ها كيف تدير أمريكا الصراع في السودان بين الجيش والدعم السريع لإطالة عمر الحرب والإبقاء على الأزمة
(إدارة الصراع من طرف السفير الأمركي بالخرطوم نموذجا)
محمع البحرين؛ طنجة بتاريخ: رابع وعشرين غشت سنة: 2024م
https://www.youtube.com/watch?v=P2cI5WiFWlA
ـــــــــــــــــــ
للديبلوماسي الأمريكي ذي الأصول اليهودية هنري كسنجر كتاب بعنوان: الديبلوماسية.
في كتابه يعتبر مهمة الديبلوماسي الأمريكي هي الإمساك بالأزمات من أجل إدارتها وليس من أجل حلها، من أجل إطالة أمدها، وليس من أجل تقصيره، وكلما طالت الأزمة كان أمام الولايات المتحدة الأمريكية فرص كثيرة لتطويعها، وهذه السياسة مطبقة في فلسطين، فها قد دميت قلوب المسلمين وأحرار العالم لما يجري من ذبح وتقتيل وتجويع وإبادة جماعية للفلسطسنيين في غزة، سياسة أمريكا مطبقة برؤية المهندس هنري كيسنجر في بلاد الشرق الأوسط، وهي في المغرب قد كانت شبه جامدة حين تناول ملف الصحراء جمس بيكر المسؤول الأمريكي المحنك، استلم الملف من الأمم المتحدة لإدارة الصراع بين المغرب والجزائر فأجرى عليه سياسة كيسنجر، وتنشط الدبلوماسية الأمريكية اليوم من خلال التطبيع الخياني المغربي لتُشعل حربا بيننا وبين أشقائنا في الجزائر، وأنا هنا آخذ السودان فقط، قدمت نماذج للفعل الإجرامي الأمريكي فينا وفي بلداننا وما أكثر النماذج لتتبينوا، فالسودان قبل تقسيمه بين المسلمين والمسيحيين، وبعد تقسيمه وهو يعاني الأزمات السياسية والعسكرية، تتخلل مسيرة الشعب السوداني الشقيق الانقلابات تلو الانقلابات، والحروب تلو الحروب، واليوم نجد حربا بين ما يسمى الجيش السوداني وبين قوة التدخل السريع، وهو صراع دموي فيه اقتتال وخسائر وتهجير للناس وتجويعهم.
وما أود لفت نظركم حضرات المشاهدين المحترمين هو أن تربطوا بين ما يجري في السودان وبين ما رسمه الهالك مهندس السياسة الخارجية الأمريكية في كتابه الديبلوماسية، ففي السودان سفير أمريكي مقيم، وهذا السفير يتصل بقوة الدعم السريع، وبنفس الوقت يتصل بالجيش، والغريب أنه يوجه هذا ويوجه ذاك، يرسم مخططات لهذا ولذاك، فكلا المتصارعين لعبة بيده يتصرف بها كيف يشاء، يتصرف وفق المصلحة الأمريكية، ومن مصلحتها في السودان ما جرى وما يجري، فالأزمة لا تكاد تستقر عند الانتخابات والإتيان برئيس منتخب حتى تنفجر من جديد بالانقلابات العسكرية وهكذا إلى أن تشاء أمريكا له غير ما هو واقع، وعليه فالعقل السوداني في وسط المسؤولين مغيب عن الواقع، وعقل القادة العسكرين أكثر غيابا، فهو عقل مظلم لا نور فيه، ولا ضياء يلحقه فيظل على عماه على حساب شقاء الشعب السوداني الشقيق، فمتى يتفطن السودانيون لألاعيب أمريكا بمصيرهم؟
الأغبى في السودان هم قادة الجيش الذين يتصلون بالسفير الأمريكي ليوجههم، يوجه هذا ضد ذاك وذاك ضد هذا ولا أحد منهم قد فطن للعبة القذرة التي تلعبها أمريكا في قتل السودانيين لبعضهم البعض، فمتى يقود الجيش السوداني واع بصير بألاعيب أمريكا حتى يُفشل مخطط كسنجر المعمول به لحد الآن، ويجنب شعبه الحرب وما يترتب عنها من مآسي وأزمات؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
محمد محمد البقاش
الأندلس الصغيرة؛ طنجة بتاريخ: رابع وعشرين غشت سنة: 2024م