العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة فى مقال أنين الموتى ورعب القبور (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال المنقرض الأفتك (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: السحر فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال الشجرة الملعونة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال السرنمة (المشي اثناء النوم) (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في مقال الحيوانات تنطق وتتكلم حقيقة أم خيال؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال البحث عن الكنوز المفقودة .. ما بين العلم والسحر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: Poverty (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: خواطر حول مقال أغرب مسابقات ملكات الجمال (آخر رد :رضا البطاوى)      

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 25-01-2009, 07:05 AM   #18
محمد الحبشي
قـوس المـطر
 
الصورة الرمزية لـ محمد الحبشي
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
الإقامة: بعيدا عن هنا
المشاركات: 3,527
إفتراضي

على ربــا حطيــن



إن ما يصيب العضو الواحد في الأسرة العربية لا بد أن يصيب الأسرة بكاملها..وهذه معركة دمياط كانت معركة الأمة العربية كلها…وكان النصر فيها نصرا للأمة العربية بأسرها…

وهذه العظات كلها ليست نصائح أدبية مجردة، نجدها مسرودة في كتب الأخلاق والسياسة، ولكنها حقائق خالدة، ماثلة أمامنا، في ساحات الحرب وويلات الحصار، وحرائق المدن، وأكوام الجثث والضحايا، وهلاك الزرع والضرع… وكلها حلقات آخذ بعضها برقاب بعض… وما علينا إلا أن نسير مع التاريخ بعض خطوات، نرى الحقائق ناصعة ساطعة.

لقد سقطت أولا أنطاكية، وهي باب الوطن العربي، تخاذل عنها الملوك والرؤساء، فسقطت من بعدها ديار الشام، ثغرا بعد ثغر، وقلعة بعد قلعة.

ثم سقطت بيت المقدس، وتقاعس الخلفاء والأمراء، وتهاوت المناطق الأخرى في فلسطين من الناقورة شمالا حتى رفح جنوبا.

ثم زحف الإفرنج على مصر، من سيناء حتى الصعيد، في خمس حملات تهدد أمن مصر وسلامتها، بل تهدد وجودها .

وهنا أخذ الفلك يدور دورته، وأخذت الصورة تتبدل، وبدأت الهزيمة تنحسر شيئا فشيئا، أمام النصر يتقدم رويدا رويدا…وجاءت المعركة الفاصلة في دمياط لتوقع بالإفرنج هزيمة ساحقة ماحقة.

ودخل صلاح الدين الأيوبي إلى القاهرة دخول الفاتحين، في استقبال شعبي رائع، وتجاوبت نداءات التهليل والتكبير من على المآذن، مع زغاريد النساء وصيحات الرجال والأطفال في الشوارع، فكانت حفاوة بالغة صادقة، هو جدير بها، وهي جديرة به….. وحاشا الله أن يكون لها شبيه في احتفالات هذه الأيام التي يقيمها ملوكنا ورؤساؤنا لأنفسهم "احتفاء" بهزائمهم المتعاقبة، الواحدة بعد الأخرى!!

وصلاح الدين كان يعيش مع هذه الاحتفالات بجسده وخياله، فقد كانت روحه محلقة في سماء بيت المقدس، وكانت جوارحه في رحاب المسجد الأقصى تتطلع إلى يوم التحرير.

وعلى الطرف الآخر من مصر، عبر سيناء، كان الإفرنج يساورهم الخوف على مصير بيت المقدس بعد معركة دمياط.

وكان الإفرنج على حق في مخاوفهم…فقد كان تقدير الموقف العسكري، في تعبير هذه الأيام، يزيدهم خوفا، فقد أصبح صلاح الدين الأيوبي، هذا الكردي المسلم، القادم من قلعة تكريت في العراق، سيد مصر والشام واصبح الإفرنج بين فكي الكماشة , كما هي إسرائيل اليوم، ولكن مع أقزام صلاح الدين، هذا إذا أفلحوا أن يكونوا أقزامه أو خدامه!!

ولا يحسبن المواطن العربي أني أتكلم اليوم عن مخاوف الإفرنج استنتاجا أو خيالا، وقد مضى على تلك الأحداث ثمانية قرون، فذلك هو التاريخ الذي لا يكذب ولا يخون .

ولو كان عند المواطن العربي بعض الصبر ليقلب صفحات التاريخ العربي والإفرنجي عن تلك الحقبة لوضحت أمامه الحقائق جلية ناصعة.

فهذا ابن الأثير يقول عن إفرنج فلسطين "كان إفرنج الساحل لما ملك صلاح الدين مصر قد خافوا وأيقنوا بالهلاك…وأنهم خائفون على بيت المقدس " وواضح من هذا الكلام من الإفرنج كانوا يرتعدون خوفا من الوحدة بين مصر والشام.

وهذا ابن واصل، يقول في عبارة مماثلة حاسمة "ولما ملك صلاح الدين الديار المصرية… أيقن الإفرنج الهلاك"…هلاك الإفرنج المحتوم، من الوحدة بين مصر والشام.

وكما تفعل إسرائيل عند كل الأزمات حين تستنصر بالقوى الصهيونية والاستعمارية العالمية، فإن الإفرنج في بلاد الشام راحوا يستصرخون ملوك ألمانيا وفرنسا وصقلية والأندلس…وهذه أيضا حقائق تاريخية…

يقول أبن الأثير أن إفرنج الشام" كاتبوا الفرنج الذين بالأندلس وصقلية وغيرهما يستمدونهم ويعرفونهم ما تجدد من ملك مصر (صلاح الدين) وأنهم خائفون على البيت المقدس" .

ويقول ابن واصل في نفس الموضوع "أنهم كاتبوا فرنج صقلية واستمدوهم واستنصروهم".
وقد عَّبر عن هذه المخاوف نفسها، وليم الصوري، الذي كان مؤرخ حملات الإفرنج، والمقاتل في صفوفها، وتولى رئاسة أسقفية مدينة صور بعد ذلك في سنة 1175

ولم يكد صلاح الدين يستجم من معركة دمياط ويستحم من غبارها، حتى أخذ يستعد لمنازلة الإفرنج في فلسطين. ولم يكن التصدي للإفرنج سهلا، فقد استقرت أحوالهم في البلاد، وبنوا القلاع والحصون، وقامت علاقات تجارية بينهم وبين مواطنيهم الأول في أوروبا، فضلا عن الأساطيل البحرية تمدهم باالحجاج والمقاتلين في كل عام، ناهيك أن الجيل الثاني والثالث من أبناء الغزاة الأوائل قد نشأوا في البلاد. وصاروا أكثر معرفة بمواقعها، وأكثر قدرة للدفاع عنها…وفي جميع هذه الظواهر تتشابه إسرائيل والفرنج.

وبعد ضم مصر إلى الوحدة حدثت بعض الحركات الإنفصالية من اليمن والسودان لكن صلاح الدين قمع هذه الثورات وأعاد هذين القطرين من جديد إلى سائر الجسد .. وقام بببناء أول نواة لأسطول بحرى قوى فى البحر الأحمر ليؤمن الحجاز من غدر الصليبين وقد كانت هذه الخطوة إثر محاولة السفاح أرنولد دى شاتيو الشهير بأرناط إقتحام مكة والمدينة ..

قصة مختلفة كان لها بطل جديد .. هنــــا (صفحات من تاريخنا المضىء)

ولكن هذه الصورة المشرقة للوحدة العربية، وهي التي كان يرى فيها صلاح الدين طريقه إلى تحرير بيت المقدس انتكست أمام قضاء وقدر، لا سبيل إلى رده… وذلك أن البطل المجاهد نور الدين قد توفي في دمشق- أيار 1174-حين اكتملت هذه الانتصارات الوحدوية.

وتواترت الأنباء على القاهرة أن ورثة نور الدين وولاته، قد استقل كل منهم في إقليمه، وعاد الانفصال من جديد…. إمارة في كل مكان…. وأمراء متحاسدون ، وراء القلاع والحصون !!

ووقع على صلاح الدين العبء الأكبر أن يناضل في جبهتين …أن يكافح الانفصال، وأن يقاتل الإفرنج.
وعزم صلاح الدين على أن "يزحف" على ديار الشام ليخوض غمرات هاتين المعركتين الضارتين…وكان مشهدا رهيبا مهيبا ذلك اليوم خرج فيه أعيان البلاد من القاهرة ليودعوه، ويودعه الشعراء بقصائدهم…وكان مما أنشده بيت من الشعر العربي القديم …

تمتــع مـن شـمم عـرار نـجد
فمــا بعـد العشيـة مـن عـرار


وكان هذا البيت وداعا حقا، فلم يعد صلاح الدين إلى القاهرة، فإنه، كما يقول المؤرخ العربي "اشتغل بفتح الساحل وقتال الإفرنج" .

وترك عنه نائبا فى القاهرة "بهاء الدين قراقوش" .. وقراقوش هو لفظ تركي معناه بالعربي العُقاب ..
هذا الذى ظلمه التاريخ حيا وميتا .. لكن التاريخ يذكر عنه بأنه أعاد للقاهرة رونقها وأحسن تدبير أحوالها عليه. وكان حسن المقاصد ، جميل النية ، وصاحب همة عالية، فآثاره تدل على ذلك، فهو الذى بنى السور المحيط بالقاهرة، ومصر ومابينهما، وبنى قلعة الجبل، وبنى القناطر التي بالجيزة على طريق الأهرام .
__________________

محمد الحبشي غير متصل   الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .