عضو شرف
تاريخ التّسجيل: May 2001
الإقامة: وأينما ذُكر اسم الله في بلدٍ عدَدْتُ أرجاءه من لُبِّ أوطاني
المشاركات: 6,363
|
طريقة إجراء الانتخابات الأمريكية !
يلوح في الأفق انقسام بين تيارات الناخبين الأمريكيين وغير مستبعد أن تتكرر واقعة فلوريدا قبل أربع سنوات، وهنا يتبادر للذهن كيفية عمل الهيئة الناخبة، وكيفية اختيار رئيس للولايات المتحدة الأمريكية في حال التعادل، إضافة إلى طبيعة الناخب الأمريكي نفسه، وهو ما يجيب عنه التقرير التالي حول كل ما يحتاج الشخص لمعرفته حول نظام الانتخابات الأمريكية.
فقبل وقت قصير جدا من الانتخابات, لا يزال المرشحان الجمهوري جورج بوش والديموقراطي جون كيري يتساويان في النقاط بالنسبة الى نوايا التصويت في استطلاعات الرأي, الامر الذي يعكس انقسام البلاد بالتساوي بين الاثنين.
وقد توسعت الهوة بين الجمهوريين (الذين يمثلهم اللون الاحمر) والديموقراطيين (الذين يمثلهم اللون الازرق) خلال العقود الاخيرة. واضطرت المحكمة الاميركية العليا الى التدخل في انتخابات 2000 الرئاسية لتحديد الفائز.
ويقول الخبير كارول دوهيرتي, المسؤول في مركز "بيو ريسيرتش" لاستطلاعات الرأي, ان النقاش حول الامن القومي الذي تسببت به اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول 2001 وحرب العراق, زاد الهوة بين اميركا الحمراء واميركا الزرقاء.
وقال دوهيرتي لوكالة فرانس برس "لم يكن الشرخ بهذا الوضوح منذ ان بدأنا قبل ستة عشر عاما نجري استطلاعات للرأي بين الاميركيين حول قيمهم الاساسية, وقد اصبح واضحا جدا في معظم الملفات المهمة".
وتظهر استطلاعات الرأي انقسام الجمهور الاميركي الى تيارين يختلف احداها عن الاخر. فبينما يعتبر اكثر من ثلاثة ديموقراطيين من اصل اربعة ان الحرب على العراق كانت خطأ, يرى ذلك 12% فقط من الجمهوريين. في المقابل, يملك الجمهوريون رؤية اكثر تفاؤلا للوضع الاقتصادي من الديموقراطيين.
وتنتشر اميركا الجمهورية جغرافيا في الجزء الاكبر من البلاد, من ايداهو الى يوتا واريزونا في الغرب, حتى جزء من ولايات المنطقة الشرقية. فيما يسيطر الديموقراطيون على ولايات ساحل المحيط الهادىء (كاليفورنيا واوريغون وواشنطن) وبعض الجيوب الكبيرة في الشمال الصناعي واجمالا في المدن الكبرى.
وينتشر انصار بوش في المدن الكبرى والارياف, وهم غالبا رجال ومن البيض ومتزوجون ومجاهرون بالتزامهم الديني. كما ان لبوش شعبية بين الملايين من هواة سباق السيارات والمستثمرين والعسكريين. ويجذب الديموقراطيون من جهتهم اكثر, النساء والاقليات والطبقات العاملة والعازبين والشباب والمثقفين وسكان المدن. وبالكاد شارك اكثر من نصف عدد الناخبين الاميركيين البالغ عددهم 205,8 مليون في الانتخابات الاميركية الاخيرة التي اظهرت بقوة حدة انقسام البلاد بين كتلتين متساويتين عمليا. فقد حصل المرشح الديموقراطي آل غور في حينه على غالبية التصويت الشعبي, متقدما نصف نقطة على جورج بوش, الا ان هذا الاخير فاز باصوات كبار الناخبين (271 مقابل 266). وبلغت نسبة الفارق في الاصوات في 12 من خمسين ولاية في البلاد اقل من 5%, واقل من 1% في خمس ولايات بينها فلوريدا.
ورغم ان المشهد السياسي الاميركي بدأ بالتغير ابتداء من نهاية الحرب العالمية الثانية, الا ان الهوة لم تتسع فعلا الا في بداية الثمانينات مع الحملة المحافظة التي بدأها الرئيس الاميركي آنذاك رونالد ريغن. واعتبارا من الولاية الاولى للرئيس السابق بيل كلينتون, اصبحت الولايات المتحدة متنازعة بين قطبين اثنين بوضوح.
واذا كان الجمهوريون والديموقراطيون ينشطون حتى الآن على ارض يعرفونها, فان المتحدرين من اميركا اللاتينية والذين اصبح عددهم اربعين مليونا, يمكن ان يحدثوا تغييرا نوعيا جديدا في المشهد السياسي. فقد كان عددهم ستة ملايين ناخب في العام 2000 وسيكون سبعة ملايين في العام 2004 ويمكن لاصواتهم ان تلعب دورا حاسما في ولايات مثل فلوريدا ونيومكسيكو ونيفادا وكولورادو.
وفي الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر, سيصوت الاميركيون لانتخاب رئيسهم المقبل, انما كذلك من اجل تجديد مجمل مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 435 وثلث مقاعد مجلس الشيوخ البالغ عددها مئة وانتخاب احد عشر من حكام الولايات والادلاء بآرائهم في اكثر من 150 استفتاء على مستوى الولايات.
كما سيتم انتخاب عدد كبير من المجالس المحلية والقضاة والمدعين العامين واشخاص لمناصب الشريف (مشرفون على تطبيق القانون في بعض لمقاطعات الاميركية). على المستوى الفدرالي, يرى الجمهوريون ان لديهم حظوظا كبيرة في الاحتفاظ بالغالبية في مجلسي الكونغرس, مجلس النواب ومجلس الشيوخ. وسيتم تجديد 34 مقعدا في مجلس الشيوخ يشغل الديموقراطيون حاليا 19 منها.
وينقسم مجلس الشيوخ حاليا بين 51 جمهوريا و48 ديموقراطيا ومستقل واحد.
واذا اراد الديموقراطيون ان يفوزوا بالاكثرية في مجلس النواب, عليهم ان يفوزوا ب12 مقعدا اضافيا, وهي مهمة صعبة جدا, لا سيما ان نسبة اعادة انتخاب النواب المنتهية ولايتهم تبلغ اجمالا 95%, بحسب معهد "كوك بوليتيكال ريبورت". وامتنع 34 نائبا فقط عن الترشح مجددا هذه السنة.
وهناك ستة من مناصب حكام الولايات الاحد عشر التي يفترض تجديدها, حاليا, بين ايدي الديموقراطيين. ويأمل الجمهوريون بالفوز في ولايتي اينديانا وميسوري بينما يسعى الديموقراطيون الى الفوز في ولايتي مونتانا ويوتا. وهناك حاليا 28 حاكما جمهوريا في مقابل 22 ديموقراطيا.
كما سيجرى 157 استفتاء في 32 ولاية, بينها ستة عشر في ولاية كاليفورنيا وحدها التي تعتبر "بطلة" الديموقراطية المحلية, بحسب احصاء وضعه معهد المبادرة والاستفتاءات (آي آر آي). وتتناول الاستفتاءات المحلية مسائل مختلفة, من الضرائب الى زواج مثليي الجنس, مرورا بالعاب القمار وتشريع تعاطي الماريجوانا.
من جهة أخرى، سيتم اختيار الرئيس الاميركي الجديد رسميا في 13 ديسمبر/كانون الأول على يد هيئة ناخبة مؤلفة من 538 من كبار الناخبين الذين انتخبهم بدورهم ناخبو كل الولايات الاميركية والعاصمة الفدرالية واشنطن في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني, الموعد المحدد للانتخابات الاميركية, عبر نظام الاقتراع باللوائح. ولدى كل ولاية, بما فيها واشنطن, ثلاثة من كبار الناخبين على الاقل. ولدى الولايات الاكثر كثافة في عدد السكان عدد من كبار الناخبين يوازي وزنهم الديموغرافي في البلاد. وتتم مراجعة هذا التوزيع كل عشر سنوات من اجل اخذ النمو السكاني بالاعتبار.
وعلى المرشح الى الرئاسة الاميركية الحصول على اصوات 270 ناخبا كبيرا للفوز. ومن الولايات التي تتمتع بعدد كبير من كبار الناخبين, كاليفورنيا (55) وهي موالية للديموقراطيين اجمالا, وتكساس (34) الجمهورية اجمالا, ونيويورك (31) الديموقراطية, وفلوريدا (27) التي يشتد فيها التنافس بين الحزبين.
وتعكس الهيئة الناخبة من حيث المبدأ التصويت الشعبي من دون ان يكون ذلك صحيحا دائما. ففي 48 ولاية من اصل خمسين, يحصل المرشح الذي يصل في الطليعة في عدد اصوات الناخبين, على كل مقاعد الناخبين الكبار الخاصة بالولاية.
وتشذ ولاية نبراسكا (خمسة مقاعد) وماين (اربعة مقاعد) عن هذه القاعدة, اذ يتم توزيع بعض مقاعد كبار الناخبين, على الدوائر الانتخابية, والباقي بالنظام النسبي. وسيقرر سكان كولورادو في استفتاء مطروح عليهم في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني ما اذا كانوا سيوزعون مقاعد كبار ناخبيهم البالغ عددها تسعة بطريقة نسبية ام سيعطونها للمرشح الرئاسي الذي يحصل على الغالبية.
ويتعهد الناخبون الكبار وهم بشكل عام ناشطون في الاحزاب السياسية التصويت لمرشح معين وهم ملزمون بذلك قانونا في عدد كبير من الولايات, الا ان هناك 21 ولاية اميركية لا توجد فيها قوانين ترغمهم على ذلك.
ويجتمع كبار الناخبين في عاصمة كل ولاية في 13 ديسمبر/كانون الأول وينقلون تصويتهم في مغلفات مختومة الى الكونغرس في واشنطن حيث سيتم فرزها رسميا في السادس من يناير/كانون الثاني.
ويدفع هذا النظام المرشحين الى البيت الابيض على تركيز حملاتهم الانتخابية في الولايات التي شهدت غالبية بسيطة في الانتخابات السابقة, على امل جذب كل كبار ناخبي هذه الولايات اليهم. ويقول المحلل السياسي توماس مان في هذا الاطار ان "60% من الناخبين المحتملين غير معنيين في الحملة الرئاسية, لانه لا يتم اخذهم بالاعتبار".
وشهد تاريخ الولايات المتحدة اربع حالات اختار فيها الناخبون الكبار رئيسا لم يفز في التصويت الشعبي في الاعوام 1824 و1876 و1888 و2000 لدى فوز الرئيس الاميركي جورج بوش على منافسه الديموقراطي آنذاك آل غور. ولا يشارك مواطنو الاراضي الاميركية الخارجية التي لا تشكل ولايات (بورتو ريكو وغوام والجزر العذراء وساموا) في الانتخابات الرئاسية.
و منذ العام 1845, لا تزال الانتخابات الرئاسية الاميركية تجري يوم الثلاثاء بعد اول اثنين من شهر تشرين الثاني/نوفمبر, بموجب قرار من الكونغرس اتخذ في منتصف القرن التاسع عشر استنادا الى اعتبارات اقتصادية ودينية.
واخذ هذا القرار الذي حدد موعدا واحدا للانتخابات في كل انحاء الولايات المتحدة, في الاعتبار نمط عمل المزارعين انذاك. وكان المجتمع الاميركي مجتمعا زراعيا في جزء كبير منه.
وذكر المؤرخ السياسي بروس ويتيرو ان النواب كانوا يعتقدون ان في امكان المزارعين بعد موسم الحصاد الادلاء باصواتهم بسهولة اكبر. وبالتالي كان المقصود تجنب فصلي العمل الزراعي الكثيف في الربيع او الصيف, وكذلك تجنب فصل الشتاء, فصل الثلج والبرد, الذي كانت تزداد فيه صعوبة التنقلات والمواصلات.
واختيار هذا اليوم من الاسبوع له اسبابه ايضا: فقد تم استبعاد يومي الاثنين والجمعة كونهما اول واخر ايام الاسبوع, وبالتالي كان يمكن لطول المسافات حتى مراكز الاقتراع ان تؤثر على عطلة نهاية الاسبوع. اما السبت فهو يوم التسوق والرياضة, والاحد يوم الراحة والنشاطات الدينية, فيما الخميس هو يوم الانتخابات في بريطانيا. وبين الاربعاء والثلاثاء, تم اختيار الثلاثاء. لكن لم يكن من المستحسن ان يكون الثلاثاء في اول ايام الشهر لكي لا يتضارب مع موعد اقفال حسابات المحلات التجارية, ولكي لا يصادف مع عيد جميع القديسين لدى الطوائف الكاثوليكية والانغليكانية الذي يحتفل به في الاول من تشرين الثاني/نوفمبر.
وبناء على هذه المعطيات, حدد الكونغرس الانتخابات يوم الثلاثاء الذي يلي اول اثنين من شهر تشرين الثاني/نوفمبر, ويتم احترام هذا الاجراء تقليديا منذ ذلك الحين. وقبل عام 1845, كانت الانتخابات تنظم في اول اسبوع من شهر كانون الاول/ديسمبر وتتراوح الايام بين 1 و7 منه على ان تختار كل ولاية اليوم الذي يناسبها.
ويطرح النظام الانتخابي غير المباشر المعتمد في الانتخابات الرئاسية الاميركية, مقرونا بالتنافس الحاد الذي يشهده السباق الى البيت الابيض هذه السنة, احتمال عدم خروج الانتخابات بفائز في تشرين الثاني/نوفمبر, ما سيجعل النتيجة تنتظر حتى السنة المقبلة للصدور. ويبلغ عدد كبار الناخبين المؤلف من ممثلين منتخبين في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر في كل ولاية اميركية وفي العاصمة الفدرالية واشنطن, 538 ناخبا. وهذا يعني احتمال حصول تعادل كامل في عدد اصوات كبار الناخبين بين المرشحين الرئاسيين, الامر الذي سيشكل سابقة تترك الباب مفتوحا امام احتمال تولي وزير الخارجية كوندولزا رايس او وزير الدفاع روبيرت غيتس... الرئاسة.
|