نظرات فى رسالة أشد التحذير من مصاحبة الكبير للصغير
نظرات فى رسالة أشد التحذير من مصاحبة الكبير للصغير
صاحب الرسالة أبو دجانة محمد بن سالم بن مصبح البلوشي وهو يدور حول موضوع صداقة الشباب فوق الخامسة والعشرين للأطفال قبل الخامسة عشر ويؤكد البلوشى خطورة هذا النوع من الصداقة فى مقدمة رسالته بقوله :
"وبعد ..
فإن من المظاهر السيئة التي نشهدها في مجتمعاتنا هذه الأيام ظاهرة كثير من الناس عنها ساهين ، وعن خطرها غافلين ألا وهي ظاهرة مصاحبة الكبير الذي نطح سنه أواسط العشرين وزاد للصغار من الغلمان والأولاد ، وقد يقول قائل : وماذا في ذلك ! ؟ رفيق ورفيقه ، وخليل وصديقه ، لكن المسألة تتعدى ذلك بكثير ، ولا ينتبه لها أحد والأمر خطير ، والمظاهر خادعة ، والصور المكشوفة لا تنم بالضرورة عن الأحوال الباطنية المستورة ، فنحن يغرنا منظر بعض الورود الجميل ولونها الزاهي عند تساقط أشعة الشمس عليه فيكون له البريق واللمعان وعندما نشمها نجد أنها بلا ريح وسريعة التفتت ، والذبول ، ولونها سريع الزوال ، ويخدعنا السراب عندما نظنه ماء فنهرع لظمئنا الحارق إلى شربه فنجده هباء فلا يزيد عطشنا إلا عطشا ولا عناءنا إلا عناء"
ونجد الرجل يستدل على تلك الخطورة المزعومة بأن المنافقين مظاهرهم جميلة براقة ولكنها فى الباطن شر وسوء فقال :
"وفي القران الكريم كشف الله المنافقين رغم كلامهم ومظهرهم الدال على الإيمان والثبات فقال سبحانه ( إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) قال بن كثير رحمه الله في تفسيره ( (كاذبون) :أي فيما أخبروا به وإن كان مطابقا للخارج ) "
والاستدلال خارج نطاق الموضوع فلا يوجد نص يحرم مصاحبة شاب لطفل ولا العكس كما لا يوجد هذا النص فى الكبار والصغار ولكن يبدو أن البلوشىء نتيجة لمعرفته ببعض حكايات السوء رتب على ذلك ما قاله من تلك الخطورة المؤدية للتحريم بالتالى وزلا يوجد تحريم إلا بنص
يحكى البلوشى أن بعض الشباب استغلوا الأطفال فى قضاء شهوتهم فقال :
"والعلاقات التي تنشأ بين الكبار وبين من يصغرونهم بسنوات عديدة الكثير منها يكون ظاهره خالص الصحبة والمودة ، وباطنها أمور تأبى الأنفس المؤمنة عن تصديقها ، وتروع القلوب الطاهرة لدى سماعها ، فبعض الكبار (هداهم الله وأصلحهم) اتخذوا من الصغار باسم الصحبة والصداقة ! مطية للوصول بهم إلى غاياتهم السيئة أو شهواتهم الدنيئة ، فصارت العلاقة بينهم كعلاقة الزعماء بعصاباتهم ، والأخلاء بخليلاتهم ،وهذا سبب من أسباب كثرت السرقات ، واللواط ،وإدمان المخدرات ، وعمل المنكرات ، ولا تكاد السجون اليوم تخلو من المراهقين ، ولا يكاد يرتكب الجرائم إلا من هم تحت سن العشرين ، وما ذاك إلا لصحبتهم للكبار الفاسدين فتعلموا منهم المعاصي والفساد، واجتهد أولئك عليهم في المعاصي أيما اجتهاد ،فالصاحب كما يقال ساحب ، والمرء كما ورد : (على دين خليله) ، ومن عاشر قوما كان منهم وعلى صفتهم وشاكلتهم .وأولئك الكبار الذين انحرفوا عن جادة الهدى والصواب ، ورافقوا من هم أصغر منهم سنا كان لهم عليهم فضل عقل، وجسم، وقوة وربما امتلكوا وسائل أخرى كالمال والسيارة ، فاستغلوا ذلك في إغوائهم ، وترويضهم وتطويعهم لهم ، فصار الصغار في أيديهم كالحديد المصهور يشكلونه كيف يشاءون ، أو كالوعاء الفارغ يملئونه بما يريدون ، وإنا لنشاهد في واقعنا المعاصر الكثير من الفتن ، منها ما ظهر وطفح على السطح ، ومنها ما بطن ، فمن ذلك أن بعض أولئك الذين صاحبوا الصغار وغووهم من احتدت فيه شهوته ، وثارت عليه غريزته ، فلما لم يقدر أو يهتدي إلى الحلال ، وانحرفت به نفسه عن شرع ذي الجلال اتخذ من هؤلاء الصغار منفذا لشهوته ، وعشقا لملذته ، فرافق الغلمان ، وهوت نفسه المردان ، فسقط في الهلاك والخذلان ، وهذا والعياذ بالله منتهى الخسران قال الإمام بن القيم في جوابه الكافي واصفا حال مثل هذا ( وهذا داء أعيا الأطباء دواءه ، وعز عليهم شفاؤه ، وهو لعمر الله الداء العضال ، والسم القتال ) – نسأل الله السلامة – وكذلك من هؤلاء الكبار من هجره أصحابه لخسته ، وفساد خلقه وقلة حيائه وأدبه ، فلما استو حد وانفرد ، وما وجد حوله من الصالحين أحد اتخذ الصغار أصحابه ، وأفاض عليهم من صفاته وأخلاقه ، فاجتمعوا حوله ، وارتبطوا به ، وعملوا بعمله ،فصاروا كالأورام الخبيثة في أجسام مجتمعاتنا يفعلون الفساد ، ويقومون بالإفساد حتى تضرر من شرهم الخلق والبلاد ، هذا ولمرافقة الصغار للكبار أسباب ومسببات ، فمنهم من حرم من رعاية الأبوين واهتمامهم ليتمه وأهمله الناس ولم يراعوه ولم يحسن أقربائه كفالته ورعايته فصار إلى ذلك ومشى عليه ، ومنهم من حرم من رعاية الأب وحنانه فأخذ يستجدي تلك الرعاية وذلك الحنان حتى وجده عند من زوره له وادعى به من الكبار ليربطه معه ، ويجره معه إلى طريق الفساد ، ومنهم من نشأ على غير خلق ودين فسهل صيده على المستذئبين ، ومنهم من خلقه الله على صورة جميلة ، فكان محطة لأنظار ذوي الفحش والرذيلة ،فجلبوا عليه بخيلهم ورجلهم حتى اكتنفوه في فحشهم ، وقتلوا نفسه بفعلهم (ولا حول ولا قوة إلا بالله ) ، ثم إن من الكبار من أنعم الله عليهم بالدين ، وجعلهم من المؤمنين الصالحين ، وجعل منهم الدعاة والمربين ، فهؤلاء لا نقصدهم بكلامنا ، ولا نعنيهم بملامنا وتحذيرنا فهم بشرع الله ملتزمين ، وللحق عارفين ، وبالضوابط والحدود ملتزمين وإنما الكلام عن من غفل عن الله ، واتبع شهوته وهواه ."
قطعا بعض الحوادث التى تقع هنا وهناك هى نتيجة لفساد الناس وعلى راسهم الحكام الذين لا ينفذون أحكام الله ويريدون أن تظل البلاد فاسدة من كافة النواحى وظهور الفساد لا يوقع أحكام جديدة كتحريم أو كراهية تلك المصاحبة ولو قلنا بذلك فيجب تحريم وجود الاخوة الكبار والصغار معا كما حال أسرة يعقوب(ص) حيث كان بعضهم شباب والبعض الأخر أطفال
ولو كان تواجد الكبير مع الصغير معناه الفساد لكان حرام وجود الأطفال مع أبيهم أو عمهم أو خالهم أو غير هذا
لو كان ألمر بهذه الطريقة فلماذا امتنع الصغير وهو يوسف(ص) عن الزنى مع الشابة وهى زوجة العزيز ؟
ولماذا امتنع الصغير يوسف (ص) عن الزنى رغم طلب نساء المدينة له وامرأة العزيز بالفساد معهن؟
الكبر والصغر ليس معناه فسادا أو صلاحا فقوم لوط(ص) الكبار والشباب ارتكبوا المعصية معا لا فرق بين صغير أو كبير بلا استثناء ومن ثم لا يمكن تحريم مصاحبة أحد لأحد لأن العملية تعتمد على تمسك الإنسان بدينه أو تضييعه له
قطعا المسألة تعتمد على المجتمع ككل فن كان المجتمع يربى أفراده على الحق ويقوم بعقاب كل من يخرج على الشرع فلن يجرؤ أحد منه على ارتكاب الجرائم سوى القلة التى تظهر فجورها وهؤلاء إذا تم قتلهم باعتبارهم مفسدين محاربين لله فقد انتهت الجريمة ظاهريا ولكن قد يقع البعض منها فى الخفاء خوفا من العقاب
ووجه البلوشى النصائح لعلاج المشكلة فقال :
"وأخيرا لابد من وقفة تذكير ، ونصح وإرشاد وتبيين حتى تستقيم الأحوال ، وتزول الأهوال ، وتعتدل الموازين ويتأدب المفسدين ، وينتبه الغافلين فقد قال (صلى الله عليه وسلم) ( الدين النصيحة) وما وصفها (صلى الله عليه وسلم) بهذا الوصف إلا لعظمها وفضلها وتأثيرها الفعال في من كان في قلبه إيمان ، وفي نفسه نية للتوبة والإحسان ، قال سبحانه : ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) ، وقال : ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) ، وكذلك أمرنا (صلى الله عليه وسلم) بتغيير المنكر وإيقافه فقال : ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) ..وعلى هذا فهذه نصائح أربع للحد من هذه الظاهرة السيئة ،أوجهها إلى أربعة ، فإن عملوها فذلك خير ، وإن لم يفعلوها فكما قال سبحانه ( ولكن الله يهدي من يشاء ) .
|