نظرات فى كتاب الأدلة من الكتاب والسنة التي تثبت نبوة وموت الخضر
نظرات فى كتاب الأدلة من الكتاب والسنة التي تثبت نبوة وموت الخضر
الكتاب من جمع أو قل تأليف أبو معاذ السلفى وهو يدور حول إثبات نبوة وموت رجل اسمه الخضر ومن يراجع القرآن لن يجد هذا الاسم وكل ما ورد عنه هو مجرد روايات يناقض بعضها البعض أو تناقض القرآن
الرجل لم يطلق عليه الله اسما وإنما وصفه بالعبد فقال :
"قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهم قصصا فوجدا عبدا من عبادنا أتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما"
ولو قال أبو معاذ أنه عن اثبات وموت العبد الصالح(ص) لكان صادقا في قوله وأما الحديث عن الخضر فهذا أمر أخر خارج نطاق الوحى الإلهى وفى مقدمته قال أبو معاذ :
"فهذا موضوع يتعلق بذكر الأدلة من الكتاب والسنة التي تثبت نبوة وموت الخضر (ص)، وفيه مناقشة لما ذهب إليه المتصوفة (تجاه الخضر (ص)حيث أنهم يعتقدون بأن الخضر (ص)ولي من أولياء الله تعالى وليس بنبي، وبنوا على ذلك أن الولي يجوز له الخروج عن الشريعة كما خرج الخضر (ص)عن شريعة موسى (ص)حسب زعمهم الباطل، وأنه يمكن للولي أن يصل إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى بدون اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
وإلى جانب ذلك يعتقد المتصوفة أيضاً تجاه الخضر (ص)إلى أنه حي يرزق إلى الآن ويدعون أنهم يلتقون به ويتلقون عنه علمهم اللدني الذي هو خاص بالأولياء فقط ولا يمكن أن يعرفه غيرهم كائناً من كان حتى الأنبياء)."
وقد ذكر ما ظن أنه أدلة نبوة الخضر وهو العبد المعلم لموسى(ص) فقال :
" أولاً: إثبات نبوة الخضر (ص):
الذي عليه جمهور العلماء، أن الخضر (ص)نبي، والأدلة على ذلك كثيرة منها:
* الدليل الأول: قوله تعالى: ((فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً)) [الكهف:65]. ووجه الاستدلال بالآية الكريمة: أن الرحمة تكرر إطلاقها في القرآن الكريم على النبوة، كقوله تعالى: ((وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ * أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)) [الزخرف:31 - 32]، وقوله تعالى: ((وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ)) [القصص:86].
وإطلاق إيتاءه العلم، دليل على نبوته أيضاً، وقد أٌطلق هذا في القرآن الكريم في مثل قوله تعالى: ((وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ)) [النساء:113]، وقوله: ((...وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ)) [يوسف:68]، فهذه الأدلة ترشد إلى نبوته.
ويُشعر تنكير الرحمة في الآية الكريمة، واختصاصها بجناب الكبرياء، أن المقصود بها:الوحي والنبوة.
قال أبو السعود في"تفسيره"عن الآية: (التنكير للتفخيم، والإضافة للتشريف، والجمهور على أنه الخضر واسمه بليا بن ملكان.
وقيل: إلياس عليهم الصلاة والسلام.
((آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا)) وهي الوحي والنبوة كما يُشعرُ به تنكير الرحمة واختصاصها بجناب الكبرياء، ((وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً)) خاصاً لا يُكتنه كنهه ولا يُقادر قدره وهو علم الغيوب) اهـ.
وعزا الفخر الرازي في"تفسيره"القول بنبوته للأكثرين. ومما يستأنس به للقول بنبوته تواضع موسى (ص) له في قوله: ((هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً)) [الكهف:66]، وقوله: ((سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً)) [الكهف:69] مع قول الخضر له: ((وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً)) [لكهف:68]."
والملاحظ من حديث السلفى هو اختلاف المفسرين فيمن هو العبد المعلم ولكنه في النهاية لابد أن يكون رسولا من رسل الله
وذكر دليله الثانى فقال :
"الدليل الثاني:
قوله تعالى: ((وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي)) [الكهف:82].
فهذا يقتضي أنه إنما فعله بأمر الله ووحيه الذي أوحاه إليه.
قال ابن جرير الطبري في"تفسيره" (8/270): (يقول: وما فعلتُ يا موسى جميع الذي رأيتني فعلته عن رأي، ومن تلقاء نفسي، وإنما فعلتُه عن أمر الله تعالى إياي به)"
وهذا دليل صحيح وكذا الدليل التالى :
"الدليل الثالث: قال تعالى: ((قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً)) [الكهف:66]. فموسى (ص)طلب مصاحبة الخضر (ص)لينال ما عنده من العلم الذي اختصه الله به، فلو كان الخضر ولياً ولم يكن نبياً لم يكن معصوماً وموسى أراد أن يتعلم منه زيادة علم على ما عنده من التوراة، فلو كان ما عند الخضر مجرد الإلهام، فمعلوم أنه ليس بعلم ولا تشريع، ولا يفيد اليقين، لجواز أن يكون للشيطان فيه مدخل، فهل يعقل أن يمضي موسى (ص) حقباً من الزمان، قيل: ثمانين سنه، ويتواضع له، ويتبعه في صورة مستفيد منه، ليتعلم منه شيئاً للشيطان فيه مدخل؟! هل يستقيم هذا في العقل؟!
قال الحافظ ابن حجر في"الإصابة" (2/116-117): (فكيف يكون النبي تابعاً لغير نبي؟ مهما كان قدره عند الله)."
والخطأ مكوث موسى حقب من الزمان يقال أنها 80 سنة يبحث عن العبد الصالح أو العبد المعلم (ص) وكلمة حقبا هنا لا تعنى أزمانا متطاولة وإنما تعنى أمضى قدما في البحث وما ذكروه من تحديد المدة هو باطل فكيف يترك نبى قومه مدة 80 سنة ويسير في البحر كل هذا المدة وكل ما معه حوت والحوت مهما كبر لن يكفيه هو والفتى معه إلا لمدة أيام أو شهر أو شهرين ؟
إنه عندما ترك القوم أربعين يوما كفروا وعبدوا العجل فماذا سيفعلون في الثمانين سنة ؟
وأما الدليل الربع فلا ينفع كاستدلال وهو قوله :
" الدليل الرابع:
ومن دلائل نبوته:تعليله لما فعل بقوله: ((فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا)) [الكهف:79]، ((فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا)) [الكهف:81]، وقوله: ((فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا...)) [الكهف:82]، فهذا يدل على أنه كان واثقاً من نتيجة عمله، جازماً بها، وهي غيب، لا يدرك إلا بوحي نبوة، ولو كان إلهاماً لقال: فرجوت أن يكون كذا، ولم يجزم به أبداً."
قطعا المفروض أن يقول ربنا وليس ربهما وربك لأن القول إذا أخذناه قد يدل على إنكار أن الله ربه وقد لا يدل وهو يشابه قول بنى إسرائيل لموسى (ص) في قصة البقرة ربك عدة مرات وكأنه ليس ربهم وكذلك قول فرعون له أيضا ربك
ثم قال :
" الدليل الخامس:
ومن دلائل نبوته أيضاً: أنه لو فعل ما فعل من الأمور بحكم الإلهام، لوجب عليه القصاص في قتل الغلام، ودفع قيمة تعييب السفينة، ولا تعفيه ولايته من ذلك، لكن شيئاً من ذلك لم يحصل، فدل على أنه كان يفعل بوحي من عند الله."
وهذا استنتاج وليس دليل من الوحى وقوله :
" الدليل السادس: قال تعالى: ((عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً)) [الجن:26 - 27].
فلما أظهر الخضر على علم الغيب كإعلامه أن الغلام طُبع يوم طُبع كافراً دل على أنه رسول بنص الآية المذكورة لأنه تعالى خص إظهار علم الغيب وحصره في المرسلين، وغيرهم لا يطلعه على شيء من علم الغيب."
هذا استنتاج أيضا وهو استنتاج صحيح وأما دليله السابع فهو :
" الدليل السابع:
قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: (فأوحى الله إليه أن عبداً من عبادي بمجمع البحرين هو أعلم منك) رواه البخاري ومسلم.
قال ابن كثير رحمه الله في"تفسيره" (3/101): (..خصه بعلم لم يطلع موسى عليه).
قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (2/116) و"الزهر" (ص23): (فإن قلنا إنه نبي فلا إنكار في ذلك، وأيضاً فكيف يكون غير النبي أعلم من النبي؟.
|