بسم الله الرحمن الرحيم
قصيدتك جميلة أخي العزيزة وإن كانت بحاجة إلى المزيد من التعمق في شرح هذه الأحاسيس وإبرازها ممتزجة بالواقع .فهذه الأحاسيس تتخذ أشكالاً في التعبير عنها منها ما هو صريح ومنها ما هو رمزي ، ومنها ما هو مادي ومنها ما هو معنوي ، وهذا ما سيزيد النص عمقًا وقوة.
إليك هذه الأبيات لابن حمديس الصقلي رحمه الله في رثاء عمته وانظر إلى عمقها وحاول السير على نهجها وفقك الله :
كريمة تقوى في صلاة تقيمها
وصوم تحط الجسم منه على الجدب ِ
نمت في فروع المكرمات فروعها
وأنجبت الدنيا بآبائها النجب ِ
وكنت إذا ما ضاق صدري بحادث
فزعت بنجواه إلى صدرها الرحب ِ
وتذهب عني هم نفسي كأنما
شفت غلة الظمآن بالبارد العذب ِ
***
تبركت الأيادي بتسوية الثرى
على جبل راسي الأناة على هضبِ
فيا ليتني شاهدت نعشك إذ مشى
حواليه لا أهلي حفاة ولا صحبي
ودفنك بالأيدي الغريبة والتقت
مع الموت في إخفاء شخصك في حدب ِ
فأبسط خدي َ فوق لحدك رحمة ً
وتسقي عيناي الترب بالهدب ِ
أرى جسمك المرموس من روحه عفا
وأصبح معمورًا به جدث الثرب ِ
فلو أن روحي كان كسبي وهبته
لجسمك ِ لكن ليس روحي من كسبي
فلا وصل إلا بين أسمائنا التي
تسافر منا في معنونة الكتب ِ
فدائمة السقيا سماء مدامعي
لخدي وأرض الخد دائمة الشرب ِ
***
لاحظ هنا أخي الحبيب كيف استطاع أن يبرِز حالة الحزن من خلال البيت :فأبسط خدي فوق لحدك رحمة = وتسقي عيناي الترب بالهدب ، وانظر كذلك إلى البيتين الثالث والرابع :
وكنت إذا ما ضاق صدري بحادث
نزعت بنجواه إلى صدرها الرحبِ
وتذهب عني هم نفسي كأنما
شفت غلة الظمآن بالبارد العذب ِ
فهذان البيتان جاءا كمقدمة تبرر له هذا الحزن الشديد في الحزن عليها لِما كان منها من رحمة وشفقة وإنسانية ، كذلك جاءت الأداة ليتني تعبر عن الحسرة بشدة ، وبعد ذلك كان وصف جسدها بالمبارك من خلال قوله:
تبركت الأيادي بتسوية الثرى
على جبل راسي الأناة على هضبِ
كل هذه الأبيات -وأنا اقتطعت جزءًا كبيرًا لأجعلها بهذا الترتيب- تعطيك الصورة المأساوية والتي تلهم الشاعر في كتابة القصيدة ، أرجو أن تكون مفيدة لك ، وألا يضيق صدرك بما أكتبه ، أرجو لك التوفيق دائمًا .. ودمت مبدعًا