المحطة رقم 2 في طريقي إلى أنابوليس
بقلم وليد جواد
قرار المملكة العربية السعودية والجمهورية العربية السورية الحضور إلى أنابوليس يدلل على مدى أهمية هذا المؤتمر. هذه المشاركة تعطي الدعم اللازم للمؤتمر كي يتمكن طرفي الصراع – الفلسطينيين والإسرائيلين – من احراز تقدم حقيقي نحو تفعيل المرحلة القادمة من المناقشات الجادة التي ستنتهي بتأسيس دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة لتعيش بجانب إسرائيل في سلام وآمن مشترك ومتبادل. الصراع الفلسطيني الإسرائيلي له أبعاد تتخطى الطرفين المتنازعين لتشمل دول الجوار الإسرائيلي وبقية الدول العربية. ورغم أن ذلك البعد الثاني يستوجب مسارا منفصلا – أي مسارا للسلام العربي الإسرائيلي – إلا أنه يبدأ من خلال التعامل مع الصراع الأساس أي من خلال المسار الفلسطيني الإسرائيلي.
عدم انخراط الدول العربية بشكل دائم في العملية السلمية كما كان الحال في السابق ساهم في تعثر محاولات السلام السابقة. فالفلسطينيون دون مساندة عربية لم يتمكنوا من احراز تقدم حقيقي باتجاه طموحهم المشروع. أما الوجود العربي في أنابوليس كمجموعة فإنه يمكّن الفلسطينيين من الاستفادة من تلك المؤازرة بالإنخراط في نقاشات جدية يمكن أن يتمخض عنها اتفاق فعلي. هذا الإتفاق المرجو لسلام عادل وشامل ودائم لن يكون لطرف على حساب آخر. وإنه من المشجع أن القيادتان قد أشارتا إلى إدراكهما بأن السلام الدائم يستوجب تقديم تنازلات مؤلمة من كلى الطرفين. ولكن المحصلة التي ستجنى من ألم التنازلات لن تكون أكبر من الآلام التي عانى منها الشعبان ، فألم ساعة أفضل من ألم كل ساعة.
في أنابوليس ستتمكن الدول العربية من الدلو بدلوها في بئر النقاش الفلسطيني الإسرائيلي. فوجود الأطراف المعنية هناك سيعطي المجموعة العربية الفرصة لطرح آرائها ومناقشة قضاياها فكما تقول الحكمة: أنت لا تناقش من يتفق معك ، بل تحاور من يختلف معك في الرأي. انعدام النقاش ليس وضعا مقبولا ، خاصة وأن الوقت لا يتجمد والأحداث لا تتوقف خلال فترة انعدام الحوار. فالوضع الفلسطيني يستوجب من الدول العربية الإنخراط في نقاش جدي من أجل إنهاء هذه الحالة غير المقبولة من صراع دام طوال عقود مؤلمة. هناك من يعتقد بأن من لا يشترك لا يحق له الاعتراض ، المجموعة العربية بالإشتراك في مؤتمر أنابوليس تعطي نفسها حق عرض وجهات نظرها ومسؤولية الاستماع إلى الآخر. الطريق إلى الدولة الفلسطينية ليس معبدا بالورد إنما هو وعر وصعب ويجب علينا جميعا: الفلسطينيون والإسرائيليون والدول العربية والمجتمع الدولي أن نساند الطرفين للوصول إلى اتفاق سلام عادل وشامل ودائم.
أما سؤال الساعة فهو: هل توصل الطرفان إلى صيغة مشتركة لوثيقة التفاهم؟ الإجابة بالنفي حتى الساعة. ولكن ذلك لن يقف حائلا دون إحراز التقدم المرجو من مؤتمر أنابوليس الذي ستبدأ أولى اجتماعاته بعد بضع ساعات. فالمطالب معروفة وواضحة ويبقى الخلاف حول لغة الوثيقة وطريقة عرضها وليس حول القضايا المدرجة نفسها. أما فيما يخصنا فنحن نعتقد أن إصرار الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء إيهود أولمرت وتفاؤلهما من المؤتمر ، بالإضافة إلى المشاركة العربية والدعم الدولي القوي لهذا المؤتمر سوف يسمح بتجاوز عقبات مثل عدم الوصول إلى اتفاق حول صيغة الوثيقة المشتركة. فالعظة تكمن في تحقيق المؤتمر لاتفاق مشترك ثابت حول الخطوة المستقبلية التالية نحو تأسيس الدولة الفلسطينية.