- الدين
الدين أو بتعبير أدق التدين الموضوع الأساس واهم إشكال في حياة الناس. لا جدال في أن الدين (أي دين) هو محور الارتكاز البشري على هذه الأرض وهو السبب الظاهر والباطن في كل فعل إنساني دق أو عظم والأديان في عمومها حتى غير السماوية تدعوا إلى السلام والمحبة ونبذ العنف واكثر ما يهدد الأديان بالغلو (التطرف) يمينا أو يسارا أو حتى الزوال هو فهم الناس للدين وممارستهم له من خلال الفهم وهو ما اقصده بالتدين .
إن الإسلام الحنيف الذي هو دين كل الصحراويين فوق الشبهة وبعيد عن الاتهام إلا من جاهل أو حاقد. فالدين هو وحي الله المنزل على أنبيائه وما يشمل من أمر ونهي والتدين هو فهم البشر للدين وإضافاتهم عليه من تفسير وغيره. التدين إذن هو محور موضوع هذا الجزء – الرابع – من مفاهيم صحراوية فمظاهر التدين عند الصحراويين بسيطة وعميقة في آن واحد .
لازلت اذكر وأنا طالب في المرحلة الثانوية في نهاية الثمانينات من القرن الماضي مدى الانبهار والشعور بالنقص أمام الأمم الإسلامية الأخرى ذات المساجد الفخمة والعريقة وطوابير العلماء ومكتبات التفاسير والمتون والحواشي وضحالة الصحراء أرضا وشعبا من كل ما ذكرت لكن لم يكد يمضي عقد التسعينيات حتى كنت قد غيرت رأيي تماما واتضحت الصورة الحقيقية أمام ناظري لن أجشم نفسي عناء تبرير وعد الأسباب الموضوعية التي أدت إلى الفارق العمراني بيننا وبين غيرنا لكني أريد تأكيد حقيقة فارق التدين الشخصي إن صح التعبير بيننا وبين غيرنا . فلقد بقي التدين عند الصحراويين قريبا من التدين عند المسلمين في القرن الأول الهجري خال من التعقيدات والمذاهب المتعددة والفرق الصوفية واختلاف التفاسير والآراء العديدة والمتناقضة في المسالة الواحدة خال من التعصب مع أو ضد تدينا فطريا كما ارتضاه الله .
نرى هذا ونلمسه في تعامل الصحراوي مع الأجانب تعامل حضاري ومنفتح مبني على احترام الآخر وثقافته تعامل على أساس إنساني لادخل لأي عنوان آخر فيه نجد هذا أيضا في احترام المرأة وفي فسحة الحرية التي تمتعت بها طيلة قرون الظلام عند نظيراتها المسلمات وحتى عند الغربيات الأمر الذي جعل معظم الأجانب عربا وغربا الذين يزورون الشعب الصحراوي ويتعرفون عليه عن كثب يصابون بالدهشة من هذه العلاقة المنسجمة المتبادلة المبنية على الاحترام و المساواة واحتاروا في سبب هذا التعامل الراقي والانفتاح الحضاري الرائع عند شعب بدوي . وغاب عن الجميع أن السبب الحقيقي هو نوعية تدين المجتمع نجد هذا في نبذ الصحراوي للإرهاب وللإرهابيين تحت أية راية كانوا وقدرته الهائلة على التمييز بين الجهاد وبين الإرهاب بين الشهادة وبين الانتحار هذا التدين هو أيضا السبب الذي عصم الصحراويين من هذه الآفة التي مست جميع المجتمعات الإسلامية مهما كانت قدراتها الأمنية ومهما كانت عمارتها الإسلامية وعدد معاهدها الدينية وشأو أئمتها ووفرة علمائها.