تعرف على البلدان العربية

[ابن حوران]

هناك قصة من تراثنا تقول : أن هناك امرأتان قد اختلفتا أمام قاضي ، على طفل ، كل واحدة تدعي أنه طفلها .. وبعد إصرار كل واحدة منهما ، ابتكر القاضي بفطنته حيلة ، فاقترح أن يقسم الطفل بينهما ، فوافقت المدعية الكاذبة على هذا الاقتراح ، في حين سارعت الأم الحقيقية الى التنازل عن الطفل للمدعية الكاذبة ..

لم نكن في يوم من الأيام أمة شوفينية تزهو بعرقها مع إسقاط حق الأبطال من القوميات الأخرى ، الذي قدموا تضحيات أساسية أسهمت في رفعة الأمة ، ولا زالت أدبياتنا تزخر بذكر بطولات طارق بن زياد ويوسف بن تاشفين و صلاح الدين و قطز والظاهر بيبرس و غيرهم الكثير ..

وقد تنازل العرب عن موقع الصدارة لصالح غيرهم ممن كانوا مؤهلين ، كما تنازلت الأم الحقيقية عن طفلها للمدعية حرصا على سلامة الابن .. وقد كان التنازل يطول لعقود وقرون طويلة ..

لكننا نرى اليوم صيحات داخل العراق و في أطراف مختلفة من مناطق الوطن العربي تستنكف من اتصالها بالعرق العربي ، وتوافق على تقسيم الابن في كل مكان ، لأنها دعية و غير حريصة على الهدف الأسمى .. وهنا نكون أمام مسألة تحتم علينا كمثقفين عرب أن نعيد النظر في تلك السخرية المقصودة من هؤلاء الأدعياء ، الذين لا يألوا جهدا في استغلال أي مشهد ، قد يكون فيه ثغرة من اختلاف ، للمس بالعلاقة الصميمية بين شرائح الأمة ..

وعندما نحاول تكييف خطابنا الثقافي بما يتلاءم مع أهواء هؤلاء فإننا نسلم إذاك ، بأنهم يتكلمون باسم مساحة عريضة من الإثنية التي ينتسبون إليها ، وهي مغالطة إضافية أخرى ، لأننا نستطيع أن نعيد وندرج آلاف الجادين من تلك الإثنيات الذين تبوءوا ، ولا زالوا يتبوءون مراكز قيادية في تصويب ما تذهب إليه جهود ترميم وضع الأمة ..

وأنا من الناس الذين ليس عندهم مانع من أن يصبح اسم أمتنا الأمة الأمازيغية أو الأمة الكردية أو الأمة السينية ، إذا كان تغيير الاسم سيحقق لها ما تصبو شريطة أن يكون هناك مسوغات أكثر عدلا في تغيير الاسم .. وبخلافه أرى أن الاعتراضات والاحتجاجات والسخرية و الغمز تلتقي عن قصد أو حسن نية مع أهداف الإمبريالية في تسمية المنطقة بالشرق الأوسط الكبير لزج الكيان الصهيوني في نسيجها ..