نقد كتاب الصورة الذهنية والمؤسسات الخيرية
نقد كتاب الصورة الذهنية والمؤسسات الخيرية
المؤلف مالك الأحمد وهو بحث يدور حول ما سماه الصورة الذهنية وارتباطها بالمؤسسات الخيرية وقد استهل كلامه بغيبة الوعى عن المؤسسات الخيرية في بلادنا فقال :
"المؤسسات الخيرية لم تحسب للإعلام دوره الهام في التأثير على الناس واعتمدت - في كثير من الأحيان - على العلاقة الشخصية مع بعض المتبرعين والجهد المشكور لبعض المتطوعين .
كان مفهوم الصورة الذهنية غائبا عنها ، فلم تنتبه للأمر منذ وقت مبكر ، ولم تعد للقضية عدتها فكانت النتائج سلبية وآثارها مؤلمة .
إن الاهتمام ببناء صورة ذهنية ممتازة عن العمل الخيري يمثل أهمية قصوى للمؤسسات الخيرية لتدارك ما فات وإصلاح الأخطاء والانطلاق بقوة من جديد ."
وقد عرف الصورة الذهنية فقال :
"تعريف الصورة الذهنية
في القاموس الفرنسي "صورة عقلية ونفسية لشخص أو لشيء غائب"
وفي المورد "صورة عقلية يشترك في حملها أفراد جماعة ما وتمثل رأيا متشابها إلى حد الإفراط المشوه أو موقفا عاطفيا من شخص أو قضية أو حدث
"هي الصورة الفعلية التي تتكون في أذهان الناس عن المنشآت والمؤسسات المختلفة، وقد تتكون هذه الصورة من التجربة المباشرة أو غير المباشرة وقد تكون عقلانية أو غير رشيدة وقد تعتمد على الأدلة والوثائق أو الإشاعات والأقوال غير الموثقة، لكنها في النهاية تمثل واقعا صادقا بالنسبة لمن يحملونها في رؤوسهم
ويضيف عجوة "إذا كان مصطلح الصورة الذهنية لا يعني بالنسبة لمعظم الناس سوى شئ عابر أو غير حقيقي أو حتى مجرد وهم. فإن قاموس ويستر في طبعته الثانية قد عرض تعريفا لكلمة (image) بأنها تشير إلى التقديم العقلي لاي شئ لا يمكن تقديمه للحواس بشكل مباشر أو هي أحياء أو محاكاة لتجربة حسية ارتبطت بعواطف معينة وهي أيضا إسترجاع لما اختزنته الذاكرة أو تخيل لما أدركته حواس الرؤية أو السمع أو الشم أو التذوق) والصورة الذهنية كما يعرفها إيمان زكريا (بأنها الخريطة التي يستطيع الانسان من خلالها أن يفهم ويدرك ويفسر الأشياء) أي أن الصورة الذهنية هي الفكرة التي يكونها الفرد عن موضوع معين وما يترتب عن ذلك من أفعال سواء سلبية أو إيجابية وهي فكرة تكون عادة مبنية على المباشرة أو على الإيحاء المركز والمنظم بحيث تتشكل من خلالها سلوكيات الأفراد المختلفة"
اما هولستى فيعرف الصورة الذهنية بأنها مجموعه من المعارف والأفكار و المعتقدات التى يكونها الفرد فى الماضى و الحاضر و المستقبل ويحتفظ بها و فق نظام معين عن ذاته و العالم الذى يعيش فيه ويقوم الفرد بترتيب هذه المعرف و المعتقدات و يحتفظ بأهم خصائصها وابرز معالمها لاستحضارها عند الحاجة ، كما يتدخل فى تكوين هذه الصورة الخبرات السابقة المباشرة وغير المباشرة التى يتعرض لها الفرد .
"الصورة الذهنية هي الناتج النهائي للانطباعات الذاتية، التي تتكون عند الأفراد أو الجماعات إزاء شخص معين، أو نظام معين، أو شعب معين، أو جنس معين، أو منشأة أو مؤسسة أو منظمة محلية أو دولية أو مهنة معينة أو أي شيء آخر يمكن أن يكون له تأثير على حياة الإنسان، وتتكون هذه الانطباعات من خلال التجارب المباشرة وغير المباشرة، وترتبط هذه التجارب بعواطف الافراد واتجاهاتهم بغض النظر عن صحة المعلومات التي تتضمنها خلاصة هذه التجارب، فهي تمثل بالنسبة لاصحابها واقعا صادقا ينظرون من خلاله إلى ما حولهم ويفهمونه أو يقدرونه على اساسها""
ومما سبق نجد أن الصورة الذهنية مختلف في تعريفها لأن المختلفين كل يراها من وجهة معينة وهم لم يفرقوا بين أنواع من الصور :
الأولى الانطباع الأول كمن رأى حديقة مرة تظل تلك الصورة هى اسم تلك الحديقة إذا ذكرها وكمن رأى امرأة أو رجل معين أول مرة ولم يره بعد ذلك ومن ثم إذا ذكر اسمه أو اسمها تأتى تلك الصورة الأولى بصفتها حزينة سعيدة خائفة أو مطمئنة ...
الثانى الانطباع بعد معرفة حقيقة الشىء وهنا الانطباعات تتغير فيمحو الإنسان الصورة الأولى في الغالب وتظهر الصور الحقيقية بعد المعرفة وأشهر الأمثلة في القرآن هى :
صورة المنافقين عند النبى (ص) فقد كانت صورة جميلة حيث الأجسام والأقوال المرضية التى تعجبه كما قال تعالى :
"وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة"
ولكن الله عرف صفاتهم ومن ثم تغيرت الصورة الجميلة إلى صورة قبيحة فى قوله تعالى :
"إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا"
وكذلك صورة أهل الكتاب تغيرت من صورة جميلة محبوبة عند المسلمين إلى صورة قبيحة من خلال أعمالهم وفيها قال تعالى :
""ها أنتم تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا أمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور"
وتحدث مالك عن نظرية ترتيب الأولويات فقال :
"وتؤكد نظرية "ترتيب الأولويات" Agenda Setting، والتي تدعمها أكثر من 500 دراسة علمية خلال ثلاثة عقود من الزمن أن الإعلام يحدد الأولويات ويرسم الصور الذهنية ويؤطر وجهات النظر، وأن الناس عبر الزمن تتشرب هذه الرؤى بشكل كبير، ويصبح كثير منهم أسيرا لها في تفكيره وقراراته."
وتحدث عن الفئات المستهدفة من قبل الجمعيات الخيرية فقال :
"من المستهدف في بناء الصورة الذهنية ؟
- عامة الناس
رغم عدم اعتداد البعض بهم ( اما لأنهم لا يتبرعون أو لأنهم لا يؤازرون النشاط الخيري ) الا أن هذه الفئة هي الفئة الأولى التي يجب أن تستهدف في بناء الصورة الذهنية الايجابية عن العمل الخيري .
عامة الناس لديهم علاقات وقرابات بأصحاب المال والشخصيات الفاعلة ، فأي صورة سلبية لديهم ستصل - بشكل أو بآخر - للمتبرعين والمتعاونين مما قد يسفر عزوفا ماليا وبشريا عن هذه الجهات .
- رجال الأعمال وأصحاب الأموال
وهؤلاء يحتاجون صورا ايجابية كاملة عن الجهة والمشروع ( وحتى الأشخاص القائمين عليه ) ليتبرعوا ، وما لم تصل الرسائل الايجابية لهم ، وبطريقة ذكية ومناسبة فإنهم سيحجمون وبالتالي سيتأثر العمل الخيري.
- السياسيون والنظام الحاكم
لأن هؤلاء هو الذين يمتلكون التشريعات ويقرون العقوبات ولهم سلطة لإيقاف واغلاق الجمعيات الخيرية .
وهؤلاء يتعرضون - اضافة للضغوط الاعلامية المحلية - الى ضغوط خارجية سياسية واعلامية وتهديدات متواصلة ، ولا يمكن أن تكون لهم مواقف ايجابية وتحرك مناسب ، مالم يكن لديهم صورة ذهنية ايجابية بالكامل .
- قادة الرأي
من المفكرين والعلماء والمثقفين ممن تسمع اصواتهم وتحترم مواقفهم وتأثيرهم بالتالي على الناس ملموس وأثرهم محسوس .
- القائمون على وسائل الاعلام المحلية
وهؤلاء لا يستهدفون لذواتهم وانما لمسؤوليتهم الاعلامية ودورهم في توجيه الرسائل للناس .
قد تكون هذه الفئة من أهم الفئات التي تستهدف فهؤلاء يصلون - بأدواتهم - الى العامة ورجال الأعمال ورجال السلطة وبالتالي فإن أثرهم مضاعف مما قد يستدعي تخصص أفراد أو أقسام كاملة في المؤسسات الخيرية لمخاطبتهم وبناء صورة ايجابية لديهم ."
هذا الكلام هو عن استهداف الجمعيات الخيرية لفئات معينة والغريب أن الجمعيات الخيرية لها غرض واحد وهى تستهدف فئة معينة وهى :
المحتاجين أيا كانوا فقراء أو مرضى او غير ذلك
وما قاله الكاتب هو تعبير عن السياسة لدى الأقوام الكافرة فالمسلم بطبيعته تربى على قوله تعالى :
" وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"
فمن يعمل الخير لا يخاطب لا ساسة ولا اعلاميين ولا غيرهم وإنما يعمل الخير فقط بصورة مباشرة أو غير مباشرة
وتحدث عن تكون الصورة الذهنية فقال :
"تكون الصورة الذهنية
لا تتكون الصورة الذهنية الإيجابية خلال أيام أو أشهر بل سنوات طويلة من خلال عمل حقيقي ونتائج ملموسة وقد تتدهور الصورة الإيجابية بسرعة من خلال حملات إعلامية منظمة أو غير منظمة ومن خلال ثغرات ملموسة في عمل الجمعية الخيرية.
إن من المؤسف أن يتم بناء صورة إيجابية من خلال جهود مضنية وخلال فترة زمنية طويلة ثم تأتي أحداث أو تنشر رسائل إعلامية تهز هذه الصورة إن لم تقوضها بالكامل وهذا بالطبع يستدعي ملاحظة دقيقة ومتابعة مستمرة لهذه الصورة مع الاستمرار في التحسين حتى لو كانت جيدة ابتداءا."
وحديث الرجل عن التكوين حديث خاطىء فالصورة كما سبق القول إما تكون صورة أولية تظل طوال العمر كما هى وإما أن تكون صورة متغيرة من خلال المعرفة للحق بعد الباطل أو العكس
وتحدث عمن يقوم ببناء الصورة الذهنية للجمعية الخيرية فقال :
"من يقوم ببناء الصورة الذهنية (داخل الجمعية الخيرية)
جميع الأقسام تساهم في بناء الصورة إما بشكل مباشر أو غير مباشر.
الأفراد ذو العلاقة المباشرة مع الجمهور لهم دور كبير في تكوين الصورة الذهنية الأساسية عن الجمعية من خلال سلوكهم وتصرفاتهم سواء مع المتبرع أو الزائر.
قسم العلاقات العامة له دور آخر في بناء الصورة من خلال منتجاته الإعلامية كالمطويات والنشرات والمطبوعات والمجلات والتقارير الدورية.
إن من يقوم بالتبرع أو دعم الجمعية الخيرية لا يدعم شخصا (رغم أهمية العلاقات الشخصية في الموضوع) لكنه يدعم جمعية أو قضية تحملها هذه الجمعية ،وخطأ الأفراد أو الصورة السلبية التي قد يسببوها لن تنعكس عليهم بل على الجهة التي يمثلونها."
مما لا شك فيه ان الجمعيات الخيرية في عالمنا تتكون صورتها إما من خلال الإعلام وهى غالبا صورة كاذبة أشهرها صور الممثلة الملحدة انجيلنا جولى مع الأطفال الجوعى السود ومع الأطفال الأفغان وهى صورة الهدف منها هو تحبيب المسلمين فى الكفار مع الحضوع لهم باعتبار أننا عبيد احساناتهم التى سرقوها أصلا من بلادنا حيث أن الملحدين والنصارى وغيرهم يمدون يد العون للمسلمين بينما سبب جوعهم وتشردهم هم حكامهم الذين هم كفار مثلهم من يزعمون مساعدة المحتاجين
وإما تتكون صورتها من خلال التعامل المباشر وغير المباشر معها ومن ايام قليلة حكى لى أحد الزملاء أنه علم بحاجة إحدى جاراته إلى أمور معينة فأخذها وذهب للجمعية الشرعية وعندما حدث رئيس الجمعية نظر لها فقال : ليست تابعة لنا
وهذا معناه أن الرجل ومن معه لا يعملون خيرا وإنما هم يوزعون أموال الجمعية على حسب هواهم السياسى أو العائلى فحتى لو كانت لا تتبع هواه السياسى أو العائلى كان عليه أن يردها بكلمة طيبة
|