قراءة فى تفسير سورة القارعة
قراءة فى تفسير سورة القارعة
المفسر هو عبد الكريم بن عبد الله الخضير وقد استهل بالآية الأولى وهى تفسير معنى القارعة فقال :
"{القارعة} [(1) سورة القارعة] القارعة: اسم من أسماء القيامة، كالواقعة والحاقة والطامة والصاخة، اسم من أسماء القيامة؛ سميت بذلك لأنها تقرع القلوب بأهوالها وأفزاعها، أمر عظيم مهول مخوف، فعلينا أن نستعد لهذا اليوم، تقرع القلوب بأهوالها وأفزاعها، شيء لا يخطر على البال، يعني أعظم هول تتصوره هو فوقه، لكن كما قال الله -جل وعلا- عن أوليائه: {لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة} [(103) سورة الأنبياء] فاحرص أن تكون من هؤلاء.
القيامة لها أسماء منها القارعة، وكما قال أهل العلم: إن السبب في تسميتها القارعة أنها تقرع القلوب بأهوالها"
هنا تحدث عن المعنى وهو أنها تقرع القلوب بأهوالها وهو معنى بعيد عن كون الخلق يكونون آمنين يوم القيامة وهم المسلمون كما قال تعالى " وهم من فزع يومئذ آمنون"
ويبدو أن المعنى مأخوذ من النفخ فى الصور كما قال تعالى " يوم ينفخ فى الصور فتأتون أفواجا" وهو ما فسره بأنه النقر فى الناقور فى قوله "فإذا نقر فى الناقور"وبالتالى هو القرع فى القاعور والمقصود النداء كما فسره بقوله" يوم ينادى المنادى "
فالقارعة إذا هى نداء البعث الذى يجعل الخلق يقومون من موتهم وتذكر الكاتب كلاما لا علاقة له بالتفسير عما يحدث حاليا فقال :
"ونحن في هذه الأيام نعيش ظروفا وفتنا تتقاذفنا أمواجها من يمين وشمال، نخشى أن تصيبنا قارعة، لماذا؟ لأن نعم الله علينا تزيد وتترى وتتابع، ولا تعد ولا تحصى، ومع ذلك هل أدينا شكر هذه النعم؟ {لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد} [(7) سورة إبراهيم] فما مصير الأقوام من المتقدمين من الأمم السابقة، ومن اللاحقين، ومن المعاصرين الذين كفروا النعم، تبلون أخبارهم، وكانت الأخبار منقطعة لا يسمع أحد عن أحد، ثم صارت تسمع الأخبار، ثم صارت في الأخير تشاهد، كأنك بينهم، وأطفال المسلمين الآن ما صار يخفى عليهم شيء، كأنهم بين هذه الأحداث، وهذه الأحداث المروعة لا تحرك فينا ساكنا، وإذا أراد الله شيئا يسر أسبابه، فنحن نخشى أن تصيبنا قارعة، ونسأل الله -جل وعلا- أن يلطف بنا، فالقارعة هي الأمر الشديد الذي يقرع القلب، ويعتصر القلب من الألم، فعلينا أن نسعى لدفع هذه القارعة التي حلت قريبا من دارنا، هي ما حلت بنا، لكن حلت قريبا من دارنا {فهل من مدكر} [(15)
سورة القمر]."
وكعادة المفسرين يدخلون النحو فى التفسير وهو أمر سوء فلا علاقة للنحو بالتفسير الذى بيان المعنى فقال :
"{القارعة * ما القارعة} [(1، 2) سورة القارعة] القارعة في اللفظ الأول مبتدأ، و (ما القارعة) هذه الجملة خبر المبتدأ، ما مبتدأ، والقارعة الثانية خبر، والجملة من المبتدأ والخبر خبر القارعة الأولى، وهذا استفهام يراد به التهويل من شأنها، والتعظيم من أمرها."
وقال مفسرا الآيات بانها أسلوب تهويل فقال :
"ثم بعد ذلك يقول الله -جل وعلا-: {وما أدراك ما القارعة} [(3) سورة القارعة] ما أدراك، ما أعلمك ما القارعة، نعم الرسول -عليه الصلاة والسلام- وغيره لا يعلمون عما غاب عنهم إلا ما أعلمهم الله -جل وعلا- إياه، {وما أدراك ما القارعة} [(3) سورة القارعة] وهذا أيضا أسلوب تهويل وتعظيم لشأن هذه القارعة، ولا شك أن ما يحدث في الآخرة، وما يحدث في الدنيا من الأمور المهولة المفزعة لا نسبة بينها، كرب الدنيا من أولها إلى آخرها كلا شيء بالنسبة لكرب الآخرة، ولذا جاء في الحديث: ((من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب الآخرة)) ما قال من كرب الدنيا والآخرة؛ لأن كرب الدنيا لا شيء بالنسبة لكرب الآخرة."
قطعا لا علاقة لقوله وما أدراك ما القارعة بالتهويل وإنما بالبيان فالله هو الذى أدرى أى أعلم النبى(ص) بالقارعة وهى نداء البعث وكان البيان أن القارعة وهى نداء البعث يكون يوم يكون الناس منتشرين كالفراش الكثير
قال الكاتب :
{وما أدراك ما القارعة} [(3) سورة القارعة] تكون القارعة، أو تحل القارعة متى؟ {يوم يكون الناس كالفراش المبثوث} [(4) سورة القارعة] الناس حين يبعثون من قبورهم إلى يوم الحساب يوم الجزاء يكونون كالفراش المبثوث، الفراش هذه الحشرات التي تتطاير لا إلى غاية، ولا إلى هدف، تجد سيرها وطيرانها لا على صراط مستقيم، يعني لا تمشي إلى هذا، تجدها تتحرك يمينا وشمالا، {يوم يكون الناس كالفراش} [(4) سورة القارعة] متى يكونون كالفراش؟ ولماذا يكونون كالفراش؟ يكونون كالفراش في القيامة، إذا بعثوا من قبورهم، يموج بعضهم في بعض، يكونون كالفراش الذي لا يدري أين يذهب؟ وتجده في النهاية أعني الفراش يقع في النار؛ لأنه ليست له غاية ولا هدف، {كالفراش المبثوث} [(4) سورة القارعة] المتفرق في الجو الذي لا يدري إلى أين يذهب؟ إلا أنه في النهاية يقع على النور، ويقع في النار."
قطعا إذا فسرنا القرآن بالقرآن فالفراش ليس ما نسميه الفراشات وإنما الجراد كما قال تعالى " يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم جراد منتشر"
والجراد عندما يأتى بالملايين يكون سحابة تغطى السماء تنزل على الأرض فتنتشر فى كل بقعة وهكذا الموتى وهو مليارات المليارات من الناس الذين عاشوا وماتوا
وأتى الكاتب برواية تتحدث عن شىء دنيوى ليفسر بها الأخروى فقال :
"والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((مثلي ومثلكم كمثل من استوقد نارا فجعل الفراش يقعن فيها، وأنا أذودكم، وأخذ بحجزكم عن النار، وأنتم تقحمون فيها)) فالنبي -عليه الصلاة والسلام- يذودنا عن النار، لكن يأبى كثير من الناس إلا أن يقع فيها كالفراش، وواقع كثير من المسلمين يصدق، تجده ينهى عن المحرمات ويقع فيها، يؤمر بالواجبات ولا يمتثل، هذا مثل الفراش."
قطعا النبى(ص) لم يقل تلك الرواية فهو لا يقدر على منع أحد من دخول النار بدليل أنه لم يمنع أحبابه من الكفر فدخلوا النار كما قال تعالى :
"إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء"
وقال مذكرا إياه بانه لا يقدر على ان وبدلا من تفسير القرآن بالقرآن قاذ أحد:
"أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من النار"
وبدلا من تفسير القرآن بالقرآن اعتبر الفراش غير الجراد فقال :
وجاء الوصف الآخر: {يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر} [(7) سورة القمر] تصور الجراد إذا انتشر في الجو إلا أن الجراد ما هو مثل الفراش، الفراش يموج لا إلى غاية، والجراد غايته واحدة، فهم في أول الأمر يموجون ثم يتجهون، يعني من هول الموقف تجدهم يموجون مثل الفراش، ثم بعد ذلك إذا استقرت أحوالهم صاروا كالجراد، وهم في الأصل يموج بعضهم في بعض، ويقول العلماء: كغوغاء الجراد، والغوغاء: الأمور المجتمعة المختلطة، {يوم يكون الناس كالفراش المبثوث} [(4) سورة القارعة] يعني المتفرق المنتشر في الجو."
وبين الآية التالية عن الجبال يوم القيامة فقال :
"{وتكون الجبال كالعهن المنفوش} [(5) سورة القارعة] هذه الجبال التي أرسى الله -جل وعلا- بها الأرض؛ لئلا تميد ولا تتحرك، تكون الجبال في يوم القيامة كالعهن كالصوف المنفوش، يعني المندوف المفرق بعضه عن بعض، يعني تصور الجبال، هذه الجبال الرواسي التي أرسى الله بها الأرض تكون كالصوف، الصوف إذا نفش وندف أدنى نسمة هواء، أو أدنى ريح تفرقه في الجو، يكون لا شيء.
ومنهم من يقول: إن المراد بالعهن الصوف المصبوغ الذي له ألوان، والجبال لها ألوان، لها ألوان وإلا بدون ألوان؟ {جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود} [(27) سورة فاطر] ألوان، فهي مناسبة لتمثيلها بالصوف، بالعهن المنفوش الذي ندف، معلوم أن الصوف إذا رص بعضه على بعض يكون له وزن، وكانت الفرش إلى وقت قريب إنما حشوها الصوف، والوسائد حشوها صوف، فإذا كانت ملبدة، هذه الوسائد ملبدة بالصوف له وزن، لكن إذا استخرجت هذا الصوف وندفته ونفشته، وفرقت بعض أجزائه عن بعض، صار لا وزن له، يطير في الهواء كالهباء، وبهذا يتصور عظمة الخالق -جل وعلا-، هذه الجبال التي أرسى بها دعائم الأرض تكون مثل الصوف مثل الهباء الذي يتفرق يمينا وشمالا، كالعهن المنفوش."
ومعنى الآية أن الجبال الجامدة الصلبة القاسية تتحول إلى تراب هش متفرق منتشر فعندما يتم نسف شىء يتحول من حالته الصلبة المجتمعة إلى أجزاء متناثرة ولذا قال الله مفسرا ""ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربى نسفا" وهو نفسه البس أى النشر فى قوله " وبست الجبال بسا" وهو نفسه تسيير الجبال سيرا حتى تصبح سرابا كما قال تعالى " وسيرت الجبال سيرا "
ثم فسر الآيات ألخيرة فقال :
|