قراءة فى كتاب المختصر الملم في حكم نجاسة الدم
قراءة فى كتاب المختصر الملم في حكم نجاسة الدم
الكتاب يدور حول موضوع طهارة أو نجاسة دم الإنسان والحيوان وكما هو الظاهر من العنوان فإن المؤلف حكم بنجاسة الدم وقد استهل البحث بالتفرقة بين دم الإنسان ودم الحيوان فقال :
"هذا بحث مختصر عن حكم الدم هل هو طاهر أم نجس , ولكن قبل البدء باستعراض حكم الدم مع الأدلة يجب علينا أولا أن نعرف أن الدم ينقسم إلى عدة أقسام وكل قسم من هذه الأقسام له حكم خاص به ومن هذه الأقسام ما اتفق العلماء على حكمه ومنها ما اختلف على حكمه ..... وألان نبدأ ونقول :-
ينقسم الدم إلى قسمين وهما :-
القسم الأول )- دم الإنسان .
القسم الثاني )- دم الحيوان ."
وقسم أنواع دم الإنسان إلى التالى :
"وينقسم القسم الأول (( دم الإنسان )) إلى :-
1)- دم الحيض والنفاس .
2)- دم الإنسان (( غير دم الحيض )) ."
وقسم دم الحيوان إلى التالى:
"وينقسم القسم الثاني (( دم الحيوان )) إلى :-
1)- دم الحيوان الذي يؤكل لحمه .
2)- دم الحيوان الذي لا يؤكل لحمه .
3)- دم ما لا دم له سائل .
4)- دم الميتة ."
والغريب هو قوله دم من لا دم له فإما وجود دم أو لا يوجد
وتحدث أنه سيبين حكم كل نوع مما سبق فقال:
"وكل نوع من هذه الأنواع السابقة له حكم سوف نبينه ونبين الدليل على ذلك الحكم ونبدأ مستعينين بالله فنقول :-
القسم الأول : دم الإنسان:
1)- دم الحيض والنفاس والاستحاضة:
دم الحيض نجس باتفاق العلماء , والأدلة على نجاسته كثيرة نذكر منها :-
عن أسماء قالت جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيضة كيف تصنع به قال تحته ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه متفق عليه.
وعن عائشة أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض فأمرها كيف تغتسل قال خذي فرصة من مسك فتطهري بها قالت كيف أتطهر قال تطهري بها قالت كيف قال سبحان الله تطهري فاجتبذتها إلي فقلت تتبعي بها أثر الدم(البخاري.
وحكم دم النفاس ودم الاستحاضة كحكم دم الحيض ."
والأحاديث التى استشهد بها الباحث ليس فيها لفظ النجاسة وحتى الله لم يطلق على الحيض فى القرآن نجاسة وإنما سماه اذى فقال :
" يسألونك عن المحيض قل هو أذى"
ومن ثم يسمى بما سماه الله وهو الأذى
وبين حكم الدم غير الدم السابق فقال :
"2)- دم الإنسان (غير دم الحيض):
وهو مختلف فيه بين المتقدمون من العلماء والمتأخرون فقد ذهب الأئمة الأربعة إلى نجاسته ودليلهم على ذلك قول الله تعالى:
" قل لا أجد في مآ أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم".
بينما ذهب المتأخرون منهم على طهوريته منهم الشوكاني والألباني وابن العثيمين ودليلهم على ذلك مايلي :-
1ـ أن الأصل في الأشياء الطهارة حتى يقوم دليل النجاسة، ولا نعلم أنه صلى الله عليه وسلم أمر بغسل الدم إلا دم الحيض، مع كثرة ما يصيب الإنسان من جروح، ورعاف، وحجامة، وغير ذلك، فلو كان نجسا لبينه صلى الله عليه وسلم ؛ لأن الحاجة تدعو إلى ذلك.
2 ـ أن الحكم على نجاسة الدم مخالف للسنة كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود عن جابر رضي الله عنه قال:
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني في غزوة ذات الرقاع - فأصاب رجل امرأة رجل من المشركين ، فحلف – يعني المشرك - أن لا انتهي حتى أهريق دما في أصحاب محمد ، فخرج يتبع أثر النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم منزلا . فقال : من رجل يكلؤنا ؟ فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار ، فقال : كونا بفم الشعب . قال : فلما خرج الرجلان إلى فم الشعب اضطجع المهاجري ، وقام الأنصاري يصلي ، وأتى الرجل فلما رأى شخصه عرف أنه ربيئة للقوم ، فرماه بسهم ، فوضعه فيه ، فنزعه ، حتى رماه بثلاثة أسهم ، ثم ركع وسجد ، ثم انتبه صاحبه ، فلما عرف أنهم قد نذروا به هرب ، ولما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدم قال : سبحان الله ألا انبهتني أول ما رمى ؟ قال : كنت في سورة أقرأها فلم أحب أن أقطعها"صحيح أبي داود
وهو في حكم المرفوع لأنه يستبعد عادة أن لا يطلع النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك ، فلو كان الدم الكثير ناقضا لبينه صلى الله عليه وسلم ، لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز كما هو معلوم من علم الأصول . وعلى فرض أن النبي صلى الله عليه وسلم خفي ذلك عليه ، فما هو يخفى على الله الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء ، فلو كان ناقضا أو نجسا لأوحى بذلك إلى نبيه صلى الله عليه وسلم كما هو ظاهر لا يخفى على أحد
3- أن المسلمين مازالوا يصلون في جراحاتهم في القتال، وقد يسيل منهم الدم الكثير، الذي ليس محلا للعفو، ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم الأمر بغسله، ولم يرد أنهم كانوا يتحرزون عنه تحرزا شديدا؛ بحيث يحاولون التخلي عن ثيابهم التي أصابها الدم متى وجدوا غيرها.
4 ـ أن أجزاء الآدمي طاهرة، فلو قطعت يده لكانت طاهرة مع أنها تحمل دما؛ وربما يكون كثيرا، فإذا كان الجزء من الآدمي الذي يعتبر ركنا في بنية البدن طاهرا، فالدم الذي ينفصل منه ويخلفه غيره من باب أولى.
5 ـ أن الآدمي ميتته طاهرة، والسمك ميتته طاهرة، وعلل ذلك بأن دم السمك طاهر؛ لأن ميتته طاهرة، فكذا يقال: إن دم الآدمي طاهر، لأن ميتته طاهرة.
ومن هذه الأدلة السابقة يتضح وضوحا ظاهرا طهورة دم الإنسان والله تعالى أعلى واعلم .
ويستثنى من ذلك ما خرج من أحد السبيلين (القبل أو الدبر) لملاقاة النجاسة فهو نجس."
وحديث الباحث هنا عن طهورية الآدمى يناقض نجاسة بنات آدم فى الحيض والنفاس فإما أن يكونوا فى المسألتين نجساء وإما أن يكونوا طاهرين
كلمة النجاسة فى كتاب الله لا تطلق على البول والراز والدم وإنما تطلق على الكفار كما قال تعالى :
" إنما المشركون نجس "
وإنما ما يسمونه نجاسات كالبول والبراز والدم الفاسد وأمثالهم هو أذى وبكلمة أخرى خبث الجسم وهو الفضلات التى لم يقم الجسم بتحويلها داخله لشىء مفيد
وتحدث عن أحكام دم الحيوان فقال :
"القسم الثاني : دم الحيوان:
1)- دم الحيوان الذي يؤكل لحمه:
ذهب بعض العلماء إلى نجاسته والكلام فيه كالكلام في دم الآدمي من حيث عدم وجود دليل صحيح على نجاسته والأصل في الأشياء الطهارة كما بينا سابقا ومما يؤكد طهارته أيضا
عن عبد الله بن مسعود قال "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي عند البيت وأبو جهل وأصحاب له جلوس إذ قال بعضهم لبعض أيكم يجيء بسلى جزور بني فلان فيضعه على ظهر محمد إذا سجد فانبعث أشقى القوم فجاء به فنظر حتى سجد النبي صلى الله عليه وسلم وضعه على ظهره بين كتفيه وأنا أنظر لا أغني شيئا لو كان لي منعة قال فجعلوا يضحكون ويحيل بعضهم على بعض ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد لا يرفع رأسه حتى جاءته فاطمة فطرحت عن ظهره .....الحديث"البخاري ومسلم.
فلو كان دم الجزور نجسا لخرج الرسول صلى الله عليه وسلم من صلاته "
والحديث باطل فلا يمكن لأحد أن يفعل ذنب فى الكعبة كالسخرية من النبى(ص) بوضع القذارة عليه وهو يصلى لأن الحساب فى الكعبة على القرار وهو الإرادة ولا يقدر أحد على الفعل وهو العمل ومن يقرر يعاقب قبل أن يفعل كمات قال تعالى :
"ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم"
ولقد صح عن ابن مسعود رضي الله عنه "أنه نحر جزورا ، فتلطخ بدمها وفرثها ثم أقيمت الصلاة فصلى ولم يتوضأ( أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (1 / 125) ، وابن أبي شيبة (1 / 392) ، والطبراني في " المعجم الكبير " (9 / 28 4) بسند صحيح عنه ، ورواه البغوي في " الجعديات " (2 / 887 / 2503)."
|