قراءة فى كتاب دعاء ذي النون
قراءة فى كتاب دعاء ذي النون
"فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين}" دراسة تحليلية ... "
المؤلف علي ناصر مطلك وهو يدور حول بحوث متعددة عن الدعاء من ناحية معانى ألفاظ الدعاء وعن اعرابه وعن اللطائف فيه وغير هذا والغريب أن معظم ذلك هو خروج عن الدعوة فالناس لا يتعلمون معانى الألفاظ ولا الإعراب ولا القراءات لأن ما يهمهم هو المعنى الاجمالى والأحكام المتعلمة من الآية
استهل مطلك بسبب تأليف الكتاب فقال :.
"ان القران الكريم حافل بأدعية الانبياء "عليهم السلام" وهم يمثلون القمة في الاخلاص لله تبارك وتعالى، وكانت تراودني فكرة ان اكتب شيا عن دعاء من ادعية الانبياء"عليهم السلام" ففكرت في اختيار الدعاء، فوقع اختياري على دعاء يونس "عليه السلام "لما يحمل من قمة الربوبية والالوهية والتذلل لله "عز وجل"، فدرست هذا الدعاء المبارك دراسة تحليلية"
وفى المبحث ألأول تناول المعانى اللغوية لكلمات الدعاء فقال :
"المبحث الأول معاني الألفاظ في الدعاء اليونسي
غم: تقول غممته إذا غطيته فانغم، غم يومنا بالفتح، فهو يوم غم، إذا يأخذ بالنفس من شدة الحر، والغم واحد الغموم، والغمام السحاب، واحده غمامة، ويقال غمه الشيء غما من باب قتل: غطاه ومنه قيل: للحزن غم لانه يغطي السرور والحلم، وهو في غمة، أي: حيرة ولبس، والجمع غمم، ومنه الغمام لكونه ساترا لضوء الشمس والفرق بين الغم والحزن هو ان الحزن خلاف السرور ، والحزن هو حالة انقباض في القلب، كما أن السرور حالة انبساط
النجاة: الخلاص، والتناجي التحدث بالسر، والنجوة من الارض ما ارتفع منها، وقد يكنى بالنجوة عن الغائط، والنجي القريب ومنه قوله تعالى {وقربناه نجيا} ، والمناجاة: الحديث بين اثنين او اكثر من ذلك ."
وهذا لا يهمنا فى شىء ولا حتى القادم وهو الإعراب فى قوله :
"المبحث الثاني الإعراب
فنادى: الفاء تدعى هذه بالفصيحة ، و (نادى) معطوفة على (ظن) في قوله تعالى: (فظن أن لن نقدر عليه)
في الظلمات: متعلقة بحال من فاعل "نادى" ان: مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشان محذوفا، وخبرها جملة {لا اله الا انت}، ويجوز ان تكون مفسرة؛ لان النداء فيه معنى القول دون حروفه .
سبحانك: مفعول مطلق منصوب بفعل محذوف والجملة حالية.
اني: ان واسمها، والجملة تعليلية .
كنت من الظالمين: خبر لـ (ان)
و {من الظالمين} في محل نصب خبر كنت
فاستجبنا: عطف على ما تقدم
(له): متعلقة بـ (استجبنا).
(من الغم): متعلقة بـ (نجيناه).
(كذلك): متعلق بمحذوف مفعول مطلق، عامله " ننجي "، ويجوز ان تكون الكاف اسما بمعنى "مثل" في محل نصب مفعول مطلق نائب عن المصدر، فهو صفته ."
وكل هذا لا فائدة منه فالكتب اللغوية والنحوية ما ألفت إلا بعد القرآن بقرون أو عقود ومن ألفوها كان هدفهم هو تضليل الناس وجعلهم يختلفون فى التفسير بدلا من المعنى العام الواحد الذى قصده الله
وفى الثالث ذكر مطلك بعض القراءات فى الآية فقال :
"المبحث الثالث //وجوه القراءات الواردة في الدعاء وتاثيرها على المعاني.
قوله تعالى: (ننجي) الجمهور على قراءة النونين وتخفيف الجيم، واختلف في ذلك، فابن عامر وابو بكر بحذف احد النونين وتشديد الجيم أي: نجي، واختارها ابو عبيد لموافقة المصاحف، وقد طعن فيها لمنع الادغام في المشدد، واجيب عنه باجوبة، احسنها كما في الدر: ان الاصل ننجي بنونين، مضمومة فمفتوحة مع تشديد الجيم، فاستثقل توالي المثلين، فحذفت الثانية كما حذفت في {ونزل الملائكة تنزيلا} ، والباقون بضم النون الاولى وسكون النون الثانية وتخفيف الجيم من انجي .
وذكر العكبري ان الجمهور على الجمع بين النونين، وتخفيف الجيم ويقرا "ننجي" بنون واحدة وتشديد الجيم، وفيه ثلاثة اوجه:- احدها انه فعل ماض وسكن الياء إيثارا للتخفيف، والقائم مقام الفاعل المصدر، أي: نجي النجاء، وهذا الوجه ضعيف من وجهين احدهما تسكين اخر الماضي والثاني اقامة المصدر مقام الفاعل مع وجود المفعول الصحيح، ومن المعلوم انه لا ينيب المصدر والظرف والجار والمجرور عن الفاعل الا مع فقد المفعول، فان وجد المفعول فهو مقدم على غيره في النيابة، والوجه الثاني {نجي} فعل مستقبل أي: فعل مضارع، قلبت منه النون الثانية جيما وأدغمت، وهذا الوجه ايضا ضعيف، والذي يبدو ان ضعف هذا الوجه للبعد بين مخرج النون وهو طرف اللسان، والجيم الذي هو من وسط اللسان، ويسمى الحرف الشجري لخروجه من شجرة اللسان، فبينهما بعد في المخرج، فكيف قلبت؟ والوجه الثالث: ان اصله {ننجي} بفتح النون الثانية ولكنها حذفت كما حذفت التاء الثانية في {تظاهرون} وهذا ضعيف ايضا لوجهين: احدهما ان النون الثانية اصل، وهي فاء الكلمة، فحذفها بعيد جدا، لان الاصلي هو الذي يثبت في جميع التصاريف، بخلاف الزائد الذي هو عكسه، والثاني: ان حركة النون الثانية غير حركة النون الاولى، فلا يستثقل الجمع بينهما، بخلاف قوله تعالى: {تظاهرون} الا ترى انك لو قلت {تتحامى المظالم} لم يسع حذف التاء الثانية، وذلك للاختلاف بين الحركتين.
فقوله تعالى {وكذلك ننجي المؤمنين} بنون واحدة لانها في المصحف كذا، وتكلم النحويون في هذا، فقال بعضهم: هو لحن لانه نصب اسم ما لم يسم فاعله، وكان ابو اسحاق يذهب الى هذا القول، قال ابو اسحاق: (هذا خطا لا يجوز ضرب زيدا)، المعنى الضرب زيدا، لانه لا فائدة فيه، اذا كان ضرب يدل على الضرب، ولابي عبيدة قول اخر، وهو انه ادغم النون في الجيم، وهذا القول لا يجوز عند احد من النحويين علمناه لبعد النون من الجيم فلا تدغم فيها ، فـ ((ننجي المؤمنين)) القراء يقرءونها بنونين وكتابها بنون واحدة، وذلك ان النون الاولى متحركة، والثانية ساكنة، فلا تظهر الساكنة على اللسان، فلما خفيت حذفت، وقد قرا عاصم ({نجي} بنون واحدة، ونصب {المؤمنين} كانه احتمل اللحن، ولا نعلم لها جهة الا تلك، لان ما لم يسم فاعله اذا خلا باسم رفعه الا ان يكون اضمر المصدر في {نجي} فنوي به الرفع، ونصب {المؤمنين} فيكون كقولك: ضرب الضرب زيدا، ثم تكني عن الضرب، فتقول: ضرب زيدا، وكذلك نجي النجاء المؤمنين.
قال ابن عاشور: ((اعلم ان كلمة "ننجي" كتبت في المصاحف بنون واحدة، كما كتبت بنون واحدة في قوله تعالى في سورة يوسف (ص) {فنجي من نشاء} ، ووجه ابو علي هذا الرسم بان النون الثانية لما كانت ساكنة، وكان وقوع الجيم بعدها يقتضي إخفاءها، لان النون الساكنة تخفى مع الاحرف الشجرية، وهي (الجيم – الشين – الضاد) فلما اخفيت حذفت في النطق، فشابه اخفاؤها حالة الاعجام، فحذفها كاتب المصحف في الخط لخفاء النطق بها في اللفظ، أي كما حذفوا نون (إن) مع (لا) في نحو (الا تفعلوه) من حيث انها تدغم في اللام، وقرا جمهور القراء باثبات النونين في النطق، فيكون حذف احدى النونين في الخط مجرد تنبيه على اعتبار من اعتبارات الاداء، وقرا ابن عامر وابو بكر عن عاصم بنون واحدة وبتشديد الجيم على اعتبار ادغام النون في الجيم كما تدغم في اللام والراء، وانكر ذلك عليهما ابو حاتم والزجاج، وقالا: هو لحن، ووجه ابو عبيد والفراء وثعلب قراءاتهما بان {نجي} سكنت ياءها، ولم تحرك على لغة من يقول بقي ورضي، فيسكن الياء، كما في قراءة الحسن {وذروا ما بقي من الربا} بتسكين ياء (بقي)، وعن ابي عبيد والقتبي ان النون الثانية ادغمت في الجيم، ووجه ابن جني متابعا للاخفش الصغير بان اصل هذه القراءة {ننجي} بفتح النون الثانية وتشديد الجيم فحذفت النون الثانية لتوالي المثلين، فصار {نجي}،وعن بعض النحاة تاويل هذه القراءة بان {نجي} فعل مضي مبني للمجهول، وان نائب الفاعل ضمير يعود الى النجاء الماخوذ من الفعل، او الماخوذ من اسم الاشارة في قوله {وكذلك}، وانتصب {المؤمنين} على المفعول به على راي من يجوز انابة المصدر مع وجود المفعول به، كما في قراءة ابي جعفر {ليجزى} بفتح الزاي {قوما بما كانوا يكسبون} بتقدير، ليجزى الجزاء قوما. وقال الزمخشري في الكشاف: " ان هذا التوجيه بارد التعسف"))
وقد ذكر صاحب مشكل القران في هذه الاية الكريمة اقوال القراء فيها، فقد قرا ابن عامر وابو بكر عن عاصم بنون واحدة وجيم مشددة، وكان يجب ان يفتح الياء، لانه فعل ماض لم يسم فاعله، ويجب ان ترفع {المؤمنين} على هذه القراءة، لانه مفعول لم يسم فاعله، وفعل ماض لم يسم فاعله، ولكن اتى على اضمار المصدر، اقامه مقام الفاعل، وهو بعيد؛ لان المفعول اولى بان يقوم مقام الفاعل، وانما يقوم المصدر مقام الفاعل عند عدم المفعول به، او عند المفعول به، او عند اشتغال المفعول به بحرف الجر، نحو قيم سير بزيد، فاما الياء فاسكنها في موضع الفتح كما يسكنها في موضع الرفع، وهو بعيد ايضا، انما يجوز في الشعر، وقال ابو عبيدة كما في تفسير القرطبي: ان "نجي" ليس هو في هذه القراءة فعل سمي فاعله، وانما ادغم النون الثانية في الجيم" ، وهو قول بعيد ايضا، لان النون لا تدغم في الجيم ادغاما صحيحا، والاخفاء لا يكون معه تشديد، وقال علي بن سليمان: وهو في هذه القراءة فعل سمي فاعله،
|