قراءة فى كتاب أربح التجارات
قراءة فى كتاب أربح التجارات
مؤلف الكتيب محمد محمد الشرقاوي وهو يدور حول أفضل تجارة بمعنى افضل عمل صالح فى الإسلام وهو:
الجهاد فى سبيل الله وفى مقدمته قال الشرقاوى:
"تتزاحم التجارات في الدنيا للحصول من أفضلها على أوفر الأرباح ، وأينع الثمار ، وأحسن النتائج ويفيض بنا القول إذا حاولنا تعداد هذه التجارات ، وبيان أنواعها ، ومدى صلتها من قريب أو بعيد بما أحل الله منها ، وما حرم ، وما اقترب منها من الشبهات ، ذلك لأنها أوسع من أن يستوعبها حديث ، أو يتناولها مقال . وتكاد تكون متعددة تعدد الناس ، ومتنوعة بحسب ما يحتويهم من زمان أو مكان ، بيد أن التجارة الحرة التي لا تنافسها تجارة ، والربح الوفير الأوفى الذي لا يدانيه ربح إنما يكونان في الجهاد في سبيل الله بالأنفس والأموال ، وبكل مرتخص وغال ويكاد يغلب عليها جانب الربح الأخروي فيما وراء الحياة"
وتسمية الدين وهو العمل الصالح تجارة مأخوذة من قوله تعالى :
"يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون فى سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعملون"
ثم قال أن معنى عدم وجود سبيل للكافرين على المؤمنين هو العزة فى قوله:
" نظرا لكثرة الآثار الواردة فيه .. الباعثة عليه .. سواء في ذلك من القرآن الكريم أو من السنة الصحيحة قولا وفعلا ودعوة وواقعا ، ونظريا وتطبيقا ولكننا إذا أمعنا النظر في آثار الجهاد والدنيوية وجدناها أكثر من أن تحصى وأروع ما فيها توفير العزة والحرية والكرامة للإسلام وأهله ، ونفي الذل والتبعية عنهم حسب ما أشار القرآن الكريم : { ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا } (النساء : 141) ولفظ الآية خير ولكنه في معنى الإنشاء والطلب فسبيل الكافرين على المؤمنين واقع فعلا في كثير من مناطق العالم قديما وحديثا والآية تدعو المسلمين إلى مقاومة كل نوع من أنواع السيطرة والنفوذ ، والتخلص من كل ألاعيب الاستعمار القديم والجديد على السواء ليتحقق وعد الله الذي كتبه لعباده المؤمنين في قول تعالى : { لله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون } (المنافقون : 8 )"
وهو استنتاج خاطىء لأن الجملة ذكرت لعد حكم الله فى القيامة وهو :
"فالله يحكم بينهم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا"
ومن ثم فالمعنى أخروى وليس معنى دنيوى وهو :
أنه يحكم بينهم يوم القيامة والمراد يفصل بين الناس فى يوم البعث وهو لن يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا والمراد لن يعطى المكذبين فضلا على المصدقين أى لن يجعلهم فوقهم يوم القيامة .
نعم نتيجة الجهاد فى الدنيا هى النصر وهو العز كما قال تعالى :
"إن تنصروا الله ينصركم"
وتحدث عن أن الجهاد له ثلاث سبل أو نتائج فقال :
"فإذا لم يأت الجهاد بهذه النتيجة في القريب العاجل فلن يعود منها المجاهد صفر اليدين ، ولن يخرج من الحياة خاوي الوفاض بل هو بسبيل واحدة من ثلاث كما حدث الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " انتدب الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا إيمان بين ، وتصديق برسلي أن أرجعه بما نال من أجر أو غنيمة أو أدخله الجنة " فهو إن لم يكسب المعركة وعاد حيا له أجر المجاهد وإن كسبها له أجر المجاهد ومعه الغنيمة ، و إن مضي إلى رحاب ربه له الجنة "
وما فهمه الشرقاوى من كونه ثلاث هو اثنين فالأجر والغنيمة معا نصيب الحى من المجاهدين ودخول الجنة نصيب من استشهد مع أنه ليس كما تقول الرواية ليس له نصيب من الغنيمة فنصيب الشهداء من الغنيمة يعطى لورثتهم
وتحدث عن التجارة المنجية فقال :
" وحسبنا في ذلك قوله تعالى : { هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين } (الصف : 12) فالآية الكريمة تضمنت خيري الدنيا والآخرة ، وبدأت بأجر الآخرة محددا في ثلاث نقاط : المغفرة لكل ما سلف من كبائر وصغائر حتى الكفر مصداقا للحديث الشريف : " السيف محاء للذنوب " رواه الشافعي ، ودخول الجنات وليست جنة واحدة ، وهو إشارة إلى أن المجاهدين لهم حرية التملك للجنات ككل والمجاهد له أن يختار فيها ما يشاء والمساكن الفارهة الطيبة في جنات عدن ، وجعل خط الدنيا من بركات الجهاد مؤخرا في الذكر لأنه مهما طال أمده ، واتسع أفقه فهو إلى نهاية وظله إلى زوال أما أجور الآخرة فيه خير وأبقي عن سعيد بن جبير قال : صلى الله عليه وسلم لما نزل : { يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم } (الصف : 10) قال المسلمون : لو علمنا ما هذه التجارة لأعطينا فيها الأموال و الأهلين فنزلت : { يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون } (الصف : 10-11) وفي سورة المنافقون : { يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون } ( المنافقون : 8-11 ) عن الكلبي : ذكر الله هو الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والمعنى كما في الكشاف ج2 : 462 لا تشغلكم أموالكم بالتصرف فيها ، والسعي في تدبيرها ، والتهالك على طلب النماء فيها بالتجارة والاغتلال ، وابتغاء النتائج ، والتلذذ فيها ، والاستمتاع بمنافعها ، ولا أولادكم وسروركم بهم ، وشفقتكم عليهم ، والقيام بمئونتهم وتسوية ما يصلحهم من معايشهم في حياتكم وبعد مماتكم ، وقد عرفتم قدر منفعة الأموال والأولاد ، وأنه أهون شيء وأدونه في جنب ما عند الله ، ومن يريد الشغل بالدنيا عن الدين فأولئك هم الخاسرون في تجارتهم حيث باعوا العظيم الباقي بالحقير الفاني "
ثم قال :
وفي القرآن الكريم : { يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم } (التغابن : 14) . أخرج ابن جرير عن عطاء بن يسار قال : نزلت هذه الآية في عوف بن مالك الأشجعي كان ذا ولد فكان إذا أراد الغزو بكي أولاده إليه ، ووقفوا ، وقالوا له : إلى من تدعنا فيرق قلبه ،ويعدل عن الجهاد فنزلت الآية الكريمة داعية إلى العفو عما يبدو من الأولاد والأزواج من التثبيط لكم ، والتعويق لطريق جهادكم ، لأن الأموال والأولاد والأزواج فتنة عظيمة شاغلة عن أمور الآخرة بما تثيره فيكم من إيثار الدنيا ، وحب العاجلة فالله عنده أجر عظيم فلا تفوتوه بالاشتغال بالأموال والأولاد والأزواج"
ما ذكره الشرقاوى عن كون الأولاد والزوجة المعادية هم من يثبطون الأب عن الجهاد خطأ لأن الله قسم المسلمين لمجاهدين وقاعدين عن الجهاد ومن ثم لا يمكن أن يكون هذا من باب العداوة وإنما العداوة هى الدعوة للكفر وهو أى شر
ثم قال :
"وقد فاضت السنة الصحيحة بالدعوة إلى الجهاد ، والحض عليه ، والترغيب فيه . وفي الحديث الشريف : " لقد وددت أن أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم اقتل ثم أحيا ثم أقتل " بدأ بالرغبة في القتل كهدف ومبدأ ، وانتهي به كخاتمة ومستقر وتمناه ثلاث مرات ، وتمني الحياة مرتين وجعله غاية ، وجعل الحياة وسيلة وفي البخاري و مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي العمل أفضل ؟ قال : الإيمان بالله ورسول الله ، قيل : ثم ماذا ؟ قال : الجهاد في سبيل الله . قيل : ثم ماذا ؟ قال : حج مبرور " ومن الجهاد في سبيل الله الجهاد في سبيل أوطان الإسلام وبقائها بعيدا عن حوزة الغاصبين والمستعمرين باعتبارها وعاء الإسلام الحافظ وركنه الذي يأوي إليه "
الروايات فى مجال العمل الأفضل متناقضة والرواية التى تتحدث عن أفضلية الإيمان خاطئة لأن كل العمل بما فيه الجهاد مبنى على الإيمان بالوحى وهناك رواية أخرى تضع الجهاد أفضل العمل وهناك روايات تعدد أعمال عديدة كالصلاة واطعام الطعام
ولا صح’ إلا لرواية كون الجهاد أفضل العمل تصديقا لقوله تعالى :
"وفضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
والقتال فى سبيل الله يعنى القتال من أجل أى شىء أمر الله به وقد تحدث الشرقاوى فقال :
"وفي القرآن الكريم { قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا } ( البقرة : 246) فجعلت الآية القتال في سبيل الديار والأبناء قتالا فى سبيل الله والآية وإن كانت خاصة بالأمم السابقة إلا أنها سارية الحكم في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم مادامت قد وردت في القرآن الكريم بلا نسخ ولا نكير لأن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما ينسخه إذ أن دين واحد والشرائع وإن اختلفت لكن بينها قدرا مشتركا غير قابل للتبديل والتغيير وهو ما يتعلق بمكارم الأخلاق والجهاد ، والتقوى وصالح الأعمال مصداقا لقوله تعالى : { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه } (الشورى : 13) .
وقد شبه الرسول صلى الله عليه وسلم كل الرسالات مع رسالته ببيت بناه صاحبه كله إلا لبنة (فجعل الناس يقولون : لولا هذه اللبنة .. فأنا هذه اللبنة ) ، ومعنى هذا التكامل والتناسق بين كل رسالات الله السماوية إلى البشر وأن الأصل فيها بقاء ما كان على ما كان حتى يأتي أمر الله بالتبديل والتغيير والنسخ وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه : ( وغزوة في البحر خير من عشر غزوات في البر ، ومن أجاز البحر فكأنما أجاز الأودية كلها ، و المائد فيه كالمتشحط في دمه ) غالية المواعظ جح (1/103)
... وإذا كان الغزو في البحر أكثر أجرا من مثيله في البر لما فيه من أهوال المخاطرة ، فإن ركوب الجو أكبر مخاطرة ، وأكثر هولا ."
القتال دفاعا عن الأولاد أو عن الديار وهى البيوت أو عن العرض أو عن المال أو ردا على الظلم أيا كله قتال فى سبيل الله فليس المراد بسبيل الله الوحى فقط وإنما هو الدفاع عن كل شىء أمر الله بحمايته
وأما حكاية البر والبحر فى الجهاد فلا فضل لهؤلاء على أولئكم فالكل أجره واحد وهو :
الدرجة العليا فى الجنة
|