بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ العزيز محمد الأمين :
لقد قرأت الخاطرة التي كتبتها وهي أولى مشاركاتك ، وأعجبت بها للغاية ، وكان من ضمن ما يميز عملك هذا القدر الكبير من التميز في استخدام اللغة وهذا يتضح جليًا في التعبيرات الآتية :
بقايا عمري- هامش لغتي- دائرة حواسي
والجميل في هذه التعبيرات هو مزجك فيها بين المحسوس والملموس ، حتى كأن العمر فتاتًا واللغة صفحة جانبية ،والحواس بالمدار ، وهذا المزج الأنيق بين هذه الألفاظ يزيد من قدرتها على توليد عوالم غير مطروقة ، وتزداد روعتها بالسياق والفكرة التي من الممكن أن تزيدها بهاء ورونقًا.
هذا ما يُحسب للعمل الأدبي بطبيعة الحال ، أما ما ينبغي مراعاته فهو وجود فكرة له مبررها لاستخدام هذه الألفاظ ، فالتعبير خذي وفتي يُشعِر القارئ بأنه محب لها وأن كل شيء حتى الوقت يهون في سبيل رضا المحبوبة عنه .لكن الذي وجدناه هو عكس ذلك ، فهي حالة عتاب ، وكان يقتضي السياق أن يقول لها مثلاً :"خذي وقتي لآخذ من عمرِك . أو :خذي من وقتي لآخذ بيديك إلى بحر الغرق.." لكن كان السياق غير مناسب للموقف أو الحالة .
من جهة أخرى ، كان استخدام جملة خذي وقتي مبالغًا فيه ومرهقًا للقارئ ، حتى إن الواحد قد يشعر أنها عبارة أتت فقط لإكمال العبارات غير المكتملة.
وبعد ذلك كان هناك محاولة للسجع والكتابة الشعرية ، وهذا أمر جميل في ذاته ،المهم هو أن يكون الشعر له مجاله والخاطرة لها مجالها منفصلين عن بعضهما البعض ، وإن كان هذا لا ينفي احتمالية ورودهما سويًا اعتمادًا على الحالة وضروراتها .
السجع من الضروري الحذر منه لأنه لم يكن موزونًا إيقاعيًا ، وهذه محاولة أولى لك وحتى محاولاتك اللاحقة يُلتمس العذر لك فيها ، شريطة أن تتحول عنها إلى أسلوب أكثر مناسبة يحقق الغرض من الكتابة.
كثرة أفعال الأمر لها دلالتها كالاستعلاء أو الرجاء حسب طبيعة الفعل وتأثيره . وهنا كانت الأفعال الآتية بصيغة الأمر لا تفيد أمرًا ولا رجاء وإنما كانت سُلّمًا لتوضع عليه تعبيرات أخرى هي المطلوبة ، مما يجعل الأفعال قليلة التأثير في العمل. وهذا أيضًا أمر يّعذر المبتدئون فيه.
خلاصة القول : تملك موهبة في تكوين الصورة الفنية ، وفي السرد الذي يحبب القارئ في العمل ويجعله يمضي به إلى منتهاه ، لكن هذا الذي أراه ضروريًا لك ، لو أخذته في الاعبتار فستصبح بإذن الله قادرًا على العطاء بشكل أفضل .
لك تحياتي القلبية الصادقة ودمت مبدعًا على الدوام
النمط المتطور