أرض العرب فى الإسلام
أرض العرب فى الإسلام
من أبواب الفقه فى كتب التراث أرض العرب أو جزيرة العرب وهو مصطلح غريب لأن اسم العرب لم يرد فى المصحف فلا وجود لقوم يسمون العرب لهم أديان متعددة هم من بعث فيهم الرسول الخاتم(ص) بينما القرآن قال أنه مبعوث للعالمين كما فى قوله تعالى :
" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"
وقد بين الله تفسير ذلك وهو أنه مبعوث لانذار أم القرى ومن حولها ومن حولها يقصد به كل بلاد العالم لأن مكة هى مركز الأرض ومن ثم من حولها يشمل كل العالم وفى هذا قال تعالى :
"وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها"
واللفظ الوحيد الدال على بشر من الجذر عرب فى المصحف هو لفظ الأعراب وهو لفظ لا يطلق على متحدثى اللغة العربية وإنما على من يسكنون خارج المدينة كما قال تعالى :
"وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق"
ونجد اللغويين والفقهاء قد اختلفوا فى تعريف تلك ألأرض حيث قالت الكتب :
قال ياقوت الحموى فى معجم البلدان عن ابن الأعرابي عن الهيثم بن عدي، في تحديد جزيرة العرب أنها من العذيب إلى حضرموت قال ابن الأعرابي: ما أحسن هذا وعن الأصمعي: جزيرة العرب ما بين عدن أبين إلى ريف العراق في الطول ، والعرض من الأبلة إلى جدة
قال ياقوت: وجزيرة العرب أربعة أقسام: اليمن، ونجد، والحجاز، والغور (أي تهامة)
والذي قاله الهيثم والأصمعي هو الذي يذكره الفقهاء
وروى أبو داود عن سعيد بن عبد العزيز قال: " جزيرة العرب ما بين الوادي إلى أقصى اليمن إلى تخوم العراق إلى البحر "
وبين الخليل أن أرض العرب قيل لها جزيرة العرب؛ لأن البحار ونهر الفرات قد أحاطت بها، ونسبت إلى العرب؛ لأنها أرضها ومسكنها ومعدنها وقال الباجي: " قال مالك: جزيرة العرب منبت العرب قيل لها جزيرة العرب، لإحاطة البحر والأنهار بها "
وفي المغني: قال الإمام أحمد: " جزيرة العرب المدينة وما والاها "، يعني أن الممنوع من سكنى الكفار هو المدينة وما والاها، وهو مكة واليمامة وخيبر وينبع وفدك ومخاليفها ؛ لأنهم لم يجلوا من تيماء ولا من اليمن وقد روي عن أبي عبيدة بن الجراح أن النبي (ص)قال: أخرجوا يهود أهل الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب
وقال ابن القيم: " قال بكر بن محمد، عن أبيه سألت أبا عبد الله - يعني الإمام أحمد - عن جزيرة العرب، فقال: إنما الجزيرة موضع العرب، وأما موضع يكون فيه أهل السواد والفرس فليس هو جزيرة العرب موضع العرب الذي يكونون فيه " وقال ابن القيم أيضا: " قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول في حديث لا يبقى دينان بجزيرة العرب تفسيره: ما لم يكن في يد فارس والروم قيل له: ما كان خلف العرب؟ قال: نعم " "
ومن ثم نجد أن القوم اختلفوا فى تعريفهم لأماكن تلك الأرض لأنه لا وجود لتلك التسمية التى اخترعها الكفار بوضعهم أحاديث على لسان النبى الخاتم(ص) ومن آمنوا به ومن ثم رتب القوم على تلك الأحاديث أحكاما
الأول منع الكفار من سكن تلك الأرض المزعومة وقد اعتمدوا على روايات مثل:
"عن أبي هريرة، قال: بينما نحن في المسجد، إذ خرج علينا رسول الله (ص)فقال: انطلقوا إلى يهود، فخرجنا معه حتى جئنا بيت المدراس، فقام النبي (ص)فناداهم: يا معشر يهود، أسلموا تسلموا فقالوا: بلغت يا أبا القاسم فقال: ذلك أريد ثم قالها الثانية فقالوا: قد بلغت يا أبا القاسم ثم قال الثالثة فقال: اعلموا أن الأرض لله ورسوله وإني أريد أن أجليكم، فمن وجد بماله شيئا فليبعه، وإلا فاعلموا أن الأرض لله ورسوله متفق عليه بلفظ البخاري
والفقهاء على أقوال متعددة فى الأرض المقصودة فمذهب الحنفية والمالكية، أن الكفار يمنعون من سكنى جزيرة العرب كلها ، أخذا بظاهر الأحاديث الواردة في ذلك ومنها:
حديث عمر بن الخطاب، أنه سمع رسول الله (ص)يقول: لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلما
وحديث عائشة قالت: آخر ما عهد رسول الله (ص)لا يترك بجزيرة العرب دينان وعن ابن عمر مرفوعا: لا يجتمع في جزيرة العرب دينان ، وروى عمر بن عبد العزيز: قاتل الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لا يبقين دينان بأرض العرب}
ومذهب الشافعية والحنابلة كما تقول الموسوعة الفقهيةالكويتية:
" أن المراد بأرض العرب ليس كل ما تشمله (جزيرة العرب) في اللغة، بل أرض الحجاز خاصة واستدلوا بحديث أبي عبيدة بن الجراح، قال: آخر ما تكلم به رسول الله (ص)يقول: أخرجوا يهود أهل الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب
وفي الموطأ: قد أجلى عمر بن الخطاب يهود نجران وفدك فأما يهود خيبر فخرجوا منها ليس لهم من الثمر ولا من الأرض شيء وأما يهود فدك فكان لهم نصف الثمر ونصف الأرض؛ لأن رسول الله (ص)صالحهم على نصف الثمر ونصف الأرض، فأقام لهم عمر نصف الثمر ونصف الأرض قيمة من ذهب وورق وإبل وحبال وأقتاب، ثم أعطاهم القيمة وأجلاهم منها "
قطعا هذه الأقوال كلها عن طريق الروايات وأما المصحف فقد بين أن الممنوع على الكفار فى أرض المسلمين هو :
المسجد الحرام
وفى هذا قال تعالى :
" يا أيها الذين أمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد بعد عامهم هذا"
وبالتالى ممنوع عليهم دخول المساجد بدليل أن من فيها هم الرجال والمقصود الذكور المسلمين الذين يذكرون وحى الله كما قال تعالى :
"لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين"
وقال :
"فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له بالغدو والأصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله"
ويتعارض إخراجهم من أى أرض مع أنه يجب الاحسان والعدل مع المعاهدين كما قال تعالى :
" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم والله يحب المقسطين"
كما يتناقض مع وجوب أن يفى المسلمين بالعهود كما قال تعالى :
" كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم"
الثانى أجاز الفقهاء للكفار دخول تلك الأرض المزعومة للتجارة والعلاج وأخذ الديون وأشباه ذلك فقد نقلت الموسوعة الآراء التالية :
" يرى الجمهور، ومعهم محمد بن الحسن من الحنفية: أنه لا يجوز للكافر دخول الحرم المكي بحال ومذهب الحنفية أن ذلك جائز بصلح أو إذن وأما حرم المدينة فإنه لا يمنع من دخوله لرسالة أو تجارة أو حمل متاع
9 - وأما ما عدا ذلك - من أرض العرب - فلا يدخله الكافر إلا بإذن أو صلح وللفقهاء في ذلك تفصيل
فقال الحنفية: لو دخل - أي الذمي - أرض العرب لتجارة جاز، ولا يطيل، فيمنع أن يطيل فيها المكث، حتى يتخذ فيها مسكنا
10 - وقال المالكية: لأهل الذمة الاجتياز في جزيرة العرب في سفرهم لتجارة ونحوها، وإقامة الأيام، كالثلاثة لمصالحهم إن دخلوها لمصلحة، كبيع طعام وغيره
11 - أما الشافعية فلهم في ذلك تفصيلات أوسع، قالوا: إن استأذن الكافر في دخول الحجاز أذن له إن كان دخوله لمصلحة، كرسالة وحمل ما يحتاج إليه كثيرا من طعام وغيره، وكإرادة عقد جزية أو هدنة لمصلحة وهنا لا يؤخذ منه شيء في مقابلة دخوله أما مع عدم المصلحة فلا يؤذن له، فإن كان دخوله لتجارة ليس فيها كبير حاجة، لم يجز الإذن له، إلا أن يكون الكافر ذميا، وبشرط أن يؤخذ منه شيء من البضاعة أو ثمنها ولا يقيم بالحجاز حيث دخله، إلا ثلاثة أيام فأقل، غير يومي دخوله وخروجه، اقتداء بعمر رضي الله عنه فإن أقام بمحل ثلاثة أيام، ثم بآخر مثلها، وهكذا، لم يمنع، إن كان بين كل محلين مسافة القصر
12 - وعند الحنابلة: لا يؤذن لهم في الإقامة أكثر من ثلاثة أيام
تجاوز المدة المأذون فيها:
13 - ينص الفقهاء على أن من أذن له من الكفار بدخول شيء من أرض العرب - على الاختلاف السابق - فزاد في الإقامة على المأذون فيه يعزر، ما لم يكن له عذر والأعذار التي ذكروها لتمديد الإقامة في أرض الحجاز - سوى الحرم - ثلاثة:
أ - الدين:
14 - قال الحنابلة: أن يكون دخل بتجارة فصار له دين، وحينئذ إن كان الدين حالا يمنع من الإقامة إن أمكن التوكيل، وإلا أجبر غريمه على وفائه ليخرج فإن تعذر جازت الإقامة لاستيفائه
|