قلت: لفظ «حياة» هنا نكرة في سياق الإثبات، وهي ربما أفادت العموم بمجرد دلالة السياق كما في قوله تعالى {علمت نفس ما قدمت وأخرت} وكما في قول
القائل: يوما ترى مرضعة خلوجا
وكل أنثى حملت خدوجا
وكل صاح ثملا مروجا
فإنه أراد كل مرضعة بدليل ما بعده، وكذا قوله تعالى هنا على «حياة» فإنها نكرة لإفادة معنى حرصهم على أي مرتبة من مراتب الحياة الدنيا وإن كانت حياة الذلة والهوان، قاتلهم الله أنى يؤفكون. - ومنها ما ذكره سبحانه عنهم من الفرقة والخلاف وشدة العداوة والبغضاء كما دل عليه قوله تعالى {وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة} وقوله تعالى: {تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى}... وفي هذا من النفع العظيم لأهل الإسلام بتفريق صفوفهم وتمزيق جموعهم وضرب بعضهم ببعض الشيء الكثير مما هو من مكائد الحرب والقتال والحمد لله، وقد سبق الكلام على الآيتين بما يغني عن الإعادة ولله الحمد. - وأنت لو تتبعت ما قصه تبارك وتعالى عنهم في كتابه كما في سورة البقرة والأعراف وغيرهما لرأيت من أحوالهم مع أنبيائهم وتكذيبهم لهم وصدهم عن سبيل الله عجبا، ولذلك لم تلعن أمة في كتاب الله تعالى كما لعن اليهود؛ ولم يسخط الله عز وجل ويغضب على أمة ما سخط وغضب عليهم نعوذ بالله تعالى من ذلك"
وعادة مرة أخرى للحديث عن أحاديث حروبنا المستقبلية مع اليهود فقال :
" فقل لي بربك ماذا بقي لهم بعد ذلك كله من مقومات الحياة والبقاء إلا ما يسخره الله تعالى لهم من أسباب يديل لهم بها دولة يعلون بها مفسدين في الأرض، ثم يبعث عليهم من عباده من يزيل ملكهم ويسلبهم ما هم فيه. الأدلة من السنة المطهرة أقول: وأما البشارة النبوية التي أخبر بها الصادق المصدوق (ص) فقد روى البخاري في صحيحه وأحمد في مسنده والترمذي في السنن من حديث ابن عمر أن النبي (ص)قال: «تقاتلون اليهود، حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر، فيقول: يا عبدالله، هذا يهودي ورائي فاقتله». وفي رواية عند البخاري أخرجها في كتاب المناقب: «تقاتلكم اليهود، فتسلطون عليهم، ثم يقول الحجر: يا مسلم، هذا يهود ورائي فاقتله». وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة عن رسول الله (ص)قال: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يقول الحجر وراءه اليهودي: يا مسلم، هذا يهودي ورائي فاقتله». وفي هذه الأحاديث تأكيد الأمر بوقوع قتال اليهود وقتلهم لا محالة، وظاهر قوله في الحديث «لا تقوم الساعة» وقوع القتال قبل ذلك وأنه ليس مقيدا بكونه من أشراطها، وقوله فيه «تقاتلون» الخطاب فيه للصحابة والمراد من يأتي بعدهم، لكن روى الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عمر مرفوعا «ينزل الدجال هذه السبخة -أي خارج المدينة- ثم يسلط الله عليه المسلمين فيقتلون شيعته، حتى أن اليهودي ليختبئ تحت الشجرة والحجر فيقول الحجر والشجرة للمسلم: هذا يهودي فاقتله»."
وهذه الأحاديث كاذبة للتالى :
الأول أنها تتحدث عن علم النبى الخاتم(ص) بالغيب وهو ما نفاه قوله تعالى على لسانه:
" ولا أعلم الغيب"
الثانى تحدثها عن آية أى معجزة وهى كلام الحجر والشجر وهو ما يناقض ان الله منع الآيات وهى المعجزات فى عهد محمد(ص) فقال :
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
وذكر أبو الوليد أن الأحاديث هى فى قتال الدجال مع اليهود فقال :
"قال الحافظ ابن حجر: "وعلى هذا فالمراد بقتال اليهود وقوع ذلك إذا خرج الدجال ونزل عيسى، وكما وقع صريحا في حديث أبي أمامة في قصة خروج الدجال ونزول عيسى، وفيه «وراء الدجال سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى. فيدركه عيسى عند «باب لد» فيقتله وينهزم اليهود، فلا يبقى شيء مما يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء فقال: يا عبدالله -للمسلم- هذا يهودي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجرهم». أخرجه ابن ماجة مطولا وأصله عند أبي داود، ونحوه من حديث سمرة عند أحمد بإسناد حسن وأخرجه ابن منده في كتاب الإيمان من حديث حذيفة بإسناد صحيح". إنتهى كلام الحافظ قال مقيده: وهل يحتمل وقوع هذه البشارة المذكورة بقتالهم مرتين الأولى على ما في حديث الصحيحين والثانية عند نزول عيسى عليه السلام /فيقاتل الدجال ويستأصل اليهود الذين هم أتباعه؟ فيه بحث والله تبارك وتعالى أعلم، وعلى كل حال ففي هذا الحديث بشارة عظيمة لهذه الأمة ببقاء دين الإسلام إلى نزول عيسى بن مريم عليه السلام وبقاء الطائفة المنصورة التي تقاتل إلى وقت نزوله كما رواه أحمد في مسنده وأبو داود في السنة من حديث عمران بن حصين مرفوعا «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال»"
والأحاديث السابقة كاذبة لم يقلها النبى(ص)للتالى :
الأول علم النبى الخاتم(ص) بالغيب الممثل فى مجىء الدحال وعيسى(ص) وهو ما يعارض قوله على لسانه:
"ولا أعلم الغيب"
الثانى عودة عيسى(ص) قبل القيامة ولو عاد عيسى(ص) لوجبت عودى يحيى(ص) لأن نفس القول قيل فيهما:
" والسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا"
وقال:
" والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا"
ومن ثم لا وجود للدجال ولا وجود لعيسى(ص) فى الدنيا بعد حياته الأولى
وتحدث عن أحاديث الطائفة المنصورة وهى كلام عام فقال :
وأحاديث الطائفة المنصورة كثيرة مشهورة في الصحيحين وغيرهما، وفي قوله (ص)هنا لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق مع قوله حتى يقاتل آخرهم إشارة إلى بقاء القتال مستمرا بين أهل الإسلام وغيرهم ومنهم اليهود، وقد ورد وصف هذه الطائفة بأنها قائمة بأمر الله وأنها ظاهرة وأنها منصورة في حديث أبي هريرة والمغيرة بن شعبة ومعاوية بن أبي سفيان وثوبان وفي هذا كله دلالة على أن هذه الأمة موعودة بالنصر والتمكين متى أخذت بأسباب ذلك من إعداد العدة والقتال في سبيل الله عز وجل، وما لليهود ودولتهم بعد ذلك من بقاء، عجل الله تعالى بزوال ملكهم وجعلنا من جنده الذين قال فيهم في كتابه الكريم سبحانه مبينا وعده لأنبيائه ولهم {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين. إنهم لهم المنصورون. وإن جندنا لهم الغالبون} "
وآية كتاب الله مغنية عن كل تلك الأحاديث الكاذبة فى أمر وقتال اليهود المحاربين واجب علينا حاليا طالما يعتدون على المسلمين
وأما أن ننتظر حتى وقت الدجال المزعوم فهو عصيان لله الذى قال :
" فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم"
|