غضب عارم في "فتح" بعد اعترافات ناطقها بالقتل على اللحية والإلقاء من الأبراج

[المصابر]

غضب عارم في "فتح" بعد اعترافات ناطقها بالقتل على اللحية والإلقاء من الأبراج

الناطق باسم "فتح"، توفيق أبو خوصة (أرشيف)

غزة/ رام الله ـ المركز الفلسطيني للإعلام

أثارت اعترافات توفيق أبو خوصة، أحد أقطاب التيار الانقلابي في حركة "فتح" والناطق باسمها، بممارسة حركته القتل على خلفية "التنظيم واللحية" والإلقاء من الأبراج خلال أحداث يونيو (حزيران) الماضي؛ ردود فعل غاضبة في صفوف حركة "فتح"، وطالب العديد من عناصرها بـ"محاكمة ثورية" له بعدما قدّم ما اعتبروه "خدمة مجانية لحركة حماس".
وشهدت مجالس "فتح" على مستويات مختلفة جدلاً حاداً بشأن تلك الاعترافات وانعكاساتها، خاصة وأنّ "فتح" طالما ألصقت أعمال القتل البشعة، بما فيها حادثة مقتل الناشط الفتحاوي حسام أبو قينص بحركة "حماس".

مطالب في فتح بمحاسبة ناطقها

وعلم مراسل "المركز الفلسطيني للإعلام" أنّ قيادة حركة "فتح" في قطاع غزة رفعت توصية لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، لـ"مساءلة" أبو خوصة "الهارب" إلى رام الله ومحاسبته على "هذه التصريحات المشينة"، على حد تعبيرها.
وقالت مصادر في حركة "فتح" للمراسل إنّ "قيادة الحركة أوصت بمحاكمة أبو خوصة ونزع كل الصلاحيات منه وكل الإمكانيات التي وُفِّرت له في رام الله بعد أن جلب العار لحركة فتح بتصريح في وقت حسّاس، مقدِّماً خدمة مجانية لحركة حماس التي تحاول التنصل من بعض الجرائم التي ارتُكبت في القطاع خلال الأحداث" على حد تعبير المصادر.

الاعتراف الفضيحة!

وكان توفيق أبو خوصة، أحد قادة حركة "فتح" والناطق باسمها في غزة سابقاً، وأحد أقطاب التيار الانقلابي في حركة "فتح"، الذي كان يُشار إلى محمد دحلان كقائد له؛ أقرّ بممارسة حركته القتل على خلفية "التنظيم واللحية" خلال الأحداث، بالإضافة الى تبريره لقتل الصحفيين.
وقال أبو خوصة معلِّقاً على حادث إعدام الشاب حسام أبو قينص عن طريق إلقائه من فوق أحد الأبراج المرتفعة خلال فيلم وثائقي عن "الحسم العسكري" في حزيران (يونيو) 2007 عرضته قناة "الحوار" الفضائية يوم الجمعة الماضية (11/1)؛ "إنّ مسلحي فتح اعتقدوا أنّ أبو قينص أحد نشطاء "حماس" لأنه كان ملتحياً فقاموا بقتله رغم أنه أحد نشطاء حركة فتح". وأضاف وهو يبتسم، في استخفاف بحرمة الدم الفلسطيني وهول ما جرى "شبابنا قتلوه لأنه ملتحٍ، ثم تبيّن أنه أمين سر شعبة في حركة فتح".

عباس غاضب ومُحرَج

وذكرت المصادر أنّ رئيس السلطة محمود عباس والمستشارين المحيطين به أُصيبوا بالغضب بعد هذه التصريحات التي تشكل إحراجاً لعباس ولمتحدثي حركة "فتح" في روايتهم للأحداث، لاسيما إلقاء أبو قينص من على سطح أحد الأبراج في غزة في حادثة مروِّعة صدمت الشارع الفلسطيني.
وقد تطرّق عباس ومقرّبوه إلى حادثة الإعدام البشعة للشاب أبو قينص على أنّ من قامت بها هي حركة "حماس"، رغم التقارير الحقوقية المستقلة وروايات الشهود التي تؤكد ارتكاب مسلحي فتح الانقلابيين تلك الجريمة لأنّ الشاب كان ملتحياً وظنّوه من "حماس".

إعلام "فتح" يفتح النار على ناطقها

ولم تبق ردود الفعل الغاضبة من اعترافات أبو خوصة أسيرة الغرف والجلسات المغلقة لكوادر حركة "فتح"، بل تجاوزتها إلى وسائل الإعلام الفتحاوية مثيرة زوبعة من ردود الفعل الغاضبة التي وصلت إلى حد المطالبة بمحاكمته في "محكمة ثورية".
وأفرد "الملتقى الفتحاوي" الرسمي على الإنترنت، المجال لمشتركيه من عناصر "فتح" لمهاجمة أبو خوصة بشدّة بعد هذه التصريحات.
وقال عضو يطلق على نفسه "عدو التنفيذية" إنّ "أبو خوصة فضحنا يا ناس على قناة الحوار"، في إشارة لتصريحات أبو خوصة التي أُذيعت ضمن فيلم وثائقي يروي أحداث الحسم العسكري وعرضته قناة "الحوار" الفضائية الجمعة الماضية.
وأضاف "عدو التنفيذية" قائلاً "أبو الطيب (كنية أبو خوصة) ذبحني بتصريح الأمس عندما اعترف بأنّ من قتل الأخ أبو قينص هم من فتح"، وتابع "بهذا يكذِّب الأخ أبو الطيب إعلامنا الذي وجّه التهمة للحماميس (لفظة يقصد بها بشكل مهين أبناء حماس) .. حسبنا الله ونعم الوكيل ..علينا توخي الحذر في تصريحاتنا، هذا الخطأ الفادح الذي كان يهذي به السيد أبو خوصة سيجلب لنا ولإعلامنا ومصداقيتنا الويلات ..". واعتبر ذلك المعلِّق أنّ ما سماه "انقلاب" حماس في غزة كان سببه هذه القيادات "المصلحجية"، أي الباحثة عن مصالحها الذاتية.

النص الحرفي للاعتراف

وأمام صدمة أعضاء "الملتقى الفتحاوي" المعروف بعدائه الشديد لحركة "حماس" وقياداتها، من تلك التصريحات وصراحتها وتشكيك بعض الأعضاء في حقيقتها؛ قام أعضاء آخرون بنشر التسجيل الصوتي لأبي خوصة، ونشر آخر تفريغ لاعترافه الذي يقول فيه نصاً: "بعدها قُتل أبو قينص، أقلك (أقول لك) كان في قتل على الهوية على هويتك السياسية والتنظيمية، هذا اللي قتل أبو قينص الشاب فتح ..أمين سر شعبة عنّا بفتح، الشباب شافوه ملتحي قتلوه بوضوح، يعني قتلوه بعد ما قُتل الشاب اكتشفوا الشباب إنه الشاب فتح".
ومن المعروف أنّ تقارير حقوقية مستقلة أكدت أنّ الشاب الفلسطيني أبو قينص تم إعدامه بتلك الطريقة البشعة على أيدي مسلحي "فتح" أنفسهم، ومن ذلك التقرير الشهير للهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن بشأن هذه المسألة.
وقال عضو بـ"الملتقى الفتحاوي" يطلق على نفسه "جيش فتح" معبراً عن ذهوله "أنا عن جدّ انصعقت عندما سمعت كلام أبو خوصة .. والله مش عارف كيف هذا الشخص كاين متحدث باسم فتح، الكلام الذي قاله أكيد ما كان بوعيه أو أنه مجبر إنه يقوله، لازم يتحاسب عليه". وتناسى هذا العضو أنّ أبو خوصة أدلى بتصريحاته من رام الله التي ذهب إليها بعد عفو حركة "حماس" عنه إبان الحسم في غزة.

اتهامات حادة لناطق "فتح"

وهاجم أعضاء آخرون في ذلك الملتقى أبو خوصة بشدة واعتبره "أرزقي"، ووصل الأمر ببعضهم إلى نفي أن يكون من حركة "فتح". وقال "كريم من المخيم" في هذا الشأن "يا سيدي ومين قلك أبو خوصة فتح... أبو خوصة أرزقي، وين ما في فلوس هو والمدام تبعتوا بروح"، وفق تعبيره.
ورأى ذلك المعلِّق أنّ أبو خوصة وأمثاله هم من دمّروا حركة "فتح" وقال "إننا لابد أن نخجل من أخطائنا لأننا فعلا أخطأنا حينما جعلنا الكلاب تتكلم باسم حركة عملاقة كحركة فتح"، على حد وصفه.

مطالبات بالتراجع عن الحقيقة

ولم يقتصر الهجوم الذي استهدف أبو خوصة على الأعضاء، بل اشتمل أيضاً على مشرفي الموقع، وهو أحد بوابات فتح الإعلامية الأساسية.
فقد قال "فادي بالي" وهو مشرف أحد الأقسام "التصريح واضح وصريح.. وهو اتهام مباشر لأبناء فتح.. وهو اتهام باطل جملة وتفصيلا ومردود على صاحبه .. إخواني...في الحقيقة أنّ بعضاً من قياداتنا الفتحاوية تستهويه أحياناً فكرة الظهور أمام عدسات الإعلام وليته يخرج علينا بمواقف تتناغم مع الحركة إلاّ أنه يوغل في الشطط تارة وأخرى في الإدلاء بتصريحات تزيد في المباعدة بين المواقف وتربك قواعدنا الفتحاوية وتثنيها عن اهتماماتها الأساسية المتعددة، والتي تشكل تحدياً آخر يوضع أمامنا ..".
وأضاف المشرف "انطلاقاً من رفضنا لهذا الأسلوب وإدانتنا لهذه الطريقة، ومعرفتنا المسبقة وإدراكنا تماماً أنّ هذا التصريح الخارج عنه والذي لا يمتّ للحقيقة بصلة؛ فإنه مطالب بان يخرج ليوضح لنا ويبيِّن حقيقة الأمر، ويبيِّن موقفه صراحة حتى ينتهي الأشكال والالتباس..".
ومضى المشرف يقول "عليه (أبو خوصة) أن ينفي التهمة الخطيرة جداً التي اتهم بها أبناء الفتح زوراً وبهتاناً.. وإن لم يحصل ذلك.. وقتها يجب على الأطر الحركية والمحكمة الحركية اتخاذ وإجراء اللازم بحقه"، حسب ما ذهب إليه.

"طعنة في الظهر"

أما "فتح المستحيل" فاعتبر أنّ "كلام أبو خوصة طعنة قي ظهر فتح، واتهامات يجب عدم الوقوف والسكوت عليها .. هو (أبو خوصة) يقول ما معناه إننا في فتح نقتل على الهوية".
وقال بلهجة غاضبة "عليه أن يُقدّم لمحاكمة ثورية، فهو بذالك يعطي حماس الغطاء لأعمال القتل التي قامت بها بأنها دفاع عن النفس، على القيادة الفتحاوية فتح كل الملفات ومحاسبة الجميع".
وفي ما تتفاعل عواقب ما أفصح عنه أبو خوصة، الناطق باسم حركة "فتح"، فإنّ وسائل الإعلام والمواقع والمنتديات التابعة للحركة تنشغل بالأمر أو تتجاهله تماماً من فرط الصدمة