17-09-2011, 12:17 PM
|
#16
|
العضو المميز لعام 2007
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
|
الفصل الثامن: النُخب المحافظة والثورة ضد الصفقة الجديدة
ص 269 الى نهاية الكتاب
مايكل ليند
(1)
بين الستينيات من القرن العشرين والعام 2000، أطاحت الحركة المحافظة بليبرالية ما سبقها من عهد والذي أطلق عليه (عصر الصفقة)، وبعد أن وضعت تلك الحركة يدها على الحزب الجمهوري، قام المحافظون بخلق أول غالبية جمهورية في الكونجرس. وأسفرت إطاحة مبادئ رونالد ريغان المحافظة بليبرالية روزفلت عن أكثر من صدام بين الأفكار المتعلقة بالمجتمع. وشملت العملية استبدال مجموعة من النُخب بأخرى تتمتع بجماهير مختلفة من الناخبين في المجال الاقتصادي، والعرقي، والمناطقي.
لقد كانت الولايات المتحدة تُحكم من المنطقة الشمالية الشرقية والغربية الوسطى، وبعد هذا التحول فقدت هذه المناطق نفوذها لصالح المنطقة الجنوبية، والتي ضمت 11 ولاية، وكان سبب ذلك هي هجرة الجنوبيين الى الداخل بعد دخول المكننة الزراعية والاستغناء عن العمال الصغار والفلاحين مما اضطرهم الى تركها لصالح أناس بيض.
وفي الجانب الديني، تفوقت الكنائس البروتستنتية الإنجيلية البيضاء على الاتحادات والآليات الحزبية وباتت المنظمات السياسية القاعدية الأكثر أهمية في الحزبين الجمهوري والديمقراطي على التوالي. وعلى مستوى النخبة، بات العمل السياسي منظماً بشكل متزايد من قبل جماعات الضغط والمجموعات المؤيدة لمسألة الفردية، لا من أحزاب سياسية ذات قواعد واسعة النطاق وتمتاز بأيديولوجيات مترابطة منطقياً. كما انخفض التأثير السياسي للطبقة العاملة الأمريكية.
(2)
وصف البعض التغير الذي حصل في الولايات المتحدة بأنه ميلاد الجمهورية الثالثة، على اعتبار أن الجمهورية الأولى بدأت مع الثورة الأمريكية وإعلان الاستقلال والثانية التي جاءت بعد انتهاء الحرب الأهلية في عام 1864، والثالثة بدأت معالمها تتكون منذ عهد رونالد ريغان.*1
عملت إدارتا رونالد ريجان وجورج بوش بعد أن فشلتا في حشد تأييد الكونجرس لإلغاء البرامج الفدرالية الاتحادية الشعبية، قامتا باتباع إستراتيجية (تجويع الوحش) عِبر تخفيض الضرائب وتجنب تبديد البرامج الحكومية أو خلق برامج جديدة ـ على حساب زيادة العجز الفدرالي في الميزانية خلال ولايتي الرئيسين.
وأدت سياسات العزل العرقي الى تغيير معالم التوزيع السكاني في الولايات المتحدة، فبعد أن كانت الولايات الجنوبية معقلاً للديمقراطيين حتى عام 1948، أصبحت للجمهوريين، فبعد أن كان كل تسعة أمريكيين سود من كل عشرة يعيشون في الولايات الجنوبية عام 1900، أصبحوا يشكلون ثلث سكان أكبر عشرة مدن في الولايات المتحدة بع هجرتهم عام 1990*2
ونتج عن المعدلات العالية للفقر والجريمة بين المهاجرين الجنوبيين في الشمال (حركة سريعة للبيض) ليشكلوا سياسة مناهضة للسود والتي كانت في السابق تقتصر على الولايات الجنوبية.
لم تقتصر سياسة التمييز العرقي على اليمين فقط، وعوضاً عن محاولة استعادة الطبقة العاملة من البيض، بنا الحزب الديمقراطي آماله بعد السبعينيات من القرن العشرين على إستراتيجية تشكيل (ائتلاف كبير ومتنوع) قاعدتها من السود وذوي الأصول اللاتينية والأقليات الموجودة في الولايات المتحدة (يهود، عرب، آسيويين الخ). وكان يعارض أي قانون للعزل العرقي لكسب الأصوات.
ولكن لم تعلن النخبة القيادية البيضاء للحزب الديمقراطي تحدي سياسات الأفضلية العرقية للبيض. وخلال جملة العام 1992 الرئاسية، شجب كلينتون التعليق الذي صدر عن نجمة بوب سوداء تدعى (سيستر سولجا) قالت فيه إن السود قد يقتلون الشعب الأبيض بدلاً من أن يقتلوا بعضهم بعضا,
وأما النقد اللاذع للمتبحرين والناشطين اليساريين الذي طال الأمريكيين البيض والحضارة الغربية فقد عاد على اليمين المتطرف بالفائدة.
(3)
كانت نتيجة إعادة التخطيط المرتكزة على العِرق في الستينيات من القرن العشرين نموذجاً عن السياسة المستقطبة عرقيا، فلم يفز مرشح عن الحزب الديمقراطي بأغلبية أصوات البيض منذ انتخاب ليندون جونسون عام 1964. والأقلية الأمريكية اليهودية هي المجموعة الوحيدة البيضاء التي لا تزال ثابتة على تصويتها للديمقراطيين، ففي انتخابات بوش وآل جور، صوت 80% من اليهود لصالح آل جور و 17% لبوش.
وفي السباق الرئاسي لعام 2000، ارتفع العجز الديمقراطي من 3% عام 1996 الى 12% عام 2000، وكان الرجال البيض وحدهم يفضلون بوش على غور، في حين لم يصوت لبوش إلا 10% من الناخبين السود.
وفي عام 2002 في الانتخابات البرلمانية التكميلية، كانت نسبة التصويت من البيض للجمهوريين 55.1% مقابل 44.9% للديمقراطيين، أما ذوي الأصول اللاتينية كانت نسبة تصويتهم للجمهوريين 32.9% مقابل 67.1% للديمقراطيين، وكانت نسبة السود الذين صوتوا للديمقراطيين 93.8% مقابل 2.6% فقط للجمهوريين.
ومن الأمور التي تغيرت في أمريكا بالثلث الأخير من القرن العشرين، هو أفول نجم الأحزاب كمنظمات رئيسية، ليحل محلها أصحاب البلايين، وظهور مرشحين من كبار الأثرياء مثل (روس بيروت) الذي كسب أصواتا في حملته عام 1992 تفوق التوقعات و (رالف نادر) ... وقد تذمر السناتور (دانييل باتريك مونيهان) قائلاً: (نصف أعضاء مجلس الشيوخ على الأقل هم من أصحاب الثروات... لقد أصبحنا طبقة ثرية حاكمة)*3
(4)
في العصر الجديد للولاءات الحزبية الضعيفة، دان المحافظون بنجاحهم في تغيير النقاش الوطني حول السياسة الداخلية والخارجية الى تفوقهم التنظيمي على منافسيهم السياسيين. وكان المدعوون محافظين جدداً ناجحين بصفة خاصة في الهيمنة على النقاش الوطني. ومما يدعو الى السخرية (القول للمؤلف) أن تكتيكات المحافظين الجدد وإستراتيجيتهم كانت نموذجاً من تلك التي يعتمدها اليسار الشيوعي.
وفي خلال الثلاثينيات من القرن العشرين، أنشأت الحركة التروتسكية التي نتج عنها عددٌ من المحافظين الجدد البارزين شبكتها الخاصة من المجلات الصغيرة والمؤسسات الاجتماعية لمواجهة اليسار الستاليني في الولايات المتحدة وأوروبا. وبعد الحرب العالمية الثانية، تعاون الاشتراكيون المناهضون لستالين مع الليبراليين المناهضين للشيوعية في تأسيس لقاء الحرية الثقافية الذي عارض مجموعات المواجهة الثقافية التي يدعمها السوفييت. وقد تأثر تيار المحافظين الجدد منذ بداية السبعينيات وبدا ذلك واضحاً في صحف رائدة مثل (ذي بابليك إنترست و ذي ناشيونال إنترست، ومجلات أسبوعية وشهرية مثل كومنتاري وذي ويكلي ستاندارد) ومعاهد أبحاث مثل المؤسسة الأمريكية (AEI)، ومشاريع مثل مشروع القرن الأمريكي.
وظهرت آثار الكنيسة واضحة في طبيعة وتفكير القادة، فلم يكن جورج بوش هو الوحيد الذي تكلم عن علاقته بيسوع بل كان قبله كارتر وكلينتون ولم تقتصر تلك النواحي على حزب، بل سادت في أوساط مختلفة، وانتشرت محطات التلفزة والإذاعة ومجلات متخصصة بهذا الشأن.
كما لجأ المحافظون الجدد على تمرير قوانين تخص الضريبة، فكان الأزواج الذي لا يقل دخلهم عن 400 ألف دولار سنوياً يدفعون 4.4% في حين يدفع من يقل دخله عن 19 ألف دولار ما نسبته 13.8%! *4
(5)
أفل نجم المنطقة الشرقية الشمالية وانخفض عدد سكانها من 29% عام 1950 الى 23% عام 2000. وانخفض سكان الغرب الأوسط من 26% الى 19% لنفس الفترة.
وزالت مؤسسة الخارجية الأمريكية وحل محلها أناس يحلمون بالحروب والعولمة الاقتصادية وتسفيه دور العمال واستقدام عمال أجانب بطرق ملتوية لتدني أجورهم ووعدهم بإعطاء الجنسية، والابتعاد بقدر الإمكان عن الشراكة الأوروبية باستثناء بريطانيا وعلى رأسها (توني بلير).
كما ارتبطت صناعة النفط واستثماره عالميا بوزارة الدفاع، وتم حشد وترقية كل من له علاقة بهذا النموذج من التغيير.
خاتمة
يراهن مؤلف الكتاب على أن أمريكا ستستعيد مكانتها بعد أن تفوق من كابوس التغيير الذي سيثبت عدم نجاحه.
انتهى تقديم الكتاب
هوامش من تهميش المؤلف
*1ـ Michael Lind, The Next American Nation (New York: Free Press,1995).
*2ـ Theodore Caplow, Louis Hicks, and Ben J. Wattenberg, The First Measured Century: An Illustrated Guide to Trends in America, 1900-2000 (Washington, D.C.:AEI Press, 2000), 20.
*3ـ New York Times, November 25,1984, cited in Dennis Gilbert and Joseph A.Kahl, The American Class Structure: A New Synthesis, 4th ed. ( Belmont, Calif.: Wadsworth Publishing Company, 1993),215
*4ـ Texas State and Local Taxes in 1995: Shares of Family Income for Non-elderly Married Couples, Appendix I,44, Citizens for Tax Justice,http://ctj.orgl whop/whop-tx.pdf.
__________________
ابن حوران
|
|
|