هالتنا وأفزعتنا لا بل أغضبتنا النهاية المأساوية لسيدة مسلمة عظيمة هي بانظير بوتو فقد مثلت بالنسبة لنا نحن النساء المسلمات النموذج الذي كنا نرجو أن يتكرر ويتجذر مع الأيام. فقد عملت على رسم الخطوط العريضة للنموذج المشرق للمرأة المسلمة التي شوهها الإعلام الغربي وشوهتها بعض العادات والمفاهيم البالية.
قد لا نتفق مع أسلوبها وتحالفاتها وإتجاهاتها السياسية، ولكنها بصورة عامة مثلت صورة ناصعة للمرأة المسلمة الواثقة بقدراتها والشجاعة، رغم التهديد الذي كانت متأكدة أنه محدق بها. لقد مثلت السيدة بوتو المرأة الذكية المثقفة والمحنكة المكافحة من أجل مبادئها وتطلعاتها، ذات الشخصية القوية المؤثرة على الجماهير للوصول إلى سدة الحكم كرئيسة للوزراء في بلد مسلم لأول مرة في تاريخنا الحديث.
من قتل المرأة الحديدية العظيمة؟ سؤال كبير، فبالرغم من التصريحات المتضاربة عن كيفية وفاتها ومن كان وراء ذلك، فأصابع الإتهام موجهة إلى كل الجهات، القاعدة والعسكر والغرب وغيرهم. لا أظن أن الأيام القريبة وحتى البعيدة قادرة على الإجابة عليه، حيث أن استغلال إي حاقد أو ناقم يمكن أن يتم من قبل كل الجهات لإيقاع المأساة.
ما هو مهم أننا فقدنا إنسانة مسلمة عظيمة كان من الممكن أن تكون نموذجاَ لنساء أخريات يصلن إلى سدة الحكم، ومع تكرار التجربة وتجذر الديمقراطية في دولنا الإسلامية يمكن في المستقبل القريب أن يتخلص هذا النموذج القيادي للمرأة المسلمة من أية سلبيات ليرسم لنا صورة المرأة المسلمة التي نريد وليس ما يريده الغرب لنا بعيداَ عن ثقافتنا وقيمنا ومبادئنا.
من قتل بوتو؟ هم الراغبون في إبقاء المرأة المسلمة رهينة الأمية والجهل والتخلف والإضطهاد، ومن لا يرغب في ظهورها في صورة مشرقة لإمرأة شوهها الإعلام الغربي كإمرأة مقهورة وجاهلة تعاني من كل أشكال الإقصاء والعنف والإضطهاد، لتبقى هي الصورة النمطية في عقول العالم ممثلة لنصف المجتمع المسلم الذي يعتنق ديناَ ما سبقته شريعة وقيم كرمت المرأة مثله. هذه الصورة التي غذيناها بجهلنا وبسطوة المفهوم الذكوري في مجتمعاتنا وجعلنا من المرأة مخلوقا نستلذ بتعذيبه. هم الخائفون من النموذج الذي بدأت ترسمه بوتو وعملوا على وأده قبل أن يكبر ويتجذر. الراغبون في أن نفقد الثقة بأنفسنا وبقدراتنا كنساء قياديات قادرات على المساهمة بفعالية في إدارة بلادنا نحو التقدم والازدهار. ونحن لا نعدم كل يوم أن نرى بين ظهرانينا من يرغب ويسعى لتجذير الصورة الدونية المذلة للمرأة في مجتمعاتنا المسلمة.
رحم الله هذه المرأة العظيمة
صحيفة الراي الاردنية
د. هيام عمر كلمات
نهاية امرأة عظيمة
النمط المتطور