكفير بنفس الحجة التى قامت عليها الدولة السعودية ، ذلك أن الفكرة دائماً ما تثمر كالشجرة تنبت من نفس ثمارها ، وشجرة التكفير لا تنبت إلا التكفير والتكفيريين .

وهذا هو السبب فى تسلط حكام السعودية وفقهائها فى الإشراف على الحجاز بحجة منع الشرك، وكأن المسلمين طوال تاريخهم كفرة مشركون ، فهدموا الأضرحة والمقامات والبيوت التى عاش فيها النبى والصحابة وأهل البيت جميعاً ، ووأدوا كل فكر يخالف فكرهم رغم أن هذا الفكر بعيد كل البعد عن المنهج الإسلامى الصحيح كما رأينا فى الصفحات السابقة .

فكر التكفير وأهل البيت :

كان من الضرورى إلقاء الضوء على نظرة أهل التكفير لأهل بيت النبى (ص) ، لأن هذا مما اختلفوا فيه عن كل المسلمين الذين رأوا أن حب أهل البيت فرض عليهم وقال الإمام الشافعى رضى الله عنه شعراً :

السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 08-12-2006, 01:57 AM   #2
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

يا آل بيت رسول الله حبكم فرض من الله فى القرآن أنزله

كفاكم من عظيم الفضل أنكمو من لم يصل عليكم لا صلاة له

أما بداية فكر التكفير فقد جاء على لسان ابن تيمية الذى قال إن أهل البيت ناس من الناس، بشر من المسلمين لا يفترقون عن الناس بأى فارق سوى التقوى والعمل الصالح ، أما قرابتهم من رسول الله (ص) فلا فائدة منها ولا تقدير لها ، فقد قال النبى (ص) لفاطمة (لا أغنى عنك من الله شيئاً) .

ولذلك يقول أبو هاشم الشريف فى كتابه (ابن تيمية .. ذلك الوهم الكبير) رداً على ذلك : وهذا أمر طبيعى وتسلسل منطقى من ابن تيمية ، فقد رأى ان رسول الله (ص) قيمته فيما أوصى إليه ، أما ذاته فلا تفيد شيئاً خصوصاً بعد انتقاله الى الرفيق الأعلى ، ووصل الأمر بابن تيمية أن قال إن هناك قوادح كثيرة فى السيدة فاطمة ويمكن أن يكون لها بعض الذبوب ، وقال : ان حزن فاطمة على النبى (ص) بعد وفاته نقص فى إيمانها ، وأن هذا الحزن لا فائدة فيه، وأنها حين حلفت ألا تكلم أبا بكر حتى تلقى أباها وتشتكى إليه : يرى ابن تيمية ان هذا أمر لا يليق بعقيدتها ، فإن الشكوى لا تجوز إلا لله ، فإذا ثبت عنها ذلك ، فهذا نقص فى عقيدتها ، كما يرى أن الأحاديث التى جاءت فى مدح الزهراء كذب كلها خصوصاً حديث (إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك) لأن هذا يضاد العقيدة .

كما ادعى ابن تيمية أن الصحابة كانوا لا يحبون الإمام على بن أبى طالب ، ويرد الأحاديث التى تمدحه أو يضعفها ، كما ضعف أحاديث شهيرة متواترة قيلت فى فضائل "على" مثل (من كنت مولاه فعلى مولاه .. اللهم وال من والاه) وقال عنه : فهذا ليس من شىء من أمهات الكتب إلا فى الترمذى ، وليس فيه (اللهم وال من والاه) ولا ريب أنه كذب لأنها تخالف أصلاً من أصول الإسلام .

وقال أيضاً : ان هذا اللفظ (اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله) كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث .

كما يرى ابن تيمية عدم وجوب الصلاة على النبى (ص) فى الصلاة لا هو ولا آله وشدد وكرر وصمم على كفر أبوى النبى (ص) وأنهما فى النار وأيضاً على شرك وكفر أبى طالب عم النبى (ص) رغم حب النبى إياه .

ووصل به الأمر ان قال عن سيد الشهداء الحسين بأنه قتل بشرع جده لأنه خرج على إمام (يقصد يزيد) وأنه كان يجب أن يبايع يزيد .

وخاض ابن تيمية فى كل أهل بيت النبى ، واعتبر بعضهم ناقص الإيمان والبعض خارجاً عن شرعية الحكم .

اتخذ التكفيريون أقوال ابن تيمية منهاجاً لحياتهم وفكرهم ولم يعتبروا أن لهم أفضلية بقرابتهم لرسول الله (ص) ، هذا فى الوقت الذى يقدسون ويكرمون فيه أبناء الشيخ ابن عبد الوهاب، وخطيب مسجد نمرة يوم عرفة غالباً يكون من نسل آل شيخ إكراماً للشيخ ، أما أمراء البيت السعودى فحدث ولا حرج لهم كرامة السمو الملكى طالما أنهم من نسل سعود ، ومازال هذا الإكرام مستمراً ، يأخذون من المال ويصرفونه ولا يخاطبهم الناس بأسمائهم مجردة، ولكن لابد من ذكر صاحب السمو أو صاحب السمو الملكى .

هذا فى الوقت الذى يسيئون فيه لقرابة النبى الذين لم يأخذوا مالاً ولم يعتدوا على حقوق أحد من البشر .

وإذا كانوا سكتوا عما شجر بين صحابة النبى ، فلماذا لم يسكتوا عن أبوى النبى وعمه ، بل صمموا على كفرهم لا لشىء الا لكونهم آباء رسول الله (ص) أما أبناؤه فقد اتهمهم ابن تيمية فى شجاعتهم وعقيدتهم ، وقال إن أولياء النبى أعظم درجة من آله .

النبوة فى الفكر التكفيرى
==============================
التصور التكفيرى للنبى (ص) هو مجرد دور ينتهى أو انتهى برحيله صلى الله عليه وآله وسلم، فهو مجرد مؤدى رسالة ، ولما مات انتهى دوره ، ورفضوا القول عن النبى بسيدنا رسول الله فى الصلاة ، وقالوا بأن من يقول فى الصلاة أو فى الآذان " اللهم صل على سيدنا محمد " فهو مبتدع فى الدين ، عاصٍ فى كلامه ويجب ان يتوب رغم الله سبحانه وتعالى ولم يخاطب النبى أبداً فى قرآنه إلا بيا أيها النبى ، أو يا أيها الرسول ، وقال سبحانه " لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه " ، وقال أيضاً " لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً " وأقسم الله بحياة رسول الله فقال : " لعمرك انهم لفى سكرتهم يعمهون " ، وقال أيضاً : "الذى يراك حين تقوم وتقلبك فى الساجدين " .

ورغم كل هذا التقدير الالهى للرسول الأعظم ، يرى التكفيريون ضرورة سحب هذا التقدير، بل قالوا بعصيان من يعظم رسول الله كما عظمه الله جل وعلا ، وجعلوا هذا من ضرورات التوحيد والإيمان ، وحاربوا من يقول بهذا التعظيم ، وقد رفض علماء الأمة وعامتها هذه الأقوال واعتبروا من يقول بها سىء الأدب مع مقام النبوة وأخلاق الرسالة .

ووصل الأمر بابن تيمية ان قال : إن الشيطان يأتى أحدهم فيقول : أنا رسول الله ، أو يخاطبه عند القبر كما وقع كثير ، ومنهم من يخيل إليه أن الحجرة قد انشقت وخرج منها النبى وعانقه ، ومنها من يخيل إليه أنه رفع صوته بالسلام ، وقد يرى القبر وخرج منه صورة إنسان فيظن أن الميت نفسه خرج من قبره ، أو أن روحه تجسدت وخرجت من القبر ، وانما ذلك جنى تصور فى صورته ليضل ذلك الرائى .

يقول ان الشيطان قد يتجسد فى صورة النبى (ص) رغم أن الحديث الصحيح يقول : من رآنى فى المنام فقد رآنى حقاً فإن الشيطان لا يتمثل بى " ، ولكن ابن تيمية يضعف الحديث كعادته طالما أنه لا يتفق مع فكره .

إن قدرة الشيطان على التجسد فى صورة النبى تعتبر مدخلاً فى الحط من مقام النبوة ، وهى الفكرة التى أمسكها أعداء الإسلام وقالوا إن من الممكن أن يكون الشيطان تجسد فى صورة النبى أثناء حياته ، وهى الفريات التى أقام عليها سلمان رشدى آياته الشيطانية .

إن آراء ابن تيمية ومدرسة ابن عبد الوهاب نهيىء الفرصة لأعداء الإسلام ليضخموها ويهجموا بها على رسول الله (ص) وينالوا من الإسلام وأهله .

الفكر التكفيرى والألوهية :

يقول ابن عبد الوهاب : فاعلم ان الربوبية والألوهية يجتمعان ويفترقان كما فى قوله (قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس) ، وكما يقال رب العالمين وإله المرسلين ، وعند الأفراد يجتمعان كما فى قول القائل مثاله الفقير والمسكين نوعان فى قوله تعالى (انما الصدقات للفقراء والمساكين) ونوع واحد فى قوله (افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) إذا ثبت فقول الملكين للرجل فى القبر : من ربك ؟ معناه من إلهك لأن الربوبية التى أقر بها المشركون ما يمتحن أحد بها ، وكذلك قوله (الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله) ، وقوله (قل أغير الله أبغى رباً) ، وقوله (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) فالربوبية فى هذا هى الألوهية ليست قسيمة لها كما تكون قسيمة لها عند الاقتران فينبغى التفطن لهذه المسألة ، والمشركون الذين قاتلهم رسول الله (ص) قد أقروا بتوحيد الربوبية ، وإنما قاتلهم رسول الله (ص) عند توحيد الألوهية ، ولم يدخل الرجل فى الإسلام بتوحيد الربوبية الا اذا انضم إليه توحيد الألوهية ان هؤلاء (الذين أقروا بالربوبية دون الألوهية) ما عرفوا التوحيد وانهم منكرون دين الإسلام .. أ.هـ .

والقارىء لهذا الكلام يجد مغالطات ، منها أن الرسول قاتل المشركين عند توحيد الألوهية ، فالنبى لم يقاتل الا من قاتله ، ولم يقم بأى حرب عدوانية ، وكل ما كان يطلبه من المشركين هو تركه لتبليغ الرسالة ، هذا من ناحية ، من ناحية أخرى فإن القول بأن الربوبية والألوهية يجتمعان ويفترقان ليس له محل من الإعراب ، فالمسلمون عموماً يعتقدون ويؤمنون أن الله سبحانه وتعالى هو رب الناس ، وأن الإله والرب بمعنى واحد فى خلاصة التوحيد .

المأساة جاءت فى قول ابن عبد الوهاب أنه يجب أن (يقاتل الناس على توحيد الألوهية رغم أنهم يقرون بتوحيد الربوبية تماماً كما فعل رسول الله (ص) عندما قاتل الناس على توحيد الألوهية رغم أن كفار قريش كانوا يؤمنون بتوحيد الربوبية) .

هذه الانقسامات والأفكار جلبت التكفير للبشر حيث أن التوحيد لديهم صنف الناس : منهم المؤمنون بالربوبية فقط وهم مثل كفار قريش ، وصنف المؤمنين بالربوبية والألوهية ، وهم المؤمنون حقاً .

السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 08-12-2006, 02:00 AM   #3
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

ولكنه يعود فيقاتل الصنف الثانى إذا عظموا رسول الله أو زاروا قبره أو مدحوه شعراً ، كما قالوا عن الإمام البوصيرى مادح الرسول الكريم فى قصيدة البردة .

على العموم الانقسامات العقائدية تبدأ دائماً حول التصور لأنه الله سبحانه وهو الحقيقة المطلقة غير قابل للتعدد والانشطار فى حين يتباين البشر بسبب تعددية الرؤى للحقيقة الإلهية أى تعدد التصورات البشرية القاصرة لحقيقة واحدة مطلقة .

ولذلك يقول الامام على فى نهج البلاغة (الحمد لله الذى انحسرت الأوصاف عن كنه معرفته وردعت عظمته العقول ، فلم تجد مساغاً الى بلوغ غاية ملكوته ، هو الله الحق المبين ، أحق وأبين مما ترى العيون ، لم تبلغه العقول بتحديد فيكون مشبها ، ولم تقع عليه الاوهام بتقدير فيكون ممثلاً ، خلق الخلق على غير تمثيل ولا مشورة مشير ولا معونة معين ، فتم خلقه بأمره ، وأذعن لطاعته ، فأجاب ولم يدافع ، وانقاد ولم ينازع " .

وهذا الذى قاله الامام على هو عين التوحيد الرسالى الذى نزل به الوحى الإلهى على الرسول الأعظم .

ان التفرقة بين الربوبية والألوهية لا تعدو ان تكون مجرد مبرر لتوزيع الاتهامات بالكفر ممن لا يملك ضد من لا يستحق من المسلمين الأبرياء . هذا هو فكر التكفير عن الألوهية والنبوة والرسالة وغيرها .

وبناء على هذا الفكر قال الشيخ ابن عبد الوهاب ليصل إلى تكفير كل البشر وأنهم وحدهم الفرقة الناجية : (وقولكم أننا نكفر المسلمين كيف تفعلون كذا كيف تفعلون كذا ، فإنا لم نكفر المسلمين بل ما كفرنا الا المشركين – يقصد المسلمين الذين لا يقولون قولهم – وكذلك أيضاً من أعظم الناس ضلالاً متصوفة فى معكال (بلد بالجزيرة) وغيره مثل ولد موسى بن جوعان وسلامة بن مانع وغيرهما يتبعون مذهب ابن عربى وابن الفارض ، وقد ذكر أهل العلم أن ابن عربى من أئمة أهل مذاهب الاتحادية وهم أغلظ كفراً من اليهود والنصارى ، فكل من لم يدخل فى دين محمد (ص) ويتبرأ من دين الاتحادية فهو كافر برىء من الإسلام ، ولا تصح الصلاة خلفه ، ولا تقبل شهادته ، وصاحب الاقناع قد ذكر أن من شك فى كفر هؤلاء السادة والمشائخ فهو كافر) .

أى أن التكفير يشمل الجميع ، وتلك هى المحنة التى تعيشها الأمة منذ انتشار الفكر التكفيرى بالدعم المالى .




خاتمة البحث :

قبل ختم البحث لابد هنا من إيراد ما أقره علماء مكة وسائر البلاد الإسلامية وقضاتها ومفتوها الذى عنون باسم (الأجوبة المكية فى الرد على الرسالة النجدية) وهى التى ذكرناها فى أول مقالنا ، وهم الذين عاصروا قتل أهل الطائف على يد الوهابيين قبل اقتحامهم مكة المكرمة .

قالوا : " تم النظر فى الباب الأول وحان العصر ، وقامت الصلاة فقاموا والنقش لأحمد الباعلوى (هو أحمد بن يونس الباعلوى كاتب الرسالة إملاء من علماء مكة) واللفظ أكثر للشيخ عمر عبد الرسول وعقيل بن يحيى العلوى والبعض للشيخ عبد الملك وحسين المغربى (من علماء مكة) ، ولما فرغوا من الصلاة رجعوا فى النظر إلى الباب الثانى فإذا طائفة من مظلومى الطائف دخلوا المسجد الحرام ، وانتشر ما جرى عليهم من أيدى الوهابيين واشتهر أنهم لاحقون من أهل الحرم وعامدون لقتلهم فاضطرب الناس كأنها قامت الساعة .

فاجتمع العلماء حول المنبر وصعد الخطيب أبو حامد وقرأ عليهم الصحيفة النجدية وما نقشت من ألفاظ العلماء فى ردها وقال : أيها العلماء والقضاة والمفتون سمعتم مقالهم وعلمتم عقائدهم فما تقولون ؟

فاجتمع كافة العلماء والقضاة والمفتون على المذاهب الأربعة من أهل مكة المشرقة وسائر بلاد الإسلام الذين جاءوا للحج وكانوا جالسين ومنتظرين لدخول البيت عاشر المحرم وحكموا بكفرهم وبأنه يجب على أمير مكة الخروج إليهم من الحرم ، ويجب على المسلمين معاونته ومشاركته ، فمن تخلف بلا عذر يكون آثماً ، ومن قاتلهم يصير مجاهداً ، ومن قتل من أيديهم يكون شهيداً .

فانعقد الاجتماع بلا خلاف على كلمة واحدة ، وكتبت الفتوى وختمت بخواتيمهم كلهم ، فصلوا المغرب وذهبوا بعد الصلاة إلى الشريف أمير مكة المعظمة .

واتفق كل من بمكة على قتالهم واتباع أمير مكة فى الجهاد عليهم والخروج بكرةً من حد الحرم إلى جهتهم واشتغل كل من فى استعداده " ، انتهى ما كتبه علماء مكة المعاصرين لابن عبد الوهاب .

ولكن ما حدث هو أن حروب الوهابيين لم تنقطع وعاثوا فساداً فى البلاد التى فتحوها ، قتلوا الرجال وسبوا النساء دون رادع من عروبة أو دين أو خلق ، وكلها بسبب فتاوى التكفير . وعندما استتب الأمر لآل سعود بفتاوى آل شيخ التكفيرية ، وظهر النفط الكثير لديهم قاموا بالانفاق على الحرمين الشريفين لكى يعطوا مصداقية لما يقولون ، وامتد أثرهم إلى الأجيال اللاحقة الذين لم يروا الأماكن المقدسة قبل أن يغير معالمها الوهابيون ، فلم يروا غضاضة من القول إن السعوديين يمثلون الإسلام طالما أنهم يوسعون الحرم أو يشقون الطرق ، أو يصرفون على مساجد أنصار السنة فى الديار الإسلامية .

يقول أبو هاشم الشريف : إن الأمة الإسلامية التى تنتسب إلى أهل السنة الآن مفرقة مشتتة، لا تدخل مسجداً أو حياً أو نجعاً إلا وتجد الخلاف فى مسائل الدين أصلاً من أصوله ، وكأن الأصل عند أهل السنة هو الاختلاف ، والاستثناء هو الاتفاق .

والسبب فى ذلك التنازع هو انتشار فكر مدرسة ابن عبد الوهاب (فكر التكفير) التى استمدت أفكارها وأصول مبادئها من فكر ابن تيمية فمثلاً : كان أهل مصر ينتهجون المذهب الشافعى فقهاً وعبادة وأسلوباً وهو منهج صحيح لا غبار عليه .

فجاء تلاميذ مدرسة التكفير :

ان وجدوا مسجداً يقنت فيه فى صلاة الصبح أحدثوا الفرقة والتنازع وإن وجدوا جماعة يجهرون بالبسملة فى الفاتحة فى الصلاة أحدثوا الفرقة والتنازع .

وإن وجدوا أهل قرية يقرأون القرآن لأمواتهم نفروهم وأحدثوا الفرقة والنزاع . وإن رأوا مجموعة من المسلمين تنتسب إلى شيخ صوفى كفروهم وأخرجوهم من الملة . وإن رأوا أناساً يتبركون برسول الله (ص) أو بآل بيته اتهموهم بالشرك الأكبر المخرج من الملة . أ.هـ .

ولكن الإشكالية الكبرى هو اقتناعهم بأن يجب قتل المسلمين المخالفين لهم فى الفكر .. وتعيش الأمة مأزقاً خطيراً بسبب الهجوم التكفيرى من جهة ، والهجوم الاستعمارى الاستكبارى من جهة أخرى .

عود على بدء

ان الخروج من هذه الأزمة الرهيبة يتطلب إعادة الأمة إلى نفس الموضع الذى كانت عليه قبل الظهور التكفيرى .

والبداية هى سحب الشرعية الدينية التى يقومون عليها ويقيمون عليها دعوتهم ألا وهو سحب الإشراف التكفيرى عن الحجاز المقدس ، وهذا سيجعلهم بالتأكيد يفقدون الكثير من مصداقيتهم.

ولكن ذلك سيعيد الإسلام صفاته الأولى قبل انتشار الفكر التكفيرى .

من هنا تأتى دعوتنا لأسلمة الحجاز ومنها تنطلق الدعوة لإحياء العقل وهى دعوة تستحق الكتابة والتضحية .





--------------------------------------------------------------------------------

* باحث مصرى متخصص فى شئون الحجاز يعمل بمركز يافا للدراسات والأبحاث - القاهرة

السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .