قراءة فى كتاب الإنفاق والإمساك
قراءة فى كتاب الإنفاق والإمساك
المؤلف فوزي سعيد وهو يدور حول النفقة والبخل وقد استهله ببيان معنى زكاة القلب فقال :
"بيان أن معني زكاة القلب نموه وصلاحه وطهارته واتساعه وانفساحه
يقال زكا الزرع إذا نما وترعرع
النفس تبع للقلب فإذا زكا القلب وكبر ؛ زكت النفس وكبرت وصارت ذات مكانه وحجم وقدر كبير لا نسبة للبدن بجوارها إذ لا قيمة لهذا البدن الصغير المحدود إلا بحمله للنفس الكبيرة الطاهرة الزاكية – أما إذا حرم القلب من ذلك بل صغر ومرض فإن النفس تندس وتختفي في البدن وتنقمع وتنقبر فلا يكون لها أثر إلا علي مستوي شهوات البدن كما قال تعالي" قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها" "
والخطأ فى الكلام هو الحديث عن كبر وصغر القلب بالعمل حسن وسىء والتعبير الصحيح هو زكاة وفساد القلب أى إسلامه وكفره فالنفس لا تنقبر ولا تحتفى بالكفر لأنها هى المحاسبة كما قال تعالى " كل نفس بما كسبت رهينة "
ثم قال :
"وهذا النوع صاحبه كالحيوان ؛ بل أضل بخلاف النوع الأول الذين يتخذ الله منهم الشهداء والأحبة واتخذ الله إبراهيم خليلا واتخذ محمدا خليلا وهذا صحابي أنصاري جليل هو سعد بن معاذ أهتز العرش لموته ؛ فرحا بقدومه "
وهذا الكلام عن اتخاذ الله إبراهيم(ص9 ومحمد(ص) أخلاء فهمه الكاتب خطأ فالخلة اتخاذ كل منهم رسول لا أكثر ولا أقل وأما اهتزاز العرش لسعد فهى آية معجزة مع أن أحدا لم يراها ومن ثم لا يمكن أن تكون معجزة والله منع المعجزات وهى الآيات فقال:
"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
ثم قال :
وقال تعالي " قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى " بمعني قد أفلح من غذي قلبه بالغذاء النافع بإتباع الرسول (ص) فطهره من ذنوبه وزكاه بذكر الله والصلاة وقال تعالي " اذهب إلى فرعون إنه طغى * فقل هل لك إلى أن تزكى " يعني هل لك إلي أن تطهر قلبك وتنميه لتحيا به حياة طيبة ؟ وكذلك قوله تعالي " وما يدريك لعله يزكى " ..وإنفاق المال في سبيل الله تعالي ومراضاة لهو من أعظم الأعمال المغذية والمزكية للقلب قال تعالي " الذي يؤتي ماله يتزكى " وقال تعالي " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها …" فالصدقة تطهر القلب من آثار الذنوب وتغذيها فتزكو بل هي السقيا لكل ما ينزرع في القلب من الأعمال ولهذا المعني تسمي الصدقة الواجبة في المال زكاة أي نماء وزيادة واتساع في القلب مع طهارته ..
وعن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص)من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب وإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل ""
والحديث لايصح والخطأ مخالفتها للأجر فى الوحى وهو الصدقة تربو كالجبل وهذا مخالف للأجر وهو دخول العامل للصالح الجنة وأى عمل غير مالى بـ10 حسنات مصداق لقوله "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها "وبـ700أو 1400حسنة إذا كان عمل مالى مصداق لقوله "مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء "
ثم حدثنا عن البدن والروح فقال :
"الإنسان في الدنيا له نوعان من الحياة
حياة البدن المعروفة والتي يشترك في جنسها الإنسان والحيوان والطير والوحش وغير ذلك وتعتمد هذه الحياة " الروح والبدن " علي جريان الدم في العروق بالأغذية وغير ذلك يدفعها قلب البدن " ..وهو المضغة المعروفة التي إذا صلحت صلح لها الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله وهي ملكة الأعضاء في الإنسان وغيره
حياة الروح والقلب قال تعالي " يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم " يعني يحييكم الحياة الطيبة والتي لا تكون إلا بتغذية القلب وتزكيته بعبادة الله والتي خلق الله من أجلها فحياة القلب بالاستجابة لله وللرسول وبالتالي يكون موته بفقد ذلك وقال تعالي " إن هو إلا ذكر وقرآن مبين * لينذر من كان حيا " فالانتفاع بالقرآن والإنذار به إنما يحصل لمن كان حي القلب وكذلك جعل سبحانه وحيه الذي يلقيه إلي الأنبياء روحا تحيا به القلوب وقال تعالي " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا " ولذلك شبه سبحانه من لا يستجيب لرسوله بأصحاب القبور لأن قلوبهم قد ماتت فقبرت في أبدانهم حيث لا وظيفة لها ولا دور إلا في خدمة شهوات الأبدان قال تعالي " إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور " وهذا القلب يختلف تماما عن قلب الجسد ولكنه القلب المتعلق بالروح وهو غيب لا نعلم عنه شيئا إلا بالخبر الصادق عن الله ورسوله (ص)في القرآن والسنة قال تعالي " إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب " ولا يصح أن يكون القلب المذكور في الآية هو قلب البدن أي المضغة المعروفة لأن كل الناس لهم هذه المضغة وأكثرهم كفار وفسقة لا يتذكرون وإنما يصح فقط أن يكون القلب المذكور هو القلب المتعلق بالروح "
والرجل يحدثنا عن وجود قلبين قلب البدن وهو المضغة وقلب الروح وهو ما يخالف أنه لا يوجد قلبين فى الإنسان كما قال تعالى :
" ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه"
فالروح هى النفس هى القلب المعنوى وليست جزء من الروح ثم حدثنا عن الفروق القلبين وهو كلام خارج موضع الكتاب فقال :
"..والأدلة علي الفروق بين قلب الروح وقلب البدن كثيرة وسنذكر بعض الخصائص الهامة لقلب الروح كما يلي
(أ) مكانه في الصدور كما قال تعالي " فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور" يعني في نفس منطقة الجسد
(ب) يتضمن معني الفؤاد واللب والفطرة والعقل والنهي والحجر ؛ وهو آلة التفكر والتذكر والتصور والنية والقصد والإرادة والمحبة والخوف والخشية والبغض والكراهه والصبر والعجلة والرضي والسخط والانقياد والكبر والكفر والشكر وغير ذلك مما يدور في باطن الإنسان
(ج) يقاس القلب علي البدن من وجوه كثيرة منها حياته وموته ومرضه وشفاؤه ..
(د) قد يموت القلب وصاحبه لا يشعر بموته وعلامة ذلك أنه لا تؤلمه جراحات القبائح ولا يوجعه جهله بالحق وعقائده الباطلة فإن القلب إذا كان فيه حياة تألم روي مسلم عن حذيفة أن النبي (ص)قال " تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه "
والحديث يخالف كتاب الله فالقلب وهو النفس واحدة فى الفرد وإنما المتغير هو كفرها وإسلامها كما يخالف أن الفتن تصيب أصحاب القلوب البيضاء كما قال تعالى :
" واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة"
فتلك الفتنة تصيب المظلومين لسكوتهم عن الحق ثم قال :
(ر) الغذاء النافع للقلب هو العبادة الصحيحة يعني الأيمان والقرآن والعمل به ..
(ى) صاحب المعيشة الضنك تنعدم عنده السكينة والطمأنينة ولا يشم رائحة الثقة بالله والاعتماد عليه والتفويض إليه والرضا به وبقضائه ؛ بل لا يجد إلا القلق والريب والجزع والتسخط وعدم الرضا ويأتيه الغم والهم ألوانا وتتلاحق عليه الآلام النفسية التي لا يعرف لها مصدرا ولا علاجا وأخطرها استغاثة وصراخ القلب طالبا للغذاء النافع وشاكيا من الغذاء الفاسد " هكذا خلق القلب "
وبعد الكلام الطويل عن القلوب دلف الرجل لموضوع الكتاب وهو الانفاق والإمساك فقال :
"الترغيب في الإنفاق في سبيل الله والترهيب من الإمساك :
طوبى لمن وقاه الله شح نفسه وآتاه الجود والسخاء والكرم والصبر علي ذلك طوبى لمن آتاه مالا فوفقه لإنفاقه في مراضيه سبحانه بالشرع لا بالهوى والعواطف قال النبي (ص)"لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلط على هلكته في الحق ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها " فهذا الرجل الغني الذي لا يتوقف عن الصدقة التي تقع موقعها الحق كما في الحديث الآخر " فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار " فعينه دائما علي ماله يريد أن يهلكه في أبوابه الحق فعلي كل مسلم أن يغبط هذا الرجل ويتمني أن يكون مثله موفقا صاحب قلب قوي ثابت عند إخراج الصدقة لا يرتجف ولا تتردد يداه ولا يتبعها بصره ولا يتبعها بمن ولا أذى ولا يرائي الناس ولا يريد منهم جزاء ولا شكورا "
والخطأ فى الحديث أن الحسد فى اثنتين هما من معه القرآن ومن معه المال ويخالف هذا أن الحسد يكون فى رد المسلمين عن إيمانهم ليصبحوا كفارا وفى هذا قال تعالى"ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم حسدا من عند أنفسهم " ثم قال :
"قال تعالي " مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم "
يعطي بالدرهم سبعمائة ثم يضاعف العطاء أكثر من ذلك إلي ملايين الأضعاف حيث يقول (ص)" سبق درهم مائة ألف درهم " والمعني كما بينه النبي (ص) أن الفقير التقي الذي ليس عنده إلا درهمين فعمد إلي نصف ما معه وهو درهم واحد فأنفقه لله فكان هذا الدرهم عند الله أكثر من صدقة رجل غني عنده مليون درهم فعمد إلي عشر ما معه وهو مائة ألف درهم فأنفقها لله "
سعيد فسر الحديث على هواه بالنصف والعشر والحديث إن صح فمعناه أن صدقة الفقير أعظم أجرا من صدقة الغنى لحاجة الأول لها وغنى الثانى عنها ثم تحدث مفسرا آية أخرى على هواه فقال:
"قال تعالي " وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد " والشكر هو الاعتراف بالنعمة والثناء علي الله بها والإنفاق منها في سبيله أما الزيادة من الله تعالي فهي واسعة زيادة في النعمة وزيادة التوفيق في شكرها وزيادة الحياة الطيبة بها "من صلاح البال وسكينة النفس وطمأنينة القلب والرضى والقناعة مع الأيمان بالقدر وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن " أما كفر النعمة فعذاب الله شديد في الدنيا والآخرة ومن أمثلة عذاب الدنيا ما يلي
|