العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السيـاسية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: أشراط الساعة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الشلل في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الخشوع في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: بيان أخطاء مقال خيانة الوعي: حين تحوّل «ٱلنَّبِىّ» إلى «النبي» (آخر رد :رضا البطاوى)       :: موت الموت الرباني (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: الحيلة في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الضيق في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الغلول في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الكفل فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: هل الآية المعجزة خرقٌ للقوانين الكونية أم أنها قانون إلهي مجهول؟ (آخر رد :رضا البطاوى)      

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 14-08-2009, 12:36 AM   #1
محى الدين
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2007
الإقامة: إبن الاسلام - مصر
المشاركات: 3,172
إفتراضي لماذا تقتل يازيد ؟

على المقهى يدخن الرواد «النرجيلة» ويستمعون بسعادة، وإنصات، إلى سيرة عنترة. يمزج الحكَّاء بين أحداث السيرة بأحداثها المثيرة و«النكات»، وكلما تزايدت أصوات ضحكات الرواد يطرق الحكَّاء طرقات حاسمة بسيفه على المنضدة، هذه الطرقات أقرب إلى طرقات القاضى على المنصة لتصمت قاعة المحكمة.. فى هذا المجلس الدمشقى يجلس مؤلف الكتاب، المندمج فى أجواء حكى السيرة، وسعادة الرواد بها، مكتفياً بالمشاهدة، لأنه لا يعرف العربية، ويفكر أن يكتب عن «زيد» المقاوم العراقى مثلما يحكى الحكاء عن عنترة. يأمل يورجن أن يقدم لنا بطلاً جديداً، لأننا- كعرب- خلت الفترة الأخيرة من تاريخنا من الانتصارات!
أما زيد، فله سمت البطل، لكنه بطل من لحم ودم، هو ابن العراق الذى وضعته الظروف دون أن يدرى فى مصاف الأبطال. الملمح المميز لبطل السيرة التى يكتبها يورجن تودينهوفر عن العراق هو «طبيعته» أو كونه شاباً طبيعياً، له أحلامه الخاصة، وآماله فى المستقبل، لكن الاحتلال أحدث تغيراً مفاجئاً فى حياته. فتحول الطالب الطامح فى دراسة التاريخ إلى مقاوم، وصار المهووس بلعب كرة القدم وتدخين السجائر السورية محترفاً لتفجير المركبات العسكرية الأمريكية دون أن يقتل الأبرياء من المدنيين.
كان زيد مستعدًا لتنفيذ عملية تفجيرية.. ثبت عبوة ناسفة فى الطريق، ومكث منتظراً مرور مصفحة أمريكية.. وكان يحمل فى يده جهاز تفجير عن بعد. انتظر زيد قدوم المصفحة، لكنه لمح رجلًا عجوزًا يجلس على حجر بالقرب من موقع التفجير. تردد زيد، لكنه رفض أن يقتل مدنياً فى عمليته، وهكذا ترك المصفحة تمر.
يعيش يورجن بين أسرة عراقية فى منزلها الواقع بمنطقة «الجزيرة» فى مدخل مدينة «الرمادى»، ويلتقى هناك بأحد شباب العائلة، زيد، وينقل لنا واقع الحياة فى العراق المحتل.. يعد يورجن أول كاتب غربى يسعى للقاء المقاومين دون حراسة أمريكية، أو دون معرفة البنتاجون.. وهذا ما دفع قادة المقاومة للقائه، وتحميله أمانة، وهى أن يمهد لعلاقات ما بين المقاومة والحكومات الأوروبية من أجل إحلال السلام فى العراق.. مهمة أكبر من طموحات يورجن، الذى جاء إلى العراق يغازله حلم وحيد، أن ينظر من قريب إلى حركة المقاومة الوطنية فى هذا البلد صاحب التعدد الطائفى، والمحكوم لسنوات بالحصار الاقتصادى.
لكن المهمة، التى سيكلف بها، ليست مهمته، فقد جاء ليكتب كتابًا عن العراق، ليستكمل الدور الذى خصص نفسه للقيام به وهو متابعة حركات التحرر الوطنى، حيث كان فى أفغانستان عقب الاجتياح الروسى لها، وفى الجزائر قبيل خروج فرنسا منها.. هو بموقعه فى «الجزيرة»، لا يختلف عن المواقع الأخرى فى الجزائر وكابول، يسعى إلى الانتصار للعدل بالكتابة فقط.
لنعود إلى ما يكتبه يورجن.. حيث ينقل لنا تفاصيل حياة تحت الاحتلال: فى مدينة «الرمادى» يستيقظ الناس فى السادسة صباحاً على أصوات طائرات الهليكوبتر. ويطلق الرصاص على أى سيارة تقترب من المصفحات الأمريكية، ويقتل القناصة المزارعين وهم يروون حقولهم، أو يصيبوا أحد المارة -«ما بين ساقيه»- فينضم لصفوف المقاومة. تغتصب النساء فى السجون، والرجال كذلك، وبشكل عام يعامل السجناء العراقيون «معاملة الكلاب ولا يسمح لهم بالاعتقاد أنهم أفضل من ذلك»- على حد تعبير «جيوفرى ميلر»، المراقب الأعلى للسجون الأمريكية فى العراق.
كما يستغرق التحرك فى مسافة لا تزيد على عشر دقائق سيراً على الأقدام أكثر من ساعتين بسبب الحواجز الأمنية ونقاط التفتيش. الأسرة المضيفة ليورجن «كوتها» نار الاحتلال، فقد قتلت مروحية أمريكية، بعد الغزو مباشرة، أربعة من أقارب الأسرة حينما كانوا يتنزهون على نهر الفرات، يروى أبوسعيد حكايتهم بتأثر:»اشتبه الطيار فى أنهم يريدون زراعة قنابل على حافة النهر».. هكذا يحدث الموت نتيجة لافتراضات واهية بشكل يومى فى العراق!!
من ناحية أخرى يتناول الكتاب، الصادر مؤخرا عن الدار المصرية اللبنانية، واقع ويوميات مقاومى العراق من الداخل، ولا يربط بينهم وبين الإرهاب، فهم يحاربون المحتل الأمريكى، وإرهابيى القاعدة كذلك. يؤكد المؤلف أن أغلب العمليات التفجيرية، التى يذهب المدنيون ضحيتها، يرتكبها أجانب، وليسوا عراقيين. كذلك العمليات الموجهة ضد الشيعة، فمن يرتكبها أجانب، بل إن بعض العراقيين يتهمون القوات الأمريكية بارتكابها «للوقيعة» بين السنة والشيعة والأكراد!
رغم ذلك فقد عدل المؤلف أسماء وعناوين من التقى بهم، وكانوا المصادر الحية لمادة كتابه، حتى يحميهم من التعرض لمضايقات القوات الأمريكية.
انتبه.. نقطة تفتيش!
ارتدى يورجن جلباباً عراقياً، وأطلق شاربه حتى يظنه حراس نقاط التفتيش «عراقياً».. فى الرابعة صباحاً التقى صديقه أبا سعيد بالقرب من مدينة «التنف» السورية الواقعة على حدود العراق. كان أبوسعيد وعائلته عبروا من العراق إلى سوريا للقاء يورجن فى سيارة «شيفروليه» فى العاشرة مساء اليوم السابق (موعد إغلاق الحدود العراقية - السورية) وقضوا ليلتهم فى السيارة.
تحاط المدينة بحصن مساحته خمسة كيلومترات. هى ليست نقطة تفتيشية واحدة، بل عدة نقاط. خلال العبور دفع السائق وأبوسعيد الكثير من الرشاوى لضباط سوريين، لكنها لم تمنع التفتيش، والتضييقات.
قدم أبوسعيد يورجن بوصفه طبيباً ألمانياً جاء متطوعاً لمعالجة أطفال «الرمادى» المصابين، لكن هذه الصفة تتطلب تعيين حراسة أمريكية له، وهذا آخر ما أراده يورجن، (نصحه أصدقاء عراقيون بأن يتظاهر بأنه طبيب، لذا أحضر معه حقيبة ضخمة من الأدوية، وكان الاتفاق إنه إذا قابل مواقف تتطلب علم طبيب، أو حالات حرجة، فسيتم اللجوء إلى طبيب صديق من العراق).
جاء يورجن للعراق لتأمل الوضع، ورصده، بعيداً عن محاولات القوات المحتلة لتحسين الحقيقة المأساوية.. وهذا ما كان يعرفه أبوسعيد جيداً لذا فاوض الضباط السوريين المرتشين، وحاول إقناعهم بالسماح للدخول.. بعد الكثير من المفاوضات، و»الليرات السورية»، سمح له بالمرور.. يعلق يورجن على ذلك بقوله: «من الممكن اتهام السوريين بأشياء كثيرة، لكن ليس من الممكن اتهامهم بتسهيل الدخول إلى العراق».. طوال الرحلة المضنية للخروج من سوريا كان يورجن يتساءل: كيف يتسلل الإرهابيون إلى العراق؟.. وظن أن المدخل الطبيعى لهم سيكون الهروب عبر الصحراء!
وهو الاقتراح الذى قدمه بعض الأصدقاء العراقيين للكاتب الألمانى للتسلل إلى العراق، دون أن يعرف الأمريكان بوجوده، لكن خطورة الاقتراح دفعتهم إلى السعى لإدخاله- يوجين - عبر المنافذ السورية. بعد المضايقات والتفتيش فى عدة نقاط سورية، من الرابعة صباحاً حتى العاشرة ظهراً، وصلت السيارة الشيفروليه إلى «العراق». «لا تحاول تجاوز نقاط التفتيش أو تقديم رشوة لحرس الحدود، ابتعد بنفسك عن الصحراء ومن يخالف ذلك سوف يتم القبض عليه واستجوابه وحجزه».. هذا أول ما يطالعك من الحدود العراقية.
المدخل الحدودى تحرسه أبراج مراقبة عالية، مشهرة بها الأسلحة تكشف الصحراء المحيطة، كما تتواجد حواجز لإطلاق النار، والصحراء نفسها تعد عائقًا «تصل درجة حرارتها إلى ثمانية وأربعين درجة مئوية». بعد اللافتة، والمدخل، يتحول الطريق إلى طريق حلزونى، يحتوى على أكثر من نقطة توقف، تعلوها لافتة: «قف ثم تحرك».
كما تتكاثر نقاط التفتيش، التى يعلو كل واحدة منها برج حراسة ارتفاعه من خمسة إلى ستة أمتار، يواجه الداخلين بمدافع وأسلحة آلية مجهزة للفتك بهم، كما يتنوع الحراس ما بين جنود عراقيين مقنعين، أو جنود أمريكيين، وجنود مرتزقة من «البلاك ووتر»! تتشابه المآسى.. ما يحدث فى العراق حدث من قبل من جانب السوفيت فى أفغانستان، ثم الأمريكان فى البلد نفسه، ومارسته فرنسا بوحشية فى الجزائر وتونس، لكن نقاط التفتيش التى مر بها كاتبنا ذكرته بأسى بسور برلين، ونقاط التفتيش الواقعة ما بين ألمانيا الشرقية والغربية فى فترة التقسيم.
فى آخر نقطة تفتيش، فى مدينة الرمادى، عاصمة محافظة الأنبار، سأل جندى عراقى مقنع أباسعيد عن «ثمن» يورجن، حتى يطالب الحكومة الألمانية بدفع فدية مقابل حياته..بالطبع رفض أبوسعيد بيع يورجن، لكن الموقف نفسه ليس مستغربا فى «الأنبار» التى اشتهرت بكثرة خطف الأجانب فيها!.
أحلام زيد وتفسيراتها
«زيد» شاب يهوى لعب كرة القدم، كان يلعب الكرة طوال الوقت، يترك اختبارات الدراسة فى المدرسة ويذهب للعبها.
يتأمل زيد وضع العراق بعد الاحتلال، وإقامة حكومة تأمل فى استمرار التواجد الأمريكى فى العراق للأبد، ويقارن هذا الوضع بالنموذج الأمثل لوحدة العراق المتمثل فى فريق العراق لكرة القدم.. الفريق الذى حاز بطولة الأمم الآسيوية مؤخراً، وحقق الفرحة للشارع العراقى، وهو ما فشلت فيه الحكومة. يتكون الفريق العراقى من لاعبين أكراد، ومسلمين من السنة والشيعة.. يمررون الكرة فيما بينهم حتى يحرزوا الهدف.. هذه هى الصورة الحقيقية للعراق كما يراها زيد.
لا يرتدى زيد زياً محلياً، على العكس من أفراد المقاومة، ومعهم الألمانى المتنكر فى الزى العراقى من جلباب وغترة ودشداشة، بل يلبس زيد البنطلون الجينز، والحذاء الرياضى. كان طموحه أن يلعب كرة القدم، ويتابع صنع المواقف المحرجة لمدرسيه، المثيرة لضحكات التلاميذ.. كان يعيش عمره يكرس أوقاتاً لكرة القدم، ويبذل كل ما فى وسعه لصنع الخدع. كما كان يحلم بأن يصير أستاذاً للتاريخ، مؤمناً بأن خدع التلاميذ لن تنطلى عليه، لأنه خبير بها.
هكذا كان زيد يرى مستقبله، لم يكن الاحتلال يعكر صفو أحلامه.. لم ينشغل بالمقاومة، لكن نيران الاحتلال لم تترك أحداً لأحلامه. قتلت نيران الاحتلال أخوى زيد، لهذا قرر أن يقاوم.
__________________
كـُـن دائــما رجـُــلا.. إن
أَتـــوا بــَعــدهُ يقـــــــولون :مَـــــرّ ...
وهــــذا هــــوَ الأثـَــــــــــر


" اذا لم يسمع صوت الدين فى معركة الحرية فمتى يسمع ؟؟!!! و اذا لم ينطلق سهمه الى صدور الطغاة فلمن اعده اذن ؟!!

من مواضيعي :
محى الدين غير متصل   الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .