|
 |
02-08-2008, 02:55 PM
|
#1
|
عضو مميز
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
|
كاتب الموضوع: عمار كاظم محمد - 10-06-2008
تجربة غينسبرغ في قصائد الهايكو
ألن غينسبرغ
ترجمة:- عمار كاظم محمد
هو نوع من الشعر الياباني، يحاول شاعر الهايكو، من خلال ألفاظ بسيطة التعبير عن مشاعر جياشة أوأحاسيس عميقة. كان الـ"هايكو" سببا في ظهور "الصورية" وهي حركة شعرية أنجلو-أمريكية راجت في أوائل القرن العشرين (الـ20 م)، كما أثر في العديد من الأعمال الأدبية الغربية الأخرى. وهذه المجموعة من قصائد الهايكو للشاعر الامريكي الشهير ألن غينسبرغ
(1926 – 1997 ) والتي لم تنشر سابقا نقدمها هنا لتعطينا فكرة عن تجربته في كتابة هذا النوع من القصائد وعن حركة جيل " البيت " الذي كان الشاعر الراحل من رواده الاوائل .
أشرب شايي بلا سكر
وليس هناك من اختلاف
* * *
العصفور الدوري يذرق
من الاعلى الى الاسفل
آه ، دماغي والبيض
* * *
انظر من وراء كتفي
كل ما خلفي مغطى
بازهار الكرز
* * *
الهايكو شتاءً
أنا لا اعرف اسماء الازهار
فقد ماتت حديقتي
* * *
فعصت البعوضة
وغاب عني
السبب الذي دفعني لذلك
* * *
أقرا الهايكو
وانا حزين
وبي حنين الى ما ليس له اسم
* * *
الضفدع يطفو
في جرة الصيدلية
والمطر الصيفي على الارصفة الرمادية
* * *
على السقيفة
وفي البستي الداخلية
ضوء يومض في المطر
* * *
سنة أخرى
مرت على العالم
ولم يختلف شيء
* * *
أول شيء بحثت عنه
في حديقتي القديمة
كان شجرة الكرز
* * *
منضدتي القديمة
اول شيء بحثت عنه
في بيتي
* * *
مجلة طفولتي
أول شيء وجدته
على منضدتي القديمة
* * *
شبح امي
أول شيء وجدته
في غرفة الجلوس
* * *
لقد اقلعت عن الحلاقة
لكن العيون التي حدقت بي
مازالت في المرآة
* * *
المجنون يخرج من الافلام
كشارع في وقت الغداء
* * *
مدن الاطفال
في قبورهم
وهذه المدينة ايضا
* * *
اتكيء على جانبي
في الفراغ
وانفاسي في طرف انفي
* * *
في الطابق الخامس عشر
يمضغ الكلب عظمة
مثل صراخ سيارات الاجرة
* * *
القمر على السقف
الديدان في الحديقة
ساستأجر هذا البيت
|
|
|
02-08-2008, 02:57 PM
|
#2
|
عضو مميز
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
|
كاتب الموضوع: عمار كاظم محمد - 24-04-2008
من أشعار فروغ فرخزاد
( الجزء الاول )
ترجمة :- عمار كاظم محمد
أحسّ أني خسرت عمري كله ، كان عليَّ أن أعرف أقل بكثير من خبرة السبعة والعشرين عاما ً، لعلّ السبب يكمن في أن حياتي لم تكن مضيئة ، فالحب ، وزواجي المضحك في السادسة عشرة زلزلا أركان حياتي. على الدوام لم يكن لي مرشد ، لم يربّني أحد فكرياً وروحيا ً. كل ما لدي هو مني ، وكل ما لم أحصل عليه كان بمقدوري امتلاكه لولا انحرافي وعدم معرفتي لنفسي . عراقيل الحياة منعتني من الوصول لكنني أريد أن أبدأ ..
تلك هي قصة الشاعرة الايرانية الراحلة فروغ فرخزاد التي ولدت في الخامس من كانون الثاني من عام 1935 من عائلةٍ كبيرةٍ وهي الثالثة بين سبعة أولاد. بعد تخرجها من مدرسة الأحداث العليا انتقلت إلى مدرسةٍ فنية لدراسة الرسم والخياطة ولم تنهِ المرحلة الثانوية.
كانت تبلغ السادسة عشرة عندما تزوجت من بارفيز شابور، أحد أقربائها البعيدين وهو حفيد خالة والدتها. وخلافاً لما هو الحال عند ابنتي الجيل السابق طاهرة قرة العين وبارفن اعتصامي بزواجهما التقليدي، تزوجت فروغ فرخزاد من رجلٍ وقعت بحبه. وبعد عام ولد طفلهما الأول والوحيد وهو صبي أسموه كاميار. صدرت مجموعة فرخزاد الشعرية الأولى تحت عنوان "الأسيرة" The Captive عام 1955 وتحتوي على أربعٍ وأربعين قصيدة تتحدث عن قصة امرأةٍ محبطةٍ وعن شعورها بالقيود في حياتها. وعنوان المجموعة بحد ذاته يشير إلى إحساسها بالتورط واليأس. شخصية "الأسيرة" الشعرية هي امرأة شابة مضطربة تقضي وقتاً مريراً تصوغ فيه هويةً لنفسها وتقع بحيرةٍ بين مطالب المرأة -الزوجة والأم التي، على ما يبدو، أنها تتناقض مع مطالب الشاعرة المستقلة
بعد ثلاث سنواتٍ من الزواج، قررت فرخزاد أن تترك زوجها رغم الصعوبات الاجتماعية والنفسية والمادية العديدة المترتبة على ذلك. وبكثيرٍ من الألم والحزن خسرت الحضانة الدائمة لطفلها الوحيد حتى إنها حُرِمَت من حقوق الزيارة. وفي أيلول من عام 1955 عانت من انهيارٍ عصبي وأُخِذَت إلى عيادةٍ نفسية حيث بقيت تتعالج لمدة شهر. وبعد عام من ذلك، أي في عام 1956 نُشِرَت مجموعتها الشعرية الثانية "ديفار" Divar أو The Wall وتعني "الجدار" وهي مهداةٌ إلى زوجها سابقاً.
"في ذكرى ماضينا المشترك آملةً أن تكون هذه الهدية التي لا قيمة لها رمزَ امتناني للطفه الذي لا حدود له".
وبعد أقلّ من عام صدر كتابها الثالث "عصيان" Esian أو Rebellion وأثبت فعلاً أنها شاعرةٌ ذات مستقبلٍ واعد، لكن في الوقت نفسه رديئة السمعة بالنسبة لتقاليد مجتمعها. وفي قصائد هاتين المجموعتين البالغة اثنتين وأربعين قصيدة يلاحظ المرء شعوراً أقوى وأكبر باستقلالية الشاعرة فهي تنتقد مجتمعها بقسوة ولا سيما ظلمه للمرأة. إنّ شعوراً بالحنق والغضب يشكّل الدافع لكتابة الكثير من قصائد هذه الفترة.
تمتلك فرخزاد شواهدَ كثيرةً على موهبتها وطاقتها؛ فما كادت تبلغ الرابعة والعشرين وقد أصدرت ثلاث مجموعاتً شعرية حتى نمّت اهتماماتٍ جديدة في التصوير السينمائي والتمثيل والإخراج. ففي عام 1962 أنجزت فيلماً وثائقياً عن مستعمرة مجذومين تحت عنوان "البيت أسود" (The House is Black) وقد لاقى الفيلم نجاحاً عالمياً وفاز بجوائز عدة. بينما تم نشر مجموعتها الشعرية الرابعة التي جاءت تحت عنوان ( ولادة أخرى ( another Birth في عام 1964. وبما أنّ الذاتي والخاص يشكلان خلفيةً دائمةً لشعر فرخزاد، فإنّ قصيدة (ميلاد آخر) تحتفي بميلاد أنثى تتمتع بحقوقها الجديدة كمقاتلة ناضلت من أجل كل خطوة في طريقها إلى الحرية؛ فهي تصبح أنموذجها الخاص وتخلق ذاتها بالصورة التي تريدها منها ميولها وطموحاتها الخاصة. ميلادها الجديد يمثل ميلاداً ذاتياً حقاً:
فارقت فرخزاد الحياة وهي في قمة إبداعها ولم تكن قد تجاوزت الثانية والثلاثين من عمرها إثر إصاباتٍ في الرأس في حادث سير في الرابع عشر من شباط عام 1967 فبينما كانت تحاول أن تتجنب عربةً قادمةً، اصطدمت بجدارٍ وانطرحت خارج سيارتها. ومن سخرية القدر هو أنّ هذه المرأة التي تجنبت الجدران وفرت منها طيلة عمرها قتلها في نهاية المطاف جدار.
القصــــــائـــــــــد
هدية
سأنطق من أعماق الليل
من أعماق الظلمة
ومن أعماق الليل سأنطق
إذا أردت أن تأتي إلى بيتي يا صديق
فاجلب لي مصباح ونافذة
استطيع أن انظر من خلالهما
إلى الزحام في الزقاق السعيد .
ستأخذنا الريح
في ليلتي الصغيرة , آه
الريح على موعد مع أوراق الأشجار
في ليلتي الصغيرة هناك الم الدمار
فلتصغي
هل تسمع عصف الظلمة ؟
أنا أعتبر هذه السعادة كشيء غريب
وأدمن يأسي
أصغي
هل تسمع عصف الظلمة ؟
شيء ما يمر في الليل
القمر مضطرب وأحمر
وفوق هذي السطوح
حيث قطع غيوم الخوف المتواصلة
مثل نائحين
يبدون كما لو أنهم بانتظار لحظة المطر
لحظة
ومن ثم لاشيء .
الليل يرتجف خلف هذه النافذة
ورياح الأرض تكاد أن تتوقف
خلف هذه النافذة
شيء ما مجهول يراقبنا أنت وأنا
أيها الأخضر من الرأس حد القدم
ضع يديك مثل ذكرى محترقة
في يدي العاشقتين
وامنح شفاهك أن تداعب
شفاهي العاشقة
مثل إحساس دافئ بالوجود
فالريح ستأخذنا
الريح ستأخذنا .
حافة الجدران
والآن , ثانية في سكون الليل
شقوق الجدران , حافة الجدران
مثل أشجار متشابكة
ربما تكون حراسا لحبي
والآن , ثانية شياطين المدينة تلغط
مثل مدارس مضطربة للمتصيدين
تتفادى حزني المتطرف
والآن , ثانية النوافذ تعيد اكتشاف نفسها
في متعة الاتصال بعطور منتشرة
والأشجار الهادئة في البساتين
تسقط لحائها وأغصانها
عند مداخلها الألف
وهي تتنسم ضوء القمر
* * *
والآن
تعال بقربي
واستمع
لنبض الحزن في حبي
الذي ينتشر
مثل قرع طبول افريقية
على طول قبيلة في أوصالي
أحس
اعرف
أي لحظة
هي لحظة الصلاة
والآن النجوم
عشاق
في ملاذ الليل
من النسيم العميق انبعثت
وفي ملاذ الليل
بجنون وقعت هكذا
بضفائري الغزيرة
في يديك
وأنا أقدم لك زهورا استوائية
من فلك هذا الشباب .
تعال معي
تعال إلى تلك النجمة معي
لأن القرون تمضي
من هذه الأرض متشبثة بمقاييس اللاجدوى
و لا احد هناك
يخاف من الضوء.
سأتنفس على جزر تطفو على المياه
وابحث عن نصيب في السماء الغالية
خالية من عنجهية الأفكار التافهة .
ارجع إلي
ارجع إلي
إلى مصدر كل الوجود
إلى المصدر المقدس للأصل الفريد
إلى لحظة خلقتها معك
ارجع إلي
فانا لا اكتمل الا منك .
والآن
على قمة صدري
تطير الحمامات
الآن
على سطح شفاهي قبلات الفراشات
تتعمد بأفكار الطيران
الآن
مذبح جسدي
مستعد لعبادة الحب
ارجع إلي
فليس لي طاقة للكلام
لأنني احبك
لأن عبارة " أنا احبك "
من عالم العبث
ومن القدم والإسهاب
ارجع إلي
فليس لي طاقة للكلام
في ملاذ الليل دعني اعشق القمر
دعني أمتلئ
بقطرات المطر الرقيقة
بالقلوب اليافعة
بالكتاب الذي لم يكتب
دعني أمتلئ
فربما يكون حبي مهدا
لولادة مسيح آخر .
الدمية الآلية
أكثر من هذا ، نعم
أكثر من هذا يستطيع المر أن يبقى صامتا
بنظرة ثابتة
مثل الأموات
يستطيع المرء أن يحدق لساعات طويلة
في الدخان المنبعث من سيكارة
في شكل الكوب
في الزهرة الذابلة على البساط
في الشعار الباهت على الجدار
يستطيع المرء أن يزيح الستائر
بأصابع متغضنة ويراقب
المطر يتساقط بغزارة في الزقاق
طفل يقف عند المدخل
ممسكا بطائراته الورقية الملونة
عربة هزيلة تغادر الساحة المهجورة
محدثة ضوضاء في اندفاعها
المرء يستطيع أن يقف بلا حراك
قرب الستائر – أعمى , أطرش
يستطيع المرء أن يصرخ
بصوت شكلي نوعا ما , ضئيل نوعا ما
" أنا أحب ........"
في الرجال أذرعهم المستبدة
يستطيع المرء أن يكون معافى ، أنثى جميلة
بجسم مثل جلد السماط
بنهدين كبيرين وصلبين
في الفراش مع سكير , مجنون , متشرد
يستطيع المرء أن يلوث براءة الحب .
يستطيع المرء أن يهين بمكر
كل الأسرار الغامضة
يستطيع المرء أن يستمر في حل الكلمات المتقاطعة
سعيدا باكتشاف الأجوبة السخيفة
نعم , أجوبة سخيفة من خمسة أو ستة حروف .
برأس منحن , يستطيع المرء
أن يجثو طوال حياته قبل برودة العذاب المغطى في القبر
يستطيع المرء أن يجد الله في قبر مجهول
يستطيع المرء أن يتاجر بإيمانه من اجل مال تافه
يستطيع المرء أن يتهرأ في زاوية مسجد
مثل حكواتي قديم لابتهالات حاج
يستطيع المرء أن يكون ثابتا كالصفر
سواء أضيف أو طرح أو ضرب
يستطيع المرء فيك – في عينيك حتى
في غضبهما
كحفرتين منطفئتين في وقت التعب
يستطيع المرء أن يجف في حوضه كالماء .
يستطيع المر ء بخجل أن يخفي جمال اللحظات التي قضيناها معا
في أعماق صدره
مثل لقطة فوتوغرافية قديمة ومضحكة
في الأيام الفارغة الشكل يستطيع المرء أن يظهر
صورة ألإعدام , الصلب أو الشهادة .
يستطيع المرء أن يغطي شق الجدار بغطاء
يستطيع المرء أن يتمادى في خيالاته بخداع أكثر من هذا .
يستطيع المرء أن يكون مثل دمية آلية
وينظر إلى العالم بعينين من زجاج
يستطيع المرء أن يعيش لسنوات في كذب وبهرجة
جسد ممتلئ بالتبن
في داخل قبعة في صندوق
لكل لمسة شيقة
بلا سبب دائما
يستطيع المرء أن يطلق صرخة
آه , سعيد جدا ,
هل أنا كذلك ؟
جمعــــــة
جمعة هادئة
جمعة مهجورة
جمعة حزينة كالأزقة القديمة
جمعة للأفكار المزعجة الكسولة
جمعة للتمطيات المتعرجة المؤذية
جمعة ليست للحدس
جمعة للخضوع
بيت خال
بيت موحش
بيت مغلق ضد طيش الشباب
بيت للظلام وفانتازيا الشمس
بيت للوحدة ، للتنبؤ والتردد
بيت للستائر ، الكتب ، الخزانات ، الصور
آه كيف أزهرت حياتي بصمت وسكون
مثل جدول يجري عميقا
في قلب صمت كهذا ، جمعة مهجورة
في قلب بيوت خالية من المتعة
آه كيف أزهرت حياتي بصمت وسكون .
|
|
|
02-08-2008, 02:59 PM
|
#3
|
عضو مميز
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
|
كاتب الموضوع: الدكتور بهجت عباس - 07-10-2007
خبز وخمر - المقطوعة التاسعة
للشاعر الألماني فريدريش هولدرلين ( 1770 -1843)
ترجمة بهجت عباس
نعم! يقولون بحق ، إنّه يوفّق بين النّهار والليل ،
يُسَيِّـرُ نجـومَ السَّماء عالياً وسافلاً إلى الأبد ،
جذلٌ دوماً كأوراق شجرة الصّنوبر دائمة الاخضرار ،
التي يُحبّـها ، والإكليلُ ، الذي اختاره ، من اللبلاب ،
لأنّـه يدوم و يجلب أثرَ الآلهة الهاربيـن
إلى الجاحديـن إلى أسفلَ تحت الظّلام.
وما تنبّـأتْ أغاني القدماء لأطفال الإلـه ،
انظرْ! نحن هـو، نحـنُ ؛ إنّـه فاكـهة هيسبيريـا*
مدهشٌ وبدقّـة تحقّـق تماماً كما للبشر.
اِعتقـدَ به مَـنْ اختبـرَه ! ولكنْ كثـيرٌ يحدث ،
لا شيءَ يفعل فعلَه ، لأنّـنا ظِلالٌ ، لا قلـوبَ لنـا ، إلى أنْ
يجعلـَنا أبونـا الأثـيرُ معروفين ويخصَّـنا كلَّـنا.
ولكنْ في غضون ذلك ، كذبالة مصباح ابن الذات الأعلى،
يأتي السّـوريّ إلى أسفلَ بين الظِّلال.
سعيداً يراه الحكماءُ ؛ تشعّ بسمة في الروح السّجينة ،
ولكنَّ عينَـها لا تزال تذوب من الضّياء .
تحلم برقّـة أكثـرَ وتنام بين أذرع أرض الجبابرة ،
حتّى ذلك الحاسد ُ، سَـربَـرَسْ ** ذاتُـه ، يشربُ وينـامُ .
= = = = = = = = = = = = = = =
* هيسبيريا Hesperia في الإنكليزية، Hesperien في الألمانية: هي واحدة من هيسبيرايدس Hesperidesفي الميثولوجيا الإغريقية وتعني حوريات الغابات أو الماء اللائي تـرعيْـن الحديقة المباركة في أقصى الغرب من الدنيا. وهناك مدن أمريكية سُمِّـيتْ بها .
** سَـربَـرَسْ Cerberus هو كلب هادس Hades إله العالم السفلي ، وهو بثلاثة رؤوس ، يحرس الباب التي تؤدّي إلى هادس ليتأكد من أنَّ أرواح الموتى تدخل ولا تخرج ، كما يمنع أيَّ حيٍّ أنْ يأتي إلى هادس.
Brot und Wein - 9
Friedrich Hölderlin (1770 - 1843)
Ja! sie sagen mit Recht, er söhne den Tag mit der Nacht aus,
Führe des Himmels Gestirn ewig hinunter, hinauf,
Allzeit froh, wie das Laub der immergrünenden Fichte,
Das er liebt, und der Kranz, den er von Epheu gewählt,
Weil er bleibt und selbst die Spur der entflohenen Götter
Götterlosen hinab unter das Finstere bringt.
Was der Alten gesang von Kindern Gottes geweissagt,
Siehe! wir sind es, wir; Frucht von Hesperien ists!
Wunderbar und Genau ists als an Menschen erfüllet,
Glaube, wer es geprüft! aber so vieles geschieht,
Keines wirket, denn wir sind herzlos, Schatten, bis unser
Vater Aether erkannt jeden und allen gehört.
Aber indessen kommt als Fakelschwinger des Höchsten
Sohn, der Syrier, unter die Schatten herab,
Seelige Weise sehns; ein Lächen aus der gefangenen
Seele leuchtet, dem Licht thauet ihr Auge noch auf.
Sanfter träumet und schläft in Armen der Erde der Titan,
Selbst der neidische, selbst Cerberus trinket und schläft.
|
|
|
02-08-2008, 03:01 PM
|
#4
|
عضو مميز
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
|
كاتب الموضوع: الدكتور بهجت عباس - 31-08-2006
لا شيء يمكن أن يُقدَّم تعزيةً للدكتور صالح زامل الذي فقد دنياه إلى الأبد بالمصاب الذي فاق كلَّ وصف، فَـقـدَ زوجة حبيبة مسكينة وأطفالاً أبرياء لم يذوقوا من الحياة غير نهايتها المريرة على أيدي عصابات متوحشة مجرمة لا ترتوي إلا بشرب الدّم.
فهل أستطيع أن أقدّم هذه الترجمة زفراتٍ حرّى إليه ؟
ب. ع.
أوقِـفْ كلَّ السّاعاتِ
هـ . و . أودن ( 1907 – 1973 )
ترجمة بهجت عباس
أوقفِ السَّـاعاتِ يا صاح ِ ودَعْ عنك المِـزاحا
واقطعِ الهاتفَ، وامنع ْ ذلك الكلبَ
بعـظم ٍ أنْ يهــزَّ الكونَ والدّ ُنيا
هَـريراً ونُـباحا
أخْــرِس ِ الأوتـارَ لا أسطـيعُ أنْ أسـمع َ
أنغـاماً سِـفاحـا
والجُـم ِ الطَّـبـلَ بصمت ٍ واجلب ِالتابوتَ
واد ْع ُ النـُوَّحَ الحَـيْـرى إلى الدار
ليَـخـفِـضْـنَ الجّنـاحا
وليكُـنْ فوق رؤوس الناس سـربُ الطـّائراتِ
بأزيـزٍ وعـويـلٍ وأحَـرِّ الـزَّفـراتِ
لتخـط َّ الكـلـمـاتِ
في أعالي السَّـمـَوات ِ
إنـَّه مَـيْـتٌ، فضَـع ْ يا صاحـبي شاراتِ حـُزن ِ
حول أعناق حَمام ٍ تـاهَ في روض ٍ أغَـنِّ
ودع ِ الشّـرطيَّ، شرطـيَّ المـرور ِ
يضعُ الأسودَ في كـفـّـيْـهِ قـُـفّـازاتِ قطـن ِ
فلقد كان شـمالي ، ولقد كان جـَـنوبي
كان لي شـرقــاً وغربــاً
كان أ ُسبـوعي الذي أعمل فيه للغـروب ِ
كان يوم َ الأحـد ِ
ذلك اليوم الذي أنعُـمُ في أفـيائـِه بالرّغـد ِ
كان ليلي ونهاري وحديثي وأغانـيَّ العِـِذابا
كانُ ظنـّي أنَّ ذاك الحُـبَّ حـبّ ٌ أبـدي
فاطـفِـئ الأنجُـمَ لا أرغَـبُـها إلاّ خـِلابـا
وارزم ِ البـدرَ وعَــرِّ الشَّمسَ من كلِّ سناهـا
فـلقـد كـانـتْ سـرابـا
واسكب ِالبحـرَ بعـيدا،ً واكـنُـس ِ الغـابات ِ عـنـّي
لا لشيء بعد هذا اليـوم ِ أنْ يأتـي بخـيـرٍ أو بحُسْـن ِ
|
|
|
02-08-2008, 03:02 PM
|
#5
|
عضو مميز
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
|
كاتب الموضوع: رافع الصفار - 09-04-2006
الحارس الليلي
قصة: أنطون تشيخوف
ترجمة: رافع الصفار
- مَن هناك؟
لم يأته رد. ولم يكن بمقدور الحارس ان يرى شيئا. رغم زئير الريح المتواصل وارتطامها بالشجر، كان يسمع وقع اقدام تتقدمه على امتداد الطريق. ليلة من ليالي آذار (مارس). السماء ملبدة بالغيوم، والضباب الكثيف يغلف كل شيء، وخيل للحارس بأن الأرض والسماء وهو نفسه مع أفكاره قد توحدوا جميعا في هيئة واحدة هائلة منيعة تتسربل بالسواد. كان يتلمس طريقه في تلك العتمة الكثيفة.
عاد الحارس يصيح مناديا:
- من هناك؟
وبدأ يتخيل بانه يسمع همسا وضحكة مكتومة.
- من هناك؟
- أنا...ايها الصديق.
جاءه صوت رجل عجوز.
- ولكن من تكون؟
- أنا....مسافر.
عندها صرخ الحارس بغضب، وهو يحاول أن يخفي رعبه بالصراخ.
- أي نوع من المسافرين أنت؟ ماذا تفعل بحق الشيطان في مثل هذه الساعة داخل المقبرة؟
- ماذا ؟! أتقول أنها مقبرة ؟!
- وماذا تكون؟ بالطبع أنها مقبرة. الا ترى ذلك؟
جاءه صوت الرجل العجوز متنهدا:
- يارب السموات! لكني لا أرى شيئا. لا استطيع حتى أن أرى يدي أمام وجهي.
- ولكن من تكون؟
- أنا حاج...يا صديقي
عندها انطلق الحارس يغمغم لنفسه بتذمر:
- الشياطين وطيور الليل...نوع جيد من الحجاج...وكذلك السكارى. يسكرون طوال النهار ويخرجون في الليل ليجوبوا الطرقات
ثم أضاف بعد لحظة صمت.
- يخيل لي اني سمعت أكثر من صوت، كأنكم إثنان أو ثلاثة.
- إنني لوحدي يا صديقي، لوحدي. آآآآآآ....كم نرتكب من ذنوب.....
وتعثر الحارس بالرجل فتوقف.
- كيف جئت إلى هذا المكان؟
- فقدت طريقي ايها الرجل الطيب. فأنا متجه إلى (متريفسكي ميل) ولكن يبدو أنني قد ضعت.
- نعم، هذا صحيح، فالطريق إلى (متريفسكي ميل) ليست من هنا. كان عليك أن تتجه إلى اليسار. تخرج من المدينة مباشرة لتسلك الطريق الخارجي. واضح انك توقفت في المدينة لتشرب بضعة كؤوس، ولهذا انت الآن تائه.
- نعم يا صديقي فعلت ذلك. لن أخفي ذنوبي، ولكن ماذا افعل الآن؟
- تستمر حتى نهاية الطريق، ثم تنعطف معه إلى اليمين وتسير حتى تصل البوابة وهي نهاية المقبرة، تفتحها وتخرج مصحوبا بالسلامة. وحاذر أن تسقط في الغدير. بعد المقبرة تسير بمحاذاة الحقول حتى تصل الطريق الرئيسي.
- أعطاك الرب الصحة والعافية يا صديقي، وحمتك السموات. كن رحيما معي أيها الرجل الطيب وسر معي حتى البوابة.
- لا ليس عندي الوقت لذلك، عليك أن تذهب لحالك.
- كن رحيما، وسوف أصلي من أجلك. فأنا لاأستطيع أن أرى شيئا. المرء لايستطيع أن يرى كفيه أمام وجهه بسبب الظلمة. دلني على الطريق يا سيدي.
- كما لو أنني لدي الوقت الكافي كي أكون دليلا لك. هذا غير ممكن يا سيد.
- بحق السيد المسيح، أتوسل إليك أن تدلني على الطريق، فأنا لا أرى شيئا. ثم إنني أخاف أن أسير وحيدا في المقبرة. إنه أمر مرعب ومخيف.
يتنهد الحارس أخيرا ويقول:
- يبدو أن لا خلاص منك. حسنا، هيا بنا.
وسارا سوية، الحارس والمسافر، متلاصقين وصامتين. وكانت الريح المشبعة بالرطوبة تضرب وجهيهما مباشرة، بينما خشخشة الأشجار الخفية تنثر قطرات الماء عليهما، وكانت الطريق مغطاة بالوحل تماما.
قال الحارس بعد فترة صمت دامت طويلا:
- نسيت أن أسالك. كيف دخلت المقبرة والبوابة مقفلة؟ هل تسلقت السور؟ إذا كنت حقا قد فعلت ذلك، فهذا آخر شيء اتوقعه من رجل كبير السن.
- لا أدري يا صديقي، لا أدري. انا نفسي لا اعرف كيف حصل هذا. إنه عقاب من الله...إذن أنت حارس هنا يا صديقي؟
- نعم.
- الوحيد على كل المقبرة؟
ضربتهما في تلك اللحظة لفحة ريح هوجاء فتوقفا في مكانهما، وانتظرا حتى تجاوزتهما. عادا ليواصلا سيرهما. أجاب الحارس:
- نحن ثلاثة. أحد الإثنين الباقيين مريض بالحمى، والآخر نائم، ويستلم واجبه من بعدي.
- آآآآ...فقط اردت أن أتأكد ياصديقي. يا لها من ريح. تعوي كأنها وحش. آوووووووه...
- ومن أين أنت قادم؟
- من مكان بعيد يا صديقي. أنا من فولوغدا. أتنقل من مكان مقدس إلى آخر وأصلي للناس. فليحفظني الله ويشملني برحمته.
توقف الحارس كي يشعل غليونه. إنحنى خلف ظهر المسافر واشعل بضعة عيدان كبريت. وهج العود الأول أضاء لوهلة على الجانب الأيمن من الطريق شاهدة قبر بيضاء بملاك وصليب أسود. العود الثاني توهج وانطفأ بسبب الريح. ظهر كأنه برق مندفع إلى اليسار فكشف عن جانب لشيء أشبه بسقيفة. عود الكبريت الثالث اضاء جانبي الطريق كاشفا عن شاهدة القبر، الصليب الأسود، وسقيفة لضريح طفل. غمغم الغريب وهو يتنهد بصوت مرتفع:
- النائمون الغائبون، النائمون الأعزة. كلهم سواء في نومهم، الأغنياء والفقراء، العاقلون والحمقى، الطيبون والأشرار. لا فرق بينهم على الإطلاق، وسيبقون نائمين جميعا حتى النفير الأخير. لتكن جنة الخلد مأواهم يسكنونها آمنين.
أجابه الحارس معلقا:
- الآن نحن نتحرك ونتحدث عنهم، ولكن سيأتي اليوم الذي نرقد فيه إلى جانبهم.
- دون شك سنموت جميعا. ليس هنالك من لا يموت. آآآآ...وافعالنا، وأفكارنا..شريرة، ماكرة ومخادعة...
- نعم ، لكنك ستموت يوما.
- دون شك يا صديقي.
يواصل الحارس تعليقه قائلا:
- الموت على حاج أسهل منه على أشخاص مثلنا.
- الحجاج أنواع، هنالك الحقيقيون الذين يخافون الله ويحرصون على عدم معصيته، وهنالك التائهون الضائعون في المقابر يوسوس لهم الشيطان بشتى المعاصي. يستطيع أحدهم الآن أن يفتح رأسك بفأس ويضع حدا لحياتك.
- لماذا تتحدث معي بهذا الشكل؟
- اوه..لا شيء، مجرد خيالات. أعتقد أننا وصلنا البوابة، هيا افتحها أيها الرجل الطيب.
تحسس الحارس طريقه نحو البوابة و..فتحها، ثم أمسك بالحاج من كم ردائه وقاده إلى الخارج قائلا:
- هذه هي نهاية المقبرة، والآن عليك أن تسير عبر الحقول المفتوحة حتى تصل الطريق الرئيسي. فقط حاذر من السقوط في الغدير القريب من هنا.
يتنهد الحاج بعد لحظة صمت ويقول:
- لا أظن أني سأذهب إلى (متريفسكي ميل). لا أرى سببا لذلك. سأبقى معك بعض الوقت يا سيدي.
- ولأي سبب تبقى معي؟
- أوه..أعتقد أن البقاء معك أفضل.
- إذن، فقد وجدتَ رفقة حسنة. أرى أنك مولع بالمزاح أيها الحاج.
قال الحاج وهو يكتم ضحكة غليظة:
- إذا أردت الحق، نعم، أنا كذلك. آآآآ...أيها الرجل الطيب، أراهن أنك ستظل تتذكرني لسنوات طويلة.
- ولماذا... سأظل أتذكرك؟
_ لقد أتيتك من حيث لا تدري....فهل أنا حاج؟ لا..أنا لست حاجا على الإطلاق.
- فماذا تكون إذن؟
- مجرد رجل ميت. لقد نهضت من تابوتي للتو. أتذكر صانع الأقفال غوبارييف الذي شنق نفسه في أسبوع الكرنفال؟ حسنا، أنا غورباييف.
- قل شيئا آخر.
لم يصدقه الحارس، لكن قشعريرة باردة سرت في جسده، واستولى عليه رعب ضاغط، فاندفع متعجلا يتحسس البوابة. لكن الغريب أمسك به من ذراعه وصاح به:
- هَه..هَه..هَه، أين أنت ذاهب؟ هل من اللياقة أن تتركني لوحدي.
عندها صرخ الحارس وهو يحاول ان يتحرر من قبضة الغريب:
- أتركني، أتركني...
- توقفْ. قلت لك توقفْ..، فلا تقاوم ايها الكلب القذر. إذا أردتَ أن تبقى بين الأحياء، فتوقفْ وامسك لسانك حتى أقول لك. لو كنتُ اريد قتلك، لكنتَ الآن ميتا منذ زمن. هيا..توقفْ أيها الخسيس...
ومن شدة رعبه، أغلق الحارس عينيه، متكئا على السور. وكانت ساقاه تهتزان بشدة تحته. كان يريد أن يصرخ مستنجدا، لكنه كان يعرف بأن صوته لن يصل أحدا من الأحياء. وكان الغريب واقفا إلى جانبه ممسكا بذراعه.
مرت ثلاث دقائق دون أن يتكلما. أخيرا خرق الغريب الصمت محدثا نفسه:
- أحدهم مصاب بالحمى، والآخر نائم، والثالث يرى حُجاجا على الطريق. هل تعرف بأن اللصوص أكثر شطارة منكم. توقفْ.. لاتتحرك..
ومرت عشر دقائق وهما في صمت تام. فجأة جلبت الريح صوت صفير. عندها قال الغريب تاركا ذراع الحارس:
- الآن يمكنك ان تذهب. هيا اذهب واشكر ربك لأنك ما تزال حيا.
أطلق الغريب صفيرا أيضا، وركض عبر البوابة، وسمعه الحارس وهو يقفز فوق الغدير.
كان ما يزال يرتعد من رعبه، عندما فتح البوابة وانطلق يركض وهو مغمض العينين، وفي داخله يراوده إحساس ينذر بالشر.
وعند انعطافته إلى الطريق الرئيسي، سمع وقع خطوات مسرعة، وصوتا يسأل:
- أهذا أنت يا تيموفي؟ أين ميتكا؟
وظل يركض حتى نهاية الطريق الرئيسي، عندها لاح له ضوء خافت في العتمة. وكان خوفه وإحساسه بوقوع الشر يتعاظم ويكبر وهو يدنو من الضوء. قال محدثا نفسه:
- يبدو أن الضوء قادم من الكنيسة. ولكن كيف حصل هذا؟ فليحمني الرب ويشملني برحمته.
وقف الحارس لبرهة أمام النافذة المحطمة، ينظر برعب إلى المذبح. كانت هنالك شمعة صغيرة، يبدو ان اللصوص نسوا أن يطفئوها، كان ضوءها يهتز مع الريح، فينشر بقعا داكنة حمراء فوق الأردية المتناثرة على الارض، والخزانة المقلوبة وآثار الأقدام المنتشرة عند المذبح.
مر بعض الوقت والحارس متسمر في موضعه، والريح تعوي.. ويختلط عواؤها بخشخشة وصليل الأجراس...
صوفيا 14 – 02 - 2006
|
|
|
02-08-2008, 03:04 PM
|
#6
|
عضو مميز
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
|
كاتب الموضوع: سعيد محمد الجندوبي - 24-02-2008
البحيرة
للشاعر الفرنسي لامارتين (1790-1869)
نقلها إلى العربيّة سعيد محمد الجندوبي
عندما كتب لامارتين "البحيرة"، كانت حبيبته جولي لا تزال على قيد الحياة، وإنّما أجبرها مرضها القاتل على ملازمة باريس. كان الشاعر إذًا وحيدا، في مكان لقائهما المفضّل، وكان مشهد "بحيرة البورجيه" يبعث في نفسه شعورا بالحنين، وكذلك صورا من ذكريات سعادته المهدّدة. وهذا ما حدى به للتعبير عن قلقه وخوفه أمام "هروب الزمن"، وكذلك عن رغبته الجامحة في تخليد حبّه، على الأقل بالذكرى. فالقصيدة إذًا مرتبطة بأحداث محدّدة. ومع هذا فلامارتين يتحدّث بلغة صادقة و موغلة في الإنسانيّة، بحيث غدت "البحيرة" قصيدة خالدة، تتناول مسألة قلق الإنسان أمام القدر، وكذلك شوقه لسعادة وحبّ سمتهما الدوام والخلود.
وتلك الأيّام، تلقي بنا دوما نحو سواحل جديدة،
وفي الليل الأزلي تأخذنا بدون رجعة،
فهل يمكننا يوما، على سطح محيط العصور
حطّ الرحال ولو ليوم؟
ألا يا بحيرة! ها هو العام قد ولّى،
وقرب الأمواج التي نعشق والتي كانت من جديد سَتَراها،
انظري! ها أنا اليوم جئت وحيدا، لأجلس على صخرة،
طالما رأيتِها جالسة فوقها!
كنتِ تعوين هكذا تحت هَذِي الصخور الغائرة؛
هكذا كنتِ تتحطّمين على أجنبها الممزّقة؛
هكذا كانت الريح تلقي بزبد موجاتك
على ساقيها المحبوبتان.
هل تذكرين ذات مساء؟ كان قاربنا يسير بصمت؛
ولم يكن يصلنا من بعيد، فوق الموج وتحت السماوات،
غير ضجّة المُجَدّفين، وهُم يقرعون بإيقاع،
أمواجك المنسجمة.
فجأة، لهجات تجهلها الأرض،
من الساحل المفتون، ضَربتْ بالأصداء
وأصغى الموج، ومن الصوت الذي أحبّه
تناثرت الكلمات:
"أيا دهر، رويدك! وأنتنّ، أيّتها الساعات المناسبات
قفن !
ولنهنأ بالملذّات السّرعَى
للأجمل من أيّامنا!
كُثْرٌ من هُم تعساء في هذي الأرض يستجدونك:
تدفّقْ، تدفّقْ، لهم؛
خذ مع أيّامهم مآسيهم التي باتت تنهشهم؛
وانسَ السعداء.
لكن، عبثا أسألك، من الزّمن المزيد
يفلت الوقت منّي، ويفرّ؛
أقول لهذه اللّيلة: "تمهّلي!"؛ فالفجر لا محالة
سيبدّد الظلام.
"فلنعشق إذًا! فلنعشق! ومن السّاعة الهاربة،
فلنعجّل، ولننعم!
ليس للإنسان مرفأ، ولا للزّمان ساحل؛
فالزمان يجري، ونحن نمرّ!"
ألا أيّها الدهر الحاسد، هل لساعات النشوة،
عندما يسقينا الحب السعادة بدون حساب،
أن تطير بعيدا عنّا، بسرعة
أيّام الشّقاء؟
ثمّ ماذا! هل لنا، على الأقلّ، تخليد أثرها؟
ماذا! انقضت إلى الأبد؟ ماذا! ضاعت كلّ تلك الساعات؟
هذا الدهر الّذي أوجدها، هذا الدّهر الّذي محاها،
أفَلن يعيدها لنا من جديد؟
أزل، عدم، ماض، لجج سحيقة،
ماذا تراكم تفعلون بالأيّام التي قد ابتلعتُم؟
تكلّموا! هل ستعيدون لنا تلك النّشَوَات العظيمة
الّتي قد خطفتم؟
أيا بحيرة! أيّتها الصّخور الصمّاء! أيّتها الكهوف! أيّتها الغابات الحالكات!
أنتنّ يا من يحافظ عليكنّ الزمان، أو من قد يعيد لكنّ الشباب،
احفظن من هذه اللّيلة، احفظي أيّتها الطبيعة الغنّاء،
على الأقلّ، الذكرى!
لِتكن في سكونكِ، لِتكن في عواصفكِ،
أيّتها البحيرة الجميلة! وفي منظر تلاّتك الضاحكات،
وفي صنوبركِ الدَّجِيّ، وفي صخرك المتوحّش،
وهُم في تدلٍّ فوق مياهكِ!
لِتكن في نسماتكِ المرتعشة وهيَ تمرُّ،
في أصداء ضفافكِ ... بضفافك المكرّرة،
في النّجم ذو الجبين الفضّي يضيءُ سطحك
بأنواره المسترخية!
ولتقلِ الريح وهي تئنّ، والقصب المتنهّد،
وعبق ريحك العطر، اللّطيف،
وكلّ ما نسمع، ونرى، ونستنشق،
ليقل كلّ شيء: " لقد أحبّا!"
|
|
|
02-08-2008, 03:05 PM
|
#7
|
عضو مميز
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
|
كاتب الموضوع: عمار كاظم محمد - 16-09-2007
بوريس باسترناك ( 1890 ـ 1960 )
الموقف الحقيقي للفنان الأصيل
ترجمة:- عمار كاظم محمد
بوريس ليوندوفيج باسترناك ، الابن الأكبر للرسام ليونيد باسترناك وعازفة البيانو روزا كوفمان ولد في موسكو عام 1890 حيث كان والده يعلم الرسم في مدرسة كانت في الأساس بيتا قضى فيه باسترناك طفولته .كان والداه يستقبلان ضيوفا من كتاب موسكو المعروفين ، مجموعة من الفنانين والأدباء ومن بينهم الشاعر غير المعروف بعد آنذاك راينر ماريا ريلكة عام 1899 والذي أصبحت كتاباته فيما بعد ذات تأثير كبير على باسترناك .
بالإضافة إلى والدية كان باسترناك يتلقى تعليما خاصا من أساتذته حتى دخوله الإعدادية عام 1901 حيث تلقى تعليما كلاسيكيا بينما كان يستطيع الرسم جيدا بتأثير والده .كان حبه الأول هو علم النبات والثاني حبه للموسيقى الذي ألهمه إياه الموسيقار سكريابين حيث كان صديقا للعائلة وحيث كرس باسترناك ست سنوات من حياته لدراسة الموسيقى .على الرغم من أن الجميع كانوا يتوقعون أن يصبح موسيقيا محترفا لكن باسترناك كان يتخوف دائما من نقص في مهارته التكنيكية .في عام 1909 ترك باسترناك الموسيقى نهائيا حيث دخل اختبار الكفاءة في جامعة موسكو واتجه حالا لدراسة الفلسفة لكنه تركها في النهاية عام 1912 ليلبي نداء موهبته الحقيقية (الشعر) ومع ذلك فان شعره ونثره كان يحمل علامة حماس شبابه للموسيقى والفلسفة في السنوات التي سبقت الثورة الروسية حينما كان وقت المواهب الكبيرة والغنى الفني في روسيا .
مع دخول القرن العشرين كانت روسيا تزخر بالحركات الفلسفية والدينية المتجددة والتي لعب فيها الشعراء الرمزيون الدور الرئيس . لقد كان عصر كاندنسكي وشاغال ، سكريابين وسترافنسكي وأعظم شاعر في ذلك العصر هو الكسندر بلوك .
لقد شاخ الرمزيون وكان هذا مقدمة لظهور جيل العظام آنا أخماتوفا ، فلاديمير ماياكوفسكي ، أوسيب ماندلستام وباسترناك .
لم يكن باسترناك قادرا على أداء الخدمة العسكرية لأنة سقط في طفولته من على ظهر جواد , تلك السقطة تركته برجل أقصر من الأخرى . فيما بين الأعوام 1914 – 1917 قضى ذلك الوقت موظفا في مختبر كيماوي في الجانب الشرقي البعيد من موسكو تلك الفترة كانت مثمرة بالنسبة له حيث كتب ديوانين في سنوات الحرب أحدهم فقد في حريق عام 1915 والثاني طبع عام 1917 بعنوان "فوق العوائق" في شباط من نفس العام .
بعد ثورة عام 1917 كتب باسترناك ديوانين هما " شقيقتي الحياة " و " موضوعات وتنويعات " على الرغم من أن الحالة أثناء الحرب لم تسمح للكتابين أن يطبعا لمدة خمس سنوات فقد طبع(شقيقتي الحياة) عام 1922. هذا الديوان قد وضع باسترناك حالا في مقدمة الكتابة في ذلك الوقت وفي العام الذي سبق ظهور الديوان كان قد عمل جاهداً كمترجم للعديد من المسرحيات لـ( فان كليست) (بن جونسون) وأشعار ل( لهانز شاش، غوته، هاريف) وكتاب ألمان آخرين.
بعد الثورة كان على الكتاب الروس أن يختاروا بين الهجرة أو التعايش مع الثورة البلشفية، لم يكن باسترناك متحمساً تجاه الثورة لكنه بقي مع آنا اخماتوفا واوسيب ماندلستام في روسيا يعيش مغمورا مع مجموعة من الشعراء الشيوعيين في موسكو لكن عائلة باسترناك غادروا إلى ألمانيا ولم يعودوا أبدا.
في عام 1923 استمر باسترناك بكتابة أشعار قصيرة لكنه كالكثير من معاصريه كان يشعر بالمأساة لان الجو المسالم الذي يستطيع الشاعر أن يكتب فيه بأمان وثقة تحول الى جو مشحون بالدمار والعداء وشيئاً فشيئاً بدأ باسترناك يحس بأن الشاعر ليس له مكان في المجتمع الجديد ويستطيع أن يعيش خارجا فقط فاتجه إلى المواضيع التاريخية كالثورة الروسية الأولى.
في أواخر العشرينات جاءت موجة جديدة من التعصب والرعب فقد توفي لينين عام 1924 وبدأ ستالين بالصعود بمظهر المنتصر تدريجيا في عام 1928 انتقل ترو تسكي إلى منفاه وبدأت تظهر عيوب ستالين واحداً بعد الآخر فلقد حصل انقلاب في كل الحقول ومن ضمنها عالم الأدب وفي عام 1932 أصبحت عقيدة الواقعية الاشتراكية معلنة وأصبح اتحاد الكتاب الروس الحامي الوحيد لهذه العقيدة.
لقد كان وقت الأزمات كما كان يعرفه باسترناك جيداً، الكثير من الكتاب والفنانين شعروا بإغراء الانتحار كان باسترناك يؤمن بان من المبدئي للشاعر ان يتغلب على هذا الشعور والخوف من المستقبل وان يستمر بالعمل حتى عندما يصبح الفن والوجود الروحي غير مأمون، تلك النظرية شرحها باسترناك في مجاز قصيدته( الولادة الثانية) على العكس من ماندلستام كان باسترناك قادرا على الأمل، في الثلاثينات كان هناك موقف سياسي واضح يرى في الأشعار والخطب كمظاهر خطرة للاستقلالية استمر باسترناك بدفاعه عن استقلالية الفنانين لقد تحدث بشكل واضح عن موقفه السياسي في مقدمته المقترحة للطبعة الثانية من( السلوك المأمون ) لكنها منعت من الظهور كانت السلطات راغبة في طبع أشعاره لكن ليس نثره فلقد كان باسترناك خائفاً من أن الحكم السوفيتي يجبره على أن يتحرك كما تريد الحكومة.
والتي قادته أن يأخذ بنظر الاعتبار حجم المخاطرة في النهاية وبعد مناقشتين في محفل عام وطبع مجموعة من الأشعار تدعى (الفنان) اعتبره رئيس اتحاد الأدباء كخائن في حديث لمجلس السوفيت لحد هذه النقطة كان على باسترناك أن يلعب دوراً فعالاً في الشؤون المحلية وحتى ذلك الوقت كان يعتبر شعبيا احد شعراء العصر البارزين.
لغاية عام 1958 نجا باسترناك من الاضطهاد الذي لحق بالكثيرين من الكتاب الروس, في عام 1934 استشير من قبل ستالين حول موهبة ماندلستام الشعرية والذي اعتقل لاحقاً. لقد فعل باسترناك أقصى ما يستطيع نفوذه في إنصاف الناس الذين اعتقلوا.
بعد ديوانه( الولادة الثانية) لم يكتب باسترناك شعرا لمدة عشر سنوات فقد عمل جاهداً كمترجم للشعراء الجورجيين بصورة خاصة. لقد نجح و كوفئ جيداً واستطاع أن يشتري له بيتاً في قرية الكتاب خارج موسكو وهو بيته الذي قضى فيه بقية حياته في عام 1936 وبعد أن ترجم مسرحية شكسبير( هاملت) استطاع أخيرا أن يكتب الشعر.
في حزيران عام 1941 تحرك جنود هتلر باتجاه روسيا، عمل باسترناك في هذه الفترة جاهداً حيث كتب شعرا حول موضوعة الحرب كما ترجم روميو وجولييت، انطوني وكليوباترا، عطيل وهنري الرابع.
بعد الحرب شعر باسترناك بالحاجة إلى كتابة عمل نثري كبير والذي سيحمل استمرارية أفكاره عن الحياة والجمال الذي يضيء الوجود اليومي، الفن والسيرة الذاتية، بوشكين ، تولستوي، والكتاب المقدس.
خلال الحرب استلم رسائل من خط الجبهة والتي بينت أن لصوته صدى قد سمع بعيدا إلى أناس غير معروفين وفي القراءات الشعرية في موسكو كان المستمعون يذكرونه إذا نسى بيتا واحداً وهو لم يكن يريد أن يفقد هذا الاتصال مع الأكثرية المتحمسة من القراء وكان يريد إخبارهم ماذا كان يبدو له. ونتيجة لذلك انقطع عن عمله الرسمي وركز على رواية (دكتور زيفاغو) كان يعرف جيداً بأن ذلك التركيز على الرواية سيمجد الحرية السابقة والاستقلالية والعودة إلى الديانة المسيحية والذي ألقى بتبعاته السيئة المستمرة عليه.
في عام 1946 بدأ برنامج أيديولوجي جديد والكثير من أصدقاء باسترناك اعتقلوا فلقد استمر الرعب وزاد خلال الفترة التي كان يعمل فيها على انجاز رواية( دكتور زيفاغو) ولكي يسند نفسه في ما بعد الحرب استمر بالترجمة وأنجز أربعة فصول من الرواية والتي كونت الجزء الأول. في عام 1950 أكمل الفصل الخامس والسادس وفي عام 1952 أكمل بقية الأجزاء وفي نفس السنة أصيب بنوبة قلبية كادت تؤدي به إلى الموت لقد تقبل الألم بشعور من السخاء والسعادة عارفا انه يفعل الشيء الصحيح بحياته وذلك هو ما وهبته عائلته لأجله.
في عام 1957 طبعت رواية( دكتور زيفاغو) باللغة الروسية في ايطاليا وفي أكتوبر من عام 1958 فاز بجائزة نوبل للأدب وكان ذلك مع الأخذ بنظر الاعتبار قيمة وأهمية (دكتور زيفاغو) حينها بدأت حالاً حملة دعائية حكومية ضده في الاتحاد السوفيتي حيث منعت كل مطبوعاته المترجمة وحرم من قوت عيشه. لقد كان فقيرا وغير متأكد من قدرته على إسناد استقلاليته مع ذلك فان هذا الإجهاد لم يعكر إيقاعه فقد كتب آخر أعماله( عندما يصفو الجو) وفي صيف عام 1959 بدأ بكتابة مسرحية( الجمال الأعمى) وفي عام 1960 كان يعاني من سرطان الرئة لقد كانت ظروفه تزداد سوءا وقد اجبر أن يكون طريح الفراش تاركا( الجمال الأعمى ) غير مكتملة لقد بقي على قيد الحياة لشهر ونصف دون أن يفقد الوعي محاولاً أن يعزي عائلته وأصدقاءه والأطباء والممرضات الذين اعتنوا به توفي باسترناك في الثلاثين من أيار عام 1960 وقد فعلت السلطات أقصى ما تستطيع لتسوقه إلى حتفه، الآلاف من الناس سافروا خارج موسكو لحضور جنازته في القرية الصغيرة التي عاش فيها.
روح
بوريس باسترناك
ترجمة :- عمار كاظم محمد
يا روحي الباكية ....
حزنك لكل الأصدقاء من حولي
لقد أصبحت سرداب دفن
لكل الذين مضوا بعيدا ...
مكرسة لذكراهم الشعر
لوميهم ، في الألم ، في الانكسار
ونوحي عليهم بحب .....
في هذا الزمن البخيل والأناني
بالوعي وبالتساؤل
أنت تقفين كبرج حمام
لتستلقي أرواحهم براحة
محصلة ألآمهم تحنيك إلى الأرض
أنت تشم التراب ، ذبول الموت
المشرحة ، رابية الدفن
يا روحي الفقيرة الكئيبة
لقد سمعت ورأيت امتلائك
تذكري كل هذا وامزجيه جيدا
واطرحيه خارجا كالمطحنة
استمري بالطحن والمزج
كل ماشهدته هنا هو سماد للمقبرة
كما كنت تفعلين طوال أربعين عاما .
|
|
|
عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
|
|
قوانين المشاركة
|
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts
كود HTML غير متاح
|
|
|
| |