7 - احترام إرادة الطفل :
كثير من الآباء والأمهات يظنون أن الطفل ليست له إرادة أو أنها تنمو عندما يكبر ويصبح شابًا أو رجلاً، لكن الطفل له إرادة من وقت مبكر جدًا (ويمكن أن تلاحظ الأم هذا من خلال رفضه لأشياء وتمسكه بأشياء) وليس مسلوب الإرادة ويتحرك بريموت كونترول كما يريد الأب والأم، وحتى وهما معترفين بوجود هذه الإرادة، يريدون أن يلغوها، لأنهما يعتقدان أن عندهم خبرة وعندهم معرفة بالحياة أكثر من هذا الطفل فلابد من أن يختاروا له طريقته في التفكير وفي الحياة وفي تحديد الأهداف والأساليب وكل شيء، وكثير من الآباء والأمهات يصلون إلى درجة أن يحاولوا جعل هذا الطفل صورة طبق الأصل منهم، وهم يعتقدون - واهمين- أنهم أفضل صورة إنسانية ممكنة أو أفضل نموذج ممكن، وعندما يواجه الطفل بمحاولة إلغاء إرادته يبدأ في هذه اللحظة في اتباع سلوك العناد، وهذه مشكلة كثير من الآباء والأمهات يشكون منها ويقولون أن ابنهم عنيد، ويحاولون علاجه من هذا المرض، العناد! ، ويحضرون هذا الابن لكي يقوم الطبيب النفسي أو المعالج بترويضه لكي يسمع الكلام ويقوم بتنفيذ كل ما يريدونه، وهذا بالطبع غير ممكن عمليًا, وإرادة الله أعطت لهذا الطفل هذه الملكة ...... أن تكون له إرادة مستقلة، خلقه الله صاحب إرادة، فلماذا نحاول أن نغير خلق الله، وهذا لا يعني أن نتركه تمامًا ليفعل كل ما يشاء بناءًا على كونه لديه إرادة مستقلة .
وقد قام العلماء بتقسيم الهداية، وهي نوع من التربية والتوجيه، فقالوا إن الهداية نوعان: النوع الأول "هداية إبلاغ"، والثاني "هداية فعل" . هداية الإبلاغ هذه أن نقول للطفل هذا صواب وهذا خطأ، لابد لكي يكون عنده قانون يتكيف به مع الحياة والبيئة ومع الكون كله ، فلابد أن يبلغ الأب والأم هذا القانون للطفل، ولكن لا يتوقعوا الامتثال التام لهذا القانون بمجرد إبلاغه، لأن هناك هداية أخرى هي هداية الفعل، أن يستجيب الطفل للرسالة التي وصلته لا يعني بالضرورة أن يستجيب لها كلها، يستجيب لأشياء ويؤدي أشياء ويغير أشياء ويعدل أشياء، لأن الله خلق له إرادة ورؤية, وله فكر حتى وهو صغير، لابد أن نتأكد من هذا تمامًا ، فسيبدأ في الاختيار، وسيبدأ بالتجريب . الأب والأم وصلوا لما هما فيه حاليًا بعد مراحل كثيرة من التجارب والأخطاء والنضج والتعلم ، ويريدون أن يأخذ الطفل أو الطفلة نفس النمط الذي وصلوا إليه في هذه المرحلة من العمر، مثلاًَ هما في الأربعين أو الخمسين، يريدون أن يكون لطفل أو طفلة في عمر خمس سنوات أو عشر سنوات نفس آرائهم وتوجهاتهم، وهذا ضد الفطرة، وضد طبيعة الإنسان، وضد إرادته واختياره ومسئوليته التي خلقه الله عليها، ولو أصر الأب والأم على هذا تحدث المشكلة التي نراها دائمًا ويشتكي منها الكثير من الآباء والأمهات: أن الطفل عنيد أو الطفلة عنيدة، لا يسمعان الكلام، لا يريدون تنفيذ سوى ما يرونه.
الحقيقة أن ما خلق هذا الموقف المعاند، هو أن الأب والأم دخلوا في شرنقة الماضي، ولم يتمكنوا من رؤية احتياجات الطفل وضروراته ومجتمعه وظروفه والدنيا التي يعيش فيها، فهو يعيش في دنيا مختلفة كثيرًا عن دنياهم، وبما أن لديهم سلطة على هذا الطفل فإنهم يحاولون التحكم فيه، وجعله يمشي على شريط القطار الذي حددوه له، النتيجة ستكون شيئًا من اثنين، إما أن يستسلم الطفل تحت هذا الضغط والقهر من الأبوين، فيكون طفلاً سلبيًا واعتماديًا ليس له إرادة ولا اختيار ولا مبادرة ولا تلقائية ولا أي شيء على الإطلاق، هو أسلم كل شيء للأب والأم، وفي نفس الوقت يقوم بعمل شيء يسمى العدوان السلبي، (مش انتوا عايزين ده؟. شوفوا بقى إيه اللي هيحصل)، من الممكن أن يفشل دراسيًا، أو اجتماعيًا، أو أخلاقيًا، هو قد سلَّم نفسه، ويريد أن يحمل نتيجة هذا الفشل للأب والأم اللذان أصرا على التحكم في خط سيره وعلى جعله صورة طبق الأصل من الذي يريدونه .
يتبع ،،،،