هل كل من قال لا إله إلا الله دخل الجنة؟؟
هل كل من قال لا اله الا الله دخل الجنة ؟؟
شروط لا إله إلا الله
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..
فإن كلمـة الـتـوحـيد جعلها الله تعالى عنوان الدخول في الإسلام ، وثمن الجنة ومفتاحها ، كما جعلها سبب النجاة من النار ومغفرة الذنوب .
وتواردت أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه المعاني: فمنها: ما جعل الإتيان بالشهادتين سببًا لدخول الجنة ، وعدم احتجاب قائلها عنها ، فإن النار لا يخلد فيها أحد من أهل التوحيد الخالص ، وقد يدخل الجنة ولا يحجب عنها إذا طهر من ذنوبه بالنار :
فعن عبادة بن الصامت ، رضي الله عنه ، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: « من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه ، وأن الجنة حق والنار حق ، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل » ، وفي رواية: «أدخله الله الجنة من أي أبواب الجنة الثمانية شاء » .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول-صلى الله عليه وسلم- قال: « يا أبا هريرة اذهب بنعلي هاتين -وأعطاه نعليه - فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله ، مستيقنًا بها قلبه ، فبشره بالجنة » .
وعنه أيضاً ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، لا يلقى الله عبد غير شاك ، فيحجب عن الجنة » ، وفي رواية له أيضاً: « إلا دخل الجنة » .
وعن عثمان ، رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة » .
وفي الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:« ما من عبد قال لا إله إلا الله ، ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة » ، قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال:« وإن زنى وإن سرق ثلاثاً» ثم قال في الرابعة: « على رغم أنف أبي ذر » ، قال: فخرج أبو ذر وهو يقول: وإن رَغِمَ أنف أبي ذر .
ومعنى هذا الحديث: أن الزنى والسرقة لا يمنعان دخول الجنة مع التوحيد ، وهذا حق لا مرية فيه ، وليس فيه أنه لا يعذب عليهما مع التوحيد ، ففي مسند البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «لا إله إلا الله نفعته يومًا من دهره ، يصيبه قبل ذلك ما أصابه » .
ومن الأحاديث النبوية ما جاء بيانًا لتحريم دخول النار على من أتى بالشهادتين ، وهذا كقوله عليه الصلاة والسلام في حديث معاذ رضي الله عنه : « ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار » .
وفي حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: « إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله ، يبتغي بذلك وجه الله» ، إلى غير ذلك من الأحاديث النبوية الشريفة.
وقد يصاب بعض الناس بالغفلة عن حقيقة التوحيد وشرط النجاة ، ويغتر بكلمة يديرها على لسانه ، دون أن يفقه معناها ، يظنها مفتاحًا للجنة ، بمجرد نطقها باللسان ، غافلاً عن شروطها التي ينبغي أن تتحقق ، ومقتضياتها التي ينبغي أن يعمل بها ، لتكون مفتاحًا صالحًا لفتح أبواب الجنة الثمانية.
وشهادة التوحيد هذه ، سبب لدخول الجنة ، والنجاة من النار ، ومقتضى لذلك ، ولكن المقتضى لا يعمل عمله إلا باستجماع شروطه وانتفاء موانعه ، فقد يتخلف عنه مقتضاه لفوات شرط من شروطه ، أو لوجود مانع من الموانع ، وهذا قول الحسن البصري ووهب بن منبه ، رحمهما الله.
فقد قيل للحسن البصري رحمه الله؛ إن أناسًا يقولون: من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة ؟ فقال: من قال لا إله إلا الله ، فأدى حقها وفرضها دخل الجنة .
وقال للفرزدق وهو يدفن امرأته: ما أعددت لهذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله ، منذ سبعين سنة، فقال الحسن: نعم العدة ، لكن لـ"لا إله إلا الله" شروطاً ، فإياك وقذف المحصنة!
وقيل لوهب بن منبه: أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة ؟ قال: بلى ، ولكن ما من مفتاح إلا له أسنان، فإن جئت بمفـتاح له أسـنـان فـتح لك، وإلا لم يفـتح لك .
ويدل على صحة هذا القول: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رتب دخول الجنة على الأعمال الصالحة في كثير من النصوص: فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه،أن رجلاً قال: يا رسـول الله أخـبـرني بـعـمـل يدخلني الجنة. فقال: « تعبد الله لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصل الرحم » .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رجلاً قال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة. قال: « تعبد الله لا تشرك به شيئًا ، وتقيم الصلاة المكتوبة ، وتؤدي الزكاة المفروضة ، وتصوم رمضان » فقال الرجل: والذي نفسي بيده ، لا أزيد على هذا شيئاً ، ولا أنقص منه. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: « من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا » .
وقد تواردت مع ذلك آيات وأحاديث تبين توقف دخول الجنة والنجاة من النار على من فعل الفرائض واجتنب المحارم ، فصارت تلك الأحاديث السابقة مفسرة مبينة ، وينبغي أن يؤخذ بالبيان والمبين معًا، ولا يجوز إعمال بعض النصوص والأدلة وإهمال سائرها .
|