العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الرد على مقال هل سورة يوسف من القرآن؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: التسنيم فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الخزى فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: اللعب فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: فرسة و خيّال (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: الصرف في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الرد على مقولات الباحث عن الحقيقة المنسية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الفروج في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الكرم في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: أشراط الساعة (آخر رد :رضا البطاوى)      

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 22-03-2008, 11:48 PM   #2
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

[FRAME="8 70"]^
بقية الحديث !!

●● هـناك أركان خمـسة لابـد من وجـودهـا لدى الأديـب ليـجوز أن يسمى مبدعاً ، و هي على التوالي العكسي : اللغة و الموهبة و المعاناة و الحس و شيء آخر سماوي ، و هذا الأخير لا يكون لازماً لكل أديب إلاّ للشاعر ، و لا لكل شاعر إلاّ المطبوع منهم ..
هذه الخمسة هي العناصر الحقيقية للبيئة المثلى التي تنمو فيها بذرة الإبداع ، أما الماء و الخضراء و الوجه الحسن ، فهي في الأغلب الأعم مسألة ( فانتازيا ) ...
و الشاعر إذا توفرت له الرفاهية سُـدّت لديه منافذ الروح .
و الشاعر لا بد أن يبقى دائماً تحت أصابع الأقدار تدغدغه ، و كأن عمره جملة موسيقية في فكر مؤلفها ، فكل ضغطة من كل إصبع تضيف نغمةً لها جَرْس مختلف ، و هكذا .. ثم لا تنتهي المعزوفة أو لا تكاد ! ...
و الشاعر في دنياه ، كالمؤمن في الجنة لا يجوع فيها و لا يعرى ، و في دنيا الناس كالكافر في النار لا يموت فيها و لا يحيا ، و هو يعيش النقيضين في الـوقت الواحد ، و إنما اختلف عن غيره من الناس لأن الناس أرضيّون بالكليّة ، أما هو فسماوي بقدر مّا .. بقدر ما فيه من شاعرية !
و الشاعر يا ابنتي ، إذا تمت له شاعريته لم يعد محميّـاً من أي أنواع المآسي ، فليس عجباً أن تكون صورته معفرة بألوان من الغبرة ولو بعدد ألوان الطيف .

و الشاعر الجدُّ " مثلي " قـد تكون له ** ضـرورةً نُــوَبُ الأيام ، و الـفُـجَـعُ

كالنـار ، يعـتدُّهـا من أجل صنعـتـِه ** _ و إن تضرر منها _ الصيقلُ الصَّـنَعُ !

و الشاعر فراشة أحلى ما يحلو في عينها النار ، ثم لا تكتفي أن تحوِّم حولها حتى تقذف بنفسها فيها !
و الشاعر يا ابنتي ... الشاعر يا ابنتـي ...
لكن .. يا لـغــفلتـي : كيـف سـمحـت لنفـسي أن أحـدثـك عن الشـاعـر و ظروفه و عناءاته و البيئة الأفضل للإبداع ، و أنت شاعرة !!!


كان الشعر يـبـني مـفـاخر و أمجاداً و يهدم بيوتاً و مجتمعات ، رفع سلولاً و بني أنـف النـاقـة ، و وضـع بجيـلـة و نميراً و عامـلة .. و حتى عهد قريبٍ و الشعر له أثر قوي _ سلباً و إيجاباً _ في أوساطنا العربية ، تُرى : ما هو دور الشعر في حياتنا الآن ، و هل لازال للكلمة تأثيرها ؟؟

●● كان العربي في الماضي يحرص على الفضيلة حرصه على الحياة ، لا بل أشد ، و كان أنفَسُ الأمجاد أغلاها تكلفة ، فلا أهون من حياة أحدهم يقدمها ثمن مكرمةٍ يضيفها إلى مفاخر قومه لتزيد في بناء المكارم مدماكاً .. و لا أشَقَّ عليه من هنةٍ تعرض له ، يعجز عن درئها بنفسه أو ماله أو ولده ، فتترك في شرفه ثلمة !
أما اليوم فقد تعطلت مفاهيم القيم و هبط منسوب الأخلاق ، و أصبحت العروبة تعيش حالة من الهدم ، و هذا الهدم لم يقتصر مخططه على كياننا المادي فحسب ، بل لابد أن واضعيه أدركوا أن مقومات وجودنا المادية كلها لواحق لشيئين ( معنويين ) هما اللغة والدين ، فبقدر ما يمكنهم النيل من لغتنا و ديننا فــالعـنــاصر المــادية الأخـــرى من سياسة و اقتصاد وغيره ستكون تبعاً لذلك ، طبعاً .. لأن مشقة و تكلفة هدم أي بناء ، يختصرها هدم قواعده ، و دين أمتنا ولغتها هما قاعدتا وجودها بالضرورة .
و لن أكلفكِ ألم الخيـبة جرّاء نظرةٍ بسيطة يلقيها المرء على مصيبتنا في ديننا ، و لكن في مجال اللغة أقـول : هناك مجرمون كبار مدفوعون من جهات بعيدة ، أبطلوا دور الشعر في حياتنا وأفقدوا الكلمة تأثيرها ، إنهم بدعوى التجديد و التطوير و مواكبة التقدم ، عمدوا إلى قتل الجينات الوراثية في الأدب و الشعر وكل الموروث الثقافي العربي ، ثم إلى تعويضها بغيرها من جنس آخر غريب عنها ، مما أدى في النتيجة إلى استيلاد مخلوق مشوه ، تنطبق عليه صفة الخَرْق أكثر من صفة الخَلْق ، و قد قلد هؤلاء كثيرٌ من الهمج الذين يتبعون كل ناعق ، و معلوم أن أخطر الفيروسات أسرعها انتقالاً بالعدوى ، و معلوم أيضاً أن أكثر المجتمعات احتضاناً للأمراض أقلها تحصناً .
و بالتالي فحين ستُكتشف المؤامرة سيكون المولود قد دَبَّ و درج بيننا على صورة من الشذوذ و المسخ ، و نجح من زيّن الفكرة لأوباشنا و أعدّ لها ما استطاع من قوة عبر القرون .
و اعلمي يا سيدتي أن لكل شيء قيمـة واحــدة إلا الكلمة ، فإن لها دائمـاً قيمـتان ، قيمة معناها و قيمة أثرها .
فإذ لا قيمة للشعر اليوم في حياتنا ، فلأن الكلمة و حياتنا معاً فقدتا معناهما ، و الأشياء إذا فقدت معناها فقدت خاصية التأثير و التأثر .
قيسي درجـة السمو الخلقي عندنا ، تـظـهـرْ لك مسافةُ ما بين كثير من أدبـائـنا و بين الأدب ، و ما بين كثير من شعرائنا و بين الشعر ، أعني منهم الذين اتخذوا من الغربيين أرباباً آلهةً يتعبدونهم بالتبعية لهم :

المـنـتمـين لـ " كونداليزا " عن مَـعَـدٍّ .. أو نـزار
الصـاعـدين مـن انحـدار ٍ .. لانحـدار ٍ .. لانحـدار ِ
المكثرين النقّ في المستنقعات وفي المجاري
قــومٌ أضاعوا مجدهم ، و أتـوْا بمجـدٍ مـسـتعار
صعبٌ على صدئ الحديد يصوغ مجداً من نُضار!!!

فكيف للشعر أن يكون له دور في حياة أمةٍ تخلت هي عن دورها في الحياة ؟!
و كيف يبقى للكلمة تأثيرها إذا تحولت في فم قائلها ، إلى نوع من الهذيان الذي لا تُستخلص منه جملة مفيدة ؟!
حضرتُ يوماً أمسيةً شعرية في مدينة كبرى ، جذبتني إليها الدعاية القوية ، و بريق الأسماء و بهرجها الزائف ، و حين سئلت عن رأيي فيما قدم هؤلاء الشعراء ( المبدعون ) أجبت بهذين البيتين :

رجــلٌ يـعــوي .. و كلـبٌ نـاهـــقٌ ** و حـمـارٌ مـرهـفُ الـحـسِّ يـَمـــوء

حـاولـوا عكس سجـاياهمْ ، فقل** : سوءُ تقليد ٍ ، و قل : تقليدُ سوء

هؤلاء هم لغويونا المفترضون ، بل هم أعلى منزلة لأن اللغويين كانوا يأخذون عنهم شواهد اللغة .
و مثَل أمتنا و ما يراد بها ، كمثل ذلك الأسد الذي كان يعيش في حرش مجاور لبعض قرى البادية ، فذهب أهل القرية يحتالون له حتى تمكنوا من صيده حيّــاً ، فجاءوا به و ربطوه إلى زاوية في الحظيرة مع الغنم ، بحيث لا يتمكن من أذاهــا و لا تتمكن هي من الفرار منه ، أياماً ثم أسابيع و شهوراً من الجوع و القهر و الذل ، و فوجئ القوم ذات يوم بأن الأسد يثغـو مثل نعاج الزريبة ، لقد نسي زئيره أو تركه حين لم تعد به إليه حاجة ، و أصبح ينافق الحياة بتقليد أصوات ما حوله من الأغنام !!


● أنت قلت أن الحالة الشعرية تباغت الشاعر بلا موعد ، و أنا أقول إن الأحداث أيضاً كذلك : ماذا عن ملكة الإرتجال لديك ، و هل هي خصوصية عند بعض الشعراء أم كلهم ، و هل من حدثٍ تسميه لنا فاضَ فيه قلمك فكتب قصيدة ؟

●● نعم .. الأصل في الشعر هو الإرتجال و ليـس الكتـابة و التـفـكـير و تدخين سيجارتين على البيت الواحد ، و لا يعد شاعراً من لا يملك القدرة على ارتجال الشعر ، و الإرتجال يُعنى به حضور البديهة ، و هذه من ألصق صفات الشاعر به ، و متى كان الشخص شاعراً كان بالضرورة الحتمية ذا بداهة و مرتجـِلاً ، و المواقف التي اقتضتني أن أرتجل فيها شعراً كثيرة جداً ، أذكر أحدها على سبيل الطرفة :
في دمشق منذ ثلاث سنوات شاركت في أمسية شعرية مع عدد من الزملاء أعضاء اتحاد الكتّاب ، وحين جاء دوري في الإلقاء قدّمني عريف الأمسية باسمي ( إبراهيم الأسود ) فنهضت من آخر الصالة ، و في طريقي إلى المنصة لاحظت أن إحدى الحسناوات لفت انتباهها اسمي ، فلفتت جيدها لترى هذا الشاعر الذي لم تسمع به ، و حين رأتني أسمر ، كأنما أوحى لها تناغم الإسم واللون بمقولة ( اسم على مسمّى ) فضحكتْ بصوت مسموع و همست إلى التي بجانبها ، و من على المنصة نظرت إليها و هي ما تزال مبتسمة ، فطلبت قلماً من الحضور و كتبت الأبيات التالية ثم ألقيتها متوجهاً إليها بالقصد :

إن أكن أسوداً كما نوَّه اسمي ** فلها الذنب ... و المـلام عليها

جمرةً كنتُ ، فحمـةً صـيّرَتني ** و اشتهتني خالاً على خدّيـها

أنا راض ٍ لـولا ظـنـون الأعـادي ** أنني قد سـقطت من عيـنيها

فما كان أسرع من أن و قفت الشابة تعتذر و هي تحاول إخفاء وجهها المحمرّ و عينيها المبللتين وسط تصفيق الحضور .
أما الحدث الذي فاض فيه قلمي ، فهو الآخر تكرر مرات ونتج عنه قصائد عديدة ، منها قصيدة ( من على سرير الموت ) و هي التي نوهت آنفاً أنها تضمنت وصيتي ، و قصيدة ( حديث الهوى ) و هي في ذكرى مـولد رسول الله نبـيـنا محـمـد صلى الله عليه و سلّم ، و ( الرواية العصرية لمعلقة عمرو بن كلثوم ) تخيلت فيها أن أمريكا اكتشفت قبر الشاعر المذكور ، فأخذت خليةً من رفاته ثم قامت بعملية استنساخ ٍ له ، و بعد أن بلغ أشده طُلب منه أن يقول معلقته الشهيرة ، فقالها ، و لكن بلسان حاله كشاعر أمةٍ تعاني هذا الواقع الراهن ، و قصيدة ( آيات جنين ) كتبتها يوم نفذت هدفها السامي الفتاة الفلسطينية الشهيدة آيات الأخرس ، و قصيدة ( بغداد ) في هذه الكارثة الأخيرة .
هذه قصائد فاض بها قلمي فكتب ، و كأنما كان يكتب لوحدهِ !!
و بالمقابل _ و هو من العجب العجاب و الشيء المؤسف _ فقد حدث أن منيتُ بيوم جلل تمنيت أن يفيض فيه قلمي فلم يستجب ، و لا زلت شديد الحزن على الحدث و أحاول استدراكه فلا أستطيع ، و لا زلت لا أعرف معنىً لذلك ، إنه يوم وفاة والدي ، و كان شيخاً ذا مقام و رجلَ دين ٍ مجاهداً لنفسه ، طاهراً ورعاً تقياً نقياً .. رحمه الله !!

والسلاااااااااام ...
..
[/FRAME]
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .