قراءة فى كتاب إرشاد الأخيار إلى منهجية تلقي الأخبار
قراءة فى كتاب إرشاد الأخيار إلى منهجية تلقي الأخبار
صاحب الكتاب المحتسب أبو مصعب وهو يدور حول تصديق أو تكذيب الأخبار التى تذاع فى وسائل الإعلام الحالية ويبدو أن الرجل من اتباع تنظيم القاعدة وفى مستهل حديثه تحدث عن عدم معرفة الاخوة لكيفية تمييز الخبر الصادق من الكاذب فقال :
"والذي دفعني لكتابة هذه الأسطر القليلة ما لوحظ من اضطراب بعض الأخوة الأخيار في كيفية التمييز بين صحيح وسقيم الأخبار بالبداهة والفطنة ، فتجد بعضهم ينكر ما لا يصح إنكاره ، ويصدق ما لا يصح تصديقه ."
وتحدث عن خبر تحدث عنه فى مقاله وهو أن أبو حفص المصري وزوجة أيمن الظوهري أحياء تكذيب لخبر عن مقتلهم فقال :
"وقد ذكرت طرفا من هذا الموضوع من سنتين تقريبا في ثنايا هذه بعنوان :
بشرى لمن يهمه الأمر أبو حفص المصري وزوجة أيمن الظوهري أحياء ..!!!"
وتحدث عن خطورة وسائل الإعلام الحالية على المسلمين فقال :
"إن لوسائل الإعلام المختلفة الأثر الكبير والخطير على أفكار أبناء الأمة الإسلامية ، وقد ابتلينا في زماننا هذا بأن أخذ بناصية صناعة الإعلام الغرب الصليبي والصهيوني ، وروج له أذنابهم في الداخل ."
وطرح سؤالا عن المنهج الدقيق لتصديق أو تكذيب الأخبار فقال :
"وبلا ريب ـ أيها الأحبة ـ أننا في حاجة ماسة لمناقشة الطريقة المثلى لتلقي أخبار الجهاد والمجاهدين في العالم ، وتحليلها ودراستها بوعي كبير ؛ خاصة بعدما استولى أعداء الأمة على الساحات الإعلامية المختلفة من صحف ، وإذاعات ، وقنوات فضائية …الخ ، ولم يبق لنا في هذا المضمار غير المنتديات الإسلامية .
فالسؤال الذي يطرح نفسه الآن : هل قبول الأخبار مطلقا هو الصواب ، أو الرفض التام حتى يلج الجمل في سم الخياط ؟!!."
وحدثنا عما سماه المنهج النقدى الاخبارى فقال :
"لعل أعدل الأقوال هو الالتزام بـ (منهج النقد الإخباري ) ، والذي سأستعرض أبرز سماته ـ من وجهة نظري ـ فيما يلي :
أولا ـ ما المقصود بالخبر ؟! .
المقصود بالخبر هنا : ما ينقل ويحدث به قولا أو كتابة ، وهو بمعنى سرد "معلومات" معينة بغض النظر عن طبيعة أو مصدر هذا الخبر.
وبلا ريب أن الأخبار التي تتناقلها وسائل الإعلام تحتمل الصدق والكذب ، والذي يرجح أحدهما على الآخر "قرائن الحال" والتي سوف أشير لبعضها بعد قليل ـ إن شاء الله ـ .
ثانيا ـ أهمية معرفة المنهج الأمثل في تلقي الأخبار .
لا يصح أن يكون المؤمن هكذا وعاء لكل خبر أو نبأ ، تتلاطمه أمواج وسائل الإعلام على اختلاف مشاربها ، بل يجب أن يكون لديه المنهج الواضح الذي يمكنه بواسطته الموازنة بين الأخبار المتناقضة ."
وتحدث عن أهمية وضع منهج لتلقى الأخبار وهو كلام خاطىء فالمنهج موجود فى الوحى الذى بين كل شىء كما قال تعالى :
" ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
وتحدث عن كون السبب هو أننا لم نشاهد الخبر بأم أعيننا فقال :
"فترجع أهمية وضع منهجية في تلقي الأخبار إلى أننا لم نشاهد الخبر بأم أعيننا أصلا ، بل نعتمد في ذلك على ما نسمعه من النقلة .
غرني أن أرى الديار بعيني # # # ولعلي أرى الديار بسمعي
فالفائدة من معرفة هذا المنهج معرفة الأمور على وجهها الحقيقي الصحيح .
ثالثا ـ قبل الوقوف على بعض "قرائن الحال" المشار إليها آنفا وجب الوقوف على عدة حقائق يستلزم استصحابها معنا عند قراءة أي خبر ، وهي :
1 ـ الأصل في المسلم " عدالته ، وصدق خبره ، وحسن الظن به " .
لأن هذا أصل عقيدة الولاء للمؤمنين ، فالولاء يكون بالنصرة والإكرام ، ومن لوازمه المحبة والاحترام، ومن لوازم المحبة والاحترام الحكم بعدالته ، وحمل خبره على الصدق ، وحسن الظن به .
ولك أن تتأمل قول ربك : { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم } (التوبة:71) .
وعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أنه قال : لا تظنن بكلمة خرجت من في امرئ مسلم سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا. اهـ .
2 ـ الأصل في الكافر " جرحه ، وكذب خبره ، وإساءة الظن به " .
وهذا هو الأصل الذي لا يمكننا أن نتزحزح عنه إلا بدليل .
فالكافر لا دين له ، ومن لا دين له لا عدالة له ، ومن لا عدالة له ، خبره غير مقبول ، ولزم إساءة الظن فيه مجبول ؛ لأنه من أولياء الشيطان . وهذا هو مضمون عقيدة البراءة من الكفار.
قال ابن القيم في مقدمة "هداية الحيارى" : كل من كذب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وأعرض عن متابعته ، وحاد عن شريعته ، ورغب عن ملته ، واتبع غير سنته ، ولم يتمسك بعهده ، ومكن الجهل من نفسه ، والهوى والفساد من قلبه ، والجحود والكفر من صدره ، والعصيان والمخالفة من جوارحه فهو ولي الشيطان. اهـ .
ولك أن تتأمل قول ربك : { كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون } (التوبة:8)."
وما قاله الرجل عن عدم عدالة الكفار يناقض كتاب الله حيث أباح الله شهادة الكافر على بعض أمور المسلمين فقال :
"يا أيها الذين أمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو أخران من غيركم"
فانظر إلى قوله " أو أخران من غيركم "
فشهادة الكافر مباحة طالما استوفت شروط الشهادة
وتحدث عن وجوب خداع الكفار جميعا فقال :
3 ـ يحق للمسلم خداع العدو بكل السبل الشرعية ، ومن ذلك الكذب الصريح عليه .
والأصل في ذلك ما رواه جابر بن عبد الله مرفوعا : (الحرب خدعة) رواه الشيخان .
قال في "تحفة الأحوذي" : واتفق العلماء على جواز خداع الكفار في الحرب ، وكيف أمكن الخداع إلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان ، فلا يحل ، وقد صح في الحديث جواز الكذب في ثلاثة أشياء أحدها في الحرب … وقال ابن العربي : الكذب في الحرب من المستثنى الجائز بالنص رفقا بالمسلمين لحاجتهم إليه. اهـ .
ومن زعم من أهل العلم بأن المقصود بالكذب في الحرب هو استعمال التعريض في الكلام ، فيه بعد ؛ لمخالفته ظاهر النصوص ، قال النووي في "شرح مسلم" : والظاهر إباحة حقيقة نفس الكذب ، لكن الاقتصار على التعريض أفضل . اهـ .
وقال ابن كثير في "تفسيره" : أو يكون على وجه التخذيل والتفريق بين جموع الكفرة ، فهذا أمر مطلوب كما جاء في الحديث ( الحرب خدعة ) . اهـ .
وقد سجل لنا التاريخ مثالا رائعا للخداع والمكر في الحروب ، فقد أتى نعيم بن مسعود رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـفقال : يا رسول الله ! إني قد أسلمت ، وإن قومي لم يعلموا بإسلامي ، فمرني بما شئت ؟ فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "إنما أنت فينا رجل واحد إن استطعت فإن الحرب خدعة" .
فخرج نعيم بن مسعود حتى أتى بني قريظة وأوقع بينهم وبين قريش في قصة مشهور في غزوة الخندق .
وفي هذا الخصوص نعلم خطأ بعض الملتزمين الذين اعتقلتهم بعض الأنظمة الجائرة في بعض البلاد الإسلامية بتوريطهم بعض إخوانهم أثناء التحقيق معهم ، فيذكرون دقائق الأمور لهؤلاء الظلمة ـ تعبد ا لله ـ ، وعندما سئل أحدهم عن ذلك ؟ قال الكذب حرام!! .
فوالله ما رأيت أجهل من هؤلاء ، وصدق الحبيب حيث قال : (فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم) رواه الترمذي بإسناد صحيح من حديث أبي أمامة مرفوعا."
|