قراءة فى كتاب تطهير الفؤاد من أدران من أباح دخول الرجال على المغيبة لكثرة الأعداد
قراءة فى كتاب تطهير الفؤاد من أدران من أباح دخول الرجال على المغيبة لكثرة الأعداد
المؤلف عبد القاهر الأندلسي وهو يدور حول دخول الرجال على النساء الغائب أزواجهن وفى مستهل البحث ذكر انه سئل عن حديث عن المغيبة يبيح دخول عدد من الرجال معا عليها وليس واحد فقال :
"سئل العبد الفقير إلى رحمة ربه أبوالفضل عبدالقاهر الأندلسي عفا الله عنه حول تضعيفه لحديث رواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن نفرا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس فدخل أبوبكر الصديق وهي تحته يومئذ فرآهم فكره ذلك فذكر ذلك لرسول الله (ص)وقال لم أر إلا خيرا فقال رسول الله (ص)إن الله قد برأها من ذلك ثم قام رسول الله (ص)على المنبر فقال لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان"
فأجاب بأن الحديث معلول فقال :
"فقال مجيبا عنه:
والحديث الذي ذكرته وإن كان في صحيح مسلم فانه معلول كما سيأتي بيانه بإذن الله وكم من حديث في صحيح مسلم بل وفي البخاري انتقده الحفاظ سواء كانت أحاديث كاملة أو زيادات أو ألفاظ تبين عندهم شذوذها أو نكارتها. من أمثلة ذلك ما رواه مسلم في صحيحه قال: حدثني سريج بن يونس وهارون بن عبد الله قالا حدثنا حجاج بن محمد قال قال ابن جريج أخبرني إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أبي هريرة قال: أخذ رسول الله (ص)بيدي فقال: خلق الله عز وجل التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الأحد وخلق الشجر يوم الاثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق النور يوم الأربعاء وبث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل. فقد أعل علي بن المديني هذا الحديث باحتمال أخذ إسماعيل بن أمية عن إبراهيم بن أبي يحيى (قال يحيى بن سعيد: إبراهيم بن أبي يحيى كذاب وقال أحمد: يروي أحاديث ليس لها أصل وقال النسائي والدارقطني: متروك)، وأعله البخاري بوهم أيوب بن خالد ورفعه الحديث وأنه من كلام كعب الأحبار. أما متن الحديث فلا يشبه كلام النبي (ص)وإنما يشبه كلام أهل الكتاب ومتنه منكر مخالف للقران الكريم كقوله تعالى:"خلق الأرض في يومين" في حين أن الحديث ينص على خلق الأرض قي يوم واحد بقوله:" خلق الله عز وجل التربة يوم السبت"
وهكذا دأب كبار الحفاظ المتقدمين على نقد الروايات متنا وإسنادا بل تجدهم يتتبعون الرواة ويسبرون مروياتهم فإن وجدوها غرائب ومناكير ردت سائر رواياتهم وأثر ذلك في رتبهم عندهم وتجد الكثير من هذا في التاريخين الكبير والأوسط للبخاري وضعفاء العقيلي والكامل لابن عدي وتهذيب التهذيب والعلل لابن أبي حاتم وغيرها. وهكذا سار على نهجهم في هذا العصر ثلة قليلة من اساطنة الحديث وأذكياء العالم كالحافظ الإمام سليمان بن ناصر العلوان وعبقري الإسلام وفريد العصر العلامة الفذ عمر بن محمود أبي عمر ."
وتحدث عن سند الحديث عند مسلم فقال :
" فنقول جوابا على سؤالك وبالله التوفيق:
قال مسلم في صحيحه:
حدثنا هارون بن معروف حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني عمروح وحدثني أبو الطاهر أخبرنا عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث أن بكر بن سوادة حدثه أن عبد الرحمن بن جبير حدثه أن عبد الله بن عمرو بن العاص حدثه أن نفرا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس فدخل أبوبكر الصديق وهي تحته يومئذ فرآهم فكره ذلك فذكر ذلك لرسول الله (ص)وقال لم أر إلا خيرا فقال رسول الله (ص)إن الله قد برأها من ذلك ثم قام رسول الله (ص)على المنبر فقال لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان.
هذا حديث غريب تفرد به بكر بن سوادة ولم يروه عن عبد الرحمن بن جبير إلا هو وتفرد عبد الرحمن بن جبير بروايته عن عبدالله بن بن عمرو بن العاص لم يروه عنه إلا هو. وهذا الحديث الغريب معلول من أوجه كثيرة منها:
-تفرد بكر بن سوادة بروايته وهو إن روى له مسلم والأربعة فانه يخطئ، ذكره ابن حبان في الثقات من التابعين ثم أعاده في أتباعهم فقال يخطئ، وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: بكر بن سوادة الجذامي روى عن عبد الرحمن بن غنم وسهل بن سعد وعبد الرحمن بن جبير روى عنه جعفر بن ربيعة وعمرو بن الحارث وعبد الرحمن بن زياد وابن لهيعة سمعت أبى يقول ذلك، سئل أبى عن بكر بن سوادة فقال: لا بأس به. اه. ولم يخرج له البخاري في صحيحه إلا معلقا وفي موضع واحد فقط وعن زياد بن نافع وليس عن عبد الرحمن بن جبير المصرى المؤذن. ومنهج المتقدمين رد حديث الثقة إذا تفرد بأصل من الأصول فما بالك إذا كان الراوي يخطئ. قال الحافظ ابن رجب: وانفراد الراوي بالحديث، وإن كان ثقة، هو علة في الحديث يوجب التوقف فيه، وأن يكون شاذا ومنكرا، إذا لم يرو معناه من وجه يصح. وهذه طريقة أئمة الحديث المتقدمين كالإمام أحمد، ويحيى القطان، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني وغيرهم. اه. وقال أيضا: وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث إذا تفرد به واحد، وإن لم يرو الثقات خلافه: "إنه لا يتابع عليه"، ويجعلون ذلك علة فيه، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه، واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضا، ولهم في كل حديث نقد خاص، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه.
فترى أن التفرد وحده ولو بدون مخالفة يعدونه علة في الحديث فما بالك إذا كان الحديث أصلا مخالفا لنصوص الكتاب والسنة الصحيحة والفطرة السليمة كما سيأتي بيانه.
-تفرد عبد الرحمن بن جبير المصري الفقيه الفرضي المؤذن العامري بروايته عن عبدالله بن عمرو بن العاص وأين هومن أصحاب عبدالله بن عمرو بن العاص الملازمين له، المختصين به، الذين يحفظون حديثه حفظا، وهم أعلم الناس بحديثه. فنذكرهم من تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر والذي من صنيعه فيه انه يأتي بأسماء الرواة عن الشيوخ حسب مراتبهم فيذكر أولا من طالت ملازمته وهكذا:
-انس بن مالك
-أبو أمامة بن سهل بن حنيف
-عبد الله بن الحارث بن نوفل
-مسروق بن الاجدع
-سعيد بن المسيب
-جبير بن نفير
-ثابت بن عياض الاحنف
-خيثمة ابن عبدالرحمن الجعفي
-حميد بن عبدالرحمن بن عوف
-زر بن حبيش
-سالم بن أبي الجعد
-أبوالعباس السائب بن فروخ
-سعيد بن ميناء
-ابنه محمد بن عبدالله بن عمرو
-ابن ابنه شعيب بن محمد بن عبدالله بن عمرو بن العاص
-طاووس
-الشعبي
-عبد الله بن رباح الانصاري
-ابن أبي مليكة
-عروة بن الزبير
-ابو عبد الرحمن الحلبي
وقد لهج بذلك كبار الحفاظ في الكثير من الأحاديث كقول الإمام أحمد: أصحاب أبي هريرة المعروفون ليس هذا عندهم. "
وتحدث عن متن الحديث فقال :
"عدم استقامة المتن إذ لا مناسبة بين قوله في الحديث:" ... إلا ومعه رجل أو اثنان" وما حدث في بيت أبي بكر الصديق إذ أن الواقع انه لم يجد في بيته رجلا واحدا فقط وإنما وجد نفرا من الرجال فلا معنى إذا ولا حاجة أن يقول النبي (ص)ما قاله وحاشاه ذلك. لو أن أبا بكر وجد رجلا واحدا فقط في البيت لكان نهي النبي (ص)مستقيما فإذا كان الحال كما ذكر في الحديث من أن أبا بكر وجد نفرا من الرجال في البيت فإنه لا يستقيم المتن إلا بالنهي عن الدخول على المغيبات مطلقا أو يشترط لذلك إذن الزوج (وإذنه تواجده في البيت كما في رواية من حديث عمرو بن العاص وسيأتي ذكره قريبا)."
وكلام الأندلسى خطأ ظاهر فالرواية الأولى تقول :
"أن نفرا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس فدخل أبوبكر الصديق وهي تحته يومئذ فرآهم فكره ذلك فذكر ذلك لرسول الله (ص)وقال لم أر إلا خيرا فقال رسول الله (ص)إن الله قد برأها من ذلك ثم قام رسول الله (ص)على المنبر فقال لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان"
فهنا الداخلين نفر أى كثرة " نفرا من بني هاشم دخلوا "ومن ثم النهى فى هذه الرواية عن الكثرة واباحة دخول اثنين أو ثلاثة فقط "إلا ومعه رجل أو اثنان"
وتحدث عن تداخل سند حديث فى سند حديث أخر عند مسلم فقال :
"يحتمل انه قد دخل على الرواة عند مسلم حديث في حديث وهذا شائع ومعروف عند من يشتغل بعلم العلل الجليل، فقد ثبت من طرق كثيرة صحيحة حديث عمرو بن العاص في النهي عن الدخول على المغيبات:
1 - أولها طريق شعبة عن الحكم قال: سمعت ذكوانا يحدث عن مولى لعمرو ابن العاص أنه أرسله إلى علي يستأذن على أسماء ابنة عميس فأذن له حتى إذا فرغ من حاجته سأل المولى عمرا عن ذلك فقال: إن رسول الله (ص)نهانا أن ندخل على النساء بغير إذن أزواجهن رواه الترمذي والبيهقي في الكبرى وابن أبي شيبة في المصنف. قال الترمذي: وفي الباب عن عقبة بن عامر وعبد الله بن عمرو وجابر قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح ووقع عند الترمذي: حدثنا سويد حدثنا عبد الله أخبرنا شعبة عن الحكم عن ذكوان عن مولى عمرو بن العاص ومولى عمرو بن العاص هو أبو قيس عبد الرحمن بن ثابت ثقة روى له الجماعة ذكره يعقوب بن سفيان في ثقات المصريين وابن حبان في كتاب " الثقات " وقال العجلى: مصري تابعي ثقة ورواه أحمد وإبنه في المسند وابن أبي شيبة في المصنف من طريق حفص عن مجالد عن الشعبي عن جابر قال: نهانا رسول الله (ص)أن ندخل على المغيبات.
وفي الباب أيضا عن معاذ بن جبل، قال الرامهرمزي في المحدث الفاصل بين الراوي والواعي: حدثنا العباس بن أحمد بن حسان ويعرف بالشامي ثنا سليمان بن سلمة الخبائري ثنا بقية حدثني نصر بن علقمة عن ابن عائذ، قال: وجدنا في نسخة عن معاذ بن جبل:
أن النبي (ص)نهى أن يدخل على المغيبات.
في إسناده سليمان بن سلمة الخبائري أبو أيوب الحمصي سمع منه أبو حاتم وما حدث عنه وقال: متروك لا يشتغل به وقال بن الجنيد: كان يكذب ولا أحدث عنه بعد هذا وقال النسائي: ليس بشيء وقال بن عدي: له غير حديث منكر.
-ثانيها طريق وكيع عن مسعر عن زياد بن فياض عن تميم بن سلمة قال قال عمرو بن العاص: نهينا أن ندخل على المغيبات إلا بإذن أزواجهن.
رواه ابن أبي شيبة في المصنف. كذا رواه الطبراني في الكبير والأوسط من طريق وكيع به وقال: لم يرو هذا الحديث عن مسعر إلا وكيع.
|