نقد كتاب حديث الثقلين
نقد كتاب حديث الثقلين
الكتاب تأليف علي الحسيني الميلاني وإصدار مركز الأبحاث العقائدية برعاية السيستانى
موضوع الكتاب كما قال المؤلف :
"موضوع بحثنا «حديث الثقلين»، هذا الحديث الذي لو عمل به وطبق لما وقع خلاف بين المسلمين"
والهدف من الموضوع لدى المؤلف هو جمع المسلمين كما يقول :
"ولكن حديث الثقلين خير جامع بين المسلمين، لانه حديث يتفق عليه كل الأطراف، وهو حديث واضح في مدلوله وفي معناه "
وقد ذكر المؤلف ألفاظ روايتين للحديث فقال :
"ولنذكر قبل الورود بالبحث لفظا أو لفظين من ألفاظ هذا الحديث الشريف:
في صحيح الترمذي بسنده عن جابر بن عبدالله الانصاري، قال رسول الله (ص): «يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي» وفي صحيح الترمذي أيضا بإسناده عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله (ص): «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الأخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الارض وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما» فهذان لفظان من ألفاظ الحديث، عن صحابيين من رواة هذا الحديث الشريف من الصحابة"
وبدأ الرجل بحثه بالمعانى اللغوية فى الحديث فقال :
"الجهة الاولى:
"في تحقيق ألفاظ حديث الثقلين
هذا الحديث مشهور بحديث الثقلين، والثقل: متاع المسافر كما في اللغة، فإني تارك فيكم الثقلين، الثقلين تثنية ثقل، ... متاع المسافر، فهذا أنسب بحال النبي (ص)، وبالظروف التي قال فيها هذا الكلام، لان المسافر من بلد إلى بلد وخاصة مع العزم على عدم العود إلى بلده السابق، يأخذ معه متاعه، ...ورسول الله (ص) يقول في حديث الثقلين: «إني قد دعيت فأجبت»، أو: «يوشك أن أدعى فأجيب»، هذه مقدمة حديث الثقلين، فيخبر رسول الله عن دنو أجله وقرب رحيله عن هذه الحياة، وحينئذ يقول: «وإني تارك»"
الخطأ فى الكلام هو هو علم النبى (ص)بدنو أجله فالنبى (ص) لا يعلم بمكان وموعد موته حتى يعلم بدنو الأجل لأنه هذا يخالف قوله تعالى :
"وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت"
فموعد الموت ومكانه شىء من الغيب لا يعلمه نبى ولا غيره وقد طالب الله نبيه (ص) أن ينفى غلمه بالغيب فقال :
" ولو كنت أعلم الغيب لأستكثرت من الخير وما مسنى السوء"
ثم فسر الميلانى كلمة الثقلين فقال:
"ولا يخفى أن أغلى الأشياء عند النبي (ص) وأثمنها في حياته: القرآن والعترة، فكان ينبغي أن يأخذ القرآن والعترة معه، لكن مقتضى رأفته بهذه الامة وحرصه على بقاء هذا الدين هو أن يبقي أغلى الأشياء عنده في هذا العالم، ويترك الثقلين الامرين اللذين كان مقتضى الحال أن يأخذهما معه، فيقول: «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي»، ثم يوصيهم بقوله: «ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا»، فالغرض من إبقاء هذين الأمرين بين الامة، والهدف من تركهما فيهم هو أن لا يضلوا من بعده فبهذه القرائن الموجودة في داخل الحديث، والظروف المحيطة بهذا الحديث، نرجح أن تكون الكلمة الثقلين لا الثقلين
وقد لاحظتم في اللفظين المذكورين أنه في اللفظ الاول يقول: «ما إن أخذتم بهما لن تضلوا»، وفي اللفظ الثاني يقول: «ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا»، وهذان اللفظان موجودان عند غير الترمذي أيضا
فلفظة «ما إن أخذتم» أو لفظة «الأخذ» موجودة في مسند أحمد ... ، وفي غيرها من المصادر ولفظ «التمسك» تجدونه في مسند عبد بن حميد ، وفي الدر المنثور ، وغيرهما من المصادر وأنتم لو راجعتم اللغة لوجدتم معنى «الأخذ» في مثل هذا المقام، ومعنى «التمسك» في مثل هذا المقام هو «الاتباع»
لكن كلمة «الاتباع» أيضا من ألفاظ حديث الثقلين، وهذا ما تجدونه في رواية ابن أبي شيبة وفي رواية الخطيب البغدادي لفظ «الاعتصام» بدل لفظ «التمسك» و«الأخذ»، يقول رسول الله (ص): «إني تركت فيكم ما لن تضلوا بعدي إن اعتصمتم به كتاب الله وعترتي»، و«الاعتصام» في اللغة العربية في الكتاب والسنة وفي الاستعمالات الفصيحة هو «التمسك»"
والخطأ فى كلام الميلانى هو فهمه لأهل البيت بكونهم فاطمة وعلى والحسن والحسين مع أن أهل البيت فى كتاب الله تطلق على الزوجات كما قالت الملائكة لزوجة إبراهيم (ص) "وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها باسحق ومن وراء اسحق يعقوب قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلى شيخا إن هذا لشىء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد"
كما أن الحديث نفسه يعارض كتاب الله فكتاب الله يغنى عن أى شىء سواء كان العترة أهل البيت أو السنة المذكورة فى روايات أخرى مثل
20834- أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد أنبأنا أبو أحمد حمزة بن محمد بن العباس حدثنا عبد الكريم بن الهيثم أنبأنا العباس بن الهيثم حدثنا صالح بن موسى الطلحى عن عبد العزيز بن رفيع عن أبى صالح عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :« إنى قد خلفت فيكم ما لن تضلوا بعدهما ما أخذتم بهما أو عملتم بهما كتاب الله وسنتى ولن تفرقا حتى يردا على الحوض ».سنن البيهقى ج2ص421
4665 - حدثنا أبو بكر الشافعى حدثنا أبو قبيصة محمد بن عبد الرحمن بن عمارة بن القعقاع حدثنا داود بن عمرو حدثنا صالح بن موسى عن عبد العزيز بن رفيع عن أبى صالح عن أبى هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « خلفت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتى ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض ».
سنن الدار قطنى 10ص464
وكلا الروايتين روايات الكتاب والعترة والكتاب والسنة يناقضات روايات كتاب الله فقط كما فى الروايات التالية:
تارك فيكم كتاب الله هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على الضلالة "ابن حبان ج1ص 323
[ 312 ]
وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله التجارة تسألون عني فما أنتم قائلون قالوا نشهد أن قد بلغت فأديت ونصحت فقال بإصبعه السبابة يرفعها الى السماء وينكتها إلى الناس اللهم أشهد "ابن حبان ج 4ص292
وهذه الروايات الأخيرة التى توافق كتاب الله فى قوله تعالى "وأنزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
فكتاب الله يغنى عن أى شىء أخر فما الحاجة للعترة أو للسنة فى ظل بيان الكتاب لكل شىء؟
ونجد الميلانى يقول:
"ولذا نرى في الحديث المتفق عليه أي الموجود في كتب أصحابنا وفي كتب القوم عن الإمام الصادق بتفسير قوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) يقول الإمام جعفر بن محمد الصادق : «نحن حبل الله» حديث الصادق هذا بتفسير الآية المباركة موجود في تفسير الثعلبي، وفي الصواعق المحرقة ، وبعض المصادر الاخرى وإذا راجعتم تفسير الفخر الرازي في تفسير هذه الآية المباركة، وأيضا تفسير الخازن وبعض التفاسير الاخرى، لرأيتم أنهم يذكرون حديث الثقلين في تفسير الآية المباركة"
والفقرة بها خطأ عظيم ينسبونه للإمام الصادق وهو منه برىء فالرجل يفسر حبل الله بكونه العترة بينما كتاب الله شىء والعترة شىء ثانى لكونهما ثقلين وليس ثقل واحد
وبعد هذا يتتبع الميلانى ألفاظ الحديث فى كتب أهل السنة فيقول:
"وقد عرفنا أن الاعتصام هو «التمسك»، و«التمسك» يرجع إلى «الاتباع» أيضا، وذلك موجود أيضا بسند صحيح في مستدرك الحاكم وإذا وجب «الاتباع» ثبتت الإمامة بلا نزاع، فيكون علي وأهل البيت خلفاء رسول الله (ص) من بعده لكن حديث الثقلين ورد بلفظ «الخليفتين» أيضا، كما تجدونه عند أحمد في المسند ، وابن أبي عاصم في كتاب السنة ، وفي المعجم الكبير للطبراني، يقول الحافظ الهيثمي بعد أن يرويه عن المعجم الكبير للطبراني يقول: ورجاله ثقات ، وكذا صحح الحديث جلال الدين السيوطي
والالطف من هذا، عندما نراجع فيض القدير في شرح الجامع الصغير يقول المناوي بشرح كلمة «عترتي» يقول: وهم أصحاب الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا
فلاحظوا، ألفاظ هذا الحديث كيف تنتهي إلى الإمامة والخلافة، وإلى تعيين الإمام والخليفة بعد رسول الله (ص) فظهر: أن هذا الحديث بجميع ألفاظه يؤدي معنى واحدا، وهو معنى الإمامة، أما بلفظ «الخليفتين» فهو نص، ولا خلاف في هذا، وأي لفظ يكون أصرح في الدلالة على الإمامة والخلافة من هذا اللفظ ؟! «إني تارك فيكم خليفتين أو الخليفتين : كتاب الله وعترتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي»
|