العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة > دواوين الشعر

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الرد على مقال هل الجن والشياطين يسكنون البحار ؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الرد على مقال محمد اسم لرسالة وليس اسمًا لشخص بيولوجي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الذرية فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الطرف في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الثالوث فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الطبع في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الصفق فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الولدان المخلدون (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الخمار فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الحجاب في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 02-08-2008, 12:07 PM   #1
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي




--------------------------------------------------------------------------------

مرثية امرأة لا قيمة لها - لنازك الملائكة

مرثية امرأة لا قيمـة لها

" صور من زقاق بغداديّ "



ذهبتْ ولم يَشْحَبْ لها خَدٌّ ولم ترجفْ شفاهُ

لم تسْمعِ الأبوابُ قصَّةَ موتِها تُرْوَى وتُرْوَى

لم ترتفعْ أستارُ نافذةٍ تسيلُ أسىً وشَجْوَا

لتتابعَ التابوتَ بالتحديـقِ حتى لا تـراه

إلا بقيَّـةَ هيكلٍ في الدربِ تُرْعِشُه الذِّكَرْ

نبأٌ تعثَّرَ في الدروبِ فلم يَجد مأوىً صـداهُ

فأوى إلى النسيانِ في بعضِ الحُفَـرْ

يَرثي كآبَتَهُ القَمَرْ .

* * *

والليلُ أسلمَ نفسَهُ دونَ اهتمـامٍ ، للصَّباحْ

وأتى الضياءُ بصوتِ بائعةِ الحليبِ وبالصيامْ

بِمُواءِ قِطٍّ جائعٍ لم تَبْقَ منه سوى عظـامْ

بِمُشاجراتِ البائعين ، وبالمـرارةِ والكفاحْ

بتراشُقِ الصبيان بالأحجارِ في عُرْضِ الطريقْ

بِمَساربِ الماءِ المُلَوَّثِ في الأزِقَّـةِ ، بالرياحْ

تلهو بأبوابِ السطوح بلا رفيقْ

في شبهِ نسيانٍ عميقْ

* * *

9-7- 1952

المصدر : ديوان نازك الملائكة ، المجلد الثاني ، ص 273 ، دار العودة - بيروت ، 1986 .


السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 02-08-2008, 12:09 PM   #2
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

صلاة الأشباح - لنازك الملائكة

تَململت الساعةُ الباردةْ

على البرج , في الظلمة الخامدةْ

ومدّتْ يداً من نُحاسْ

يداً كالأساطير بوذا يحرّكُها في احتراسْ

يدَ الرَّجل المنتصبْ

على ساعة البرج , في صمته السرمديّ

يحدّقُ في وجْمة المكتئبْ

وتقذفُ عيناهُ سيلَ الظلامِ الدَّجِيّ

على القلعة الراقدةْ

على الميّتين الذينَ عيونُهُمُ لا تموت

تظَلّ تُحدَّقُ , ينطقُ فيها السكوتْ

وقالتْ يد الرَّجُلِ المنتصِب:

"صلاةٌ , صلاهْ !"

* * *

ودبّتْ حياهْ

هناكَ على البُرْج , في الحَرَس المُتْعَبينْ

فساروا يجرّونَ فوق الثَّرَى في أناهْ

ظلالَهُمُ الحانيات التي عَقَفَتْها السنينْ

ظلالَهُمُ في الظلام العميقِ الحزينْ

وعادتْ يدُ الرجل المنتصِبْ

تُشير: "صلاةٌ , صلاهْ !"

فيمتزجُ الصوتُ بالضجّة الداويهْ ,

صدَى موكبِ الحَرَسِ المقتربْ

يدُقّ على كلّ بابٍ ويصرخُ بالنائمينْ

فيبرُزُ من كلّ بابٍ شَبَحْ

هزيلٌ شَحِبْ ,

يَجُرّ رَمَادَ السنينْ ,

يكاد الدُّجى ينتحبْ

على وَجْهِهِ الجُمْجُمِيّ الحزينْ

* * *

وسار هنالكَ موكبُهُمْ في سُكونْ

يدبّونَ في الطُّرقاتِ الغريبةِ , لا يُدْركونْ

لماذا يسيرونَ ? ماذا عسى أن يكونْ ?

تلوَّتْ حوالَيْهمُ ظُلُماتُ الدروبْ

أفاعيَ زاحفةً ونُيُوبْ

وساروا يجرّون أسرارَهُمْ في شُحُوب

وتهمسُ أصواتهم بنشيدٍ رهيبْ ,

نشيدِ الذينَ عيونُهُمُ لا تموتْ ,

نشيد لذاك الإلهِ العجيبْ

وأغنيةٌ ليد الرَّجُلِ المنتصبْ

على البرج كالعنكبوتْ

يدٌ من نحاسْ

يحرّكها في احتراسْ

فترسل صيحَتها في الدياجي

"صلاةٌ , صلاهْ "

* * *

وفي آخر الموكب الشَّبَحيّ المُخيفْ

رأى حارس شَبَحَيْن

يسيرانِ لا يُدْركان متى كان ذاك وأيْن ?

تحُزّ الرّياح ذراعيهما في الظلام الكثيفْ

وما زال في الشَّبَحينِ بقايا حياهْ

ولكنّ عينيهما في انطفاءْ

ولفظُ "صلاة صلاهْ"

يضِجّ بسَمْعَيْهما في ظلام المساءْ

* * *

" ألستَ ترى "

" خُذْهما ! "

ثم ساد السكون العميق

ولم يَبْقَ من شَبَح في الطريق

* * *

وفي المعْبَد البرْهميّ الكبير

وحيثُ الغموضُ المُثيرْ

وحيثُ غرابةُ بوذا تلُفّ المكانْ

يُصلّي الذينَ عيونُهُم لا تموتْ

ويَرْقُبُهم ذلكَ العنكبوتْ

على البرج مستغْرَقاً في سكوتْ ,

فيرتفعُ الصوت ضخْماً , عميق الصدى , كالزمان

ويرتجفُ الشَّبَحانْ

* * *

" من القلعةِ الرطبةِ الباردهْ

" ومن ظُلُمات البيوت

" من الشُرَف الماردهْ

" من البرجِ , حيثُ يدُ العنبكوتْ

" تُشيرُ لنا في سكوتْ

" من الطرقات التي َتعْلِك الظُلْمَةَ الصامتهْ

" أتيناكَ نسحَب أسرارَنا الباهتهْ

" أتيناكَ , نحن عبيدَ الزمانْ

" وأسرَاه نحن الذينَ عيونُهُم لا تموتْ

" أتينا نَجُرّ الهوانْ "

" ونسألُكَ الصفْحَ عن هذه الأعين المُذْنبهْ

" ترسّبَ في عُمْق أعماقها كلُّ حزْنِ السنينْ

" وصوتُ ضمائرِنا المُتعَبَهْ

" أجشٌّ رهيبُ الرّنينْ

" أتيناكَ يا من يذُرّ السُّهادْ

" على أعينِ المُذْنبينْ

" على أعينِ الهاربينْ

" إلى أمسِهِم ليلوذوا هناك بتلّ رمَادْ

" من الغَدِ ذي الأعين الخُضرِ . يا من نراهْ

" صباحَ مساءَ يسوقُ الزمانْ

" يُحدّق , عيناه لا تغفوان

" وكفَّاه مَطْويّتانْ

" على ألفِ سرٍّ . أتينا نُمرِّغ هذي الجباهْ

" على أرض معبدِهِ في خُشُوعْ

" نُناديهِ, دونَ دموعْ ,

" ونصرخ: آهْ !

" تعِبْنا فدعْنا ننامْ

"فلا نسْمع الصوتَ يَهْتف فينا : "صلاهْ !

" إذا دقَّتِ الساعة الثانيهْ ,

" ولا يطرق الحَرَس الكالحونْ

" على كل باب بأيديهم الباليه

" وقد أكلتْها القُرونْ

" ولم تُبْق منها سوى كومةٍ من عظامْ

" تعبنا... فدعنا ننامْ ..

" ننامُ , وننسى يد الرجل العنكبوتْ

" على ساحة البرج . تنثُرُ فوق البيوتْ

" تعاويذَ لعنتها الحاقدهْ

" حنانك بوذا , على الأعينِ الساهدهْ

" ودعها أخيرًا تموتْ

* * *

وفي المعبد البرهمي الكبيرْ

تحرّكَ بوذا المثيرْ

ومدّ ذراعيه للشبحَيْنْ

يُبارك رأسيْهما المُتْعَبيْنْ

ويصرخُ بالحَرَس الأشقياءْ

وبالرَّجُلِ المنتصبْ

على البرْج في كبرياءْ ,

" أعيدوهما! "

ثم لفَّ السكونُ المكانْ

ولم يبقَ إلا المساءْ ,

وبوذا , ووجه الزمانْ

المصدر : ديوان نازك الملائكة ، المجلد الثاني ، ص 389 ، دار العودة - بيروت ، 1986 .





--------------------------------------------------------------------------------
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 02-08-2008, 12:11 PM   #3
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

مرثية يوم تافه - لنازك الملائكة

لاحتِ الظلمةُ في الأفْق السحيقِ

وانتهى اليومُ الغريبُ

ومضت أصداؤه نحو كهوفِ الذكرياتِ

وغداً تمضي كما كانت حياتي

شفةٌ ظمأى وكوبُ

عكست أعماقُهُ لونَ الرحيقِ

وإِذا ما لمستْهُ شفتايا

لم تجدْ من لذّةِ الذكرى بقايا

لم تجد حتى بقايا



انتهى اليومُ الغريبُ

انتهى وانتحبتْ حتى الذنوبُ

وبكتْ حتى حماقاتي التي سَمّيتُها

ذكرياتي

انتهى لم يبقَ في كفّيّ منه

غيرُ ذكرى نَغَمٍ يصرُخُ في أعماق ذاتي

راثياً كفّي التي أفرغتُها

من حياتي , وادّكاراتي , ويومٍ من شبابي

ضاعَ في وادي السرابِ

في الضباب .



كان يوماً من حياتي

ضائعاً ألقيتُهُ دون اضطرابِ

فوق أشلاء شبابي

عند تلِّ الذكرياتِ

فوق آلافٍ من الساعاتِ تاهت في الضَّبابِ

في مَتاهاتِ الليالي الغابراتِ .



كان يوماً تافهاً . كان غريبا

أن تَدُقَّ الساعةُ الكَسْلى وتُحصي لَحظاتي

إنه لم يكُ يوماً من حياتي

إنه قد كان تحقيقاً رهيبا

لبقايا لعنةِ الذكرى التي مزقتُها .

هي والكأسُ التي حطّمتها

عند قبرِ الأمل الميِّتِ , خلفَ السنواتِ ,

خلف ذاتي



كان يوماً تافهاً.. حتى المساءِ

مرت الساعاتُ في شِبْهِ بكاءِ

كلُّها حتى المساءِ

عندما أيقظَ سمعي صوتُهُ

صوتُهُ الحُلْوُ الذي ضيّعتُه

عندما أحدقتِ الظلمةُ بالأفْقِ الرهيبِ

وامّحتْ حتى بقايا ألمي , حتى ذنوبي

وامّحى صوتُ حبيبي

حملت أصداءه كفُّ الغروبِ

لمكانٍ غابَ عن أعينِ قلبي

غابَ لم تبقَ سوى الذكرى وحبّي

وصدى يومٍ غريبِ

كشحوبي

عبثاً أضرَعُ أن يُرجِعَ لي صوتَ حبيبي

1948

المصدر : ديوان نازك الملائكة ، المجلد الثاني ، ص 94 ، دار العودة - بيروت ، 1986 .


السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 02-08-2008, 12:12 PM   #4
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

مَرَّ القطار - لنازك الملائكة

الليل ممتدُّ السكونِ إلى المدَى

لا شيءَ يقطعُهُ سوى صوتٍ بليدْ

لحمامةٍ حَيْرى وكلبٍ ينبَحُ النجمَ البعيدْ،

والساعةُ البلهاءُ تلتهمُ الغدا

وهناك في بعضِ الجهاتْ

مرَّ القطارْ

عجلاتُهُ غزلتْ رجاءً بتُّ أنتظرُ النهارْ

من أجلِهِ .. مرَّ القطارْ

وخبا بعيداً في السكونْ

خلفَ التلال النائياتْ

لم يبقَ في نفسي سوى رجْعٍ وَهُونْ

وأنا أحدّقُ في النجومِ الحالماتْ

أتخيلُ العرباتِ والصفَّ ا لطويلْ

من ساهرينَ ومتعبينْ

أتخيلُ الليلَ الثقيلْ

في أعينٍ سئمتْ وجوهَ الراكبينْ

في ضوءِ مصباحِ القطارِ الباهتِ

سَئمتْ مراقبةَ الظلامِ الصامتِ

أتصوّرُ الضجَرَ المريرْ

في أنفس ملّت وأتعبها الصفيرْ

هي والحقائبُ في انتظارْ

هي والحقائبُ تحت أكداسِ الغبارْ

تغفو دقائقَ ثم يوقظها القطارْ

وُيطِلُّ بعضُ الراكبينْ

متثائباً، نعسانَ، في كسلٍ يحدّق في القِفارْ

ويعودُ ينظرُ في وجوهِ الآخرينْ

في أوجهِ الغُرَباء يجمعُهم قطارْ

ويكادُ يغفو ثم يسمَعُ في شُرُودْ

صوتاً يغمغمُ في بُرُودْ

" هذي العقاربُ لا تسيرْ !

كم مرَّ من هذا المساء؟ متى الوصولْ ؟"

وتدقٌّ ساعتُهُ ثلاثاً في ذُهُولْ

وهنا يقاطعُهُ الصفيرْ

ويلوحُ مصباحُ الخفيرْ

ويلوحُ ضوءُ محطةٍ عبرَ المساءْ

إذ ذاكَ يتئدُ القطارُ المُجْهَدُ

... وفتىً هنالكَ في انطواءْ

يأبى الرقادَ ولم يزلْ يتنهدُّ

سهرانَ يرتقبُ النجومْ

في مقلتيه برودةٌ خطَّ الوجومْ

أطرا فَهَا .. في وجهِهِِ لونٌ غريبْ

ألقتْ عليه حرارةُ الأحلام آثارَ احمرارْ

شَفَتاهُ في شبهِ افترارْ

عن شِبْهِ حُلْمٍ يفرُشُ الليلَ الجديبْ

بحفيفِ أجنحةٍ خفيّاتِ اللُحونْ

عيناهُ في شِبْهِ انطباقْ

وكأنها تَخْشَى فرارَ أشعةٍ خلف الجفونْ

أو أن ترى شيئاً مقيتاً لا يُطَاقْ

هذا الفتى الضَّجِرُ الحزينْ

عبثاً يحاول أن يرَى في الآخرينْ

شيئاً سوى اللُغْزِ القديمْ

والقصّةِ ا لكبرى التي سئمَ الوجودْ

أبطالهَا وفصولهَا ومضَى يراقبُ في برودْ

تَكْرارَها البالي السقيمْ

هذا الفتى.....

وتمرُّ أقدامُ الَخفيرْ

وُيطل وجهٌ عابسٌ خلفَ الزُجاجْ،

وجهُ الخفير!

ويهزُّ في يدِهِ السِراجْ

فيرى الوجوهَ المتعَبة

والنائمينَ وهُمْ جلوسٌ في القطارْ

والأعينَ المترقبة

في كلّ جَفْنً صرخةٌ باسمِ النهارْ،

وتضيعُ أقدامُ الخفير الساهدِ

خلفَ الظلامِ الراكدِ



مرَّ القطار وضاع في قلبِ القفارْ

وبقيت وحدي أسألُ الليلَ الشَّرُود

عن شاعري ومتى يعودْ ؟

ومتى يجيء به القطارْ ؟

أتراهُ مرَّ به الخفير

ورآه لم يعبأ به .. كالآخرينْ

ومضى يسيرْ

هو والسِّراجُ ويفحصانِ الراكبين

وأنا هنا ما زلتُ أرقُبُ في انتظارْ

وأوَدُّ لو جاءَ القطارْ ....

1948

المصدر : ديوان نازك الملائكة ، المجلد الثاني ، ص 60 ، دار العودة - بيروت ، 1986 .





--------------------------------------------------------------------------------
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .