نقد كتاب أحكام تبادل الهدايا والتهاني بين المسلمين والكافرين
نقد كتاب أحكام تبادل الهدايا والتهاني بين المسلمين والكافرين
المؤلف هو رياض المسيميري ويبدو أن الكتيب مأخوذ من كتاب أكبر وقد استهله بتعريف الهدية فقال :
"المبحث الأول: تعريف الهدية لغة واصطلاحا.
المطلب الأول: تعريفها لغة:
قال الفيومي في (المصباح المنير): "هديت العروس إلى بعلها هداء بالكسر والمد فهي هدي وهدية، ويبنى للمفعول فيقال: هديت فهي مهدية، وأهديتها بالألف لغة قيس عيلان، فهي: مهداة .. وأهديت للرجل – كذا بالألف – بعثت به إليه إكراما فهو هدية بالتثقيل لا غير. (انظر: المصباح، هدى)
المطلب الثاني: تعريفها اصطلاحا:
وأما تعريف الهدية في الاصطلاح: "فهي تمليك في الحياة بغير عوض" (انظر: المغني 8/ 239).
وقال في (المجموع شرح المهذب 15/ 370): "والهبة والعطية والهدية والصدقة معانيها متقاربة، وكلها تمليك في الحياة بغير عوض واسم العطية شامل لجميعها وكذلك الهبة.
والصدقة والهدية متغايران، فإن النبي (ص)كان يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة"
إذا الهدية إعطاء شىء دون انتظار مقابل والغلط فى الكلام هو أن النبى(ص) لا يأكل الصدقة وهو ما يخالف أنه من الاملين على الصدقات لأنه كان من يوزعها ومن يعمل على جمعها وتوزيعها له نصيب منها كما قال تعالى:
" إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها"
وتحدث عن حكم الهدية فقال :
"المبحث الثاني: أصل الهدية في الشرع وحكمها:
المطلب الأول: أصلها في الشرع.
ورد في ذكر الهدية في القرآن الكريم في سورة النمل من خلال عرض قصة سليمان (ص) مع ملكة سبأ بلقيس، كما في قوله تعالى: "وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون"
وقد امتنع سليمان (ص)من قبولها وأمر بردها؛ لأنه شعر بأن ملكة سبأ بعثت بهديتها إغراء له كيما ينصرف عنها وعن قومها.
قال تعالى على لسان سليمان: "ارجع إليهم فلناتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون"
والظاهر أن سليمان(ص) كان سيقبل الهدية لو كانت خالية عن المساومة والابتزاز؛ قال القرطبي في تفسيره (13/ 132): "كان النبي (ص)يقبل الهدية ويثيب عليها، وكذلك كان سليمان وسائر الأنبياء (ص) وأما السنة فقد تواترت النصوص الكثيرة التي ذكرت فيها الهدية، ومن ذلك:
1 - حديث أنس – رضي الله عنه- في الصحيح "أن يهودية أهدت إلى رسول الله (ص)شاة مسمومة" متفق عليه."
الحديث لا يصح لأن الله حمى رسوله (ص) من كل أذى الناس فقال :
والله يعصمك من الناس" وكل روايات الشاة المسمومة متفقة على أنها أذت النبى(ص) حتى مماته وهو ما يناقض كلام ومن ثم يجب تكذيب تلك الروايات ثم قال :
2 - وحديث عائشة في الصحيح كذلك: "أن بريرة أهدت لحما لعائشة" متفق عليه."
حديث بريرة رواياته متناقضة داخليا ومع بعضها ومن ثم لا يصح خاصة أنه تنسب للنبى(ص) زورا أنه أكل الصدقة على بريرة معتبرا أنها هدية دون استئذان من بريرة أو من تملكها ثم قال :
3 - و عن عائشة قالت: يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدي؟ قال: أقربهما بابا رواه البخاري"
والحديث لا يصح فالهدية تكون للأكثر حاجة وليس للأقرب بابا والغريب فى الحديث أنه يتحدث عن عائشة زوجة النبى(ص) وكأن النبى (ص)لا يعيش معها فى البيت حتى يعرف جيرانه وروايات بناء المسجد تدل على أن بيت النبى(ص) الملاصق للمسجد لم يكن لديه جيران ملاصقين له ومن ثم إن جاوره أحد فسيكون فى مواجهة البيت لأن خلفه ومن ثم جانبه كان خاليين لأنك لا تصل للخلف إلا من الجانب الملاصق للأمام والخلف كما قال تعالى:
"إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون"
ثم تحدث عن حكم الهدية فقال :
"المطلب الثاني: حكم الهدية:
الهدية مستحبة عند أهل العلم كما ذكر ذلك ابن قدامة في (المغني 8/ 239).
ويدل على الاستحباب قوله (ص) "تهادوا تحابوا" فهي جالبة للمحبة، ومشيعة للود والسرور بين المتهادين.
وقال القرطبي (13/ 132): "الهدية مندوب إليها، وهي مما تورث المودة وتذهب العداوة"، وقال: "ومن فضل الهدية مع اتباع السنة أنها تزيل حزازات النفوس وتكسب المهدي والمهدى إليه رنة في اللقاء والجلوس".
وقال في المجموع شرح المهذب (15/ 367): "الهبة مندوب إليها لما روت عائشة أن النبي (ص)قال: "تهادوا تحابوا""
الرواية لا تصح فالتهادى لا يعنى المحبة فهدية ملكة سبأ لم تكن حبا وإنما رشوة وأحيانا تكون الهدايا صدقات ولكن فى صورة هدية لعدم جرح شعور المهديين كما يقال
وتحدث عن حكم قبول هدية الكافر فقال :
المبحث الثالث: حكم قبول هدية المشرك:
اختلف أهل العلم في حكم قبول هدية المشرك للمسلم على قولين:
القول الأول: جواز قبول هدية المشرك: واستدلوا بأدلة كثيرة، منها:
1 - حيث أنس الصحيح "أن يهودية أهدت لرسول الله (ص)شاة مسمومة" متفق عليه."
سبق الكلام عن عدم صحة الحديث ثم قال :
2 - وأخرج البخاري في الصحيح عن أبي حميد "وأهدى ملك آيلة للنبي (ص)بغلة بيضاء وكساه بردا .. "."
والحديث لا يصح فملك آيلة لم يقابل النبى(ص) حتى يكسوه لا فى آيلة ولا فى المدينة فلو قال الحديث أهاده بردا لكان مقبولا عقلا وإنما كساه تدل على المقابلة وهى لم تحدث على الإطلاق حسب الروايات المعروفة حاليا ثم قال:
3 - وأخرج البخاري ومسلم من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر – رضي الله عنهما- كنا مع رسول الله (ص)ثلاثين ومائة، فقال النبي (ص)هل مع أحد منكم طعام؟ فإذا مع رجل صاع من طعام أو نحوه، فعجن ثم جاء رجل مشرك مشعان طويل بغنم يسوقها، فقال النبي _صلى الله عليه وسلم_: "أبيع أم عطية؟ "، أو قال: "أم هبة؟ " قال: لا بل بيع ....
وجه الدلالة:
قوله: "أبيع أم عطية؟ " وفي اللفظ الآخر "أم هبة"؟
وهذا يدل على جواز قبول الهدية من المشرك؛ لأنها بمثابة الهبة والعطية."
ولا يوجد فى الحديث أى دليل على الهدية لأن الرجل لم يعطهم شىء بلا مقابل ثم قال :
قال ابن القيم في (الزاد 1/ 122): "وأهدى المقوقس ملك الإسكندرية للنبي (ص)مارية وأختيها سيرين وقيسرى فتسرى مارية، ووهب سيرين لحسان بن ثابت، وأهدى له جارية أخرى وألف مثقال ذهبا وغيرها" "
هذا الكلام مشهور ولكن هدايا الحكام فى الإسلام لا تعطى للحاكم ولا من يوزع عليه وإنما تضم لبيت المال
وهذا الرأى وهو قبول الهدية من الكافر والرأى الثانى الذى حكاه المسيميرى هو :
القول الثاني: عدم جواز قبول هدية المشرك:
واستدل هؤلاء بحديث عياض بن حمار أنه أهدى للنبي (ص)هدية أو ناقة، فقال النبي (ص)أسلمت؟ قال: لا قال: إني نهيت عن زبد المشركين". رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه.
قال الشوكاني في (نيل الأوطار 6/ 4): "وفي الباب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عند موسى بن عقبة في المغازي، أن عامر بن مالك الذي يدعى ملاعب الأسنة قدم على رسول الله (ص)وهو مشرك فأهدى له، فقال: إني لا أقبل هدية مشرك".
قال الحافظ في (الفتح 5/ 273): "الحديث رجاله ثقات إلا أنه مرسل، وقد وصله بعضهم عن الزهري ولا يصح" ا. هـ.
قلت: وقد نقل الشوكاني عن الخطابي ما نصه:
في رد هديته – أي هدية عياض – وجهان:
أحدهما: أن يغيظه برد الهدية فيمتعض منه فيحمله ذلك على الإسلام، والآخر أن للهدية موضعا من القلب، وقد روي "تهادوا تحابوا"، ولا يجوز عليه (ص)أن يميل بقلبه إلى مشرك فرد الهدية قطعا لسبب الميل"."
|