حول صدام رحمه الله-إلى الأخ ابن حوران
يعتبرصدام حسين آخر حاكم عربي أو مسلم حاول أن يسلك مسلك حكام أوروبيين انتهجوا منهج الشدة في تعبئة طاقات مجتمعهم لأجل تحقيق تنمية سريعة وتطور تقني صناعي.
النموذج الأعلى كان بالنسبة للفكر القومي البعثي مستمدا من مصدرين: المصدر الأول هو مصدر أوروبي غربي وبالتحديد نموذج بسمارك موحد ألمانيا، أما المصدر الثاني والأهم فكان نموذج ستالين الذي حكم الاتحاد السوفيتي وحوله بالحديد والنار إلى دولة صناعية متطورة.
فالنوايا في اعتقادي كانت سليمة ولكنها اقتضت من العراق ألوف الضحايا فقد عامل صدام رحمه الله حزبه نفسه بلا رحمة ولم يكد يبقي من رجاله الكبار أحد دون أن تطاله عقوبة الإعدام.
هذا النموذج من التنمية بالقوة والسوط والمسدس كان من الممكن أيضا أن ينجح خلافا لوجهة النظر اللبرالية الساذجة ومثال بسمارك واضح وهو الذي كانوا يسمونه "الرجعي الأحمر" ومثال ستالين أوضح بل ميجي اليابان أيضا لم يكن بالنموذج الديمقراطي الذي ترضاه أوساط اللبرالية عندنا.
وقبل هؤلاء كان نموذج محمد علي وكان أيضا يحول مصر إلى دولة حديثة على جثث الفلاحين وبعرقهم ودمائهم.
ما لم ينجح هذه الجهود كان التدخل الخارجي الاستعماري الذي لا يريد لهذه الأمة أن تتحول إلى أمة ناهضة ومهما كانت طريقة نهوضها فهو يحارب الديمقراطي كما يحارب الدكتاتوري ويحارب الشيوعي كما هو مستعد عند اللزوم أن يحارب السلفي فلا أهمية للأيديولوجيا وكل الأهمية هي لطبيعة البرنامج الذي يختطه لنفسه حاكم معين.
على أننا بعد هذه التجربة يجب أن يكون اتضح لنا أن طريق بناء المجتمعات بالعنف ما عاد مجديا لأن الأعداء بالمرصاد للتدخل العسكري وانتهاز كل فرصة لتفكيك المجتمع.
ونموذج نجاد المجاور يسير في الطريق نفسه ولا أعتقد أن النتيجة ستكون أفضل.
والحل في اعتقادي هو نموذج لمجتمع موحد تجتمع مكوناته على برنامج واحد بحيث لا يمكن اختراق هذه الوحدة. كيف؟ هذا ما نتركه للجدل الاجتماعي نفسه هبر طلائعه الواعية.
كلمة أخيرة لابن حوران: أو هي نصيحة أخوية بالأحرى: لو كنت مكانك لفكرت في إجراء نقد ذاتي لأنني بمجرد أن يثني علي جاسوس هو المسمى عمر 1965 مثلما أثنى عليك فلا بد أن هناك نقطة في كتابتي تفيد المشروع الصهيوني! وأنت بالتأكيد لم تقصدها فأعد النظر يا أخي في منطلقاتك! ماذا فيها يا ترى مما يمكن أن يعجب الصهاينة فيؤيدوه؟
|