من كبار الكتّاب
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,278
|
فكان كل من سمن من أصحابي ذهب به فأكله, حتى بقيت أنا وذلك الرجل, وحضر لهم عيد, فقال لي الرجل: حضر لهم عيد يخرجون إليه بأجمعهم, ويقيمون ثلاثا, فإن يك بك نجاء فانجُ, فأما أنا فقد ذهبت رجلاي, وأعلم أنهم أسرع شيء طلبا, وأشده استنشاقا لرائحة, وأعرف أثر الرجل, إلا من دخل تحت شجرة كذا, والشجرة تكثر في بلادهم. فخرجت أسير الليل, وأكمن النهار تحت الشجرة, فلما كان اليوم الثالث إذا هم قد جاءوا كالكلاب يقصون أثري, فمروا بتلك الشجرة وأنا فيها, فانقطع عنهم الأثر, فرجعوا, فلما جاوزوا أمنت وخرجت, فبينا أنا أسير في تلك الجزيرة إذ رفع لي شجرة كبيرة, فانتهيت إليها, فإذا بها من كل شجر الفواكه, وإذا تحت ظلالها رجال كأحسن ما رأيت من صورة رجال أندية, فقعدت إلى ناد منهم, فجعلت أكلمهم فلا يفهمون كلامي, ولا أفهم كلامهم, فبينا أنا جالس معهم إذ وضع رجل منهم يده على عاتقي, فإذا هو على رقبتي, ثم لوى رجليه علي, ثم أنهضني, فجعلت أعانفه .. لأطرحه, فخمش في وجهي, وجعل يدور بي على تلك الثمار فيجتنيها ويلقيها إلى أصحابه, ويضحكون! فلما غمي عمدت إلى عنب فقطعته, ثم أتيت به إلى نقرة في صخرة, فعصرته ثم تركته حتى إذا غلا كرعت فيه, فقال: أي شيء هو؟ فقلت: أكرع, فكرع فيه فسكر, فتحللت رجلاه, فقذفت به, وخرجت ذاهبا حتى دفعت إلى المدينة, فلما دنوت منها إذا ناس كالأشبار, أكثرهم عور, فاجتمع علي منهم جماعة يسوقوني إلى أميرهم, فأمر بي إلى الحبس, فانتهوا بي إلى حبس كقفص الدجاج, فلما أدخلوني قمت فكسرته, فأهملوني, فكنت أعيش فيهم. ثم إذا هم يستعدون للقتال, فقلت لهم: ما هذا؟ قالوا: عدو يأتينا, فلم نلبث أن طلعت الفراش, فإذا أكثرهم عور, فأخذت عصا, فشددت عليها, فطارت وذهبت عنهم, فأكرموني وعظموني, فاشتقت إلى النساء, فقالوا: نزوجك! وكلما زوجوني امرأة فأفضيت إليها قتلتها! فقالوا: أقمْ عندنا ولا تبال بقتلهن! فعمدت إلى جذعين فهيأتهما, وأخذت حبالا من لحاء الشجر, ثم ربطت الجذعين, وجعلت فيهما طعاما وماء, وركبت واقتنعت ببقية ثوب معي, فألقتني الريح إليكم .. !! فهذه الخموش مما حدثتكم).
وقد ذكر أيضا هذه الجزيرة أبن الوردي بكتاب خريدة العجائب وفريدة الغرائب وقال مثل قول أبو الشيخ الأصبهاني عنها في بعض (الوثائق العثمانية) والدالة على وجود هذه الأمم.
كما ذكر ابن اياس الحنفي في بدائع الزهور خبر عن الأمم التي تسكن في الأرض السادسة تحتنا، فذكر منهم امة لهم أجساد بشر و رؤوس كلاب!. وقد ذكر خبر هذه الأمم التي لا رؤوس لأبدانهم أيضا في كتاب (المعارف) وقال: ((ثم ملك التُبع العبد بن أبرهة وهو ذو الأذعار سمي بذلك لأنه كان غزا بلاد النسناس فقتل منهم مقتله عظيمة ورجع إلى اليمن من سبيهم بقوم وجوههم في صدورهم فذعر الناس منهم فسمي ذا الأذعار وكان هذا في حياة أبيه فلما ملك أصابه الفالج فذهب شقه قبل غزوه وكان ملكه خمسا وعشرين سنة))."
وكل هذه الروايات كاذبة أو تم التعبير عن الموجود بوصف خاطىء فمثلا الناس الذين لهم آذان كبيرة قد يكون نتيجة ارتداء القوم جلود الحيوانات التى اصطادوها برءوسها
وتحدث عن اصول تلك الخرافات فقال :
"أصل هذه الأساطير
ربما تكون هذه القصص أكثر من مجرد اساطير ..
في الواقع العلماء لم يكتشفوا إلى يومنا هذا أناسا وجوههم في صدورهم ولا بشرا برأس كلب ولا عمالقة بعين واحدة. لكن المؤمنون بقصص ما وراء الطبيعة والغرائب وضعوا بعض التفسيرات لهذه القصص قائلين بأن لا دخان من غير نار، وبأن القدماء ما كانوا ليجمعوا على ذكر هذه الأساطير لولا أن لها أصلا واقعيا. فذهب البعض منهم إلى أن هذه الأقوام كانت موجودة فعلا لكنها انقرضت بفعل توسع البشر، وهي في الحقيقة تهمة لا نستطيع أن نزكي بني البشر عنها لما عرف عنهم من الميل للعدوان والعنف طوال تاريخهم.
وهناك من يرى بأن هذه الأقوام هم يأجوج ومأجوج، وهم محبوسون إلى آخر الدهر.
فيما يرى آخرون بأنهم من أقوام الأرض المجوفة، وهو موضوع يطول الحديث عنه. أما التفسيرات العلمية فتذهب إلى أن معظم هذه الأساطير مصدرها إعاقات وعاهات بشرية نادرة، فكما أسلفنا، أغلب الظن أن حدبة الظهر هي مصدر أسطورة الرجال مقطوعي الرأس، أما البشر الكلاب فهناك بالفعل أناس ينمو شعرهم بغزارة فيغطي وجوههم وأجسادهم بالكامل حتى ليظن الإنسان بأنهم ذئاب أو كلاب، وهذا يحدث بسبب خلل جيني نادر يتسبب في مرض يدعى فرط الشعر الخلقي (Hypertrichosis) .
طبعا القدماء لم يكونوا يعلمون شيئا عن الجينات فربما حسبوا الشخص المصاب بهذه الأمراض من زمرة الوحوش. أما بالنسبة لذوي العين الواحدة فيقال بأن أصل الأسطورة مستمد من منظر الحدادين في العصور القديمة، فهؤلاء كانوا يغطون إحدى أعينهم بجلدة ولا يعملون إلا بعين واحدة، والسبب في ذلك هو أن الحداد كان يدرك بأن العمى هو مصيره الحتمي نتيجة تحديقه الطويل إلى النار التي يستعملها في عمله لتذويب وطرق وتطويع الحديد، لهذا كان يستعمل عين واحدة فقط للعمل، أما العين الأخرى فيغطيها ويحافظ عليها سليمة من اجل تقاعده!."
والحكايات كما سبق القول من ألفوها هم الكهنة تجار الأديان لتخويف الناس أو أن الله عاقب أقواما بتحويلهم لأجسام حيوانات ولكن هذا الأمر انتهى بمنع الله العقاب الجماعى نتيجة انتهاء زمن الرسالات والمعجزات في عصر خاتم النبيين(ص) كما قال تعالى :
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
|