خامساً: إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، وهي تدعو الرفاق العودة دائماً إلى الينابيع الفكرية للحزب، في تحديد ضوابط الخطاب السياسي على المستوى القومي وعلى المستويات الوطنية، تتوقف عند مشهديات الصراع التي تختلج بها بعض الأقطار العربية، وإنما تؤكد على ما يلي:
1- في ضوء ما آلت العملية السياسية في العراق وتبعية أطرافها لأميركا وحلفائها والنظام الإيراني، وفي ضوء احتدام الصراع العسكري بين الميليشيات الإرهابية على مختلف تلاوينها، فإن إنتاج نظام سياسي جديد في العراق يحفظ مقوماته الأساسية، لا يستقيم إلا على قواعد المبادئ التي طرحتها قوى المشروع الوطني والتي تتلخص: بإلغاء الاجتثاث للبعث وتحت أي مسمى، وإصدار عفو عام ،والتعويض على المتضررين ،وإعادة تأسيس الجيش العراقي على قاعدة قانونه الأساسي وعقيدته القتالية الوطنية والقومية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية من ذوي الكفاءات والمستقلين ،وتشكيل هيئة تأسيسية لوضع مشروع دستور يكون بديلاً للدستور الذي أفرزه الاحتلال، وبالتالي طرحه على الاستفتاء الشعبي، وإعادة هيكلة الحياة السياسية على ضوء أحكامه. أما إذا استمر الموقف المعادي من الحزب محكوماً بقانون الاجتثاث وحظره بقانون وتحت أي مسمى، فإن هذا يعني أن أطراف العملية السياسية بكل تحالفاتهم الاقليمية والدولية ،هم المسؤولون عن إبقاء ساحة العراق مفتوحة على صراع مستديم، وعلى كل أشكال التدخل الدولي والإقليمي وخاصة من دول الجوار الجغرافي. وعندها فإن الحزب سيبقى ضمن الخيار الذي اختطه لنفسه وهو استمرار الانخراط في الصراع بكل أشكاله لأجل إسقاط العملية السياسية التي أفرزها الاحتلال، وحماية وحدة العراق وعروبته.
2- إن القيادة القومية للحزب، وهي تؤكد على موقفها هذا، ترى بأن التحالف الدولي الذي تقوده أميركا تحت حجة مواجهة الإرهاب، ما هو إلا لتعويم العملية السياسية بما يتعلق بالعراق، وربط ساحة سوريا بمسرح عمليات واحد مع ساحة العراق ،بحيث يراد للترتيبات الأمنية والسياسية في سوريا ،أن تكون متماهية بطبيعتها لجهة ما يرسم للعراق لإعادة رسم خارطة القطرين، وتقسيمهما إلى دويلات مذهبية وطائفية وعرقية. ولهذا ترى القيادة القومية بأن وضع حدٍ للصراع المدمر في سوريا، ولحالة الانكشاف السياسي والأمني الذي ارتقى إلى مستوى الانكشاف الوطني، لا يكون إلا عبر حل سياسي انتقالي، يضع حداً للتدخلات الخارجية في سوريا، سواء تلك التي تصطف مع النظام أو تلك التي تقدم نفسها تحت مسميات المعارضة بكافة تشكيلاتها. هذا الحل السياسي الذي يؤسس لنظام سياسي جديد يعيد هيكلة الحياة السياسية على قاعدة التعددية السياسية والديموقراطية، ويعيد لسوريا وهج دورها القومي ،بعدما شوهته الاختراقات المعادية للأمن القومي العربي وبخاصة الاختراق الإيراني، والتشكيلات التي تعمل تحت مسميات دينية ومذهبية موالية ومعارضة للنظام، هو الذي ينقذ سوريا ويحول دون تمادي التدمير الذي يطال بناها الحياتية والحيوية، ويعيد الأمن والأمان الوطني لشعب سوريا، التي باتت مأساته تشابه ما حل بشعب العراق من جراء الاحتلال الأميركي والهيمنة الإيرانية، وما أصاب شعب فلسطين من تشرد ما تزال تداعياته ترخي ظلالها الثقيلة على هذا الشعب الصامد الصابر.
3- إن القيادة القومية للحزب، وهي تدعو لحل سياسي يحمي المقومات الوطنية لسوريا والعراق، ترى أن الأحداث الجارية في اليمن، إنما تندرج في سياق إغراق كل ساحات الوطن العربي في دوامة الصراعات الداخلية المدمرة ،والتي من خلالها ينفذ أصحاب المشاريع المعادية من دوليين وإقليمين لضرب مخالب أنيابهم في الجسم العربي. وإذا كانت أحداث اليمن تحركها معطيات داخلية، إلا أن الدور الأخطر ،هو الدور الخارجي وخاصة الإيراني حيث يسعى نظام ملالي طهران للإمساك ما أمكن من الأوراق، لبسط نفوذه التوسعي أو لتوظيفها في سياق تحسين موقعه التفاوضي مع الغرب. وعليه يجب العودة إلى وثيقة الوفاق السياسي التي استند إليها في تحديد أسس الحل الانتقالي، وحتى لا تندفع الأمور إلى حرب أهلية لن يخرج أحد منتصراً منها.
4- إن القيادة القومية للحزب، وفي ضوء تقويمها للوضع اللبناني، ترى أن تعطيل دور المؤسسات الدستورية في لبنان ،وعدم ملء الشغور في الرئاسة الأولى، والتمديد للمجلس النيابي لدورة كاملة ،من شأنه أن يبقي البلد في حالة انكشاف سياسي وأمني، وبالتالي إبقاء حالة التفلت الأمني قائمة مع ما يترتب على ذلك من تأثيرات سلبية على السلم الأهلي .ولهذا فهي، تشدد على أهمية استئناف الحياة السياسية في لبنان لدورتها الطبيعية، وحتى لا يبقى الوضع اللبناني واقفاً على حافة الانزلاق إلى انفجار واسع في ظل ارتدادات الصراع في سوريا عليه. وهنا ترى بأن التعامل مع ملف النزوح السوري يجب أن يبقى محكوماً برؤية إنسانية ووطنية وأن لا ينظر إليه بمنظار الملف الأمني.
إن القيادة القومية إذ تشدد على إعادة انتظام الحياة الدستورية والسياسية في لبنان،ترى بأن إعلان بعبدا، إنما يشكل ركيزة لضبط الوضع السياسي على قاعدة عدم التدخل في الصراع المتفجر في سوريا،ومايترتب عليه من حماية الجيش في دوره الوطني،والحد من تأثيرات القوى المنخرطة في الصراع وسعيها أخذ لبنان رهينة لحساب المشاريع الفئوية، في ظل ارتفاع منسوب التكفير الديني في الخطاب السياسي، وما يترتب على ذلك من انعكاسات سلبية على وحدة النسيج المجتمعي
5- إن القيادة القومية إذ تنوه بمسار العملية، السياسية في تونس، فلأنها ترى فيها بداية تجربة واعدة في إدارة السياسة الداخلية. إذ أن ما أفرزته الانتخابات الأخيرة في تونس وطريقة تعامل كافة الأطراف مع نتائجها ، جديرة بالتوقف عندها، وتقويمها إيجاباً، كونها ضبطت الإيقاع السياسي تحت مظلة الدستور، وأثبتت أن الوعي المجتمعي المشبع بروحية المواطنة المدنية، هي الضمانة الفعلية التي توفر للشعب كل متطلبات أمنه السياسي والاجتماعي والحياتي.
6- إن القيادة القومية للحزب، التي رأت بداية أن الحراك الشعبي، يمكنه أن يحقق تحولاً ديموقراطياً، إذا ما حافظ على استقلاليته وحال دون اختراقه من قوى معادية وتشرذمه ، ونموذجه تونس، هي ما تأمله وتؤكد عليه، ترى بأن معطيات هذا الحراك الجماهيري في السودان ،والمسار العام الذي ينتهجه في تصديه لنهج السلطة وسياسات النظام التي أوصلت البلاد إلى حافة الإفلاس السياسي والاقتصادي، فضلاً عن مسؤولياتها في سلخ جنوب السودان عن وطنه الأم، سيدخل السودان نطاق التغيير الديموقراطي الذي يعيد الاعتبار للحريات الأساسية وحقوق المواطنة، وبما يضع حداً لتمادي النظام في سياساته الراهنة وخاصة فساده واستمرار اعتماده الأسلوب الأمني في التعامل مع أزمة سياسة بنيوية.
7- إن القيادة القومية للحزب ،وهي تتوقف أمام البعد الخطير الذي انزلق إليه الصراع في ليبيا، وبما بات يهدد وحدتها،تدعو القوى الوطنية الليبية كما الأمة العربية على كافة هيئاتها الجامعة ودول الجوار، لتحمل مسؤولياتها لإنقاذ ليبيا من دوامة الصراع القبلي والجهوي،وتوفير كل مساعدة ممكنة لإنتاج نظام سياسي على قواعد المواطنة والديمقراطية والمناعة الوطنية. فالحل السياسي الوطني بقدر ما هو حاجة ليبية داخلية لمواجهة قوى التدخل الأجنبي وقوى التخريب الداخلي المدان وطنياً وقومياً،فإنه يحمي خاصرة مصر الغربية ويحول دون تمادي الاختراق للامن القومي العربي
8- إن القيادة القومية للحزب ،التي تدرك أن تحالف القوى المعادية يحاول الاستفادة القصوى من تشرذم وانقسام القوى الوطنية والديموقراطية، تشدد على أن تبقى قوى الحراك الشعبي المشدودة إلى برنامج وطني للتغيير الديمقراطي موحدة، ومستقلة في خياراتها الوطنية وبشكل خاص في البحرينوالأردن وكل ساحة عربية تشهد حراكاً شعبياً يستند إلى برنامج وطني لمحاربة الفساد والتبعية وغياب العدالة الاجتماعية وبعيداً عن كافة التحزبات الطائفية والعشائرية والقبول بالتدخلات الاجنبية .
9- إن القيادة القومية للحزب، وهي تؤكد على وحدة القوى الوطنية والديموقراطية على مستوى الأقطار العربية، تؤكد على الارتقاء بالعمل الوطني العربي إلى مستوى التوحيد في جبهة قومية، تكون قادرة على أن تشكل عامل استقطاب جماهيري لمواجهة تحديات الداخل،واصطفافات أصحاب المشاريع الطائفية والمذهبية والتقسيم من جهة، وتحديات الخارج المحمول على رافعات التدخل العسكري والسياسي من جهة أخرى ،وشواهده ما يحصل في العراق وسوريا وليبيا والسودان .
إن هذه الجبهة في حال تشكلها، فإنها ستعيد الاعتبار لدور الحركة الشعبية العربية في نضالها الوطني الديمقراطي، ضد نظم الاستبداد والقمع والنظام الرسمي الرجعي العربي المفرط في تبعيته للنظام الاستعماري، كما تؤكد على دور الحركة الشعبية في حماية التحولات الديمقراطية التي تشهدها بعض الساحات العربية، وعلى فتح الحدود بين الأقطار العربية كافة.
10- إن القيادة القومية ،وهي تشدد على أهمية تشكيل جبهة شعبية قومية، ترى أن ضرورة انبثاق هذه الجبهة بقدر ما تمليه ضرورة إملاء الفراغ السياسي الوطني الذي تعاني منه بعض الساحات العربية، إنما تمليه أيضاً ضرورة توفير حاضنة شعبية لكل قضايا النضال العربي وبالأخص القضية الفلسطينية، للحؤول دون تمادي استمرار عملية القضم والهضم والصهينة لكل معالم الحياة في فلسطين ،وآخرها انتهاك حرمات الاقصى، وما له من دلالة رمزية قومية ودينية، وهذا كاف لأن تنطلق جماهير فلسطين وجماهير الامة في حراك شعبي انتصاراً لهذه القضية، التي يجب أن تبقى محفزاً نضالياً للكفاح المفتوح على عمقه القومي، باعتبار أن تحرير فلسطين كان وسيبقى مشروعاً قومياً عربياً بإمتياز.وإن ما يراد تمريره تحت عناوين الترتيبات الأمنية والسياسية، ليس إلا إخراجاً لتصفيتها وتحويلها إلى مجرد حقوق مدنية. وبالتالي فإن الحزب الذي يرفض تمرير مشروع تصفية القضية الفلسطنية تحت مظلة المفاوضات العبثية، يدعو جماهير فلسطين العودة إلى طريق الكفاح وإطلاق الانتفاضة الشاملة.
إن القيادة القومية للحزب، وهي تكبر بشعب فلسطين مقاومته وتضحياته تدعو المقاومة الفلسطينية بكل أطرافها إلى استعادة وحدتها على قاعدة البرنامج المقاوم لتحرير كامل تراب فلسطين لأنه ما من مقاومة استطاعت الانتصار، إلا إذا توحدت قواها والتحمت مع جماهيرها.
فتحية لفلسطين وانتفاضاتها الجديدة التي أطلقت شراراتها من حرم الأقصى ومحرابه. وتحية لثورة العراق وقيادتها بكل قواها وأطرافها،ولمقاومة الشعب العربي في الاحواز ونضاله لتحرير الارض العربية من الاحتلال الفارسي الاستيطاني، وتحية لشهداء الأمة في فلسطين والعراق، وفي كل ساحة عربية سقطوا وهم يواجهون قوى الاحتلال والاستعمار ونظم التبعية والارتهان والاستبداد.
تحية للقائد المؤسس الأستاذ ميشيل عفلق مصدر الإلهام الفكري للبعثيين.
تحية لشهيد الحج الأكبر الأمين العام للحزب الرفيق لقائد صدام حسين على أبواب الذكرى الثامنة لاستشهاده.
تحية للأمين العام للحزب القائد الأعلى لجبهة الجهاد والتحرير والخلاص الوطني الرفيق عزة إبراهيم.
الحرية للأسرى والمعتقلين
الحرية للرفيق طارق عزيز ورفاقه المناضلين
المجد والخلود لشهداء الأمة العربية
عاشت فلسطين حرة عربية، عاشت الأمة العربية وأهدافها في الوحدة والحرية والاشتراكية.
النصر لأمتنا والخزي والعار للخونة والمرتدين والمرتبطين بالقوى المعادية للأمة.
وعهداً أن تستمر مسيرة أمتنا على طريق الرسالة الخالدة.
القيادة القومية
لحزب البعث العربي الاشتراكي
8/12/2014
|