قراءة فى مقال أوكيغاهارا غابة الموت المسكونة
قراءة فى مقال أوكيغاهارا غابة الموت المسكونة
صاحب المقال اياد العطار وهى تدور حول غابة يابانية تشتهر بكونها مكان للمنتحرين الذين يريدون التخلص من حياتهم
استهل العطار مقاله بالحديث عن أن الغابة اسمها بحر الأشجار لغناها بالشجر العالى المتكاثر وأنها غابة مخيفة لمن يدخلها فقال :
"عند سفوح جبل فوجي المقدس، ذلك المارد الياباني المكلل بالثلوج على مدار العام، تنتشر على مد البصر غابة كثيفة أسمها أوكيغاهارا (Aokigahara) ، وتعني "بحر الأشجار"، وهي بالفعل أسم على مسمى، لأنها أشبه ما تكون ببحر متلاطم من قمم الأشجار السامقة التي تشابكت وتداخلت فروعها وأغصانها عبر السنين حتى تحولت إلى مظلة خضراء عملاقة حجبت أشعة الشمس عن القاع المعتم والساكن كسكون الجبانات والمقابر هناك في الأسفل، في قاع الغابة المغطى بالطحالب والأوراق، تلوت وتبعثرت الجذوع والجذور المتعطشة لنور الشمس حتى بدت وكأنها وحوش أسطورية تتأهب للانقضاض على عاثري الحظ الذين تقودهم أقدامهم إلى هذه المتاهة العظيمة من الأشجار إنها غابة سحرية، تماما كتلك الغابات المخيفة والموحشة التي سمعتم عنها في القصص الخرافية، أو كتلك التي شاهدتموها في أفلام الرعب الهوليودية مع فارق أن أوكيغاهارا ليست مجرد خيال بل هي حقيقة ماثلة للعيان كما أن رائحة الموت الثقيلة التي تعبق أجواءها وتنبعث من تربتها وجذوعها وأوراقها ليست طارئة عليها ولا وليدة الحاضر، لكنها ترتبط بماضي مرعب وقاتم بقي عالقا ومحفورا في الذاكرة الجماعية للشعب الياباني حتى اليوم"
وتحدث عن أن الغابة لها تاريخ قاتم فاليابانيون يسمونها غابة العفاريت فقال :
"غابة العفاريت
بعض اليابانيون يطلقون على اوكيغاهارا أسما آخر، هو "غابة العفاريت"، وهم لم يطلقوا عليها هذا الاسم لمجرد كونها غابة مظلمة ومخيفة، ولا لأنها خالية تقريبا من الحياة الحيوانية بصورة محيرة وغامضة، فحتى الطيور تتجنبها ولا تعشش فوق أغصانها! لكن لا ليس هذا هو السبب بل هو أمر آخر مرتبط بممارسة يابانية قديمة ممارسة قاسية ومؤلمة طواها النسيان منذ عهد بعيد، لكن ذكراها وصرخات ضحاياها ما زالت تتردد في جنبات الغابة الملعونة حتى يومنا هذا
ففي الماضي، تحديدا في أوقات المجاعات والكوارث التي يعز ويندر فيها الطعام، كان بعض اليابانيون يمارسون تقليد أوباستي (Ubasute)، حيث كانوا يأخذون المرضى والضعفاء وكبار السن من أفراد عائلاتهم إلى اوكيغاهارا لينبذوهم في تلك الغابة المظلمة والموحشة التي تمتد على مساحة 35 كيلومترا مربعا
هذه التضحية البشرية كانت تعني بقاء أفواه أقل لكي يتم إطعامها وبالتالي تزايد احتمالات النجاة من الموت جوعا بالنسبة لبقية أفراد العائلة ويقال بأن أولئك المساكين وعاثري الحظ المنبوذين في الغابة كانوا يقضون نحبهم ببطء جوعا و بردا أو جراء الخوف والرعب الذي كان يكتنف أجسادهم الهزيلة بسبب بقائهم لوحدهم في ذلك المكان المرعب ويقال أيضا بأن البعض منهم كان يختصر طريق العذاب مرة واحدة، فكان يجمع أطراف ثيابه ويربطها معا كالحبل ليشنق نفسه بها على أقرب جذع شجرة
أولئك البؤساء كانوا يموتون وهم في قمة الغضب والشعور بالظلم والحيف، كيف لا وقد جرى نبذهم من قبل أقرب وأعز الناس أليهم تصور عزيزي القارئ أن يستدرجك أفراد عائلتك إلى غابة أو صحراء لينبذوك ويتركوك تموت هناك وحيدا ماذا سيكون شعورك يا ترى؟
حتما سيعصف الغضب بكل ذرة في كيانك وستصرخ ألما بلا هوادة بسبب الغدر والظلم الذي حاق بك فلا ألم ولا وجع أشد وأفظع و أنكى من وجع قلب وحيد مكسور مغدور صدقني عزيزي القارئ
ولهذا السبب بالذات، يؤمن الكثير من اليابانيين بأن أرواح أولئك المنبوذين الغاضبين لازالت تجوب الغابة حتى اليوم على الرغم من مرور قرون طويلة على موتهم، لازالت صرخاتهم الحانقة تشق سكون ليل الغابة البهيم، لقد تحولوا إلى أرواح شريرة تدعى يوري (Y?rei) ، أرواح تسعى للانتقام من البشر، وويل لعاثر الحظ الذي تطاله مخالب تلك الأرواح الثائرة"
قطعا هذه عقيدة دينية تخص القوم ولكن المعروف أن الغابات مهما افتقرت فهى مليئة بثمار هنا وهناك فلو افترضنا صحة التخلص من المرضى والمسنين بسبب المجاعات فالغابة لن تكون عقابا
هذا التاريخ هو ما كتبه كبار اليابانيين ولكن التاريخ الحقيقى هو أن الكبار كانوا يستخدمون أولئك الناس للتدرب على القتل والرمى ولكنهم كانوا يشعون تلك الاشاعات لكى لا يكتشف أحد تلك الحقيقة المرة
وحكاية تحول الموتى لأرواح شرية تهاجم الناس أو غيرهم هى خرافة لأن الموتى لا يمكن للإنسان أيا كان أن يحس بهم أو يسمع ركزهم وهو كلامهم كما قال سبحانه :
" وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا"
كما أن أرواح وهى أشباح الموتى لا ترجع لل{ض بعد موتها كما قال تعالى :
"أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ
وإنما تصعد عند الجنة أو النار فى السماء كما قال تعالى :
" وفى السماء رزقكم وما توعدون "
وبتحدث عن الكاتب مصدقا وجود طاقة شريرة فى الغابة بدليل أن الجثث فيها توجد يوميا وفى هذا قال :
"ربما لا تصدق هذا الكلام عزيزي القارئ لكن الغابة مسكونة فعلا بطاقة وقوة شريرة غامضة، ففي كل ركن من أركانها وفي كل شبر، على كل غصن وفرع، ترك الموت أثرا لا يمحى
وفي الظلمة، بين الجذوع الموحشة التي ما أبصرت يوما نور شمس أو قمر، مر ملك الموت بهدوئه المعتاد، تتبعه هالة من دخان وسواد، ليستل مزيدا من الأرواح المضطربة ففي اوكيغاهارا لا تنضب الجثث أبدا!
جنة المنتحرين!
لماذا يموت الناس في الغابة؟ أو بالأحرى لماذا يأتون ليموتوا فيها لا أحد يعلم! فمنذ عقود طويلة والناس يأتون بلا انقطاع من جميع أنحاء اليابان لكي ينتحروا في اوكيغاهارا، يقطع بعضهم مئات الأميال بسيارته ليشنق نفسه على جذع شجرة في تلك الغابة المظلمة أليس ذلك عجيبا؟!
الإحصاءات الرسمية تشير إلى أنه ومنذ ستينيات القرن المنصرم كان هناك حوالي مائة شخص ينتحرون سنويا في أوكيغاهارا، هذه النسبة ليست ثابتة طبعا، فهي قد ترتفع وتنخفض من عام إلى آخر في عام 2004 مثلا انتحر 108 أشخاص داخل الغابة، فيما حاول 247 شخص الانتحار فيها عام 2010 ولم ينجح سوى 54 منهم في قتل أنفسهم طبعا هذه الأعداد لا تتضمن الجثث التي لم يعثر عليها والتي قد لا يعثر عليها أبدا بسبب كثافة الغابة ووسعتها، فبعض أجزاء الغابة مازالت بكرا لم تطأها قدم إنسان، وهي تحتوي على عدد غير قليل من الكهوف العميقة، ولهذا السبب لا يعثر على جثث المنتحرين عادة إلا بعد مرور فترة طويلة على موت أصحابها، غالبا بعدما تكون قد تفسخت وتحللت بصورة سيئة
غالبية المنتحرين في أوكيغاهارا يفضلون الموت شنقا على جذع شجرة، فيما يختار آخرون تناول جرعة زائدة من العقاقير والمخدرات أغلبهم يأتون بسياراتهم الخاصة التي يتركونها عند أطراف الغابة ولا يعودون أليها أبدا، البعض منهم قد يخيم لعدة أيام قبل أن ينجح في قتل نفسه والعديد منهم يحمل معه نسخة من كتاب اتارو تسورومي الشهير والمثير للجدل "الدليل الكامل للانتحار"! هو كتاب يقدم المساعدة والإرشاد للأشخاص الراغبين في الانتحار عن طريق عرض وسائل مختلفة ومتنوعة لقتل أنفسهم وبيان مقدار الألم والوقت اللازم لكل وسيلة تم وضع لافتات في جميع ارجاء الغابة لثني الناس عن الانتحار "
إذا الغابة مكان أرشد أحدهم المنتحرين للانتحار فيه وهذا هو نتاج التاريخ الكاذب الذى يتم نشره هنا وهناك
وتحدث عن جهود الحكومات اليابانية للحد من تلك الظاهرة فقال :
|