قراءة فى كتاب الامتحان الأكبر ونتيجته
قراءة فى كتاب الامتحان الأكبر ونتيجته
الكتاب تأليف عبد الله بن جار الله آل جار الله وهو يدور حول كون الدنيا دار اختبار للناس وفى هذا قال فى مقدمته :
"أما بعد فإن الحياة الدنيا دار ابتلاء وامتحان وفتن كما قال تعالى: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون} وسوف يموت الإنسان فيلقى جزاءه وما قدمت يداه من خير وشر وحسنات وسيئات وسوف يسأل في قبره عن ربه وعن دينه وعن نبيه فإن كان في هذه الحياة مطيعا لله ولرسوله وعاملا بشرائع الإسلام ثبته الله بالقول الثابت وأجاب بالجواب الصحيح فيقول ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد (ص)وإن كان في هذه الحياة كافرا أو مشركا أو منافقا أو عاصيا لله ولرسوله فسوف لا يوفق للجواب الصحيح"
وتحدث عن أسئلة الدنيا والآخرة فقال:
"نسأل الله تعالى أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة كما سوف يسأل العباد يوم القيامة (ماذا كنتم تعبدون وماذا أجبتم المرسلين)، ولا يوفق للإجابة الصحيحة، إلا من تاب في هذه الحياة وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين
كما سوف يسأل الإنسان عن سمعه وبصره وفؤاده ماذا كان يسمع وماذا كان يبصر وماذا كان يفكر فيه وينويه فالأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى وسوف يسأل عن شكر ما أنعم الله به عليه هل شكره فيزيده أو كفره فيعذبه وينتقم منه كما قال تعالى: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد} كما سوف يسأل عن وقته في أي شيء قضاه، وعن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن علمه الذي تعلمه ماذا عمل فيه؟"
وما ظنه الرجل أسئلة بمعنى الاستفهام غالبه خطأ يخالف كتاب الله فالسؤال معظمه يعنى الحساب وليس الاستفهام وطالب الرجل الفرد أن يعد نفسه بالإجابات الصحيحة فقال :
"فليعد لهذه الأسئلة أجوبة صحيحة عن طريق محاسبته لنفسه فيما يقول ويفعل ويأتي ويذر ويأكل ويشرب ويمشي ويتناول هل هو حلال أو حرام؟ وهل هو مشروع أو ممنوع؟ وسوف يسأل الإنسان ويحاسب على لفظات لسانه وخطرات قلبه ولحظات عينه وخطوات قدميه فهذه الأمور الأربعة وسائل خير أو شر لكل إنسان، ولما كان الحال كما وصفت وكان الإنسان مسئولا ومحاسبا عن كل شيء جمعت هذه الرسالة للذكرى والذكرى تنفع المؤمنين
وهي مستفادة من كلام الله تعالى وكلام رسوله (ص)وكلام المحققين من أهل العلم "
واستهل الجار الله الكتاب بالامتحان الأكبر فقال :
"الامتحان الأكبر:
(الله ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة)
تذكر يا أخي أسئلة الامتحان الأكبر الذي نتيجته جنة أو نار وهي كما يلي:
أ - تسأل في القبر من ربك وما دينك ومن نبيك؟ كما في الحديث الذي رواه أحمد وأهل السنن"
قطعا لا يوجد سؤال فى القبر لأن المتوفى تستقبله الملائكة إما فى النار وإما فى الجنة الموعودتين طالبة منه دخول واحدة منهما كما قص الله علينا وفى هذا قال تعالى:
"الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون"
وقال:
"الذين تتوفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها"
وفى وجودهم فى السماء قال تعالى :
" وفى السماء رزقكم وما توعدون"
كما أن الملائكة لا تنزل الأرض لخوفها وهو عدم اطمئنانها كما قال تعالى "قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"
ثم قال :
"ب – يوم القيامة يسأل الأولون والآخرون (ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين؟) وانظر تفسير ابن كثير 3/ 397"
وهذا السؤال الاستفهامى ماذا كنتم تعبدون لا يكون فى يوم القيامة وإنما بعد دخول الكفار النار كما قال تعالى :
"وأزلفت الجنة للمتقين وبرزت الجحيم للغاوين وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون"
ثم قال :
"جـ- يسأل كل إنسان يوم القيامة عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن عمله ماذا عمل فيه "
وهذه الأسئلة لا وجود لها للتناقض فى الحديث فالشباب جزء من العمر ومن ثم فالسؤال عن واحد وكذلك السؤال عن العمل هو سؤال عن العمر لأن العمل يكون فى العمر ومن ثم يكون الثلاثة واحد كما أن المال هو الأخر يقع فى العمر ومن ثم يكون الخمسة واحدة ثم قال :
" وقال تعالى: {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا} وقال تعالى: {فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون} "
وهذه الآيات ليس السؤال فيها استفهاميا وإنما هو بمعنى الحساب ثوابا أو عقابا ثم قال:
وأسباب الإجابة لهذه الأسئلة هي الإيمان الصادق والعمل الصالح وملازمة التقوى والتوبة النصوح والاستغفار فأعد لهذه الأسئلة جوابا صحيحا عن طريق محاسبتك لنفسك فيما تقول وتفعل لتكون من الناجحين الفائزين
قال تعالى: {يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم} والله يحفظك ويتولاك ويكون في عونك "
وتحدث عن السؤال السمع والبصر والفؤاد فقال :
(السؤال عن السمع والبصر والفؤاد):
قال الله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا}
* أي: ولا تتبع ما ليس لك به علم، بل تثبت في كل ما تقوله وتفعله
فلا تظن ذلك يذهب، لا لك ولا عليك
[إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا] فحقيق بالعبد الذي يعرف أنه مسئول، عما قاله وفعله، وعما استعمل به جوارحه التي خلقها الله لعبادته، أن يعد للسؤال جوابا
وذلك لا يكون، إلا باستعمالها، بعبودية الله، وإخلاص الدين له، وكفها عما يكرهه الله تعالى "
والمسئولية هنا تعنى الجزاء وليس السؤال بمعنى الاستفهام والثلاثة هم واحد هو النفس كما قال تعالى :
"اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا"
وتحدث عن ثبات المؤمنين دنيا وأخرة فقال :
(ثبات المؤمنين في الدنيا والآخرة)عند السؤال:
قال الله تعالى: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء}
* يخبر تعالى: أنه يثبت عباده المؤمنين أي: الذين قاموا بما عليهم من الإيمان القلبي التام، الذي يستلزم أعمال الجوارح ويثمرها
فيثبتهم الله في الحياة الدنيا، عند ورود الشبهات، بالهداية إلى اليقين وعند عروض الشهوات بالإرادة الجازمة، على تقديم ما يحبه الله على هوى النفس ومرادهاوفي الآخرة عند الموت، بالثبات على الدين الإسلامي، والخاتمة الحسنةوفي القبر عند سؤال الملكين، للجواب الصحيح، إذا قيل للميت: «من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟» هداهم للجواب الصحيح، بأن يقول المؤمن: «الله ربي، والإسلام ديني، ومحمد نبي»
[ويضل الله الظالمين] عن الصواب في الدنيا والآخرة، وما ظلمهم الله ولكنهم ظلموا أنفسهم
وفي هذه الآية، دلالة على فتنة القبر، وعذابه، ونعيمه، كما تواترت بذلك النصوص عن النبي (ص)في الفتنة وصفتها، ونعيم القبر وعذابه
في البخاري ومسلم وبقية الجماعة أن رسول الله (ص)قال:
«المسلم إذا سئل في القبر شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فذلك قوله: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة} وأما الكافر فإذا أدخل قبره أقعد، فقيل له من ربك؟ فلم يرجع إليهم شيئا، وأنساه الله ذكر ذلك، وإذا قيل: من الرسول الذي بعث إليك؟ لم يهتد له، ولم يرجع إليهم شيئا فهذا معنى {و يضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء}» اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة يا حي يا قيوم"
ونلاحظ تناقض الروايات فى إجابة الأسئلة المزعومة فى القبر فالمفروض فى الحديث الأول ربى الله ودينى الإسلام ونبيى محمد(ص) والحديث الثانى جعل الإجابة على اثنين وهى شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
والسؤال من رسولك هو سؤال لا محل له فى الإسلام لأن الرسل كلهم رسلنا (ص) كما قال تعالى " لا نفرق بين أحد من رسله"
ومن ثم لو شهدنا بأن نبينا وهو رسولنا محمد وحده فقد كذبنا على الله كما أن محمد(ص) بعد موته شهادتنا عليه أنه رسولنا ليست شهادة حق لعدم الرؤية فكيف نشهد على شىء لم نراه ؟
وآيات الثبات ليس فيها أى سؤال لفظى سواء كان بمعنى الاستفهام أو بمعنى الحساب ثم قال:
"(ماذا كنتم تعبدون وماذا أجبتم المرسلين؟):
قال الله تعالى: {ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون * قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرانا إليك ما كانوا إيانا يعبدون * وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون * ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين * فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون}
{فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين}
* هذا إخبار من الله تعالى، عما يسأل عنه الخلائق يوم القيامة، وأنه يسألهم عن أصول الأشياء، عن عبادة الله، وإجابة رسله فقال:
[ويوم يناديهم] أي: ينادي من أشركوا به شركاء يعبدونهم، ويرجون نفعهم، ودفع الضرر عنهم، فيناديهم ليبين لهم عجزها، وضلالهم
[فيقول أين شركائي]، وليس لله شريك، ولكن ذلك بحسب زعمهم وافترائهم ولهذا قال: [الذين كنتم تزعمون] فأين هم، بذواتهم، وأين نفعهم وأين دفعهم؟
ومن المعلوم أنهم يتبين لهم في تلك الحال، أن الذي عبدوه، ورجوه باطل، مضمحل في ذاته، وما رجوا منه،
|