قراءة فى مقال النهى عن لبس السواد
قراءة فى مقال النهى عن لبس السواد
المقال جزء من كتاب أجوبة مسائل جيش الصحابة ومؤلف الكتاب هو علي الكوراني العاملي وهو موجود من ص 114 إلى ص 118
الكتاب عبارة عن أسئلة طرحها موقع باكستانى يسمى جيش الصحابة على علماء الشيعة لكى يقوموا بالإجابة عليه ومن أجاب كان على الكورانى العاملى فى كتابه المذكور
وسؤال المقال هو:
"ما تفسيركم لروايات النهي عن لبس السواد ؟
43 - في كتاب ( من لا يحضره الفقيه ) صحفه 81 المجلد الأول لا تلبسوا الأسود فإنه لباس فرعون فما معنى هذه العبارة ومقصدها ؟
وأما الجواب فهو :
الجواب : نعم روى الصدوق قدس سره في كتاب من لا يحضره الفقيه : 1 / 251 : ( 767 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام فيما علم أصحابه : لا تلبسوا السواد فإنه لباس فرعون . 768 - وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يكره السواد إلا في ثلاثة : العمامة والخف والكساء ) . انتهى ."
قطعا الأحاديث ليس له علاقة لا بالنبى(ص) ولا بصاحبه على للتالى :
أولا لباس فرعون شىء من علم الغيب لم يذكره الله فى القرآن وعلى وحتى النبى الخاتم(ص) نفسه لا يعلم الغيب كما قال تعالى على لسانه :
" ولا أعلم الغيب"
وقال :
" لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء"
ثانيا النهى عن السواد وكراهية السواد معناها هو :
كراهية للون خلقه الله وجعله موجودا فى الكون وقد اعتبر الله وجود الألوان دليل من الدلائل الدالة على قدرته فقال :
" ومن آياته اختلاف ألسنتكم والوانكم "
وهذا اللون جعله موجودا فى ألوان الجبال غفال :
" ومن الجبال جدد بيض وحمر وغرابيب سود"
وتحدث الكورانى عن وجود فتوى شيعية بحرمة لبس السواد فى الصلاة وأن هذه الفتوى لا تتناقض مع لبس السواد حزنا على الحسين فقال :
"لذلك يتساءل البعض : هل أن لبس السواد حزنا على الإمام الحسين عليه السلام مستحب شرعا في عاشوراء ، وبقية مناسبات عزاء المعصومين عليهم السلام ؟ وهل يتنافى ذلك مع الفتوى المعروفة في فقهنا بكراهة لبس السواد في الصلاة ؟
الجواب : أنه على فرض ثبوت كراهة لبس السواد في بعض الحالات فإن لبسه في عزاء سيد الشهداء مستثنى من الكراهة لأنه من مصاديق الحزن المستحب
وقد كان هذا المظهر وما زال من مظاهر الحزن على أهل البيت النبوي من صدر الإسلام إلى يومنا هذا . فالأخبار الواردة عن الأئمة من أهل البيت عليهم السلام ، في النهي عن لبس السواد لو تمت ، فهي غير ناظرة إلى لبس السواد حزنا على الحسين ، بل ناظرة إلى التشبه بجبابرة بني العباس ، الذين اتخذوا السواد لباسا رسميا لهم وأجبروا المسلمين عليه ! ! فمن الثابت تاريخيا أن العباسيين جعلوا شعارهم في حركتهم الرايات السود ، لكي يطبقوا عليهم أحاديث النبي صلى الله عليه وآله في المهدي عليه السلام والرايات السود التي تمهد له من المشرق ! ثم ألبسوا أنصارهم الثياب السود ، وعللوه بأنه حزن على شهداء كربلاء وغيرهم من شهداء أهل البيت عليهم السلام ولذلك عرفوا باسم ( المسودة ) وبعد سيطرتهم ألزموا أعضاء دولتهم بلبس السواد ، ثم ألزموا بذلك عامة الناس ، ومنه لبس قلانس سوداء طويلة ! ! . . الخ ."
قطعا لا يوجد فى الإسلام شىء اسمه النهى عن لبس لون معين فى الصلاة أو فى شىء من الملابس لأن الله أباح اللباس دون تحديد لون ودون نظر لما يسمونه الحزن والفرح فقال :
" يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا"
والمصيبة أن الله يقول عن الشهداء :
" فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون"
فإذا كان الشهاء سعداء فى الجنة فكيف يتم الحزن عليهم فى الدنيا وقد مر على استشهادهم سب الروايات الكاذبة آلاف السنين ؟
وأما كون الحسين سيد الشهداء فى الجنة فكلام يكذبه القرآن فلا وجود لا سيادة فى الجنة وإنما الموجود كما فى الدنيا اخوة كما قال تعالى :
" ونزعنا ما فى صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين
ونجد أن الرجل يستثنى مقتل الحسين من الحزن وكأن بقية ألائمة عنده لم يقتل بعضهم كعلى وهو خراب فى المنهج
ونجده يتحدث عن الاستثناء دون ذكر دليل على الاستثناء لا من الحسين ولا من بقية ألائمة عندهم بعده
وتحدث عن السواد فى المأتم فى أحاديثهم فقال :
"فالروايات الناهية عن لبس السواد ناظرة إلى التشبه بهم ولا تشمل لبس السواد حزنا على الإمام الحسين.
( قال المحقق البحراني في الحدائق الناضرة : 7 / 116 : ( ومنها : أنه يكره الصلاة في الثياب السود ، عدا العمامة والخف والكساء ، وهو ثوب من صوف ومنه العباء ، كذا نقل عن الجوهري . . .
ثم أقول : لا يبعد استثناء لبس السواد في مأتم الحسين من هذه الأخبار ، لما استفاضت به الأخبار من الأمر بإظهار شعائر الأحزان .
ويؤيده ما رواه شيخنا المجلسي عن البرقي في كتاب المحاسن أنه روى عن عمر بن زين العابدين أنه قال : لما قتل جدي الحسين المظلوم الشهيد لبس نساء بني هاشم في مأتمة ثياب السواد ، ولم يغيرنها في حر أو برد . وكان الإمام زين العابدين يصنع لهن الطعام في المأتم ) .
هنا لا يوجد أى حديث عن الاستثناء وإنما النساء هن من لبسن السواد وللعلم فغن السواد كان لباس النساء عند الخروج فى قرانا ومدننا لأن لونه لا يشف عن الجسم وكان ذلك عادة من العادات اختفت حاليا وكن الجميع يلبسنه مسامات وغير مسلمات فهى عادة وليست شىء أخر
وكرر الكورانى نفس المعنى من كتاب اخر فقال :
( وقال الحر العاملي في وسائل الشيعة : 2 / 357 : ( عن الحسن بن ظريف بن ناصح ، عن أبيه ، عن الحسين بن زيد ، عن عمر بن علي بن الحسين قال : لما قتل الحسين بن علي لبس نساء بني هاشم السواد والمسوح ، وكن لا يشتكين من حر ولا برد ، وكان علي بن الحسين عمل لهن الطعام للمأتم ."
ونجد فى الحديثين السابقين أن من لبسن السواد نساء بنى هاشم فقط وهو ما يناقض أن من لبسنه كل القرشيات ومنهم نساء بنى هاشم فى الحديث التالى :
( وفي بحار الأنوار : 45 / 195 : ( وفي رواية أخرى . . . قال : فلما أصبح استدعى حرم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لهن أيما أحب إليكن : المقام عندي أو الرجوع إلى المدينة ولكم الجائزة السنية ؟ قالوا : نحب أولا أن ننوح على الحسين ، قال : افعلوا ما بدا لكم ، ثم أخليت لهن الحجر والبيوت في دمشق ، ولم تبق هاشمية ولا قرشية إلا ولبست السواد على الحسين ، وندبوه على ما نقل سبعة أيام ، فلما كان اليوم الثامن دعاهن يزيد ، وعرض عليهن المقام فأبين ، وأرادوا الرجوع إلى المدينة ، فأحضر لهم المحامل وزينها ، وأمر بالأنطاع الأبريسم ."
وذكر الكورانى حديثا أخر يدين رأيه فى استثناء الحسين فقط فقال :
( وفي وفيات الأئمة ص 85 : ثم رجع الحسن والحسين وأخوتهما من دفنه ، وقعد في بيته ولم يخرج ذلك اليوم ، ثم خرج عبد الله بن العباس بن عبد المطلب إلى الناس فقال : إن أمير المؤمنين قد توفى وانتقل إلى جوار الله ، وقد ترك بعده خلفا ، فإن أحببتم خرج إليكم وإن كرهتم فلا أحد على أحد ، فبكى الناس وضجوا بالبكاء والنحيب ، فقالوا : بل يخرج إلينا ، فخرج إليهم الحسن وعليه ثياب سود وهو يبكى لفقد أبيه ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر النبي فصلى عليه ، ثم قال : أيها الناس : اتقوا الله فإنا أمراؤكم وساداتكم وأهل البيت الذين قال الله فيهم : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا . أيها الناس : لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون ، ولا يلحقه الآخرون . لقد كان يجاهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله فيفديه بنفسه ، لقد كان يوجهه برايته فيكنفه جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن شماله ، فلا يرجع حتى يفتح الله عليه ) .
الحديث هنا فى وفاة أو مقتل على بن أبى طالب ونجد فيه أن ابنه الحسن لبس ثيابا سود وهو قول الحديث:
" فخرج إليهم الحسن وعليه ثياب سود وهو يبكى لفقد أبيه"
وهذا الحديث يعنى استثناء على وليس فيه ذكر للحسين الذى ذكر أنه المستثنى الوحيد من حكاية النهى عن لبس السواد
وهذا الحديث ليس فيها ذكر لبس النساء للسواد فهن غير مذكورات هنا مع تعدد نساء على وبناته فى كتب التاريخ
إن لبس السواد عند الناس على أنواع :
الأول:
لبس السواد حزنا وغما على ضياع حكم البلد من أهل الدين كما فى الحالة المصرية حيث يلبس رجال الدين النصرانى اللباس الأسود رمزا لحزنهم على فقدهم حكم مصر
وهم يخالفون بقية مذاهب النصارى الذين يرتدون الأزياء البيضاء والملونة
وهذا ما يزعمه بعض مسلمى عن وجهة نظرهم فى ارتداء رجال الدين النصارى اللبس الأسود
الثانى :
التعود فكما سبق القول فى الكثير من بلاد العالم المسمى الإسلامى نجد أن النساء سواء كن مسلمات أو معاهدات كن يرتدين السواد عند الخروج من البيوت وما زالت تلك العادة موجودة فى دول الخليج وزالت من مصر
ونجد أن فى بلاد معينة من العالم الإسلامى يكون اللون الأبيض هو الشائع فى لباس النساء حتى أثناء التعزية مثل :
أندونسيا
وكذلك السودان
وإن كانت السودانيات يلبسنه بسبب عكسه لأشعة الشمس لأن مناخ بلادهم حار
|