العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الاسلامي > الخيمة الاسلامية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الرد على مقال محمد اسم لرسالة وليس اسمًا لشخص بيولوجي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الذرية فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الطرف في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الثالوث فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الطبع في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الصفق فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الولدان المخلدون (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الخمار فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الحجاب في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: رقص و قذارة سفيرة (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 16-11-2006, 09:33 AM   #1
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile قطـرة مـاء توقـظ الايمـان

قطـرة مـاء توقـظ الايمـان



أظلمت الدنيا في عينيه .... فلم يعد يرى شيئأً ....

يمم وجهه تلقاء المنزل ....

هو لا يتذكر كيف سار ؟ ولا كيف وصل ؟

أغلق الباب خلفه .... وانطلق نحو غرفته ....

أطفأ الأنوار .... أغلق كل شيء يصدر صوتاً ....

قضى على كل شيء ينبض بالحياة ....

شدة الحر لم تجبره على فتح جهاز التكييف ....

ألقى بنفسه على سريره وألقى بوسادته على وجهه ....

أغمض عينيه فانطلقت الدموع تجري على خديه ....

كظم نشيجه وأنينه ....

وفي هدأة السكون .... ومن بين الظلام الذي تسربل به ....

تسلل صوتٌ ضعيف إلى سمعه .... تك ؛ تك ؛ تك ....

أطبق بالوسادة على أذنيه .... لكن الصوت زلزل كيانه ....

انتفض من فراشه صوب نظره نحو الحائط فلم يرَ شيئاً ....

ظن الصوت من الساعة، قذف بإحدى الآلات القريبة منه نحوها ....

صوت الانكسار ومن بعده الارتطام، هزت جوانحه ....

لكنه تحمل فالصوت حتماً سينقطع ....

عاد الهدوء إليه، وعاد هو ليستلقي على سريره ....

ولكن الصوت عاد تك ؛ تك ؛ تك ؛ مرةً أخرى إليه ....

انتفض من فراشه .... أضاء الأنوار .... وراح يتتبع مصدر الصوت ....

بحث في كل مكان فلم يعثر عليه ....

عاد إلى غرفته، حاول أن يتناسى الصوت ....

وضع وسادة أكبر من الأولى ....لكن الصوت لازال يقض مضجعه ....

خرج مرة أخرى، شدة الغضب، جعلته أكثر تركيزاً ....

توجه نحو المطبخ .... زفر زفرة شديدة ....

أعلن فيها الانتصار .... وجدته صرخ بها في غضب ....

توجه نحو محبس الماء والذي كان تتساقط منه قطرات ماء على بعض الأواني النحاسية ....

أمسك به حاول إغلاقه، لكن محاولته باءت بالفشل ....

أطبق عليه بيديه وبكل ما أوتي من قوة، فانكسر المحبس وانطلق الماء كالشلال ....

حاول إيقافه فتبلل وجه وجسده ....

أسرع نحو المحبس الرئيسي ليغلقه ....

توقف الماء .... فانطلقت منه ضحكة شعر معها بأن الحياة بدأت تدب في جسده ....

أطبق على تلك الضحكة بشفتيه ....

لكن مشاعر السعادة بدأت تتسلل إلى قلبه كما تسلل ذلك الصوت قبل لحظات ....

بدأ يفكر في سر الماء وسر الحياة ....

تذكر قول الله عز وجل :{ وجعلنا من الماء كل شيءٍ حي ...} الآية.

سبحان الله انطلقت من شفتيه، أعلن بها الانتصار على النفس ....

توجه نحو الغرفة أضاء الأنوار، غير ملابسه ....

توضأ شعر وهو يتوضأ أن الهم والحزن يتناثر مع ماء الوضوء ....

نظر في المرآة إلى وجهه تغير كل شيء، ذهب العبوس والبؤس ....

تردد بين جنبيه : أرحنا بها يا بلال، أرحنا بها يا بلال ....

صلى لله ركعتين، ما أجملهما، شعر وكأنه لأول مرة يصلي ....

شعر بحاجته للنوم، وضع رأسه وهو يردد: اعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، آمنت بالله، آمنت بالله ....

أغمض عينيه وقد ذاق حلاوة الإيمان ....

رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً....


*** سبحان مسبب الأسباب سبحان الله له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن اللهم اهدنا صراطك المستقيم
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 19-11-2006, 10:57 AM   #2
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile توبـة داعيـة غـزة

توبـة داعيـة غـزة



أشرقت الشمس على بلدتي ...
غردت العصافير على ما تبقى فيها من شجر ...
تسللت أشعة الشمس الدافئة من خلال النافذة لتعانق صفحة خدي ...
فزعت ، نظرت إلى ساعتي، لم يبق سوى دقائق معدودة على الموعد ...
نفضت الغطاء وأسرعت أغسل وجهي وألبس ثيابي ...
ألقيت بنظرة من خلال النافذة، كان منظر التلاميذ وهم يحملون حقائبهم المدرسية على ظهورهم جميلاً ، وأجمل من ذلك براءة الأطفال التي تنبعث من أعينهم، رغم مظاهر الدمار التي أحاطت بهم، وملامح البؤس والفقر والحرمان الذي جلبه لهم الاحتلال الصهيوني ...
خرجت من غرفتي، أمي وأبي قد جلسا يتناولان الافطار، ألقيت عليهما نظرة خاطفة، ارتد بصري بسرعة، لم استطع أن أملي عيني منهما ، شعرت بأن نظراتهما الحزينة كلمات لاذعة تعاتبني وتوبخني، وأحياناً تتوسل إليّ : لماذا لا تصلي ياولدي ؟...
وقفت لحظة تمنيت لو أنني أعود طفلاً صغيراً تمطره أمه بالقبلات، أما أبوه فيربت على شعره وهو يردد : لا تفسدي الولد نريده مجاهداً يطرد اليهود من أرضنا ...
أسرعت بالخروج هروباً من تأنيب الضمير الذي حاصرني في تلك اللحظة ...
خرجت من البيت ومع أول خطوة أخطوها تبخرت لحظة الألم التي شعرت بها قبل ثواني معدودة ...
0-0-0-0-0-0-0
ضاقت الطرقات بالناس، اختلطت الأصوات، إنه يوم جديد يحمل الكثير من الأماني والأحلام ...
حركة الناس طبيعية، السيارات، المحلات، المصانع، المتاجر والأسواق، كل شيء في بلدي طبيعي ...
وفجأة ...
اهتزت الأرض تحت أقدامنا ...
اضطرب الناس، عم الذعر والخوف في كل مكان ...
طائرات إف 15 الأمريكية تحلق في السماء تطلق صواريخها على بلدتي، وتنشق الأرض عن مدرعات ومصفحات يقودها أحفاد القردة والخنازير ...
اشتعلت النيران، أرتفعت الصرخات، أصوات الانفجارات تنبعث من جهات شتى ...
لم أعد أسمع سوى ضجيج القصف والتدمير والطائرات المحلقة وهي ترسل النار لتحرق الأرض وتدمر المنازل ...
تقدم أبطال الحجارة شباباً وأطفالاً يحملون حجارتهم ، يقذفون بها الأعداء ، بصدورهم العارية وقفوا أمام الدبابات، كان منظراً رهيباً، انطلقت رصاصات الغدر والمكر لتحصد أرواح الشباب والأطفال، وتنفس عن الحقد والغل اليهودي ...
انطلقت الرصاصات لتغتال سبعة عشر شاباً وعشرات من الجرحى بل الموتى ولكن بقلوب تنبض ...
القنابل السامة والمسيلة للدموع أحالت النهار إلى ليل، تلتفت يمينا وشمالاً فلا ترى إلا سيارات الاسعاف تسعف جريحاً، أو تنقل شهيداً ....
لا ترى إلا الدموع ولا تسمع إلا البكاء ...
انطلقت أجري وأجري، أبحث عن مكان أختبئ فيه ...
تركت عملي، هربت من البيت فالجنود الصهاينة يداهمون المنازل بحثاً عن الشباب ...
وهناك في المخبأ الآمن ...
تذكرت طفولتي وأحلامي أن أقتل اليهود ...
تردد في سمعي كلمات كنت أشدو بها عندما كنت صغيراً : خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود ...
عادت أماني من جديد كطيف يمر بذاكرتي ...
أمي .. أتمنى أن أجاهد في سبيل الله ...
أتمنى أن أقتل اليهود وأطردهم من بلدي ...
جرت دمعة على خدي حينما شعرت وكأن أمي تربت بيدها على شعري ، وهي تقول : غداً تكبر ياولدي وتحقق حلمك، قول : إن شاء الله، وهنا عدت إلى الواقع وصرخت : إن شاء الله، إن شاء الله ...
وقفت، هممت أن أركض، أن أعود إلى بلدتي ...
أن أحمل حجراً، أن أقتل يهودياً أو أُقتل ...
تقدمت خطوات ألقيت نظرة على بلدتي، وقفت ولم استطع مواصلة الركض، سيطر الخوف على قلبي، جلست وضعت رأسي بين يديّ، بكيت بكاءً صامتاً، لم تجري له دموعي، اضطرب له صدري ...
أنت جبان .. همست بها لنفسي، نعم أنت جبان بل أنت كاذب ...
صرخت ... لا أريد أن أموت ...
كيف ألقى ربي؟ كيف ألقى ربي ؟...
تذكرت حينها غفلتي وذنوبي، تذكرت الصلاة التي تركتها منذ زمن بعيد، تذكرت أبي وأمي، تذكرت إخوتي وأقاربي، والناصحون في بلدتي، كيف ألقى ربي؟ وأنا تارك للصلاة بالكلية، نعم تارك للصلاة بالكلية ...
هل تدري ماذا تعني هذه الكلمات ؟ ...
العهد الدي ببننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ...
نعم ..نعم لا أريد أن أموت ... يجب أن أصلح مابيني وبين ربي ...
يارب ... أتوب إليك واستغفرك ...
مضى ذلك اليوم، لكن الغارة لا تزال مستمرة، مداهمة المنازل توقفت، عدت مع من عاد نواسي الجرحى ونشيع القتلى، إنهم الأبطال الذين دافعوا عن أرضنا، بكيت كثيراً، وبكيت أكثر كلما تذكرت أن ضعفي وخوري جعلني أهرب من مواجهة العدو، لم استطع أن أنام، قمت أصلي وأصلي، عاهدت ربي على المحافظة على الصلاة ...
لقد أفقت من غفلتي، فالحمد لك ياربي أن حفظتني وأمهلتني لأعود إليك، سأعود داعية إلى الله، داعية إلى قتل اليهود وطردهم من بلدي، وليعلم أحفاد القردة والخنازير أن القتل والتعذيب أن الهدم والتدمير لن يزيد أمتنا إلا قوة وعودة، وكما عدت أنا عاد الكثير ...
هذه قصة شاب فلسطيني كتبتها بقلمي بعد أن أرسلها لنا أختمها بكلماته إذ يقول: والحمدلله من ذلك اليوم وأنا ملتزم بالصلاة والحمدلله وأتمنى من الله أن يرزقني حور طين وعين في أقرب وقت .. يارب العالمين وبارك الله فيكم ...



طريق التوبة( قصة من الواقع)

__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 20-11-2006, 09:50 AM   #3
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile أستـاذ ينقـذ طالبـه

أستـاذ ينقـذ طالبـه

أستاذي العزيز .... شكراً


في تلك الأرض البعيدة حيث الطبيعة الساحرة والجمال الأخاذ ...

حيث الجبال تقف شامخة وهي تبتسم فقد كساها اللون الأخضر بهجةً وأنساً ....

جبال لكنها تختلف عن جبالنا العابسة والتي كساها اللون الرمادي ثوب الحزن ....

هناك أطلقتها زفرة شعرت بحرارتها تعانق صفحات خدي وأنا أتأمل في وجوه غريبة لا تعرفني ولا أعرفها....

حينها شعرت بالحرية والانطلاق فلا قيود تكبلني ولا عيون تراقبني ....

افعل ما شئت وتمتع كما تشاء فأنت غريب وهم غرباء .....

شعرت في تلك اللحظة أن الحياء الذي يمنعني كلما هممت

بالمعاصي قد تركته في بلدي ....

شعرت أن الخوف الذي يحول بيني وبين الشهوات قد تلاشى ....

هناك قررت أن أعقد صداقة حميمة مع إبليس ....

خلعت ملابسي وتخلصت من كل شيء يذكرني بالماضي وخرجت في الطرقات ....

تجولت بعيني في الرائح والغادي ....

بقايا من الحياء تعاودني كلما وقعت عيني على امرأة ...

اعلنت الحرب على الإرهاب الذي يعاودني بين لحظة وأخرى ...

استعنت فيها بخبرات الرفقاء ....

توالت النصائح من كل حدب وصوب ...

هيا .. اعتمد على نفسك، ممّ تخاف ؟...

مضى الوقت سريعاً شعرت بعدها بالفشل ....

وقفت حيران لا أدري ماذا أفعل ؟

اقترب مني رجل ومعه فتاتان ....

صوبت نظري إليهما ثم أرخيت رأسي ....

قلت في نفسي :ألا تستح ألا ترى الرجل الذي معهما ؟ ربما يكون مسكين ‍....

سألني : هل أنت زائر ؟

قلت له : نعم ...

سكت لحظة وتقدمت الفتاتان نحوي بعد أن أشار لهما ....

شعرت بالحرج والخوف ....

هل ترغب في اصطحاب أحدهما ؟ قالها بلهجة ركيكة لكنها انطلقت كالسهم

أصابتني الدهشة وانعقد لساني وتصبب العرق مني...

لحظة من الصمت، جعلت الرجل يتقدم نحوي ويمسك بيدي هيا اختر ولن نختلف ...

تأملت الفتاتين ... اخترت أحدهما ؟

سرت معها في طرقات المدينة وعند أحد المطاعم توقفت ....

دخلنا المطعم وفي أول طاولة جلسنا ....

عندها ودعت الحياء الوداع الأخير، أما الخوف قد أدرجته في أكفانه ...

جلست وعيناي لا تتجاوز حدود الفتاة ....

وهناك في طاولة بعيدة جلس رجل يرمقني بنظرات لم أتنبه له في أول الأمر....

تلك النظرات أثارت اهتمام الفتاة معي ....

التفت نحو الرجل فقد شعرت بالغضب يتسلل إليّ ...

همهمت : حتى هنا ؟؟!

صوبت نظري نحوه ...

عندها انعقد لساني، وبدت الدهشة على وجهي

شعرت وكأن صفعة قوية نزلت على رأسي...

دارت بي الأرض من هول المفاجأة ....

لقد كان الرجل أستاذي في الجامعة ....

كان يصوب نظره بقوة نحوي ...

أغمضت عيني، تحولت بنظري إلى مكان آخر ....

رعشة سرت في جسدي ...

الخوف والحياء عادا يدبان من جديد ...

لم أعد أرى شيئاً، ولم أعد أسمع شيئاً ...

أما الفتاة فظلت ساكنة تراقب ما يحدث ....

التفت بهدوء نحو أستاذي ثم أرخيت رأسي ...

لا زال ينظر نحوي ....

أغمضت عيني ، وبدأت الهواجس والأفكار تتزاحم في رأسي ...

وما شأنه بي ؟....لماذ ينظر إلي بهذه الطريقة ؟

اذهب إليه وأسمعه كلاماً يكف عنك ؟

هل أنت خائف منه ؟ ولماذا أخاف ؟

سوف يفضحني في الجامعة ....

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم انطلقت عفوية من لساني ....

اتبعتها بضحكة لم تتجاوز حدود صدري ...

تستعيذ من الشيطان وهو بجانبك ....

بل أنت ماجئت إلى هنا إلا لتكون رفيقاً للشيطان

قمت من مكاني ، توجهت نحو المغسلة ....

سألت نفسي : أتستحين من الناس ولا تستحين من الله ؟....

تخافين من بشر ولا تخافين من خالق البشر ؟

أنا شاب ولا زلت صغيراً ومثلي كثير .....

صراع رهيب ، دوامة الأفكار تبعدني وتقربني ....

أخذت كمية من الماء نضحتها على وجهي ، أغمضت عيني ...

وقبل أن أفتح عيني شعرت بيد تهز كتفي ....

التفت وإذا بأستاذي يقف أمامي ...

بعزته وذلي ، بقوته وضعفي ، بهيبته وانكساري ....

صرخ بي فانطلقت كلماته صادقة تخترق جسدي تخاطب قلبي ....

أما تتقي الله تقطع هذه المسافات الشاسعة لتعصي الله ؟....

أما تخشى الموت أن يبغتك وأنت مع هذه الفاجرة ؟...

أنت ... أنت تفعل جريمة الزنا ....

يا أسفا عليك ... كيف أطعت الشيطان وخسرت دينك ؟....

أما تخشى من الإيدز والهربس والسيلان أن ينتقل إليك ويذيقك الآلام بسبب لذة وقتية؟....

كيف تقابل ربك وأنت على هذه الحالة ؟....

أما تستحي ممن خلقك ؟....

سيل الكلمات لا يتوقف كأنها أمواج بحر هادرة حطمت كل الصخور الجاثمة على صدري ...

جرت الدموع على خدي ، لم أنطق بكلمة ....

سكت لحظة لما رأى دموعي ثم قال :

الآن تخرج من هذا المكان وتتخلص من هذه الفتاة ، وأنا أوعدك بأن لا أفضحك ؟.....

خرج من المغسلة وتركني مع نفسي لحظات .....

مسحت دموعي وأنا أسألها : لمن هذه الدموع ؟

لم أملك الإجابة .....

شعرت بأنني أختنق ، شعرت بالضيق ركضت نحو الشارع

توجهت بنظري إلى السماء ...

يارب ... يارب ... لك الحمد فقد أرسلت لي من ينقذني

من أوحال المعصية ومستنقع الرذيلة ....

لك الحمد أرسلت لي من لا أراه في مدينتي الصغيرة ليراني في هذه البلاد الكبيرة ....

شعرت بأن دموعي تحولت إلى قوة هائلة تحطم القيود والأغلال الجاثمة على صدري ، وأن أنفاسي تعود إلي مرة أخرى ....

سكنت نفسي واطمأن فؤادي وأنا أضع قدمي في ساحة المطار مفارقاً تلك البلاد التي تدعوك إلى الفاحشة ....

مستقبلاً وطني ، مشتاقأً لرؤية أستاذي ....

شكراً أستاذي فقد انتشلتني من مستنقع الرذيلة ووحل الفاحشة ....
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 21-11-2006, 01:08 PM   #4
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile إجابـة رائعـة قادتنـي للتوبـة

إجابـة رائعـة قادتنـي للتوبـة


قصة من الواقع


أشعث أغبر في زي رياضي، قد أنهكني التعب، وأرهقني الركض في أرجاء الملعب ....

أسير في الطرقات أتجه نحو منزلي ...

استأنس بلحظات الصراع بين النهار المودع والليل الذي أعلن الانتصار ....

وصلت إلى المنزل تخلصت من آلامي وآهاتي، ألقيت بالزي الرياضي، وتحت الماء تخلصت من أوساخي وأدراني، توضأت لكي أصلي صلاة المغرب الذي ذهب وقته، لكن لا بأس فأنا أحسن من كثير من الشباب الذين لا يصلون ....

ارتديت البنطال والقميص، وركعت ثلاث ركعات لم أشعر ماذا قلت فيها، لكنني أتذكر مقطع لأغنية داعب فؤادي وأنا ساجد ...

خرجت من المنزل، توجهت نحو محل الخياط فهو المكان الذي أجتمع فيه مع الجيران والأصدقاء، قضيت وقتاً ممتعاً معهم تبادلنا فيها الضحكات والطرائف، فقد كنت محبوباً ودوداً مع الجميع ....

هممت بالخروج ولكنّ قدمين غليظتين، ويداً أمسكت بي بقوة حالت بيني وبين الخروج، التفت لصاحبها وكان رجلاً ذا لحية كثة يدعى محمد عبدالرحمن، وقلت له: اتركني أذهب فأنا مشغول، نظر إليّ وقال: لن أدعك تذهب حتى تجيب على سؤالي ....

توقعت السؤال أن يكون دينياً، فشعرت بالغرور يتسلل إلى نفسي، وقلت بصوت الواثق: سل وسوف أجيب، فقال: لماذا خلقت يا عبدالله ؟ .....

شعرت بالانتصار، سوف أجيبه إجابة تلجمه وتخرسه، حتى لا يعود إلى سؤالي مرة أخرى....

وقلت بصوت متقعر متفيقه، يقول الله عز وجل:{ وماخلقت الجن والأنس إلا ليعبدون } ونظرت إليه بسخرية، أنتظر الثناء والمدح ....

وفي لحظة الانتصار، أنزل قدميه، وبحركة غريبة ترك يدي، وقال بسخرية واضحة: اذهب....

وقفت في مكاني لحظة فقد فاجأني موقفه، ولكنه كرر الكلمة: اذهب ....

خرجت من المحل والغضب والدهشة قد تمكنا مني، تساؤلات كثيرة بدأت تطاردني ....

لماذ عاملني بهذه الطريقة ؟ لقد كانت إجابتي رائعة ...

لماذا يسخر مني ؟ وماذا فعلت حتى يسخر مني ؟ لماذا لم يثني عليّ كعادته ؟

لقد تغير اليوم، ومع طول الطريق نسيت ما حدث وسرت في الطريق أقطعه بالشعر والغناء، وقلت لنفسي : لا عليك فأنت على خير عظيم، أما هو فمعقد وليس في مستواك العلمي...

وفي طريق العودة تسلل ما حدث من محمد إلى عقلي والذي بدأ يفكر بعمق فيما حدث ....

قلت لنفسي : السؤال كان سهلاً جداً، فلماذا سألني ؟ ...

الإجابة كانت متوقعة وليست دليلاً على ذكائي ....

توقفت عند كلمة ذكائي، وقلت : هل أنت ذكي ؟ هكذا قالوا عني ….

لكنني عدت إلى الآية، وما خلقت تفيد النفي، إلا ليعبدون تفيد الإثبات، والنفي والإثبات يفيدان الحصر، وهذا يعني أنني ما خلقت للعب واللّهو والعبث، بل خلقت لعبادة الله وحده، وتذكرت قول الله عز وجل :{ قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين} ….

عدت لنفسي ذكرتها بماضيها، ساءلتها … حاورتها …. أنت قد أجبت على محمد، والآن أجيبي على نفسك، هل حققت العبودية لله ؟ هل أنت تحبين الله عز وجل ؟

هل … هل …. أسئلة كثيرة حاصرتني ؟ ….

الغناء قد ملأ قلبك، في سهوك ويقظتك، في حزنك وفرحك، سهر بالليل على البرامج الإذاعية، شعر غزلي، وأغاني ماجنة، صرفت همك في تنسيق الكلمات وكتابتها، ثم إرسالها إلى الصحف، لعب الكرة وتفريط في الصلوات ثم جلسات وسهرات لا يذكر فيها اسم الله بل سخرية واستهزاء، غيبة ونميمة، ومشاهدة وسماع لما حرم الله من المسلسلات والأفلام والأغاني التي تذهب بالرجولة ….

وكانت الإجابة : لا … لا لم تحققي العبودية بل كنت تسعين إلى الشهرة والمجد …

كيف يا نفس تدّعين الفهم والعلم وتنطقين به، وأنت لا تعملين بما تعلمين، كم كنت غافلاً وجاهلاً مغرورا ….

اقتربت من المنزل واقتربت من الهداية والتوبة، وقبل أن أصل كنت قد وصلت إلى القرار، لا للرجوع للأيام الماضية، وداعاً للغناء، للشعر التافه، والكتابة بلا هدف، وداعاً للسهر على ما حرم الله ….

سوف أبدأ من جديد، سوف انتقي من الماضي أجمله، شكراً محمد قد وصلت الآن …

صليت العشاء وبعد ساعات من زيادة الإيمان، تسلل الشيطان والهوى إلى نفسي، لا زلت شاباً وقد بدأت الثمرة، فالصحف تنشر لك، وكلماتك سوف تغنى عما قليل، بل هي عنوان الشريط القادم إلى الساحة، لا تتعجل بالقرار ….

وبدأ الصراع في داخلي يتفاعل، صراع رهيب بين شهوات وملذات، وحقيقة كانت غائبة ثم ظهرت لي جلية، أنا الذي أجبت وأنا الذي أدنت نفسي ….

وأنا في حيرتي ودهشتي، رأيت صديقاً قديماً لعبنا سوياً الكرة، وغاب فترة ثم عاد …

اندهشت عندما رأيته، ثوب قصير ولحية قد زينت وجهه، فرحت برؤيته دعاني لمرافقته، ركبت معه السيارة وذهبنا لأحد التسجيلات الإسلامية …

انشرح صدري وشعرت أن الله أرسله لي ليثبتني على ما عزمت فعله، منحني بعض الأشرطة الإسلامية وقد كان يمنحني الأشرطة الغنائية فيما مضى ….

شعرت بالسعادة التي فقدتها زمناً طويلاً وقررت أن أسير في طريق التائبين ……
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 22-11-2006, 09:39 AM   #5
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile إنـه يطاردنـي

إنـه يطاردنـي




وقفت على الباب تنتظر .. يدٌ على الجرس والأخرى على مقبض الباب

تضربه حيناً وحيناً تلصق أذنها بالباب تنتظر أن تسمع صوتاً قادماً يفرج عنها لحظات الخوف والترقب ..

تصبب عرقها .. تصاعدت أنفاسها

تسارعت نبضات قلبها.. نظرت إلى السماء

أغمضت عينيها فأشعة الشمس الحارقة كادت أن تذهب بنورهما ..

عادت إلى الجرس .. يدها الممسكة بمقبض الباب تكاد تخلعه ..

تصرخ بصوتٍ مخنوق لا يتجاوز أذنيها ..

افتحوا الباب أرجوكم .. افتحوا الباب أرجوكم ..

نظرت إلى الساعة .. الوقت يمضي ببطءٍ شديد .. إنها الثانية عشرة ظهراً

الجميع عاد من زيارات العيد وألقى بجسده على السرير ..

لن يسمعكِ أحد

هكذا قالت لنفسها وهي تتأمل الشارع الساكن ..

جرت الدموع على خديها .. تمنت لو أنها رفضت النزول من سيارة زوجها حين أمرها

همست :

ليتني لم أنزل .. ليته يعود .. لن أغضبه ..

لكنها عادت تقول :

لا .. إنه قاس وظالم .. لن أغفر له ما صنعه بي اليوم ..

اجتمع الحزن والخوف عليها .. لم تعد تبصر شيئاً ..

عادت تنظر إلى الباب .. وتراقب الطريق لعل أحداً يأتي ليفتح لها الباب ..

أبصرت رجلاً قادماً من بعيد .. لم يتبين لها من هو ؟ ..

مسحت دموعها .. دققت النظر في القادم ..

أحست بالخطر يحدق بها ..

نظرات القادم مريبة .. تكاد تلتهمها .. أنفاسه تصل إلى سمعها

إنه يقترب منها ..

أخذت تضرب بيديها الباب ..

لم يبق لها أمل ..

اقترب منها أكثر وأكثر ..

جمعت عباءتها على جسدها .. وانطلقت تجري وتجري بعيداً عنه ..

وقفت تسترد أنفاسها .. نظرت خلفها .. لا زال يتبعها ..

رفعت عينيها إلى السماء ..

الشمس ترسل أشعتها الحارقة ..

الطرقات خالية .. أبواب المنازل والنوافذ مغلقة

سكون قاتل يقضي على بقايا الأمل في صدرها ..

شعرت بأنها في صحراء مقفرة .. كل شيء فيها يقول

لا ملجأ لك في الأرض ..

يارب .. يارب .. انطلقت من شفتيها

لم تتذكر كلمة تضيفها إليها .. ظلت تردد : يارب .. يارب ..

عاودت الركض من جديد ..

لم تلتفت وراءها ..

سارت في طريقٍ تعرفه ..

وكلما أحاط بها اليأس .. رددت :

يارب .. يارب ..فاستعادت قوتها ..

أبصرت الباب الذي تعرفه .. أسرعت نحوه .. احتضنته بجسدها ..

طرقت الباب بيديها ورأسها .. كل جزءٍ من جسدها كان يطرق معها

بكاؤها نحيبها وحتى ضربات قلبها شاركت معها ..

صوتٌ قادمٌ من وراء الباب يهدد ويتوعد الطارق المزعج ..

سقطت على ركبتيها .. تحول البكاء إلى أنين بصوتٍ مرتفع ..

نظرت خلفها .. توقف الرجل عن مطاردتها .. ألقى بنظرةٍ أخيرة

ثم استدار إلى الوراء ليغيب بسرعة عن نظرها

انفتح الباب .. سقطت بين يدي أخيها وهي تردد :

إنه ورائي .. إنه يطاردني .. المجرم تركني في الطريق ولم ينتظر

المجرم .. المجرم .. ثم غابت عن الوعي ..


قصة من الواقع
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-11-2006, 04:37 PM   #6
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile قصة تحولي من مذهب الإباضية إلى مذهب أهل الحق أهل السنة والجماعة

قصة تحولي من مذهب الإباضية ، إلى مذهب أهل الحق أهل السنة والجماعة



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
فهذه قصة رجوعي من مذهب الإباضية(والكلام لصاحبه)، إلى مذهب أهل الحق، وطريقة أهل الاستقامة،
وقد سبق لي أن ذكرت شيئا من هذا في السبلة الإباضية، ولكن تعجل بعض من هناك بالتكذيب، وكأنهم لا يعلمون أن كثيرا من الإباضية في عمان وخارجها قد تركوا مذهب آبائهم إلى مذهب أهل السنة والجماعة، وهذا أمر معلوم لكل من يعيش في عمان تقريبا، بل لا أظن أحدا من أهل عمان إلا ويعرف واحدا أو أكثر ممن ترك المذهب الإباضي ورجع إلى مذهب الحق،
ثم إن الله – عز وجل – أراد أن يكشف تسرع أولئك المكذبين، فدخل السبلة بعض من يعرفني شخصيا، وهو من الإباضية، فصرح بأني كنت إباضيا، ثم رجعت إلى مذهب أهل السنة والجماعة، فالحمد لله أن جعل لي من يصدقني .

على أية حال، فليس المراد من سياق هذه القصة أن يصدق الناس أني كنت إباضيا أو لا،
ولكن المراد أن يطلع المنصف على السبب الذي جعلني أترك مذهب الآباء والأجداد، لعله إن سلك طريقي أن يصل إلى نفس القناعة التي وصلت إليها .

وأول ذلك أني كنت يوما من الأيام أصلي في مسجد حينا على الهيئة الإباضية، فجاءني رجل من أهل المسجد وقال: "يا أخي لم لا تكبر تكبيرة الإحرام، فالصلاة لا تصح إلا بتكبيرة الإحرام"،
طبعا أنا كنت أكبر تكبيرة الإحرام، لكني لم أكن أرفع يدي مع التكبير لأن هذا هو المذهب الإباضي، مع أن أحاديث الرفع كثيرة وكثيرة جدا، منها في الصحيحين وغيرها، بل هي متواترة.
على أية حال قلت له: "بل أنا أكبر تكبيرة الإحرام، ولكن سرا"
فقال لي: "إذن لا أراك ترفع يديك!"
قلت له: "نحن الإباضية لا نرفع أيدينا في تكبيرة الإحرام"، وظننت أن هذا الجواب كاف له ليتركني وشأني
ولكنه قال: "أنت إباضي!"
قلت: "نعم"
قال: "لا يمكن أن أتركك على هذا المذهب، هذا من المذاهب الضالة"
فكبرت هذه الكلمة عليَ، واستعظمتها جدا، ولذلك ينبغي الرفق في الدعوة، خاصة مع الذين لا يعلمون شيئا
فذكر لي كلاما يستدل به على ذلك، لكني لا أذكر منه شيئا الآن، لأني لم أكن أفهم ما يقول،
على أية حال، أحدث هذا عندي شكا، فلما ذهبت إلى عمان جئت أحد أخوالي فقصصت له ما سبق، فأعطاني كتاب الحق الدامغ، ولكني أيضا لم أفهم منه شيئا، لأنه كان فوق المستوى،

ولكن رأى أحد طلبة العلم عندي الكتاب، فأخذه وقرأه، ثم أعطاني محاضرة حوله، لكني أيضا لم أفهم شيئا، لأن ذلك كله كان فوق المستوى، وفي هذا فائدة مهمة للداعية، وهي أن يحدث الناس على قدر عقولهم، لأن المراد هداية الناس، فلو كلم الناس بما لا يفهمونه لم يستفد الناس من فعله شيئا .
ثم إني في أحد سفراتي إلى عمان جلست مع خال لي فسألته عن الخلاف بين أهل السنة والإباضية، حيث كنت أظن سابقا أن الخلاف إنما هو في الصلاة فقط، الإباضية يسدلون أيديهم وأهل السنة يكفتونها، يضعونها على صدورهم
فأعلمني أن الخلاف أوسع من ذلك، وأن أهل السنة مشبهة
فقلت له: "وما معنى مشبهة؟"
قال: "أي أنهم يشبهون الله بعباده، فيقولون: الله له يد كيد البشر"
فاستعظمت هذا ورأيت أن مذهب أهل السنة من أبطل ما يكون، وطبعا فرحت بهذا من قرارة نفسي، لأني كنت أريد أن يكون الإباضية هم على الحق، لأنه المذهب الذي ولدت عليه، والذي رأيت كل أهلي عليه، بل كنت إذا جاءنا ضيف فصلى على مذهب أهل السنة استنكرت فعله جدا،
فذهبت إلى أهل السنة، وعرضت على أحد طلبة العلم ما علمته من خالي
وقلت له: "أنتم مشبهة، لأنكم تقولون: إن لله يدا كأيدي الناس"
فقال لي: "أعوذ بالله، بل نحن نقول: الله له يد تليق به، كما أن للمخلوق يدا تليق به"
ثم طرح علي هذا السؤال: "هل الله يسمع؟"
قلت: "نعم"
قال: "يسمع كسمعنا؟"
قلت له: "لا"
قال: "كذلك الله له يد لا كأيدنا"
وأعطاني الدليل على ذلك وهو قوله تعالى: "بل يداه مبسوطتان"، وقوله تعالى لإبليس: "ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي".
فاطمأنت نفسي لذلك جدا، ووقع كلامه في قلبي موقعا عظيما، ورأيت أنه كلام سلس مفهوم واضح موافق للفطرة، فقنعت به، وصرت من يومها أصلي على مذهب أهل السنة

ثم إني ذهبت إلى عمان مرة أخرى، فقلت لخالي: "أهل السنة ليسوا مشبهة، بل يقولون: الله له صفات تليق به، كما أن للمخلوق صفات تليق به، وصفة الله لا تشبه صفة المخلوق"
فلم يعرف ما يقول، لأنه كان مبتدئا في العلم
ولكنه حول مجرى الكلام فقال: "هل تعلم أن ابن تيمية يقول: إن الله يستوي على جناح بعوضة؟"
فقلت: له: "وما معنى يستوي؟"
قال: "يجلس"
قلت: "ومن ابن تيمية هذا؟"
قال: "عالم من علماء السنة"
فانقدح في نفسي أن هذا الرجل يتبرأ منه أهل السنة، لأنه لا يمكن لأحد أن يقبل مثل هذه المقولة
فرجعت إلى طلاب العلم من أهل السنة فسألتهم عن ذلك
فقال لي أحدهم: "ليس بصحيح، ابن تيمية لا يقول ذلك، ومن زعم أن ابن تيمية يقوله فليأت بكلامه"
وفهمني أن ابن تيمية إمام عظيم، وأن العلماء اتفقوا على توثيقه [طبعا إلا من شذ]


يتبـــــــــــــــــــــع
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-11-2006, 04:41 PM   #7
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile

تابــــــــــــــع

ثم إني بعد أن قرأت كتب ابن تيمية عرفت أصل المسألة، وهو أن ابن تيمية نقل عن عثمان بن سعيد الدارمي في رده على المريسي أنه – أي المريسي – أنكر أن يكون الله فوق العرش،
فقال الدارمي: "ولو قد شاء لاستقر على ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته ولطف ربوبيته" [انظر نقض تأسيس الجهمية (1/568)]
وهذا أولا: ليس من كلام ابن تيمية، بل نقله عن الدارمي
وثانيا: هذا من باب فرض ما لم يكن، كقوله تعالى: "لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا" وكقوله: "ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض"، وكقوله: "قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين"، ونحوها من الآيات
فكل هذا من باب التنزل وفرض المستحيل، فهذا كما ترى ليس فيه غضاضة على الإطلاق، والله قد استوى على العرش وهو مخلوق من مخلوقاته جل وعلا، فهو لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

على أية حال هذه كان بداية سلسة كذبات سمعتها على هذا الإمام العظيم، ليس من خالي، إنما من غيره فيما بعد، وكثير منها تولى كبرها بعض من يكتب في السبلة العمانية

وفي النية إن يسر الله أن أجمع بعض ذلك وأرد عليه، ذبا عن عرض هذا الإمام العظيم، فيعلم الله كم له من فضل علي خاصة، وعلى المسلمين عامة، اللهم اجزه عنا خير الجزاء، اللهم اجمعنا به في دار كرامتك.
بعد ذلك ما زلت أتردد بين الفريقين، فأسمع حجة هؤلاء، وحجة هؤلاء، ثم أقارن

وأذكر أن من الأمور التي استوقفتني مسألة نزول الرب – عز وجل – إلى السماء الدنيا،
فإن خالي قال لي مرة: "إن أهل السنة يثبتون أن الله ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا"،
وكنت قد حضرت محاضرة لأحد أهل السنة تكلم فيها عن هذه المسألة، ووضح أنهم يؤمنون بأن الله ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا، وأن هذا هو نص كلام النبي – صلى الله عليه وسلم – كما ثبت في الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له".
فقلت لخالي: "نعم أهل السنة يثبتون ذلك على ما جاء به الحديث"
فقال لي: "ولكن قال الشيخ أحمد الخليلي: إن ثلث الليل يدور حول العالم، فحين ينتهي ثلث من منطقة يذهب إلى التي تليها من جهة الغرب، وهكذا، فثلث الليل لا يزال حول العالم يدور، فهل معنى هذا أن الله يبقى نازلا إلى الأبد؟"
فرأيت أن هذا الدليل قوي جدا، ولم أستطع الانفكاك عنه
فغيرت مذهبي على الفور إلى مذهب الإباضية، وصرت أصلي مسبلا يدي، وصرت على يقين أن هذا الدليل لا مدفع له، وشعرت حينها أني قوي، كالجندي الذي معه سلاح يجزم أن عدوه لا يمكنه أن يمتلك سلاحا يقاومه، فصرت كلما لقيت أحدا شرحت له هذا الدليل الذي وصلني من قبل الخليلي، من شدة فرحي بما سمعت.

حتى قابلت مرة أحد أهل السنة العوام فأخبرته بما قاله الخليلي، فقال: "أنا لا أعرف الجواب، ولكن سآخذك إلى من هو أعلم مني"
فقلت: "نعم"
وكنت على يقين أنه سيفاجأ بهذا الجواب، وكنت أظن أن هذه الحجة من عند الخليلي لم يسبقه إليها أحد، فلما ذهبنا عند الرجل، وكان من طلبة العلم الحريصين، شرح له صاحبي المسألة، وسمع الرجل الدليل مني
إلا أنه فاجأني بأن قال: "هذه شبهة قديمة معروفة، وقد أجاب عليها الشيخ ابن عثيمين في فتاواه، وسأهديك منها نسخة"، وواعدني أن آتيه بالغد
وفي اليوم التالي حضر إلى المسجد فعلا، وأعطاني نسخة من فتاوى الشيخ ابن عثيمين، وكتبا أخرى، ويعلم الله، كم كانت فرحتي بتلك الهدية
وهذه لفتة مهمة إلى الدعاة، فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "تهادوا تحابوا"
فكم أثرت هديته في نفسي، ولما شعرت أنها تخصني زاد اهتمامي بالكتاب، وكنت أول مرة أسمع فيها بالشيخ ابن عثيمين، فأراني الرجل مكان الفتوى المطلوبة
ثم قال لي: "اقرأ الكتاب فسيفيدك جدا"
وفعلا قرأت الكتاب من أوله إلى آخره، واستفدت منه أمورا عظيمة،
منها: تعريف أهل السنة والجماعة
ومنها: تقسيم التوحيد ومعاني كل قسم
ومنها: طريقة أهل السنة في الإثبات، والأدلة على ذلك، وأنهم غير مشبهة، بل ينكرون على المشبهة
ومنها: تحريم التصوير، وأنه وسيلة إلى الشرك
ومنها: تحريم البناء على القبور، والغلو فيها، إلى غير ذلك من الفوائد العظيمة
ومما كان يزيدني اهتماما بالكتاب تمكن صاحبه، وسهولة عبارته، وقوة أدلته، ولم أكن أتصور حينها أن يقدر الله لي التتلمذ علي يدي هذا الرجل العظيم، وأني سأكون ممن يجلس في حلقاته، ويسمع منه مباشرة، ولكن لله على عباده ألطاف كثيرة
ويعلم الله أني من يومها لم أحب عالما من العلماء الذين التقيت بهم كما أحببت ذلك الشيخ العظيم، الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله رحمة واسعة - .

وهنا لفتة مهمة أيضا إلى الدعاة: وهي أن نشر كتب أمثال هؤلاء العلماء فيه من الخير الشيء الكثير، وخاصة كتب الفتاوى، لأنها تتناول أسئلة الناس التي تدور بينهم، والتي يكثر السؤال عنها، ولأنها تراعي مستوى العوام، أو المبتدئين، وفيها تعليق الناس بأهل العلم الكبار، فيعلم الله كم لذلك الرجل الذي أعطاني كتاب الشيخ ابن عثيمين من فضل علي بما أهداني.
والمقصود، أني قرأت فتوى الشيخ حول الشبهة المذكورة، وإليكم نص السؤال، وجوابه:
جاء في مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين (1/102) سؤال رقم (102) ما نصه:
"سئل الشيخ – أعلى الله درجته في الهديين -: من المعلوم أن الليل يدور على الكرة الأرضية، والله – عز وجل – ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فمقتضى ذلك أن يكون كل الليل في السماء الدنيا، فما الجواب عن ذلك؟
فأجاب بقوله: الواجب علينا أن نؤمن بما وصف الله وسمى به نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله – صلى الله عليه وسلم – من غير تحرف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، فالتحريف في النصوص والتعطيل في المعتقد، والتكييف في الصفة، والتمثيل أيضا في الصفة ، إلا أنه أخص من التكييف؛ لأنه تكييف مقيد بمماثلة
فيجب أن تبرأ عقيدتنا من هذه المحاذير الأربعة
ويجب على الإنسان أن يمنع نفسه عن السؤال بـ (لم)؟ وكيف؟ فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته، وكذا يمنع نفسه عن التفكير في الكيفية
وهذا الطريق إذا سلكه الإنسان استراح كثيرا، وهذه حال السلف – رحمهم الله -، ولهذا جاء رجل إلى مالك بن أنس – رحمه الله – قال: يا أبا عبد الله "الرحمن على العرش استوى"، كيف استوى؟، فأطرق برأسه وعلته الرحضاء، وقال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعا"
وهذا الذي يقول: إن الله ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر كل ليلة، فيلزم من هذا أن يكون كل الليل في السماء الدينا؛ لأن الليل يدور على جميع الأرض، فالثلث ينتقل من هذا المكان إلى هذا المكان الآخر؟
جوابنا عليه أن نقول: هذا سؤال لم يسأله الصحابة – رضوان الله عليهم -، ولو كان هذا يرد على قلب المؤمن المستسلم لبينه الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم -
ونقول: ما دام ثلث الليل الأخير في هذه الجهة باقيا فالنزول فيها محقق، ومتى انتهى الليل انتفى النزول، ونحن لا ندرك كيفية نزول الله، ولا نحيط به علما، ونعلم أنه سبحانه ليس كمثله شيء، وعلينا أن نستسلم، وأن نقول: سمعنا، وآمنا، واتبعنا، وأطعنا، هذه وظيفتنا " اهـ .

وهذا الجواب كاف شاف كما ترى، فالله – عز وجل – أخبرنا على لسان نبيه، أنه ينزل في الثلث الأخير من الليل، فنحن نؤمن بهذا، فأينما كان الثلث الأخير فهنالك النزول،
ثم إنه من المتفق عليه بيننا وبين الإباضية أنه لا ينبغي للإنسان أن يخوض في صفات الله – عز وجل – بالتفكير، والتكييف
بل ينبغي عليه أن يكف عن هذا، فما بال علماء الإباضية يعرضون مثل هذه الشبه، مع أننا جميعا متفقون أنه ينبغي عدم الخوض فيها؟!!

على أية حال عرفت حينها أن أهل السنة يقولون إزاء النصوص: سمعنا وأطعنا، فإذا لم تتقبل عقولهم شيء اتهموها، وآمنوا بالنص، ولم يردوا النص لأجل شيء يقوم في عقولهم، وأن هذه الطريقة أسلم، وأحكم، وأعلم، وهي طريقة الصحابة، ومن بعدهم من علماء الأمة، ومن سلكها نجا، ومن تنكبها هلك
فلو عرضنا نصوص الكتاب والسنة على عقولنا لرددنا الكثير مما لا يقبله عقل كثير من الناس، والواجب عدم معارضة النصوص إذا ثبتت.

ومن يومها استفدت درسا عظيما، وهو التسليم لكتاب الله، وسنة رسوله - عليه الصلاة والسلام -، وعدم الاعتراض عليهما، فصار عندي قناعة تامة بمذهب أهل السنة في صفات الله – عز و جل -، وذلك بفضل قراءتي لفتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله تعالى-.

ورجعت بعدها أصلي صلاة أهل السنة، أكفت يدي، كما يكفتون.
بعدها تزايد حضوري لحلقات طلاب العلم من أهل السنة والجماعة عندنا في الإمارات، وصرت أواظب على الدروس في أيام معينة من الأسبوع، فدرست كتاب الأصول الثلاثة، وبعض كتاب التوحيد، كلاهما للشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله-
وحضرت بعض حلقات العقيدة، وأظن أنها كانت حول كتاب العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية، فعرفت الكثير من مبادئ أهل السنة والجماعة في الصفات
ومن القواعد المفيدة التي درستها: (أن القول في الصفات كالقول في الذات)، فالصفات تابعة للذات، فمن أثبت لله ذاتا لا تشبه الذوات فليثبت له صفات لا تشبه الصفات
فلله – عز وجل – يد لا كأيدينا، وله وجه لا كوجهنا، وله سمع لا كسمعنا، وله بصر لا كبصرنا، وله علم لا كعلمنا، وله عزة لا كعزتنا، كما أن له ذاتا ليست كذواتنا، كل ذلك سواء.
ومن القواعد المفيدة التي درستها: (أن كل معطل مشبه)، فكل من عطل صفة من صفات الله إنما عطلها لأنه فهم منها التشبيه، ولو أنه ما فهم التشبيه من تلك الصفة لأثبتها
فهو حين يقرأ قوله تعالى: " قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) "، يفهم أن هاتين اليدين كيدي المخلوق، فلأجل هذا يضطر إلى أن يؤول، ويقول: ليست اليد هنا على معناها الحقيقي، بل هي بمعنى المباشرة، أو بمعنى القوة، أو غير ذلك من المعاني، والذي جعله يتؤل الآية أنه فهم منها التشبيه، وليس كذلك، فليس الأمر على ما ذكر، بل القرآن ليس ظاهره تشبها، حاشا وكلا،
قال نعيم بن حماد الخزاعى شيخ البخارى: "من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيها".
على أية حال: كانت هذه المرحلة مرحلة تعلم لمبادئ أهل السنة والجماعة عموما، ولعقيدتهم في الصفات خصوصا.
فكنت إذا ذهبت إلى عمان عند أخوالي أناقشهم في بعض ما تعلمته يعجزون عن مجاراتي، لأنهم لم يكونوا بدرجة عالية من الدراية بمذهبهم، وهذا زادني تثبيتا على ما أنا عليه.
ثم إنني ذهبت مرة لزيارة أحد طلاب العلم من أهل السنة والجماعة، فذكرت له قصتي، وبعض ما كان يجري بيني وبين أخوالي وغيرهم من أهلي
وقلت له: "أريد أن أذهب إلى الشيخ أحمد الخليلي"، لعلي أجد عنده شيئا زائدا
فنصحني ألا أذهب إليه، ولكني لم أقنع بكلامه، لأني كنت أرى أنه من تمام الإنصاف أن أسمع حججهم كاملة
ثم في نهاية المجلس أعارني كتابا نفيسا بعنوان: "إثبات علو الرحمن، من قول فرعون لهامان"، لأسامة القصاص، وهو كتاب نفيس في بابه، فزدت قناعة بما توصلت إليه من الحق، والحمد لله .

يتبــــــــــــــــــــــــع
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-11-2006, 04:43 PM   #8
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile

تابـــــــــــــــع

ثم إنه لم يتيسر لي أن أذهب إلى الشيخ أحمد الخليلي – مفتي عمان -، ولكني كنت أقرأ بعض كتب الإباضية كلما ذهبت إلى عمان، وأذكر أني كنت إذا أمسكت بكتاب من كتبهم أقول قبل أن أفتحه: "اللهم إن كان الحق في هذا الكتاب فأرني إياه"، ولكني لم أكن أرى إلا ما يزيد ثقتي بصدق مذهب أهل السنة والجماعة.

كل ذلك كان وأنا في مرحلة الثانوية العامة، وما بعدها بقليل، وبعد مرحلة الثانوية العامة صرت على مفترق الطرق، إما أن أذهب إلى إحدى شركات الطيران لأدرس وأتخرج طيارا، وإما أن أذهب إلى الجامعة الإسلامية، ولله الحمد قبلت في الجامعة الإسلامية قبل استدعائي إلى معهد الطيران للدراسة، فلما بدأت بالجامعة ودخل حبها قلبي استدعيت للطيران، ولكن هيهات وقد تعلق القلب بالمدينة النبوية، ومسجدها، وجامعتها، فلم أبغ بذلك بدلا، ولله الحمد.

مع أن قلبي كان أميل إلى الذهاب للطيران قبل ذلك، بل كنت أعد ذهابي للجامعة الإسلامية لما ذهبت استغلال وقت فراغ قبل أن أحزم حقائبي وأتوجه إلى الطيران، ولكن أعان الله بكرمه، ولطف رحمته بأن نشبت بالجامعة، فلم أبغ بها بدلا، ولله الحمد والمنة.

وفي الجامعة الإسلامية حصل لي تحول كبير في حياتي
فهنالك عاشرت علماء أهل السنة، وتعلمت منهم، ونهلت من آدابهم، وكان أخي في الإمارات إذا أشكل عليه شيء كلمني في الهاتف
وسألت له العلماء عن إشكاله فكشفوه لي
وأذكر أن من أول الإشكالات التي عرضت علي هناك مسألة الحد وإثباتها لله – عز وجل -، فسألت عنها العلماء، فكان أول من سألت من أهل العلم الشيخ: (محمد أمان الجامي – رحمه الله-) وكان متخصصا في العقيدة
وكنا قد انتهينا لتونا من صلاة الفجر في المسجد النبوي الشريف، وكانت للشيخ حلقة في العقيدة بعد صلاة الفجر، فسألته قبل أن يجلس على كرسيه
قلت: "يا شيخ هل أهل السنة يثبتون الحد لله – عز وجل -؟"
فقال: "وما الذي تعنيه بالحد؟"
فارتبكت، فلما رأى مني الارتباك قال لي: "يا ولدي! اذهب وادرس العقيدة"
وأمرني أن أركز على الأصول وأن لا أهتم بالمسائل العارضة الآن
فانصرفت من عنده مهموما؛ لأني كنت أريد الجواب حالا، ولكني عرفت أن تلك الكلمة من الشيخ أراد بها أن يربيني، وخاصة لما رأى عدم فقهي للسؤال الذي سألت عنه، فما فائدة جواب لإنسان لا يدري معنى السؤال الذي يسأله؟
ولكني لم أدرك ذلك في حينه، فما زلت أفتش حتى علمت قاعدة أهل السنة في مثل هذا، وهو ما ذكره ابن أبي العز الحنفي في شرحه للعقيدة الطحاوية (ص218، ط . المكتب الإسلامي، تخريج الألباني)
قال – عند شرحه لقول الطحاوي: "وتعالى عن الحدود والغايات"- : "أن الناس في إطلاق مثل هذه الألفاظ ثلاثة أقوال:
فطائفة تنفيها، وطائفة تثبتها، وطائفة تفصل، وهم المتبعون للسلف، فلا يطلقون نفيها ولا إثباتها إلا إذا تبين ما أثبت بها فهو ثابت، وما نفي بها فهو منفي
لأن المتأخرين قد صارت هذه الألفاظ في اصطلاحهم فيها إحمال وإبهام، كغيرها من الألفاظ الاصطلاحية، فليس كلهم يستعملها في نفس معناها اللغوي
ولهذا كان النفاة ينفون بها حقا وباطلا، ويذكرون عن مثبتيها مالا يقولون به
وبعض المثبتين لها يدخل لها معنى باطلا مخالفا لقول السلف، ولما دل عليه الكتاب والميزان،
ولم يرد نص من الكتاب ولا من السنة بنفيها ولا إثباتها، وليس لنا أن نصف الله تعالى بما لم يصف به نفسه، ولا وصفه به رسوله نفيا ولا إثباتا، وإنما نحن متبعون لا مبتدعون
فالواجب أن يُنظر في هذا الباب – أعني باب الصفات – فما أثبته الله ورسوله أثبتناه، وما نفاه الله ورسوله نفيناه، والألفاظ التي ورد بها النص يُعتصم بها في الإثبات والنفي، فنثبت ما أثبته الله ورسوله من الألفاظ والمعاني
وأما الألفاظ التي لم يرد نفيها ولا إثباتها فلا تطلق حتى يُنظر في مقصود قائلها، فإن كان معنى صحيحا قبل، لكن ينبغي التعبير عنه بألفاظ النصوص، دون الألفاظ المجملة، إلا عند الحاجة مع قرائن تبين المراد، والحاجة مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يخاطب بها، ونحو ذلك " اهـ كلامه رحمه الله.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – [مجموع الفتاوى (3/308)]:
"والسلف والأئمة الذين ذموا وبدعوا الكلام في الجوهر، والجسم، والعرض تضمن كلامهم ذم من يُدخل المعاني التي يقصدها هؤلاء بهذه الألفاظ في أصول الدين، في دلائله وفي مسائله نفيا وإثباتا،
فأما إذا عرف المعاني الصحيحة الثابتة بالكتاب والسنة، وعبر عنها لمن يفهم بهذه الألفاظ؛ ليتبين ما وافق الحق من معاني هؤلاء وما خالفه؛ فهذا عظيم المنفعة، وهو من الحكم بالكتاب بين الناس فيما اختلفوا فيه" اهـ كلامه – رحمه الله -.
فلفظة الحد كما ترى ليست من الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة، فيُستفصل فيها
فإن كان مراد قائلها حقا فإن الحق يقبل، ولكن الأولى التعبير به تعبيرا شرعيا، وإن كان مراد قائلها أمرا باطلا فإنها ترد، فإن أراد بالحد أن الله مستو على عرشه، بائن من خلقه، منفصل عنهم، كان كلامه حقا، وإن أراد بالحد أن الله محدود، وأنه محشور في مكان يحده، فهذا باطل ولا شك،
تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا

وما أحسن ما نقله الذهبي في السير في ترجمة أبي القاسم التيمي [السير (20/85)] قال:
"سئل أبو القاسم التيمي - رحمه الله - هل يجوز أن يقال لله حد أو لا؟، وهل جرى هذا الخلاف في السلف؟
فأجاب: هذه مسألة أستعفي من الجواب عنها لغموضها وقلة وقوفي على غرض السائل منها، لكني أشير إلى بعض ما بلغني، تكلَّم أهل الحقائق في تفسير الحد بعبارات مختلفة محصولها:
أن حد كل شيء موضع بينونته عن غيره،
فإن كان غرض القائل ليس لله حد: (لا يحيط علم الحقائق به)، فهو مصيب، وإن كان غرضه بذلك: (لا يحيط علمه تعالى بنفسه)، فهو ضال، أو كان غرضه أن الله بذاته في كل مكان فهو أيضا ضال .
قلت [والقائل هو الذهبي]: الصواب الكف عن إطلاق ذلك؛ إذ لم يأت فيه نص، ولو فرضنا أن المعنى صحيح، فليس لنا أن نتفوه بشيء لم يأذن به الله خوفا من أن يدخل القلب شيء من البدعة، اللهم احفظ علينا إيماننا" اهـ .

وهذا كما ترى أمر واضح جلي، وحقا: "إنما شفاء العي السؤال".
وهكذا استمرت الفوائد تنهال علي من علماء أهل السنة في المدينة، ومن طلابها
وأذكر ذات مرة أني قابلت رجلا من أهل عمان إباضيا يصلي في المسجد النبوي الشريف،
فتعرفت عليه، وتعرف علي، فلما عرف أني سني جرى بيني وبينه حوار حول استواء الله على العرش، فقلت له: "يا أخي الكريم الاستواء بمعنى الارتفاع والعلو، كما قال تعالى: "وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون، لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه ..."، وقوله تعالى عن سفينة نوح: "واستوت على الجودي"، فالاستواء العلو والاستقرار، والله يقول في سبع مواضع من القرآن إنه استوى على العرش منها قوله تعالى: "الرحمن على العرش استوى"، وقوله: "... ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا"، ويثبت أنه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض "يدبر الأمر من السماء إلى الأرض في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون"، وأذكر أني استوقفته عند هذه الآية، فقلت له تأمل سياق الآيات في سورة السجدة، وشدة وضوحها على استواء الله – عز وجل -، ففتحت معه المصحف – لأني لم أكن أحفظها – وقرأتها عليه، يقول تعالى: "الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون، يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون".
فقلت له: تأمل هذه الآيات كيف هي صريحة في إثبات علو الله، واستوائه على عرشه، ففي أولها أثبت لنفسه الاستواء على العرش، ثم أخبر أنه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض، ثم أخبر أن الأمر يرفع إليه، فإن كانت هذه الآية يجوز أن يسلط عليها التأويل فليست هناك آية لا يمكن أن تأول، وعلى هذا يعود القرآن كله مؤولا، وعليه فلا يستفاد الهدى منه، بل يتوقف استفادة الهدى من القرآن على أقوال الناس من المشايخ المتبوعين
ثم الله قد وصف قرآنه بأنه مبين، كما قال تعالى: "والكتاب المبين"، وقال: "ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر"، فالقرآن ميسر، والذي يقول: إن هذه الآيات على خلاف ظاهرها – مع أنها نص في علو الله، واستوائه – فهذا يزعم أن القرآن غير مبين.
واستطرادا هنا أقول: إن الشيخ أحمد الخليلي اشتد نكيره على عبد الرحيم الطحان لما قال: "لا قرآن بلا سنة"، مع أنه يقصد أن من أخذ القرآن وترك السنة فإنه يضل، وسياق كلامه كله في هذا المعنى، فأنكر الشيخ أحمد عليه، وساق في إنكاره عليه الآيتين التين ذكرت وأمثالها من الآيات التي تدل على أن القرآن فيه الهدى، وقوله حق لا مرية فيه
ولكن العجب أنه أيد قول الباحثة التي قدم لرسالتها الموسومة بـ "رؤية الله بين المثبتين والنافين" حيث تقول المؤلفة في (ص26):
"وقد يقول قائل: إنه إذا كان الله تعالى غير مستقر على العرش، وغير جسمه [هكذ ] فما معنى الآيات، والأحاديث التي جاءت في القرآن الكريم، وعلى لسان سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – والتي ظاهرها يوهم ذلك؟
ولعل أبلغ رد على هذا السؤال أن نقول: إن المقصود من ذكر هذه الآيات والأحاديث هو الامتحان، والاختبار، هل يفهمها الناس على حقيقتها فيقعون في تشبيه الله بالحوادث فيضلون بذلك، أو يفهمونها بما يتفق مع النصوص الصريحة الدالة على أن الله منزه عن صفات الحوادث، وأنه ليس كمثله شيء، ومع دلالة العقل السليم على أن الله وهو القديم الباقي لو اتصف بالحادث يكون حادثا، لأن الحادث له أول، والقديم لا أول له ..." الخ كلامها.
وهذا يدل على أن الإباضية يرون أن أكثر آيات القرآن يدل ظاهرها على الضلال، لأنك لا تكاد تمر على آية من آيات القرآن إلا وفيها صفة من صفات الله، بل القرآن كله كلام الله، فإذا كان أكثر أو كثير من آيات القرآن يدل ظاهرها على الضلال فهل يجوز أن يوصف مع هذا بأنه مبين؟
ثم إن كنا نحتاج إلى تأويل تلكم الآيات الكثيرة فمن يؤلها لنا؟
لا شك أنهم المشايخ – أعني مشائخ الإباضية – وعلى هذا فلا يؤخذ الهدى من القرآن، إنما يؤخذ من المشائخ، فلم ينكر الخليلي إذا على من قال: "لا قرآن بلا سنة"، وهو أحسن حالا ممن يدل كلامه على أنه (لا قرآن بلا قول المشائخ)؟.
كل هذا استطراد، ولنرجع إلى صاحبنا
فإني لما سقت له الآيات التي تدل على العلو، لم يجد لها مدفعا، قال لي "أنا لا أسلم بهذا الكلام، ولا أقول: إن الله فوق السماء"
قلت له: فأين الله؟
قال: "في كل مكان"
وهو يظن أن هذه عقيدة الإباضية، وليست كذلك، بل عقيدتهم أن الله ليس داخل العالم ولا خارجه، ولكنه اعتقدها لأنه يظن أنها عقيدة الآباء، وليس معه في ذلك دليل، وهذا من العجب!! أن يتعصب الإنسان لشيء لا دليل عليه، وهذا حال أكثر الإباضية، بل أكثر البشر إنما يتعصبون لما ألفوه، ولما أخذوه من آبائهم، وإن لم يكن معهم دليل


يتبــــــــــــــــــــــــــــــع
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-11-2006, 04:45 PM   #9
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile

تابـــــــــــــــــــــــــــع


وأذكر مرة أن أحد أخوال كان يظن أن أهل السنة يقولون: "إن الله في كل مكان"، وأن الإباضية يقولون: "إن الله فوق السماء"، فأنكر علي اعتقادي أن الله في كل مكان
فقلت له: "أهل السنة لا يعتقدون أن الله في كل مكان، بل يعتقدون أن الله فوق السماء"
فقال: "لا، أنتم تعتقدون أن الله في كل مكان"
قلت له: "نحن نرد هذه العقيدة"
فلما تأكد أننا نعتقد أن الله فوق السماء، وأن الإباضية لا يعتقدون ذلك غير عقيدته على الفور
وقال لي: "نعم الله في كل مكان، وهذا هو الحق"، قلت له: "قبل قليل كنت تقول خلاف هذا" قال: "كنت أظنها عقيدة الإباضية".
وهذا حال أكثر الناس، مجرد أن يعرف أن عقيدتهم كذا يسارع إلى الدفاع عنها من غير بينة، والله المستعان.
نعود إلى صاحبنا الإباضي
قال لي: "إن الله في كل مكان"
فقلت له: "هل تعتقد أن الله في الحمام؟!!" – تعالى الله عما يقول الله الظالمون علوا كبيرا - .
فسكت هنيهة ثم قال – كالمعترض على كلامي –: "إن لم يكن الله في الحمام فإني سأذهب إلى الحمام وأشرب الخمر".
فقلت له: "هداك الله، إن الله فوق سماواته، مستو على عرشه، ومع ذلك قريب من خلقه، يعلم كل ما يكون على الأرض، ولأجل هذا يقرن الله – عز وجل – دائما علوه بالعلم
قال تعالى: "الرحمن على العرش استوى، له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى، وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى"
وقال تعالى: "هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش، يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير"
ومثلها قوله تعالى: "هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم"، فقرن بين اسمه الظاهر وبين اسمه الباطن، وقد فسر النبي – صلى الله عليه وسلم – معنى الظاهر بقوله: "أنت الظاهر فليس فوقك شيء"، وفسر معنى الباطن بقوله: "أنت الباطن فليس دونك شيء"، أي فليس أقرب منك شيء، فالله قريب في علوه، بمعنى أنه يعلم كل شيء مع علوه".
فلما سمع هذا مني لم يحر الرجل جوابا، [طبعا أنا أسوق ما جرى بيني وبين الرجل بالمعنى، وإلا فهذه القصة قد مر عليها ما يقارب العشر سنين].
فقال لي: "أنا لا أعرف الرد عليك، ولكن معنا شيخ في الحملة لو تأتي وتكلمه"
فقلت له: "إنني مشغول والله، وكانت الأيام أيام امتحانات"
ومع إصراره خفت أن يظن أنني أتهرب فذهبت معه إلى مقر سكنه، وهناك التقيت بالشيخ المذكور، فبدأ الحديث وتكلم بكلام لا أذكره الآن، وأظنه كان يعظ القوم، ولكنه أثناء كلامه أنكر سنة المسح على الخفين إلا في السفر
فقلت له: قد ثبتت السنة في البخاري، ومسلم، وغيرهما، وأحاديث المسح متواترة، فجاوز الكلام عن هذه المسألة وأقحمنا في مسألة الصفات
فقلت له: "الرحمن على العرش استوى"
فقال: "استوى بمعنى استولى"
فقلت له: "هذا خلاف الظاهر، ولا يجوز تفسير الاستواء هنا بالاستيلاء، لأن الله قال: "ثم استوى على العرش"، والعطف بـ "ثم" يقتضي التعقيب مع التراخي، فيكون معنى هذا أن الله لم يكن مستوليا على العرش، ثم استولى عليه"
فقال لي: "إذا قلت إنه مستو على العرش لزم منه التحيز والجهة"
وكنت يومها ما زلت مبتدأ، وليست لي القوة العلمية الكافية، ولا الدراية بأساليب المناظرة، ولكني ولله الحمد جاوبته بما لدي من أصول سنية سلفية
فقلت له: "أنا لا أدري ما تقول، أنا أقول بما قال الله – عز وجل -، ولا أتدخل بعقلي في شيء من ذلك"
وهذه قاعدة نافعة جدا، ذكرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – في كتابه كشف الشبهات، حيث يقول: "جواب أهل الباطل من طريقين: مجمل ومفصل
أما المجمل : فهو الأمر العظيم، والفائدة الكبيرة لمن عقلها ، وذلك قوله تعالى : " هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله "
وقد صح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : "إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله ، فاحذروهم "
مثال ذلك : إذا قال لك بعض المشركين: "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون"، وأن الشفاعة حق، وأن الأنبياء لهم جاه عند الله، أو ذكر كلاما للنبي – صلى الله عليه وسلم – يستدل به على شيء من باطله ، وأنت لا تفهم معنى الكلام الذي ذكره
فجاوبه بقولك: إن الله ذكر في كتابه أن الذين في قلوبهم زيغ يتركون المحكم ويتبعون المتشابه، وما ذكرته لك من أن الله تعالى ذكر أن المشركين يقرون بالربوبية ، وأن كفرهم بتعلقهم على الملائكة والأنبياء والأولياء ، مع قولهم : " هؤلاء شفعاؤنا عند الله " ،
هذا أمر محكم بيّن لا يقدر أحد أن يغير معناه ، وما ذكرت لي أيها المشرك من القرآن أو كلام النبي – صلى الله عليه وسلم – لا أعرف معناه ،
ولكن أقطع أن كلام الله لا يتناقض ، وأن كلام النبي – صلى الله عليه وسلم – لا يخالف كلام الله .
وهذا كلام جيد سديد ، ولكن لا يفهمه إلا من وفقه الله ، فلا تستهن به ، فإنه كما قال تعالى : " وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم " . " اهـ كلامه رحمه الله .
فهداني الله ساعتها إلى الجواب المجمل ، مع أني ما كنت ساعتها مطلعا على كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى -
فلما أتاني بكلام مجمل لا أعرف معناه، رجعت إلى المحكم الذي معي، وهو أن الله تعالى لا يشبهه شيء، وأنه تعالى لا يلحقه النقص من وجه من الوجوه، وأنه أعلم بنفسه من غيره، وأنه يجب علينا أن نسلم للآيات والأحاديث الصحيحة، فالله قد أثبت لنفسه العلو، والاستواء في آيات كثيرة جدا، ونفى عن نفسه مشابهة خلقه، فمن فهم من بعض الآيات ما يوهم التشبيه، أو النقص فالخطأ منه لا من الآيات
فأنا أثبت ما أثبتته الآيات، وأتوقف فيما لا أعلم
فلما قال لي ذلك الشيخ: "إثبات العلو يلزم منه إثبات التحيز، والجهة"
قلت له: أنا لا أعلم ما تقول، ولكني أقول كما قال الله تعالى: "الرحمن على العرش استوى"، ونحو ذلك من الآيات التي تدل على الاستواء والعلو .
فلما رآني قد جاوبته بهذا الجواب استغل الموقف، وجعل يستطرد في الكلام في صفات الله – عز وجل – بكلام لا أذكره الآن، وظهر أمام الناس أنه المنتصر، وأني قد انقطعت حجتي، مع أني أعلم أنه يعارض القرآن الكريم برأيه، لأنه فهم من آيات العلو التشبيه، فأولها، ولو لم يفهم التشبيه ما أولها .
ثم دخل في مسائل كثيرة لا أذكرها، حتى تكلم في مسألة الصفات هل هي عين الذات أم غيرها، فقال: "الحق أنها عين الذات"، قال لي: "وما تقول فيها؟"
قلت: "الله أعلم"
قال: "الحق أن الصفات عين الذات"
ثم تكلم بكلام لم أفهمه ساعتها، ولكني دريت فيما بعد أنه كان يقرر نفي الصفات بناء على تلك القاعدة، وأقطع أن العوام الذين كانوا في المجلس لم يكونوا يفهمون أكثر كلامه، لأنه ما كان يتكلم بالآيات والأحاديث، إنما كان يتكلم بكلام أكثره فلسفي، ويظهر بذلك أنه منتصر، وأنه العالم المحرر .
ثم خرجت من عنده وأنا مهزوم أمام الحاضرين – ولم يكونوا كثرا -، ولكنهم فرحوا بشيخهم، ورأوني مهزوما
ولذلك نهى العلماء عن مثل هذه المناظرات، ووضعوا لها شروطا خاصة، منها: أن يكون عالما بمذهبه، عالما بمذهب الخصم، واضح البيان، وأن تكون المناظرة عند إمام يلزم الطرفين بالقول الحق، ويشهره، وأن يكون هذا الإمام الحاكم عالما باللغة، مريدا للحق .
إلى غير ذلك من الشروط في المناظرة، التي تطلب من مظانها .
فمن أخل بمثل هذه الشروط فإنه قد ينتج من فعله شر أكثر من الذي يريد من الخير .
والله أعلم
ثم لما انفض ذلك المجلس أصاب قلبي ما لا يعلمه إلا الله من الحزن والغم، لأني شعرت أن القوم غير صادقين في طلب الحق
الله أعلم أكان ذلك حقا أم لا، لكن شعوري بذلك سبب لي انقباضا وحزنا في صدري .

ثم بحثت في بعض المسائل التي جرى النقاش فيها ،
ومنها مسألة : هل الصفات عين الذات أم غيرها ؟
فعلمت أن هذه المسألة أراد بها الإباضية أن ينفوا الصفات عن الله – عز وجل - ،
فقالوا : الصفات الواردة في الكتاب والسنة لا يراد بها أن ذات الله متصفة بها ،
ولكن المراد أنها عين الذات ، أي نفسها ،
فمعنى قولهم : الصفات عين الذات ، أي الصفات هي الذات ،
وعليه فقدرة الله – عز وجل – هي الله ، وسمع الله هو الله ، وعلمه هو نفسه ،
كل ذلك لا فرق بينه ،
ومرادهم بهذا نفي جميع الصفات عن الله – عز وجل - ،

يتبــــــــــــــــــــــــــــــع
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-11-2006, 04:46 PM   #10
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile

تابـــــــــــــــــــــــــــــــــــع


قال أبو مسلم البهلاني في كتابه نثار الجوهر (1/62)
[ ناقلا عن الخليلي أبي محمد سعيد بن خلفان ، ومقرا له ] :
" والأصل الذي ذهب إليه أصحابنا في هذا أن صفاته تعالى هي عين ذاته الأزلية ،
ولا ينكشف هذا إلا بتجريد الذات المقدسة عن الصفات بالكلية " اهـ المراد منه .

وهذا النص موجود في كتاب تمهيد قواعد الإيمان للخليلي نفسه في (1/195)
لكن سقط منه قوله : " هي عين ذاته الأزلية ،
ولا ينكشف هذا إلا بتجريد الذات المقدسة عن الصفات بالكلية " .

وفي تمهيد قواعد الإيمان (1/196) ما نصه :
" والحق الذي لا مرية فيه ما قاله أصحابنا من تجريد الصفات عن الذات المقدسة مع اتصافها بها ،
فقالوا : إنه يعلم بذاته ، ويقدر بنفسه ، وكذا في يسمع ، ويبصر ، ويقدر ،
ويشاء ، ويريد ، وغير هذا ،
فهو عالم بذاته ، وقدير بها ، وهكذا ،
وهو معنى قولهم في صفاته : إنها عين ذاته ،
فليس مرادهم به إلا سلب الصفات عن ذاته الكريمة مع اتصافها بها ،
بمعنى : أنه ليس ثم من صفة زائدة على ذاته المقدسة أبدا " اهـ كلامه ،
وقد نقله بنصه مقرا له أبو مسلم البهلاني في نثار الجوهر (1/63) .
وهذا الكلام – كما يرى القارئ الكريم – خطير جدا ، إذا معناه :
أن الله – عز وجل – ليست له صفة أزلية مطلقا ،
لا صفة القدرة ، ولا السمع ، ولا البصر ، ولا العلم ... الخ ،
إنما صفاته – جل وعلا – كلها وهمية اعتبارية ،
وقد نص على هذا الخليلي نفسه [ وهو طبعا غير المفتي ]
في كتابه آنف الذكر في (1/197) حيث يقول :
" لكن قولك : عليم بذاته فيه مزيد إيضاح ، وكشف للحقيقة ،
ودفع للأغاليط الوهمية من العقيدة الأشعرية في قولهم :
إنه تعالى يعلم بعلم ، ويقدر بقدرة ، وإثباتهم له صفات قديمة قائمة بذاته العظيمة ،
وبطلان هذا واضح بما سبق " . اهـ .

وأقول : بل كلامك هو الذي يتضح بطلانه بمجرد قراءته ،
فسبحان الله الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلى ،
لا كما يقوله المبطلون الذين يزعمون أنه ليست له صفات إطلاقا .

وأنقل هنا كلاما نفيسا لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -
في بيان عقيدة السلفيين أهل السنة والجماعة في هذه المسألة
حيث يقول – رحمه الله – [ الفتاوى (6/96) ] :
" فإنا لا نطلق على صفاته أنها غيره ، ولا أنها ليست غيره ،
على ما عليه أئمة السلف كالإمام أحمد بن حنبل وغيره " .

وقال – رحمه الله – في الجواب الصحيح (5/16) :
" وقد تنازع المثبتة : هل يقال : الصفات عين الذات ؟ ، أم يقال : ليست عين الذات ؟ ،
أم يقال : لا يقال هن غير الذات ولا يقال ليست غير الذات؟ ،
وتنازعوا في مسمى الغيرين : هل هما ما جاز مفارقة أحدهما الآخر مطلقا ؟ ،
أو ما جاز مفارقته بوجود أو زمان أو مكان ؟ ،
أو هما ما جاز العلم بأحدهما مع عدم العلم بالآخر ؟ ،
وغاية ذلك منازعات لفظية ، وكثير منهم فرق في الصفات اللازمة بين بعضها وبعض ،
فجعل بعضها زائدا على الذات ، وبعضها ليس بزائد على الذات ،
وكان الفرق بحسب ما يتصوره لا بحسب ما الأمر عليه في نفسه ،
فإذا أمكنهم تصور الذات بدون صفة قالوا : هذه زائدة ،
وإلا قالوا : ليست زائدة ،
وهذا يقتضي أنها زائدة على ما تصوروه هم من الذات
لا أنه في الخارج ذات مجردة عن تلك الصفة ، وصفة زائدة عليها ،
بل ليس إلا الذات المتصفة بتلك الصفات ،
ولكن يجب الفرق بين أن يقال : إن الصفات غير الذات ،
وبين أن يقال : إنها غير الله ، فإن اسم الله متناول لذاته المتصفة بصفاته ،
فإذا قال القائل : دعوت الله ، وعبدت الله ، فلم يدع ذاتا مجردة ، ولا صفات مجردة ،
بل دعا الذات المتصفة بصفاتها ، فاسمه تعالى يتناول ذلك ،
فليست صفاته خارجة عن مسمى اسمه ولا زائدة على ذلك ،
وإن قيل إنها زائدة على الذات المجردة ،
ومن ظن أنها زائدة على الذات المتصفة بصفاتها التي تدخل صفاتها في مسماها فقد غلط ،
ولكن الأذهان والألسنة تزلق في هذا الموضع كثيرا ،
فإذا قيل : الصفات مغايرة للذات ، لم يكن في هذا من المحذور ما في قولنا :
إن صفات الله غير الله ، فإن اسم الله يتناول صفاته ،
فإذا قيل : إنها غيره فُهم من ذلك أنها مباينة له ، وهذا باطل ،
ولهذا كان النفاة إذا ناظروا أئمة المسلمين
كما ناظروا الإمام حمد بن حنبل في محنته المشهورة
فقالوا له : " ما تقول في القرآن وكلام الله ؟ أهو الله أم غير الله ؟ "
عارضهم بالعلم
وقال لهم : " ما تقولون في علم الله ؟ أهو الله أم غير الله ؟ " ،
أجاب أيضا : " أن الرسل لم تنطق بواحد من الأمرين ،
فلا حجة لهم في كلام الله ورسوله ، فإن الله لم يقل لكلامه هو أنا ولا قال إنه غيري
حتى يقول القائل : إذا كان قد جعل كلامه غيره وسواه فقد أخبر أنه خالق لكل ما سواه " ،
فإن كان الاحتجاج بالسمع فلا حجة فيه ،
وإن كان الاحتجاج بالعقل فالمرجع في ذلك إلى المعاني لا إلى العبارات ،
فإن أراد المريد بقوله : هل كلامه وعلمه غيره أنه مباين له فليس هو غيرا له بهذا الاعتبار ،
وإن أراد بذلك أن نفس الكلام والعلم ليس هو العالم المتكلم فهو غير له بهذا الاعتبار ،
وإذا كان اللفظ مجملا لم يجز إطلاقه على الوجه الذي يُفهِم المعنى الفاسد ،
وأما الذين جعلوا الأعيان القائمة بأنفسها صفات
فهم هؤلاء المتفلسفة النفاة للصفات ومن أشبههم " اهـ كلامه – رحمه الله - .
وأنت ترى أن أهل السنة سلكوا في هذا مسلكا سليما واضحا ،
فإن قول الإباضية ومن وافقهم : " صفات الله – عز وجل – عين ذاته "
قول لم يرد في الكتاب ولا السنة ،
فأهل السنة يسلكون في هذا مسلك السلامة ، فيقولون :
نثبت لله ما أثبته لنفسه ، وننفي عنه ما نفاه عن نفسه ،
وما لم يرد في الكتاب والسنة نستفسر عن مراد قائله ،
فإن أراد حقا أثبتنا الحق ، وعبرنا عنه بالعبارة الشرعية ،
وإن أراد باطلا نفينا الباطل ،
وهذا قد سبق بيانه في هذه القصة في مسألة إثبات الحد لله – عز وجل –
ومسلك أهل السنة والجماعة في ذلك ، والله أعلم .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .