كان على بوش أن يتابع حركة القوى التي تقترب من منافسة بلاده ليشرع في كبح جماحها ومواصلة التفرد بالقوة والنفوذ والهيمنة ، وهي من دون شك الصين وروسيا والهند وربما الاتحاد الأوروبي ، لكنه تركها تنهض وتراكم القوة ، بينما ذهب نحو معارك صاغها العقل الصهيوني من أجل مصالح دولته العبرية ، وإن غلّفها بالدفاع عن هيبة الولايات المتحدة ، مع ما تيسر من أحلام ينبني أحدها على الآخر ، تبدأ باحتلال أفغانستان وزرع قواعد في آسيا الوسطى والسيطرة على نفط بحر قزوين ، ولا تنتهي باحتلال العراق والسيطرة على الشرق الأوسط ونفطه ، وبالتالي تكريس الهيمنة الأمريكية على العالم لعقود طويلة.كانت تلك قراءة غبيّة ومخادعة في آن ، ولا تنطوي على فهم لهذه المنطقة والأمة التي تعيش فيها ، ولا لتحولاتها في العقدين الأخيرين بعد عودتها إلى ذاتها وهويتها.
بعد الفشل الذريع في العراق ، نهضت أفغانستان كمستنقع رهيب يطارد الأمريكان ، وها هو الوضع الصومالي ينفرط من جديد ، وقبله جورجيا ، وما ترتب وسيترتب على معركتها من تداعيات على صعيد ميزان القوى الدولي.والخلاصة أن بوش قد بدّد في ثماني سنوات جهود من سبقوه ، ووضع أكبر إمبراطورية في التاريخ على سكة التراجع ودفعها بكلتا يديه: بكل ما يملك من عبث ورعونة ، الأمر الذي سيفرحنا بالتأكيد ، نحن الذين دفعت أمتنا أكثر من سواها من جراء استفراد أمريكا بالشأن الدولي ، معطوفاً على انحياز مطلق للمشروع الصهيوني.
|